مقدرات الوطن لأبنائه، وثروات البلاد لسكانها، وليرحل المستعمرون بعيدا، وليبحثوا عن فريسة أخرى يمتصون دماءها، وينهشون لحمها، وهذا - ببساطة - هو مبدأ ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، وعلى أساس هذا المبدأ تحرك الأحرار الحالمون بأن تستعيد الأوطان كرامتها واستقلالها، ونجح هؤلاء البواسل فى كسب ثقة الشعب وتأييده، وكما انحاز الناس إليهم، انحازوا هم إلى ملايين البسطاء الكادحين، وصارت سياستهم تدور فى فلك مصالح الغالبية من الشعب بعيدا عن مجتمع النصف فى المائة من الاقطاعيين، والأثرياء الجاحدين، وفى خندق واحد اجتمع أعداء ثورة يوليو، وتحالفوا فى الظلام، وفى مقدمتهم - بالطبع - المستعمر البريطانى، الذى نجحت الثورة فى طرده، والى جوارهم وقف الإخوان المتأسلمون المنحطون.. صنيعة الإنجليز، بأحقادهم الحارقة، وأطماعهم الدنيئة، أما العدو الثالث الذى أكمل مثلث العداء لثورة يوليو فكان الصهيونية العالمية، وامتداداتها فى الغرب، وليس إسرائيل وحدها، ومع شراسة الجبهة التى عادت ثورة يوليو، نجح الأحرار بزعامة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى تحقيق معظم أهدافها المعلنة، ورغم تكالب هذه القوى على بلادنا استطاع أحرار يوليو أن يستعيدوا قناة السويس، وأن يقيموا السد العالى، وأن يحققوا نهضة صناعية مرموقة، وأن يصيروا نموذجا للتحرر الوطنى، وما أشبه الليلة بالبارحة، فهاهو ذا نفس المثلث البغيض يحاول بشتى الطرق السافلة، والمنحطة أن يوقفوا ركب التقدم، ويعرقلوا المسير إلى مرافئ الوفرة، ولكن رهاننا على هذا الشعب، وأحسبه سيقول لهم بعد أن كشف لعبتهم القديمة المتجددة: إلعبوا غيرها!