* 63 عاما على عزل "آخر ملوك مصر" * الملك فاروق الأول آخر ملوك أسرة محمد علي * عزلته ثورة 23 يوليو سعيا لتحقيق العدالة الاجتماعية للمصريين * ثروته 70 مليون جنيه لم يحصل على شئ منها * عاش 18 عاما في المنفى والغموض يحوم حول وفاته تمر اليوم الذكرى ال63 لقيام ثورة 23 يوليو التي التحم فيها الشعب المصري مع جيشه لإنقاذ مصر من براثن ومستنقعات الفساد التي حرمت البسطاء من أبناء الشعب المصري من حقوقهم في حياة كريمة. وفي السطور التالية نستعرض أسباب قيام الثورة والنتائج المترتبة على تحركات تنظيم "الضباط الحرار"، والأحداث التي مر بها حفيد محمد علي وآخر ملوك مصر بعدما وقع على تنازله عن عرش البلاد إلى نجله البالغ 8 أشهر –آنذاك- الأمير أحمد فؤاد كإجراء شكلى تمهيداً لخلعه. لم يكن يخطر ببال الملك فاروق الأول أن آخر قرار ملكي سيصدره هو قرار تنازله عن عرش مصر، لصالح ولي عهدي صاحب الشهور الثمانية، وكان هذا هو الهدف من تأسيس تنظيم "الضباط الأحرار" وقيام ثورة 23 يوليو، حيث تنازل عن عرشه وتوجه إلى إيطاليا المنفى الذي حدده لنفسه نظير رحيله عن مصر. وقف الملك فاروق شاخص النظر باتجاه البلد التي اعتلى عرشها 16 عاما، والدموع تنهمر من عينيه خالعا عباءة الملكية عن كاهله ليتجه إلى منفاه في روما إلى أن توفي هناك عام 1965. تولي الملك فاروق العرش وهو ابن 16 عاما ولد الملك فاروق 11 فبراير بالعام 1920، وتوالت الأحداث إلى أن اعتلى عرش مصر 6 مايو عام 1936 حتى 26 يوليو 1952، بعد وفاة الملك فؤاد الأول، وهو ابن 16 عاما. قيام ثورة 23 يوليو قادها ضباط جيش مصريون ضد الحكم الملكي في 23 يوليو 1952 وعرف في البداية بإسم "الحركة المباركة" ثم أطلق عليها البعض فيما بعد لفظ ثورة 23 يوليو. أسباب ثورة 23 يوليو بعد حرب 1948 وضياع فلسطين ظهر تنظيم "الضباط الأحرار" في الجيش المصري بزعامة اللواء محمد نجيب وقيادة البكباشي جمال عبد الناصر، وفي 23 يوليو 1952 نجح التنظيم في السيطرة على الأمور والسيطرة على المرافق الحيوية في البلاد وأذاع البيان الأول للثورة بصوت أنور السادات وأجبرت الحركة على الملك التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952، وتم تشكيل مجلس وصاية على العرش من أعضاء مجلس قيادة الثورة، ثم ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في 18 يونيو 1953، وكان من أهم أسباب قيام الثورة: استمرار الملك فاروق في تجاهله للأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية، قيام حرب فلسطين وتوريط الملك للبلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة، عرض قضية جلاء القوات البريطانية على هيئة الأممالمتحدة وتقاعس مجلس الأمن عن إصدار قرار لصالح مصر. بالإضافة إلى تقليص حجم وحدات الجيش الوطني بعد فرض الحماية البريطانية على مصر وإرسال معظم قواته إلى السودان بحجة المساهمة في إخماد ثورة المهدي، إغلاق المدارس البحرية والحربية، سوء الحالة الاقتصادية في مصر، الظلم وفقدان العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب وسوء توزيع الملكية وثروات الوطن، إلى جانب سفاهة حكم الملك فاروق وحاشيته في الإنفاق والبذخ على القصر وترك الشعب المصري في معاناته. مبادئ ثورة يوليو قامت الثورة على مبادئ ستة كانت هي عماد سياسة الثورة وهي: القضاء على الإقطاع، القضاء على الاستعمار، القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، إقامة حياة ديمقراطية سليمة، إقامة جيش وطني قوي، وإقامة عدالة اجتماعية. أعضاء مجلس قيادة الثورة تكون مجلس قيادة الثورة من 14 ضابطا، على رأسهم اللواء محمد نجيب، ومعه الضباط جمال عبدالناصر، عبدالحكيم عامر، يوسف صديق، حسين الشافعي، صلاح سالم، جمال سالم، خالد محيي الدين، زكريا محيي الدين، كمال الدين حسين، عبداللطيف البغدادي، عبدالمنعم أمين، محمد أنور السادات، جمال حماد. إنجازات ثورة يوليو حققت ثورة 23 يوليو العديد من الإنجازات، أهمها، في الجانب السياسي، إلغاء النظام الملكي وقيام الجمهورية، استرداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي، توقيع أتفاقية الجلاء بعد 64 عاماً من الاحتلال، بناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين، وتأميم قناة السويس. على جانب إنجازات ثقافية، أنشأت الثورة الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديموقراطي للثقافة، إنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد، رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية. وفيما يتعلق بالإنجازات التعليميةلثورة 23 يوليو، إقرار مجانية التعليم، مضاعفة ميزانية التعليم العالي، رفع عدد الجامعات من 3 إلى 10 على مستوى الجمهورية، إلى جانب إنشاء مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية. على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، فثورة 52، تعتبر ثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا أشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية، حيث أسفرت الثورة عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكرا عندما أصدرت قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952، فقضت على الإقطاع وأنزلت الملكيات الزراعية من عرشها، تمصير وتأميم التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب. إلغاء الطبقات بين الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري، كما قضت على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى، وعلى رأس هذا حررت الثورة الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وقضت على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي. ومن أهم انجازات ثورة 23 تأميم قناة السويس، حين قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 26 يوليو 1956 تأميم شركة قناة السويس وتحويلها إلى شركة مساهمة مصرية ونقل ملكيتها من الحكومة الفرنسية. والإنجاز الثاني هو إنشاء السد العالي عام 1971. عزل آخر ملوك أسرة محمد علي استمر حكم فاروق 16 عاما إلى أن أرغمته ثورة 23 يوليو 1952 على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الذ كان عمره 6 أشهر، وغادر الملك مصر يوم 26 يوليو 1952 ظهر اليخت الملكي "المحروسة" التي حملت جده الخديوي إسماعيل بعد عزله. أصعب يوم فى حياة فاروق كان أصعب وأهم يوم فى حياة الملك فاروق هو يوم 22 يوليو 1952، وهو اليوم الذي يسبق مطالبة الجيش له بالرحيل حيث تنبأ الملك بوقوع أمر جلل خلال الساعات المقبلة، وبالفعل صدقت توقعات "فاروق" وبدأت المفاوضات بين اللواء محمد نجيب والملك فاروق. رحيل الملك على "المحروسة" ودع الملك فاروق مصر يوم 27 يوليو 1952، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب ووفد من مجلس قيادة الثورة، وأبحرت المحروسة من ميناء الإسكندرية وهى ترفع العلم الملكى. وعقب رحيله ترددت أنباء عن حالته النفسية التي ساءت، حتى إنه خلال اليومين أو الثلاثة التى تلت الثورة كان ما يزال يعاند ويرفض تصديق ما حدث ويعتقد أن الثورة سيتم القضاء عليها لدرجة أنه كان يفكر فى تعيين اللواء محمد نجيب وزيراً للحربية.. ورفض التوقيع على وثيقة التنازل عن العرش. ثروة الملك وقت عزله بلغت ثورة الملك فاروق وقتما تم عزله، 70 مليون جنيه، وعلى الرغم من هذا فلم يخرج بأى شيء من مصر، وكان رصيده فى الخارج حينها 5 ملايين جنيه. صفاته ما تناولته الأخبار عن صفات الملك فؤاد أنه كان أكولاً، أما بالنسبة لعلاقاته النسائية كان يحب أن يحيط نفسه بعدد كبير من النساء، إلى جانب أنه كان يحب لعب القمار. حياة الملك في المنفى في البداية أحاطه اليأس والاكتئاب، ثم ما لبث أن تقبل الوضع وبدأ يتعايش مع وضعه الجديد، وحافظ على عاداته فكان مائدته عامرة في مطاعم روما، إلى أن اتجه إلى الإفلاس وترك بناته وزوجته على قليل من الأموال التي سرعان ما نفدت هي الأخرى. ويرى البعض أنه عاش حياة البذخ والسهر في منفاه، وأنه كان له العديد من العشيقات، بينما قالت مطلقته الملكة فريدة وكذلك ابنته الأميرة فريال أنه لم يكن يملك الشيء الكثير بعد أن غادر مصر بعد ثورة يوليو. وأثبت شهود العيان في المحكمة التي عقدتها الثورة لمحاكمة حاشيته ومعاونيه بعد خروجه من مصر أنه لم يملك أكثر من 5000 جنيه وحسابه البنكي في سويسرا كان به 20 ألف جنيه. وكشفت ابنته الكبرى الأميرة فريال في برنامج تليفزيوني مع محطة mbc في سبتمبر من عام 2007 أن والدها كان يتلقى إعانات مالية سنوية من الأسرة المالكة السعودية نظرًا للصداقة التي كانت تربطه بمؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود. لغز وفاة الملك فاروق في 18 مارس عام 1965، توفي الملك فاروق فى العاصمة الإيطالية روما، بشكل مفاجئ، وتقول بعض الروايات إنه قد تم اغتياله بالسم القاتل فى أحد مطاعم ضواحي العاصمةعلى يد فتاة كان الملك يواعدها، وإلى الان لم يتم التوصل إلى أسباب الوفاة خاصة بعد رفض الأسرة الملكية تشريح جثة الملك. ودفن الملك أولا في مقابر إبراهيم باشا في منطقة الإمام الشافعي، ثم نقلت رفاته في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي بالقاهرة تنفيذا لوصيته. تولي جمال عبدالناصر الرئاسة بعد تصاعد الخلاف بين اللواء محمد نجيب والبيكباشي جمال عبد الناصر، استطاع عبدالناصر حسمه لصالحه بتأييد شعبي ووقوف أعضاء مجلس قيادة الثورة إلى جانبه، وتولى جمال عبدالناصر حكم مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970، واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو.