هؤلاء الذين يتصدون لاستكشاف أدغال المجهول، ويرتادون المناطق غير المأهولة، ليعبدوا الطرق أمام مسير أممهم الناهضة، الباحثة عن مكانة فى عوالم الغد، والمرتحلة إلى محطات الارتقاء البعيدة، ولاشك فى أن المفكر الفذ، والأديب الاستثنائى د. طه حسين - عميد (...)
أسعدنى كثيرا نبأ اختيار الأديب الكبير محمد سلماوى شخصية العام الثقافية فى أحدث دورات معرض الشارقة للكتاب التى تنطلق بعد أيام، وقد سُررت لأسباب عديدة، يتصدرها أنه أحد أبرز رموز قوتنا الناعمة، وهو طليعة الوجوه الساطعة فى المشهد الثقافى المصرى، وصاحب (...)
سفالتهم مروعة، وبلادتهم مذهلة، وانحطاطهم مثير للغثيان، هؤلاء خوارج العصر، أحفاد غلاة الأمس، وكما أساء الأسلاف الجهلاء إلى البلاد والعباد، والى الرسالة الإلهية الخاتمة السمحاء، فى صورتها النقية الحقيقية، أسرف الخلف من خوارج اليوم الممثلين فى الإخوان (...)
لا أعرف خبرة شعورية فى حياتى تماثلها، ولم أذق فى عمرى إحساسا يشبهها، وظل عبق تلك الأيام الخالدة يملأ جنبات روحى، وعلى الرغم من أننى لم أكن قد اجتزت عتبات النضوج بعد، إلا أن مشاعرى المرفرفة فى أفق هذه الفترة الاستثنائية فى تاريخ أمتنا، وعلى مستوى (...)
المبدعون -على اختلاف أفق تجليهم- لا يغيبون، تختفى الأجساد، وتبقى البصمات، وترفرف أرواحهم فى المدى، ويظل الصدى يتردد فى الأرجاء، والشعراء فى ذلك متميزون، إذ تجلجل أصواتهم، وتدوى كلماتهم، وترن نغماتهم، فى الأنحاء، بصورة أبلغ سطوعا، وأكثر وضوحا، ومن (...)
هاهو ذا الحلم يشرف على محطة التحقق، ويقترب من مستقر الاكتمال، حمله جنينًا فى مخيلة التمنى عشاق العربية الفاتنة الخالدة، وفى صدارتهم عميد الأدب العربى د. طه حسين، الذى جلس على كرسى رئاسة الخالدين فى مجمع القاهرة للغة العربية، حيث حلم العميد بظهور (...)
لأن فكرهم متهافت، وبنيانهم ساقط، ولأن دعاواهم زائفة، وحججهم وهمية، يرتعب الخوارج فى كل زمان ومكان من الأقلام التى تكشف عوارهم، وتفضح خداعهم، فبناؤهم يستند إلى العقول المغيبة، ولا يقوم إلا على أكتاف السذج والمستلبين، وكل كلمة مضيئة جسورة تقلق (...)
تأبى الأقدار إلا أن تستدعى ذكره، كلما احتشدت الفتن كقطع الليل المظلم، فاستحضار روحه الحية دائمًا كفيل بتبديد الظلمة، ووأد الفتنة، ليس فقط لأنه مفكر فذ، شجاع عبقرى، ولكن لأنه استشرف أخطر ما يمكن أن يواجه أمته فى مستقبلها، بعد أن شخص إشكاليات عصره، (...)
البعض حين يغيبون عن دنيانا تكتب لهم الأقدار أعمارا جديدة، حيث يرفرفون فى وجدان آلاف لم ينتبهوا لعزفهم العذب، ولم ينصتوا إلى رنات نغماتهم الطروب، وتفرد أغاريدهم، ربما بسبب الزحام والضجيج الذى يملأ العالم، ولكن عندما يغادرون فى زفات الوفاء التى يقيمها (...)
تكريم النبوغ فى أمة ما أحد أدلة تحضرها، وتقدير الكفاءات فى أى من المجتمعات أحد ملامح رقيها، وسمات تقدمها، وبلادنا العريقة لطالما احتفت بالنابهين على مر عصورها، حيث تقدموا الركب دائمًا، وتصدروا المحافل فى شتى الأوقات، وانتدبتهم أمتهم ليكونوا لسان (...)
مقدرات الوطن لأبنائه، وثروات البلاد لسكانها، وليرحل المستعمرون بعيدا، وليبحثوا عن فريسة أخرى يمتصون دماءها، وينهشون لحمها، وهذا - ببساطة - هو مبدأ ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، وعلى أساس هذا المبدأ تحرك الأحرار الحالمون بأن تستعيد الأوطان (...)
وصمة عار التصقت بجبين كل مصرى، أهدرت الكرامة، وأحنت الرؤوس، وذلك حين فرضت علينا معاهدة «لندن» عام 1840، تحديد عدد أفراد الجيش المصرى بعد الانتصارات الساحقة فى الشام والجزيرة العربية وصولًا إلى الاستانة، حيث انعقدت القوى الاستعمارية ليقرروا تحجيم (...)
البصمات لائحات، واضحات، بارزات على شتى الأصعدة، وفى مختلف المجالات، فالحدث كبير، والتحول مصيرى، واستنقاذ الأوطان من الانهيار والسقوط فى مهاوى الفوضى، والضياع أمر جلل حقا، عظيم، يستدعى الهمم، ويستنهض الضمائر، كى تطرح أروع ما فى طياتها، وتلقى أجمل ما (...)
كثير من أفذاذنا، وروادنا، والملهمين فينا، وقعوا ضحية القراءة الاختزالية لتراثهم، والتقييم القاصر المبنى على جانب من منجزهم، دون سائر الجوانب التى يمكن أن تكون أكثر أهمية، وفرادة، وأصالة من تلك المسلطة عليه الأضواء. فعميد الأدب العربى الرائع طه حسين (...)
شكل الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران لحظة فارقة في التاريخ الاستراتيجي للمنطقة، حيث يكشف عن تحول جذري في موازين القوى الإقليمية، هذا الهجوم ليس حدثًا منفصلًا، بل يمثل تتويجًا لعملية تفكيك منهجية استمرت لعقد من الزمن، اتبعت فيها إسرائيل استراتيجية (...)
يظل ذلك العملاق الفذ رمزًا مضيئًا مرفرفًا كالعلم يلوح دومًا للأجيال المتعاقبة، مثالًا للإرادة الفولاذية، ودليلًا على إمكانات العقل البشرى الهائلة، فالمفكر المبدع الفذ «عباس محمود العقاد» تحل ذكرى ميلاده نهاية هذا الشهر، وقد آثرنا الحديث عنه مبكرًا، (...)
هو من الاستثنائيين الذين يعدون على أصابع اليدين، ويسكنون الذاكرة، ويتربعون فى الضمير، وتدوى كلماتهم بين جنبات النفس، ويتردد صداها، فى المواقف الفارقة، والخطوب الهائلة، ولأنه مفكر حاد البصر، نافذ البصيرة، برع فى استشراف ملامح المقبل من الأيام، بصورة (...)
رسمت له الأقدار الاقتراب من شمسين بالغتى التوهج والسطوع فى أفق الكلمة، فتأثر - دون شك- بالجاذبية الآسرة الغلابة التى تمتع بها القطبان اللذان اتصلت بهما رحلة حياته، وأتاحت الظروف له أن ينعطف ركب العمر عند محطتى كليهما فى قافلة زمانه الممتدة، فقد منحت (...)
كم النابهين الهائل الذين أنجبتهم أرحام الخصوبة فى بلادنا الثرية بقدرتها على العطاء الدائم دليل دامغ على الغنى، فأوطاننا ليست فقيرة، ولا تعرف الجدب، ونوابغها فى شتى الميادين، وفى مختلف الأجيال والعصور علامة مؤكدة على خصوبة هذه الأرض، وقدرتها الفائقة (...)
للأسف البالغ مضت ذكرى ميلاد أحد أبرز أصواتنا الشعرية أصالة وتفردًا ورهافة فى صمت لافت لا يمكن تبريره أو التغاضى عنه، فشاعرنا الفذ صلاح عبد الصبور أكبر من أن ننساه فى ذكراه، ومنجزه الإبداعى عصى على الغفلة، أو التجاهل، ليس لأنه أحد أعمدة الشعر الحديث، (...)
الشروق والغروب.. المجىء والرحيل.. المغادرة والوصول.. احتضنتها أجواء متشابهة، مع نسمات الربيع الطلق الذى يختال ضاحكا كما تخيله الشاعر المرهف «البحترى»، حيث تتفتح الأزهار، وتدب الحرارة فى الأوصال، وتبدو الحقول كاسية مفروشة، بعد طول تجرد، وانكماش، (...)
ما أعجلك يا زمن، وما أسرعك يا وقت، كأن الفاجعة وقعت بالأمس، وكأن الجرح لايزال غضا يقطر أسى رغم مرور كل هذه السنوات، وليتنى هرعت اليه، ولم أضيع دقيقة، فحين جاءنى صوته واهنا، عبر تلك المهاتفة المتلهفة عليه، فور علمى بنقله إلى المشفى، ظننت أنها أيام (...)
وحده الأدب الذى يمتلك تلك الرؤية الثاقبة النافذة إلى جوهر الأشياء، ولب الأحداث ومغزاها برشاقة فاتنة، وانسيابية أخاذة، يحملك على أجنحته، ويسافر بك إلى نبض الوقائع، وقلب المعاني، والأدلة فى أدبنا العربى من الكثرة بحيث تستعصى على الإحاطة، فهناك الآلاف (...)