المهندس الشاعر الذي هندس ورتب كلماته فصارت أزجالا وأشعارا عامية تدخل القلوب قبل العقول، لتستقر في الوجدان، وتطوف بين ربوع الروح فترتفع بها إلي اعلي مراتب الانتماء وحب الوطن.. اليوم يحتفل نخبة من النقاد والفنانين والملحنين والشعراء الكبار والشباب بالعيد السبعيني لميلاد الشاعر سيد حجاب في مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، يتضمن الاحتفال عرض قصائد مغناة من شعره، يقدمها كورال قصر التذوق للموسيقي العربية سيد حجاب هو واحد من أهم الشعراء العرب الذين قدموا أشعارهم في »تترات« أعمال درامية معروفة ، مثل: "ليالي الحلمية"، "الأيام"، "الوسية"، "الشهد والدموع"، "المال والبنون"، "حدائق الشيطان"، "ناصر"، "غوايش"، "أحلام لا تنام"، "الأصدقاء"، وغيرها الكثير من المسلسلات، كما كتب أغاني فيلم "الأراجوز"، وعدد من الأغنيات التي تغني بها مجموعة من المطربين أشهرهم المطرب علي الحجار كما في أغنيات "هنا القاهرة" و"يا مصري". وقد اشتهر بلقب سيد شعراء العامية في الوطن العربي. ولد لأسرة متوسطة في قرية المطرية، بمحافظة الدقهلية علي شواطئ بحيرة المنزلة. وكانت أول أعماله ديوان "صياد وجنية" الذي حمل أصداء التأثير الكبير لنشأته علي ضفاف بحيرة المنزلة حيث تعلم معني الكفاح من حياة الصيادين الفقراء. من أبرز دواوينه : "صياد وجنية"، "في العتمة"، "أصوات" و"نص الطريق" إلي جانب تجاربه المتميزة التي قدمها للأطفال بمشاركة الموسيقار الكبير عمار الشريعي ، وقد اخترت من بين أعماله الرائعة " قصيدة "هنا القاهرة " التي يقول فيها : هنا القاهرة الساحرة الأسِرة الهادرة الساهرة الساترة السافرة هنا القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيّرة الخيّرة الطاهرة هنا القاهرة الساخرة القادرة الصابرة المنذرة الثائرة الظافرة صدي الهمس في الزحمة و الشوشرة أسي الوحدة في اللمة و النتورة هنا الحب و الكدب و المنظرة نشا الغش في الوش و الإفترا هنا القرش و الرش و القش و السمسرة هنا الحب و الحق و الرحمة و المغفرة و انا ف قلب دوامتك الدايرة بينا بصرّخ بحبّك يا أجمل مدينة يا ضحكة حزينة .. يا طايشة و رزينة بحبّك و اعفّر جبيني في ترابك و اعيش في رحابِك و أقف جنب بابك جنايني أروي بالدم وردة شبابك يا زينة جنينة حياتنا اللعينة بحبّك يا بنت اللذين بحبّك أما بالنسبة لتترات المسلسلات العربية الشهيرة فقد اخترت هذه الكلمات التي عاشت في وجداننا سنوات طويلة من خلال المسلسل المتميز " ليالي الحلمية ": ومنين بييجي الشجن ... من اختلاف الزمن ومنين بييجي الهوي ... من ائتلاف الهوي ومنين بييجي السواد ... من الدموع والعناد ومنين بييجي الرضا ... من الإيمان بالقضا من إنكسار الروح في دوح الوطن ... ييجي احتضار الشوق في سجن البدن من اختمار الحلم ييجي النهار ... يعود غريب الدار لأهل و سكن ليه يا زمان مسبتناش أبرياء ... وواخدنا ليه في طريق ممنوش رجوع أقسي همومنا يفجر السخرية ... وأصفي ضحكة تتوه في بحر الدموع ولفين ياخدنا الأنين ... لليالي ملهاش عينين ولفين ياخدنا الحنين ... لواحة الحيرانين متسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا ... و لا تنتهيش ده إحنا يادوب إبتدينا واللي له أول بكرة ح يبانله آخر ... وبكرة تفرج مهما ضاقت علينا وعندما سأل لماذا أنت مقل في مجال نشر أشعارك في دواوين أجاب : نعم، فمنذ صدور ديواني الأول »صياد وجنية« عام 1966، الذي استقبله الوسط الثقافي وقتها بحفاوة بالغة وشبهني بعض النقاد الكبار بإيلوار ولوركا، أحزنني جدا أن هذا الديوان لم يصل إلي أصحابه الحقيقيين الذين استلهمته من حياتهم وتوجهت إليهم بأشعاره، فأدركت وقتها أن التدوين بالقراءة والكتابة ليس الوسيلة المثلي لمخاطبة شعب تغمره الأمية، فاتخذت قرارا بالابتعاد عن النشر وبدأت أتحرك في اتجاه المشافهة بمخاطبة الأذن والعين، وحققت ذلك من خلال الدواوين الشعرية الإذاعية مثل »بعد التحية والسلام« الذي بدأته مع عبد الرحمن الأبنودي، ومثل عمار يا مصر وأوركسترا وغيرها من الدواوين الإذاعية ، وكان رهاني صحيحا، لأن العالم كله يهتم الآن بوسائل التدوين السمعية والبصرية وهذا جعلني أصدر ديواني الأخير »قبل الطوفان الجاي« مصحوبا بأسطوانة مدمجة لإلقاء القصيدة، ولديّ مشروع لإعادة إصدار دواويني القديمة خاصة الجزء الأول من الأعمال الكاملة الذي يضم مجموعات »في العتمة، وأصوات، ونص الطريق« مصحوبة بأسطوانات مدمجة لإلقاء القصائد.