رسمت له الأقدار الاقتراب من شمسين بالغتى التوهج والسطوع فى أفق الكلمة، فتأثر - دون شك- بالجاذبية الآسرة الغلابة التى تمتع بها القطبان اللذان اتصلت بهما رحلة حياته، وأتاحت الظروف له أن ينعطف ركب العمر عند محطتى كليهما فى قافلة زمانه الممتدة، فقد منحت الأقدار التى لا تعرف العبث للأديب الكبير، والكاتب المسرحى القدير «محمد سلماوى» - الذى تحتفل الأوساط الثقافية بعيد ميلاده الثمانين هذه الأيام - الاقتراب من هرمين مبدعين فى مراحل مختلفة من رحلة حياته: الأول: الأديب الفذ توفيق الحكيم.. رائد المسرح وعميد الرواية فى عالمنا العربى، وأديب مصر الفذ نجيب محفوظ، حيث اقترب «سلماوى» منهما كثيرًا، واستمد من دفء عطائهما، وثراء منجزيهما، وخصوبة تجربتيهما الفريدتين، والعجيب انه على الرغم من جاذبية الشمسين الطاغية خرج صوت « سلماوي» مختلفًا مميزًا أصيلاً مبدعًا، وصحيح أنه تأثر بهما، وبالعديد من أساتذة رحلته، فى رؤيته تجاه الكثير من القضايا والهموم، ولكن على مستوى الإبداع والكتابة الأدبية اختلفت المسألة فاستطاع « سلماوي» أن يغنى بصوته، وأن يغزل نغمته، وينسج على منواله المستقل المعبر عن تميزه وخصوصيته، وقد بدا ذلك واضحًا منذ الإبداعات الأولى، وتأكد بعد ذلك فى علامات الرحلة المتعاقبة.. فى الرواية والقصة والمسرح.. وفى السيرة الذاتية التى تألق فيه « سلماوي» بصورة فائقة، أما العطاء الاجتماعى، والأدوار الثقافية، فقد نافست المنجز الإبداعى فى تفوقه، وخصوصيته، وصدقه، وللأسف المساحة المحددة لا تتسع لشرح التفاصيل، ولكن بالإمكان التعبير عن الامتنان لعطاء المبدع ذى الصوت الخاص، والمثقف صاحب الدور المؤثر الذى يعى جيدًا قيمة الانتماء إلى وطن عريق معطاء.