«ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء، وواخدنا ليه فى طريق ممنوش رجوع، أقسى همومنا يفجر السخرية، وأصفى ضحكة تتوه فى بحر الدموع»، بمثل هذه الكلمات ساهم الشاعر الكبير سيد حجاب فى تشكيل وجدان الشعب المصرى، بعد أن حُفرت كلماته - التى صاحبت تتر مسلسل «ليالى الحلمية» للمبدع أسامة أنور عكاشة، - فى عقل وكيان كل مصرى وعربى، بل وأصبحت «ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء» ضربًا من الأمثال، يستشهد بها فى المواقف الحياتية الصعبة، ومن هنا استطاع «سيد حجاب»، أن يحوّل شعره وكلماته إلى جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية معبرًا عنها من كل جوانبها وزواياها المختلفة. حجاب أبرز شعراء العامية فى جيل الستينيات، ومن أهم الشعراء العرب المغنى لهم فى الأعمال الدرامية، شاعر متوهج متقد الموهبة، أثرت أعماله القاموس الشعرى من خلال مفرداته الخاصة، استعاد للشعر التصاقه بالتجربة الحسية، لقب بشاعر الفقراء والمهمشين فهو حامل همومهم، من خلال الكلمة البسيطة المعبرة عن رؤى المجتمع المصرى، والتغلغل فى أعماق الأعمال الدرامية التى يكتب كلماتها. ولد حجاب لأسرة متوسطة فى قرية المطرية بمحافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة، فى مطلع أربعينيات القرن الماضى وتحديدًا فى 23 سبتمبر 1940، حصل على شهادة الثانوية ورحل إلى مدينة الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، فتنته الإسكندرية بعالمها الثرى والمتنوع الذى يعج بمختلف ألوان النشاط الأدبى والفنى لمختلف جنسيات العالم آنذاك. غادر سيد حجاب الإسكندرية، واستقر فى القاهرة ليلتقى بكبار الشعراء كصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزملاء جيله كعبدالرحمن الأبنودى ويحيى الطاهر عبدالله وغيرهم، وارتبط ببعض تجمعات اليسار واعتقل لعدة شهور، فازداد عشقًا للبسطاء، ومع بداياته بالقاهرة قدم سيد حجاب مع عبدالرحمن الأبنودى برنامجًا إذاعيًا بعنوان «بعد التحية والسلام»، ثم أصدر ديوان «صياد وجنية» الذى حمل أصداء التأثير الكبير لنشأته فى المطرية على ضفاف بحيرة المنزلة، حيث تعلم معنى الكفاح من حياة الصيادين الفقراء، فالحياة هناك كما فى كل قرى مصر تمارس بالغناء والشعر فى كل لحظة من الميلاد وحتى الموت، كما أصدر دواوين «فى القمة وأصوات ونص الطريق» وغيرها من الأعمال الشعرية الكبيرة.