يظل ذلك العملاق الفذ رمزًا مضيئًا مرفرفًا كالعلم يلوح دومًا للأجيال المتعاقبة، مثالًا للإرادة الفولاذية، ودليلًا على إمكانات العقل البشرى الهائلة، فالمفكر المبدع الفذ «عباس محمود العقاد» تحل ذكرى ميلاده نهاية هذا الشهر، وقد آثرنا الحديث عنه مبكرًا، حتى يفطن المعنيون إلى ضرورة إحياء مثاله، وبسط تجربته أمام الصاعدين والنشء الواعدين، باعتباره ملهمًا للكثير من المعاني، ونموذجًا للمنتمى المنشغل دومًا بهموم وطنه، وقضايا أمته، وإذا كنت قد توقفت من قبل عند قدرة «العقاد» - ببصر نافذ وبصيرة مذهلة - على استكناه ما تخفيه غيوم المستقبل، وكشف المخبوء فى حجب الغد، بعيدًا عن العرافة، والخرافة، فإننى اليوم أشير إلى جانب لافت آخر فى شخصية ذلك العبقري، وهو إنصافه للأفذاذ أصحاب العطاء المرموق، والمنتمين إلى مختلف الميادين، فقد تصدى «العقاد» إلى استجلاء ملامح التفوق، فى وجوه هؤلاء الذين أسعدتهم الأقدار بمصاحبة قلم «العقاد» الخلاب، حيث نفض عن طرحهم غبار التشكيك والجحود، وأضاء دوائر العتمة من حولهم، ودافع عن حصادهم، وما قدموه إلى الإنسانية من خدمات جليلة، وهدايا قيمة، هكذا فعل «العقاد» بتفرد وتجرد، سواء فى سلسلة العبقريات التى حاولت إنصاف أبطال تاريخنا العربى والإسلامي، أو فى تراجمه الخالدة التى تحدث فيها عن عدد من الأفذاذ شرقًا وغربًا، ومنهم «ابن سينا»، و»الحسن بن هانئ - أبو نواس»، و»وليم شكسبير»، و»جوته»، و»فرنسيس بيكون»، وقف «العقاد» مدافعًا عن العبقرية، والنبوغ البشري، وباحثًا عن تلك الوجوه التى أشرقت بوضاءتها فى أفق الأوطان.