انتخابات النواب 2025، مسيرة حاشدة لمرشح حماة وطن في دائرة بنها وكفر شكر    كيف يتصدى المصري الديمقراطي لمعركة زيادات الإيجارات الزراعية؟    سعر اللحوم مساء الجمعة 5 ديسمبر 2025    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا يجدد ولاية الأونروا 3 سنوات    كأس العرب| التعادل السلبي يحسم نتيجة مباراة عمان والمغرب    إعلامي سعودي ينصح صلاح بالرحيل عن ليفربول    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في حريق مصعد بعمارة سكنية بطنطا    3.5 مليون جنيه تنتظر الفائزين والتتويج بالإمامة.. جوائز مسابقة دولة التلاوة    أهل مصر تنفرد.. أول صور من زفاف بوسي تريند البشعة بالإسماعيلية (خاص)    هانز فليك يتفوق على أساطير تدريب برشلونة فى الدوري الإسباني    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    عمان ضد المغرب .. التعادل السلبي يحسم الشوط الأول    الأمم المتحدة تدعو لتحقيق شامل ومحاسبة المسئولين عن جرائم الأسد والهجمات الإسرائيلية في سوريا    أول ظهور ل تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة (فيديو)    وزير الثقافة السعودى بمهرجان البحر الأحمر: القطاع يشهد نهضة غير مسبوقة    نسمة محجوب تقدم أغانى أم كلثوم بأداء منى زكى فى فيلم الست    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    بيان ناري من الداخلية في غزة بشأن مقتل أبو الشباب    رئيس مصلحة الجمارك: نتطلع إلى نقلة نوعية في كفاءة وسرعة التخليص الجمركي للشحنات الجوية    فرنسا ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بواشنطن    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    ميادة الحناوي ترد على استخدام AI لتحسين صوتها: مش محتاجة    تموين المنوفية تضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة وتحرر 231 محضرًا خلال يومين    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه غرب الإسكندرية بسبب تجديد خط رئيسى    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    اختيار مشروع جامعة عين شمس ضمن مبادرة "تحالف وتنمية" لتعزيز الأمن الغذائي وتوطين الصناعة    سورة الكهف نور الجمعة ودرع الإيمان وحصن القلوب من الفتن    اتهامات جديدة لوالد المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    «البريد» يكشف تفاصيل إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    وزارة العمل تقدم وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    منافس مصر.. الإمارات أغلى منتخبات بطولة كأس العرب 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية بالترعة الإبراهيمية فى سمالوط بالمنيا    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    سامي عبدالصادق: جامعة القاهرة تولى اهتماما بتمكين أبنائها من ذوى الإعاقة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قائد ثورة يوليو لا يعرف عنها شيئا .. والسادات يكشف : لهذه الأسباب ألغينا الحريات والدستور
نشر في محيط يوم 24 - 07 - 2014


فاروق يزين مركبته بالملايين والشعب يموت جوعا
السادات : أعداء الديمقراطية هم الملك والإقطاع والاستعمار والأحزاب
عبدالحكيم اقتحم قصر عابدين بنفس طريقة مستعمرة نتساليم
طلقة طائشة عجلت بموافقة فاروق على التنازل عن العرش!
ناصر قرر حل الأحزاب والدستور خشية الرجوع لما قبل الثورة
في كتابه "القصة الكاملة للثورة" بدا الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بحالة اعتراف كاملة، تصل لدرجة فضح كثير من رموز ثورة يوليو، وأولهم محمد نجيب، أول رئيس جمهورية وزعيم الثورة الذي أكد السادات أنه لم يكن يعلم بعزم الضباط الأحرار قلب نظام الحكم إلا في الخامسة من صبيحة 23 يوليو ! بل وأنه بعدها لم يشارك في حراك الثورة وزحفها العسكري وكان يميل للإصلاح من داخل القصر ! ..
ليس هذا فحسب بل إن السادات يتهكم على كل من أطلق "شائعات" ديكتاتورية مجلس قيادة الثورة الذي ألغى الأحزاب والدستور والحريات بشكل عام، ويؤكد أن عبدالناصر ورجاله لم يكونوا من السذاجة لكي يلقوا بالثورة في أتون الرجعية والإقطاع التي قامت الثورة للقضاء على رجالها، هؤلاء الذين اعتادوا خداع البسطاء ونهب مواردهم، يتساوى في ذلك علي ماهر أول رئيس وزراء بعد الثورة ورجل القصر المقرب من الملك فاروق، ومرورا برشاد مهنا، والمرشد الثاني للإخوان حسن الهضيبي، وفؤاد سراج الدين زعيم الوفد ومصطفى النحاس "زعيم الأمة" وأحمد أبوالفتح وإبراهيم عبدالهادي وقائمة طويلة من الأسماء ..
وقد تعرض الضباط الأحرار لمؤامرات كثيرة، فقد عرض فاروق، الملك السابق، على الضباط الأحرار تأليف وزارة، فكان ردهم هو طرد عم الملكة ناريمان الذي جاء يحمل العرض من مبنى القيادة بكوبري القبة . كما رفضوا فكرة الحكومة العسكرية وهي التي كان يدعوهم إليها سليمان حافظ .. كانوا مصرين على مواصلة الزحف الأبيض بلا دماء، حتى إذا اعترضهم قاطع طريق كان حتما ان تضرب الثورة بقبضتها الحديدية..
وبعبارة موجزة يقول السادات : لكي تعرف الديمقراطية يجب ألا تكون منتميا إلى الفئة التي استفادت من وجود الاحتلال، ومن وجود الباشوات والرجعية . .أعداء التطور.
ما هي الديمقراطية ؟
الديمقراطية كما يراها عبدالناصر والسادات هي تحقيق مصالح الأغلبية الكادحة، لا القلة المنتفعة، وهي استقلال الوطن من تبعيته، وإقرار العدل وتقرير المصير، كحقوق أساسية .
ولكي تحقق الثورة هدفها كان عليها أن تتخلص من الملك، عدو الديمقراطية الأول، والأسرة الحاكمة برمتها، ثم كان جلاء القوات المحتلة عن بلادنا هو الانتصار الثاني للثورة، ومن ثم قانون الإصلاح الزراعي، ولم يكن رفض الثورة الارتباط بحلف عسكري مع الدول الكبرى إلا إيمانا بالديمقراطية، كما يؤكد السادات، ذلك أن الحلف العسكري كان سيضع مقدراتنا رهينة لتلك القوى.
لقد طلبت الثورة السلاح لجيشها من أمريكا وإنجلترا وفرنسا ، ورفضت الأولى وترددت الثانية، في الوقت الذي أعطوا إسرائيل كل ما تريده من سلاح ! كانوا يريدون استغلال السلاح ككارت للضغط على مصر، فقرر ناصر أن يحرق هذا الكارت ويشتري السلاح من المعسكر الشرقي وليس الغربي..
ويؤكد السادات أن ثورة يوليو لم تعرف الديكتاتورية! ولا تحكم الفرد، وقد كانت السنوات الانتقالية معبرة عن الانطلاق نحو دستور ديمقراطي..
ويستعيد السادات جرائم الملك فاروق الذي كان الشعب لا يجد قوت يومه الضروري في الوقت الذي كانت الحكومات المتتالية توافق على إنفاق مليون ونصف على إصلاح وتزويق مركب يسعد فيها "فاروق" بالسفر والرحلات ، ولقد اعتمد المبلغ بوساطة برلمانات الشعب التي يفترض أنها تعبر عن الديمقراطية.. ويسخر السادات من مصطفى النحاس باشا معتبرا أن ولاءه كان لفاروق وليس للشعب .
أما الإخوان المسلمون فيؤكد السادات أنها جماعة كانت تخطط لانقلاب دام مسلح ، وكان جهازهم السري يسعى للسيطرة على رقاب العباد، تماما كما يسيطر على أفراد الحزب لصالح المرشد المقدس ..
ثم يسخر السادات من استقالة محمد نجيب في فبراير 1954 ، وكان أول رئيس لمصر وقائد الضباط الأحرار، وقد برر استقالته بغياب الديمقراطية، في حين أنه كان معروفا عنه أنه يقر في الاجتماعات ما يقره الضباط ثم يخرج وينفي علمه بكل شيء وافق عليه من قبل ! وكشف السادات أن نجيب كان يريد أن يكون له حق توقيف أي قرار لمجلس الثورة ومجلس الوزراء ، وحق تعيين قواد الوحدات بالجيش، والأمور الإدارية ، وأخيرا فقد طالب نجيب ألا يرشح مجلس الثورة عند عودة الحياة البرلمانية أحدا لرئاسة الجمهورية غيره! فما كان من الضباط أعضاء مجلس الثورة إلا أن رأوا أن مطالب جيب ديكتاتورية
ويتهكم السادات على ما يصفه بشائعات عداء الثورة للحريات، وفاشية ناصر، وغيرها من الاتهامات، ويقول : الحقيقة أن جمال عبدالناصر ورفاقه ليسوا حكاما بل قادة ثورة ، والفرق كبير بين الثوار والحكام ! لقد تولت الثورة قلب نظام الحكم ، ولا يجب أن يفتح البعض سيل المطالب من قادتها، وعندما تقضي الثورة على النظام الملكي العفن وترسي قواعد النظام الجمهوري وتقضي على الاستعمار والإقطاعيين فهي تخطو نحو الديمقراطية، لأن الشعب كان سيخوض معركة دموية حتى يتهاوى ذلك النظام، لكن رجال الثورة حقنوا الدماء باعتمادهم على الجيش في هدم ذلك النظام سلميا، أو بالقوة إن كان الأمر استدعى قوة !
يقول السادات : لقد نجحت الثورة الصينية، بقيادة ماوتسيتونج الذي نادى بمباديء صن يان، ولم يحدث أبدا أن وقفت جماعة في وجه قادة الثورة هناك وطالبوهم ببرلمان أو بدستور أو بحريات ، لكن كل الجماهير تتجه أولا وأخيرا إلى اقتلاع جذور النظام القديم الذي حكمت به الصين آلاف السنين، وقد أعلن ماوتسي : "الأعداء الأساسيين للثورة الصينية هم القوى الاستعمارية وشبه الإقطاعية " ومع أن البرجوازية الكبيرة قد خانت الثورة وأصبحت عدوتها، إلا أن الثورة يجب ألا توجه ضد الرأسمالية على العموم، أو ضد الملكية، وإنما ضد الاحتكار الإقطاعي، ولهذا نجد طبيعة الثورة الصينية - كما يراها الساادت – ديمقراطية برجوازية وليست اشتراكية بوليتارية! وقد خاض الصينيون معارك دموية من أجل إنجاح ثورتهم، ومات مئات الألوف ، كل ذلك لأن الجيش الصيني لم يقم بالثورة وكان خارج صفوفها.
ويخلص السادات إلى حقيقة أن من يطالب الثورة بانتخابات ودستور وحريات، لابد أن يعود لمكانه، لأنه يريد تصفية الثورة العربية المصرية، وغالبا يحرك هذا الاتجاه رجال السياسة والسماسرة الرجعيين في البلاد .
العودة للمربع صفر
بعد طرد فاروق رفض جمال ورفاقه أن يبقوا على دستور 1923 كونه دستور وضع على أساس النظام الملكي الإقطاعي، ورفضوا البرلمان الذي يعمل لمصالح الأرستقراطية المصرية، ورفضوا أحزاب الإخوان والأحرار الدستوريين وغيرها .. يعلق السادات على ذلك بقوله : بقي أن نعود إلى وحداتنا في الجيش ونترك البلاد لنفس الأشخاص الذين حكموها قبل 23 يوليو .. أي أن ثورة الشعب العربي المصري تسلم قيادتها هكذا ببساطة إلى النحاس وسراج والهضيبي وعبدالهادي وكل أفاق يريد أن يصبح زعيما بخطبه ووعوده المعسولة . ويقول السادات : هل لو جاء هذا القطيع سيوافقون على تحديد الملكية وإعلان الجمهورية وإلغاء الألقاب ورفع مستوى العامل والفلاح وكفاح الاستعمار وعدم الدخول بأحلاف عسكرية !
ويتهكم السادات عليهم بقوله : ما هي الديمقراطية في رأيهم إذا لم تكن دوائر انتخابية مسجلة بأسمائهم وأشهرا في أوروبا وثيابا من باريس وكلابا تأكل أطيب أرزاق البشر ورشوة علنية لكل عضو برلمان من كل صاحب مصلحة وسيطرة اللصوص على مصاير الملايين .. ثم ما هي حرية الصحافة في رأيهم إذا لم تكن التجارة في الورق والسيارات والتآمر مع المستعمر والتحدث باسم الإقطاع والمشعوذين.. وكأنه يعيش أيامنا فيقول : لا يمكن للثورة العربية أن تمضي في طريقها إذا اكتفت بخلع فاروق ثم تركت الأمور كما هي . .
من الحقائق التي يكشفها الكتاب أن الثورة كان يفترض بها أن تندلع في 1955 لكن حريق القاهرة سرع وتيرة الأحداث إضافة لحركة التنقلات الواسعة بالجيش ومخاطر انكشاف أمر الثورة .
وقد اختار "عزيز المصري" أن يظل أبا روحيا للثورة، واكتشف الضباط أن "فؤاد صادق" معاون للقصر، فما كان منهم غير ترشيح القيادة الثالثة "محمد نجيب" لزعامة الثورة ، مع إنهم علموا أنه كان يرى إصلاح الجيش من خلال القصر وليس الانقلاب عليه، ويمضي السادات في السخرية من نجيب حين يقول أنه كان يجلس على مكتبه وهو لا يدري شيئا عن عدالة اجتماعية مفقودة أو استبداد أو محنة استعمار ، وكل ما كان يعلمه هو حالة السخط لدى بعض صغار الضباط
أما رشاد مهنا، فما يكشفه السادات بكتابه أنه لم يكن واحدا من تنظيم الضباط الأحرار، وحين عرض عليه عبدالناصر فضل رشاد أن يكون التعاون بينهما من بعيد لبعيد، وبعد حريق القاهرة لجأ إليه ناصر لمعاونته فوافق، وأغراه جدا، ولكنه كان قد طلب من القصر نقله للعمل خارج القاهرة في الوقت ذاته، بدا الأمر كخدعة جديدة، كان يخشى أن تطير رقبته في عملية كهذه.
نجيب .. شاهد لم ير شيئا!!
يقول السادات : كان محمد نجيب في بيته قائدا لثورة لا يعلم بخطتها شيئا، في يوليو 1952 كان جمال وعبدالحكيم وصلاح والسادات في العريش ورفح بمهمات عسكرية، وادعوا الاضطرار لإجازات مرضية للنزول للقاهرة، وقد صدر القرار بحل نادي الضباط وحركة تنقلات ضخمة في الجيش وشعر الجميع أن الدور جاء عليهم، فعقدوا اجتماعا سريعا حضره جمال وحسين ابراهيم وكمال الدين حسين وعبدالحكيم عامر وخالد محيي الدين وبغدادي، وتقرر بدء المعركة النهائية.
رسم الضباط خطة لقلب نظام الحكم، وخطة ثانية للاغتيالات، ولكن الثانية كان ناصر يرفضها، لأنها ستكون فرصة القوى الرجعية للقضاء على الضباط الأحرار وبذا يكونوا قد ضيعوا فرصة الشعب الكبرى من أجل التحرر ، وحين وصلوا ل19 يوليو كان محمد نجيب لا يزال لا يعلم بأمر الثورة شيئا، وفي الوقت الذي قرر الضباط قلب نظام الحكم كان حسين سري قد استقال من وزارته ، وتدور مشاورات لتأليف الوزارة الخامسة بعد حريق القاهرة.
الغريبة ما يقوله السادات من أنه قرر عصر يوم 22 يوليو أن يذهب للسينما مع أسرته ، ولم يعلم بأن جمال ذهب لبيته ولم يجده، فترك له رسالة "المشروع ينفذ الليلة والمقابلة في بيت عبدالحكيم الساعة 11" سار بأقصى سرعته ولكنه وجد الطريق مغلقا وتأكد من قيام الثورة بعد سماعه أصوات مئات الطلقات صادرة من ناحية مبنى قيادة الجيش . وكان هناك كردون حولها فمنع السادات لأنه لا يعلم كلمة السر! ثم عثر على عبدالحكيم وناداه وبالفعل استطاع الولوج فأعطاه حكيم سلاحا صغيرا وأخبره بأن القيادة سقطت، كان عبدالحكيم هو من فعلها تماما كما فعلها حين اقتحم مستعمرة نيتساليم .
المثير ما يذكره السادات من أن قيادة الجيش كانت قد علمت فعلا عن الخطة مساء 22 يوليو، كما دعا حسين فريد رئيس هيئة الأركان قوات لمؤتمر عاجل بمبنى الرئاسة ، لكن عبدالناصر قالها : العملية بدأت ولا سبيل للتقهقر، وبالفعل انطلق الضباط وألقوا القبض على كل المجتمعين بمبنى رئاسة الجيش، بمن فيهم حسين فريد نفسه، وقد قتل في تلك المعركة اثنان وجرح أربعة من الفريقين .
في العريش ورفح كان صلاح سالم وجمال سالم قد سيطرا على جميع القوات، وفي الساعات الأولى من يوم الثورة كان الضباط قد سيطروا على الجيش بالكامل، ووحداته، ولم يصل نجيب لمقر رئاسة الجيش إلا الخامسة صباحا بتليفون من عبدالناصر، وفق شهادة السادات!!
21 طلقة في وداع فاروق
قام الضباط الأحرار بمناورة مع الملك، فادعوا أن حركتهم تهدف لتطهير الجيش، وقد وافق فعلا، وأرسل ما يفيد ذلك ففوجيء بالتصعيد يأتي من الإسكندرية، وأن المطلوب رأس النظام نفسه! وهو ما شكل حالة إرباك كاملة للقصر وسفراء بريطانيا وأمريكا .
ويروي السادات أشياء في غاية الخطورة، وهو لا يدري كيف مرت الثورة بالرغم منها، فقد فاجأهم زكريا محيي الدين وكان قائد العمليات آنذاك أن القوات لا يمكن أن تقتحم قصر التين بالإسكندرية في 25 يوليو موعد طرد الملك ! ونعلم أن مشاورات عنيفة جرت بين الضباط، فهناك من يرى محاكمته وإعدامه، ولكن الغالبية ذهبت لأولوية خروجه من البلاد ونجاح الثورة على محاكمته.
والحقيقة أن القدر كان مواتيا تماما للثورة، فقد انطلقت طلقة طائشة من مدفعية حماية السرايا، وتم الرد عليها بنيران أصابت سبعة جنود، لم يكن ذلك بحسبان أحد مسبقا، والحقيقة أن ذلك أربك السفير الأمريكي وجعل فاروق يستنجد به، فقد اعتقد أنه ميت لا محالة، وأرسل يستدعي السنهوري لإعداد صيغة التنازل، وطلب أن يحتفظ بممتلكاته في السرايات وثروته شقيقاته وتستثمر لحسابهم ، ووافق الضباط على سفره على متن المحروسة وأطلقوا 21 طلقة تحية وحموه من استهداف الأسطول البحري المصري له، وكان ضباطه عازمون على ذلك .. ولكن ضباط الثورة رفضوا خروج الثروات باعتبارها مقدرات المصريين التي ثاروا لاستعادتها ..
أحزاب ودستور .. رجعيين!
يؤكد السادات أن الإخوان ورجال الأحزاب عموما لم يكونوا سعداء بثورة يوليو، ولم يؤيدوها صراحة، ثم جاءوها مهنئين بعد نجاحها، على الرغم من تخليهم عنها قبل اندلاعها، ولهذا رأى الضباط الأحرار أن الثورة لا يمكن أن تمضي في طريقها بديمقراطية الوفد والسعديين والإخوان، ديمقراطية النظام الملكي الإقطاعي القائم في كنف القوات المحتلة .. أي ديمقراطية العبيد .
فالبرلمان والدستور وكل الأشكال الوهمية للحرية والتي كانت قائمة قبل يوليو كانت وسيلة لحكم الشعب بالقوة ومنعه من نيل حق واحد من حقوقه.
أراد عبدالناصر من الأحزاب أن تصلح نفسها في ستة أشهر، وأعلن إلغاءها بالفعل في فبراير 1953 ، لكن السادات يؤكد أن القوى الرجعية استغلت الأمر لتصوير قيادة الثورة بالديكتاتورية والحكم المنفرد ، وفعلت الشيء نفسه مع قانون تحديد الملكية الزراعية الذي رفضته تماما، حتى يظل تحكم أتباع الملك فاروق والأرستقراطيين مستمرا .
ويذكر الكاتب بأنه حين طالب طه حسين باعتمادات مالية لوزارة المعارف وقف البدراوي وصرخ : طيب علموا الشعب وبكرة تشوفوا حيجرالكم إيه .
ويختتم الرئيس الأسبق كتابه الصادر عن دار الهلال بأن أكبر شائعة هي ديمقراطية نجيب في مقابل ديكتاتورية مجلس قيادة الثورة، بل ويتهمه بإرسال تقارير لقصر عابدين عثر عليها بأوراق حافظ عفيفي قبل الثورة بيومين، ثم يتساءل على يد كان نجيب سيحقق أهداف الثورة المصرية ، ألم يكن على يد ابراهيم عبدالهادي والهضيبي والنحاس وسراج الدين وكل أقطاب الرجعية ليحكموا من جديد ؟! بقي أن السادات قال كلمته من واقع موقعه الفاعل في الأحداث.. وبغض النظر عن حجم مصداقية اعترافاته فإنها تظل وثيقة هامة لفهم ثورة يوليو ..
بقي أن السادات قال كلمته من واقع موقعه الفاعل في الأحداث.. وبغض النظر عن حجم مصداقية اعترافاته فإنها تظل وثيقة هامة لفهم ثورة يوليو ..
اقرأ فى هذا الملف " وثائق يوليو .. سجل حافل من البطولات والمؤامرات"
شقيق الزعيم جمال عبد الناصر يفتح ل«محيط» خزائن أسرار ثورة يوليو
وثائق القيادات عن أخطر أيام ثورة يوليو
«البسيوني».. سوط التعذيب الذي توعد بأن «يسجن الله» في عهد عبد الناصر
** بداية الملف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.