المبدعون -على اختلاف أفق تجليهم- لا يغيبون، تختفى الأجساد، وتبقى البصمات، وترفرف أرواحهم فى المدى، ويظل الصدى يتردد فى الأرجاء، والشعراء فى ذلك متميزون، إذ تجلجل أصواتهم، وتدوى كلماتهم، وترن نغماتهم، فى الأنحاء، بصورة أبلغ سطوعا، وأكثر وضوحا، ومن بين شعراء العربية الخالدين تلتمع آثار منشدين اللهجة العامية، ذات الجرس الحميم، والدفء العميم، فمنذ أيام «بيرم»، وربما من قبله، استطاع شعراء العامية المصرية ارتقاء المكانة المرموقة فى القلوب، لبراعتهم فى التعبير عن أدق الخلجات فى نفوس البسطاء من أبناء شعبنا الأصيل، والأسماء الساطعة تومض فى الأفق دوما، فؤاد حداد، صلاح جاهين، عبد الرحمن الأبنودى، وسيد حجاب.. الصوت الفذ الذى حلت ذكرى ميلاده منذ أيام، صاحب «صياد وجنية».. تلك العلامة الفارقة فى تاريخ العامية المصرية. ومبدع سائر الدواوين، والمجموعات والأغنيات، التى صارت علامات فى أفق الإبداع الشاهق، مثل «وسط الطوفان»، «نص الطريق»، و«تاتا خطى السبعين»، وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب الأعمال الكاملة لحجاب -الذى ولد فى الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1940- فى سبعة مجلدات، فى حين حفظت أغنياته للكبار والصغار فى «ألبومات» العديد من المطربين البارزين، أما «الأوبريتات» الوطنية الرائعة مثل أوبريت « سيناء.. جينا زى الريح»، وهو -بالمناسبة- من أرقى الملاحم الشعرية المغناة، ورغم مرور 85 عاما على ميلاد الشاعر الكبير الراحل -الذى اشتهر بلقبى: شاعر البسطاء وصياد الكلمات- إلا أن أصداء صوته المجلجل لا تزال تدوى فى الوجدان.