الشروق والغروب.. المجىء والرحيل.. المغادرة والوصول.. احتضنتها أجواء متشابهة، مع نسمات الربيع الطلق الذى يختال ضاحكا كما تخيله الشاعر المرهف «البحترى»، حيث تتفتح الأزهار، وتدب الحرارة فى الأوصال، وتبدو الحقول كاسية مفروشة، بعد طول تجرد، وانكماش، وانزواء، وانكفاء، طلبا للدفء، فى أوان الصقيع، فى هذه الأجواء أطل شاعرنا الفذ وحكاؤنا العظيم عبد الرحمن الأبنودى، على دنيانا، وفيها أيضًا ودعنا وغادر عالمنا، جاء، وانصرف فى مناخات التفتح والإشراق، وكأن الأقدار منحته بطاقة تعريف بدوره وقدره، حيث ولد الخال، ومضى فى إبريل، وعاش على مدى عمره مزهرا كالأوان المحدد المقدور، والظرف المسمى المعين له، ولا يمكن أن أنسى أبدا، فذاك أمر محال، انه بعد رحيله عن عالمنا تراءى لى ذات مرة، وظهر بشحمه ولحمه، ونبرات صوته العميق، التى لطالما صافحت مسامعى عبر المهاتفات المطولة التى أهدانى القدر إياها لأستمتع بمرويات الحكاء العظيم، التى تجسد روح عصر بأكمله، من خلال شخصيات قابلها الخال، ووجوه عرفها فى مسيرته الثرية، ومواقف عاشها، وأحداث كان شريكا فيها، أو انفرد بصنعها، أما لحظة التراءى ، والتجسد والحضور، فجاءت بعد رحيله بسنوات، حيث دعتنا الإعلامية الكبيرة نهال كمال.. رفيقة درب الخال إلى حضور افتتاح مشروع تطوير الميدان الذى أطلق اسمه عليه فى قلب مدينة الإسماعيلية، ساعتها وفى تلك الأجواء الاحتفالية بذكرى «الأبنودى»، حيث صدحت أغنيات الخال الخالدة، خيل إلىّ أنه تجسد للحظات ليخبرنى من عالم البقاء ، والخلود أن المخلصين لأوطانهم يمرحون فى المروج الخضر المدهشة، وأن المضحين من أجل أوطانهم وناسهم يلقون الحفاوة الكبرى، والكرامة العظمى.