«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ذكريات الثورة الأولي
الضباط الأحرار يطلقون اسم أحمد عرابي علي ميدان عابدين!
نشر في الجمهورية يوم 23 - 07 - 2013

تري ماذا فعل الثوار في الأيام الأولي للثورة.. كيف جرت بهم الأحداث والوقائع والمقابلات.. وكيف كانت خطبهم وبياناتهم طوال عام كامل. منذ اعلان البيان الأول من القائد العام للقوات المسلحة إلي الشعب المصري في صبيحة يوم الأربعاء 23 يوليو 1952؟!
كان هناك من يحرص علي تدوين وتسجيل تجربة عام كامل من عمر مصر. سواء في سجلات مقروءة من خلال الكتب والكتيبات. أو مرئية من خلال جريدة مصر السينمائية حرصا منهم علي توثيق هذه الفترة الانتقالية المهمة من عمر مصر.. وقد كان النظام الجديد برغم حداثة مسئولياته وجسامتها. يشجع هذه المبادرات التاريخية بقدر الامكان والامكانات.. وذلك إيمانا منه بأهمية تدوين وتسجيل تاريخ الأمة من دون أي تدخل أو تعليق أو مراجعة من أحد أعضائه.. بل تركوا المسألة برمتها لمن يأتي بعدهم.. ليقرأ.. ويشاهد.. ويحكم!!
***
كما هو معروف استيقظ المصريون صباح يوم الأربعاء 23 يوليو علي صوت البكباشي محمد أنور السادت وهو يذيع بيان الثورة من محطة الإذاعة المصرية في تمام السابعة والنصف صباحا وفي الثامنة والنصف أذيع بيان آخر قصير بصوت محمد نجيب بصفته القائد العام للقوات المسلحة بتسمية أعضاء مجلس قيادة الثورة وموجها كلامه إلي ضباط الجيش يدعوهم إلي الالتزام والرجولة والتضحية.. بعدها استقل محمد نجيب وجمال عبدالناصر وسعد توفيق وإسماعيل فريد سيارة مكشوفة وقاموا بجولة في شوارع القاهرة ثم عادوا إلي مقر قيادة الثورة بكوبري القبة ليوجه نجيب بيانا آخر إلي الشعب يعبر فيه عن سعادته بهدوء وثبات المواطنين وسيادة الأمن في كل موقع وفرحة الجماهير في بعض المواقع.
معالي الباشا نجيب!
ويوم الخميس 24 يوليو أعلن مجلس الوزراء الجديد برئاسة علي ماهر اصدار مرسوم بتعيين اللواء محمد نجيب قائدا عاما للقوات المسلحة رسميا وفي المساء توجه نجيب إلي محطة الإذاعة وأذاع بيانا يتحدث فيه عن نجاح الحركة.. ويوم الجمعة 25 يوليو كان نجيب يستقل طائرة حربية إلي الاسكندرية حيث كان الاعداد لطرد الملك الذي فجأة أنعم عليه برتبة "الفريق" التي تنازل عنها بعدها بيومين.. ويوم 26 يوليو كان نجيب في وداع الملك ومعه جمال سالم وحسين الشافعي وأحمد شوقي واسماعيل فريد ويوم 27 يوليو التقي مجلس قيادة الثورة بالصحفيين في مؤتمر بالقاهرة وكان المتحدث هو نجيب وحده كما كان متفقا عليه قبل قيام الثورة فقال في المؤتمر ان الصحافة سلاح من أسلحة الجيش.. ويومها ناداه أحد الصحفيين بقوله: "يا معالي الباشا". فرد عليه نجيب بحسم: "أرجو ألا يناديني أحد إلا باسم محمد نجيب مجردا من كل لقب" وكان هذا ايذانا بالاتجاه لإلغاء الألقاب. الأمر الذي قرره مجلس الوزراء فيما بعد يوم 30 يوليو!
وفي الاثنين 28 يوليو زار مجلس قيادة الثورة مصطفي النحاس وكان معه فؤاد سراج الدين بعد وصولهما من أوروبا لمدة 10 دقائق. خرج بعدها النحاس يقول: اني أؤيدكم وادعو الله ان ينصركم ويوفقكم علي الدوام.. ويومها ظل المجلس يستقبل وفود المهنئين من جميع الهيئات والطبقات ويوم 30 يوليو خطب نجيب أمام وفد من الصحفيين والطلبة السودانيين قائلا: ان التخلص من الثعبان لا يكفي فيه قطع ذيله! وفي المساء أذاع تحية لأهل جنوب الوادي ويوم 31 يوليو اذاع نجيب بيانا موجها إلي الشعب يقول فيه علي الأحزاب ان تعلن للشعب برامج محددة وان تطهر نفسها دون أي تأخير أو تسويف.. وفي أول أغسطس أدلي نجيب بأول حديث لجريدة الفيجارو الفرنسية يقول فيه للعالم كله: ان حركة الجيش لا ترتبط بالشيوعية ولا بالأحزاب.. ثم بعدها بيومين أدلي بحديث آخر لجريدة "كوريردي لاسيرا" ثم لصحيفة لوموند ثم لوكالة يونايتدبرس واعلن بصراحة ان الجيش يريد مساعدات عسكرية من كافة الدول الديمقراطية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية!!
***
وابتداء من يوم الاثنين 4 أغسطس كانت جريدة مصر السينمائية تعرض أعدادا خاصة عن 23 يوليو وعن طرد الملك وكذا بعض لقاءات مجلس قيادة الثورة وفي مقدمتهم محمد نجيب وهي من تصوير واخراج حسن مراد الذي لازم احداث الثورة طويل.. وفي يوم الجمعة 8 أغسطس كان أعضاء مجلس قيادة الثورة يصلون الجمعة في عدة مساجد وخطب بعضهم عقب الصلاة مجمعين علي ان التمسك بالدين ليس معناه التعصب.. ثم زار بعضهم بعض الكنائس وذكر نفس المعني ويوم 9 أغسطس أدلي محمد نجيب بحديث للأهرام يقول فيه: ان مجلس الثورة غير مطمئن لمناورات رجال السياسة ولن نمكنهم من تحقيق اغراضهم ومواصلة ألاعيبهم حيث قام بعضهم بأعمال واتصالات مريبة وفي غير صالح البلاد وأننا ننصح ثم نحذر ثم ننذر ثم لنا شأن آخر ويوم 11 اغسطس التقي مجلس قيادة الثورة بوحدات الجيش المعسكرة بمنطقة الجبل الاصفر ثم في الايام التالية بسلاح الاشارة ثم الاسلحة والمهمات بالمعادي ثم السلاح الجوي حتي آخر اغسطس مع استقبالات لبعض الجاليات الاجنبية في مصر.
ويوم 3 سبتمبر اذاع نجيب حديثا من محطة الإذاعة المصرية إلي الشعب يقول فيه: اننا حريصون علي كفالة الحقوق لجميع المواطنين وان حركة الجيش قامت من أجل العمال والفلاحين ولا يجب أن ينساق بعض العمال وراء دعايات الأحزاب المغرضة لاثارة الشغب فلا حزبية ولا تحزب وان الجيش سيضطر للضرب بمنتهي القوة والحزم علي ايدي العابثين!
الاتحاد والنظام والعمل!
وفي يوم 7 سبتمبر شكل محمل نجيب الوزارة تحت رئاسته بالاضافة إلي احتفاظه بوزارتي الحربية والبحرية واقسم اليمين القانونية وبصحبته الوزراء أمام هيئة مجلس الوصاية المؤقت بقصر عابدين وعلي اثرها غادر القصر وقال في أول تصريح صحفي له: ان سياسة وزارتي هي تحديد الملكية وتطهير البلاد والعمل علي خفض تكاليف المعيشة وكل ما من شأنه ان يعود علي أبناء البلاد بالخير ولقد كثر الحديث عن مشروعات الإصلاح ولم يبق إلا العمل وغدا تظهر أعمالنا.
ويوم 21 سبتمبر كان اعضاء مجلس قيادة الثورة وسط الجماهير في المساجد والتجمعات يحتفلون بعيد الهجرة ويوم 24 سبتمبر كانوا مع العمال والجنود في سلاح الصيانة وبدأ الحديث لأول مرة عن النظام والعمل ثم أضيفت كلمة الاتحاد فيما بعد وفي نهاية شهر سبتمبر بدأت رحلات مجلس قيادة الثورة إلي الوجه البحري ففي القليوبية زار محمد نجيب وجمال عبدالناصر وبغدادي وعامر زميلهم كمال الدين حسين في بيته وتناولوا معه طعام الغداء ثم توجهوا إلي مبني المديرية وخطبوا أمام حشد كبير من المواطنين يشرحون اهداف الحركة وشعاراتها الجديدة.. ثم في الغربية حيث صلوا جميعا في مسجد السيد البدوي واعتلوا بعدها منصة الساحة الكبري وخطبوا في المواطنين وقالوا: انه لا معني للتحزب والفرقة مادام في أرضنا جندي أجنبي واحد وفي المحلة الكبري قالوا للعمال: كفي طلعت حرب فخرا ان اقام صناعات تضم عمالا يسودهم النظام والرجولة.. وفي الدقهلية توجه الركب إلي بلدة شاوة حيث يوجد التفتيش الكبير وقالوا: علي الزراع ان ينفذوا ما عليهم من التزامات.. ثم انتقلوا إلي بلدة سنتماي ونزلوا في بيت الصاغ أركان حرب صلاح نصر قائد الكتيبة الثالثة عشرة وقال نجيب ان هذه الكتيبة ساهمت بدور كبير في الحركة ثم توجهوا إلي بلدة نهطاي حيث زاروا أسرة المرحوم الأمباشي عطية دراج أحد اثنين استشهادا ليلة الحركة وقد واسي الثوار اسرته وقدموا إليها مبلغ خمسمائة جنيه اعانة لها.. وفي الشرقية زار مجلس قيادة الثورة أيضا بيت زميلهم قائد الجناح وجيه أباظة وخطبوا في بلدة الربعماية.. وفي الزقازيق قام محمد نجيب يوم 1 أكتوبر باعلان شعار الثورة الجديدة قال: الاتحاد والنظام والعمل هي أسس الحركة الوطنية وهي الشعار الجديد للأمة في نهضتها المباركة.
وخلال تلك الفترة كان مجلس قيادة الثورة قد استقبل في مركز القيادة قبل رحلته للوجه البحري وبعدها بعض الهيئات والشخصيات العامة والتي حرص اليوزباشي محمود فوزي الوكيل علي التقاط الصور لهم وضمها في سجله القيم عن الأيام الأولي لثورة يوليو من هذه الاستقبالات الهامة: استقبالهم للفريق محمد حيدر القائد العام السابق والمرشد العام للاخوان المسلمين وابناء النحارية "بلديات" محمد
نجيب. وأنجال الزعيم أحمد عرابي. وأبطال مشوهي حرب فلسطين وبرؤساء تحرير الصحف المصرية.
ويوم 7 أكتوبر بدأت في القاهرة المحادثات مع الأحزاب السودانية باستقبال قياداتها في نادي ضباط القوات المسلحة مع الوعد بأن يكون الاجتماع نقطة تحول جديدة في العلاقات السودانية المصرية.. ويوم 11 أكتوبر اجتمع محمد نجيب مع رجال المال والاقتصاد والتجارة والصناعة في دار الغرفة التجارية بالقاهرة وتحدث إليهم عن أهداف الحكومة وسياستها الاقتصادية وقال: "إننا لا نتدخل في الشئون الاقتصادية بل ونشجع استثمار رءوس الأموال الأجنبية ورءوس أموال الأفراد داخل القطر لتنمية الاقتصاد وتقويته ونعمل علي احاطتها بكل الضمانات ولكننا نحارب الطفرة والتغيير المفاجئ قدر ما نستطيع"!.. ويوم 12 أكتوبر التقي بعض أعضاء المجلس بضباط الشرطة في حكمدارية القاهرة وخطب نجيب قائلا: "أرجو أن يصبح البولي صديقا للشعب".. ويوم 13 أكتوبر استقبل البكباشي حسين الشافعي زملائه في سلاح الفرسان وقال: واجبنا أن نبني لمصر جيشا قويا تعتز به.
فاروق الانقلاب قام به شيوعيون وإخوان!
ويوم 14 أكتوبر أذيع بيان في الصباح المبكر موقع من نجيب ومجلس قيادة الثورة بإقالة وصي العرش القائمقام "رشاد مهنا" لأنه لم يتلزم بحدود وظيقته وتدخل للوساطة والمحسوبيات ولأنه أمر بمصادرة إحدي الصحف وبسحب رخصة أخري.. كما جاء في البيان أن الوصي كالملك: "يملك ولا يحكم"!.. ويوم 19 أكتوبر رد مجلس قيادة الثورة ببيان وقعه محمد نجيب علي ما نشر في الخارج علي لسان الملك السابق فاروق واتهاماته للحركة بأنها شيوعية وأن بعض رجالها من الإخوان المسلمين!! فقال البيان إننا ننشر كلام الملك السابق في مصر ولا نمنعه مثلما كان يفعل هو مع الصحف الأجنبية التي تتناول فضائحه ومخازيه وأن هناك عداء معروفا بين الشيوعية والإسلام فكيف تجمع الثورة بينهما؟! وأن العالم كله أشاد بنجاح حركتنا لأنها لم تزهق روح لبريء كأحد هؤلاء الأبرياء الذين كان يأمر هو باغتيالهم غدراً وافتئاتاً!.
كل الأحزاب!
وفي أول يناير 1953 قام بعض أعضاء المجلس بتوزيع إعانة الشتاء علي الفقراء في المبرات ويوم 6 يناير قام المجلس بتحية الأقباط الشرقيين ببيان أذيع في الراديو جاء فيه: إن شعارنا في الصلاح أن الدين لله والوطن للجميع.. ثم حضر بعضهم قداس منتصف الليل في الكنيسة البطرسية.. ويوم 7 يناير أقام المجلس حفل شاي تكريما لأعضاء البعثة العسكرية السعودية وخطب محمد نجيب قائلا: ينبغي علي الملوك والأمراء أن يكونوا خداما للشعب!! وتوالت الأيام في زيارات عسكرية.. ويوم 16 يناير أذيع في منتصف الليل بيانا بحل كافة الأحزاب والإعلان عن فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات.. وعلي مدي ثلاثة أيام من 23 وحتي 26 يناير كان الاحتفال بمهرجان التحرير في ميدان التحرير بحضور أعضاء المجلس والوزراء الذين تناوبوا الخطب الحماسية مع الاحتفالات وكانت السيارات المكشوفة تقل الأعضاء من والي ساحة الاحتفالات وسط هتافات الجماهير من القاهرة ومن المحافظات.. وفي ذكري حريق القاهرة 26 يناير خطب الأعضاء في الجماهير كما خطب صادق راشد ممثلا لأصحاب المنشآت التي أضيرت محييا الحركة ورجالها!.. ثم مرت أمام المنصة عربات الهيئات والمؤسسات التجارية والصناعية تحمل نماذج للمؤسسات مزينة بالزهور وأعلام التحرير وبلغ عددها في هذا اليوم مائة وثلاثين عربة كبيرة.
وفي يوم الجمعة 6 فبراير افتتح محمد نجيب وجمال عبدالناصر "هيئة التحرير" في ذات المكان الذي كان يشغله من قبل حرس الملك في ميدان عابدين الذي أطلقوا عليه اسم "ميدان عرابي".. وقد وجه نجيب خطابا بصفته رئيس الهيئة. ثم عبدالناصر بصفته سكرتير عام الهيئة وقال نجيب يومها: إن هيئة التحرير هي حرس الشعب وأنها تزيل الفوارق بينهم وتواصل المشاركة ثم قصدا مسجد المنيرة لأداء فريضة الجمعة وسط هتافات الجماهير.. ويوم 10 فبراير تم إعلان الدستور المؤقت من القائد العام للقوات المسلحة وقائد ثورة الجيش بتوقيع محمد نجيب والذي تكون من 11 مادة تعتبر من المبادئ العامة عن الحريات واستقلال القضاء ثم للسيادة العليا لقائد الثورة ومجلس الوزراء ومجلس قيادة الثورة!.. ويوم
11 فبراير تم إعادة تشييع رفات الزعيم مصطفي كامل. واشترك في الجنازة نجيب وعبدالناصر وضباط قيادة الثورة والوزراء. وأكثر من مائة ألف من المصريين. وخطب نجيب قائلاً: إن الشعب حُرم عام 1908 من تشييع جنازة مصطفي كامل بأمر من الملك والحكومة. فرأينا تعويضه في ذكراه في سنة 1953!!
ويوم 12 فبراير توجه أربعة من مجلس قيادة الثورة وهم: محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات وعبداللطيف بغدادي إلي ضريح الشهيد حسن البنا في ذكري وفاته الرابعة. وخطب يومها نجيب قائلاً: "ظن المجرمون الأنذال أن عين الله نائمة وأن يده مغلولة. ولكن إن الله ليملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته. وصدق الله وعده. وأخذ الظالمين بما اقترفت أيديهم".. وعقب ذلك توجهوا لزيارة ضريح سعد زغلول لقراءة الفاتحة علي روحه.. وفي نفس اليوم مساء تم توقيع اتفاقية السودان. ثم أعلن بيان في الإذاعة لمواطني السودان. يتضمن نص الاتفاقية والشرط الأساسي الذي تضمنها. وهو أن يجلوا المستعمر عن أرض السودان. وأن تتمكن من تقرير مصيرها في جو حُر بمعني الكلمة بعيداً عن النفوذ الأجنبي.. وفي مساء نفس اليوم أيضاً تم افتتاح المبني الجديد لنادي ضباط القوات المسلحة بالزمالك. وعقد أول اجتماع لمجلس إدارة النادي ورأسه محمد نجيب.. ويوم 21 فبراير حضر مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء إلي قاعة مجلس النواب لافتتاح أعمال لجنة وضع الدستور. بحضور كوكبة من عتاة رجال القانون. وليلتها خطب نجيب قائلاً: "نريدها حرية أصيلة. لا مستوردة ولا مستعارة"..
***
نجيب يشيد بالموسيقي الهندية!
ويوم 23 فبراير قام جمال عبدالناصر ومعه عبداللطيف بغدادي وأنور السادات وكمال الدين حسين برحلة إلي المنوفية.. وفي شبين الكوم رفع عبدالناصر علم هيئة التحرير. ثم ألقي خطبة نارية قال فيها: "علي الاستعمار أن يحمل عصاه علي كاهله ويرحل. أو يقاتل دفاعاً عن وجوده"! ثم تحدث عن الظلم الاجتماعي المتجسم في الإقطاع البغيض.. وكان محمد نجيب قد سافر إلي غزة. وخطب هناك وسط الجنود وعاد إلي سرادق فسيح في الدرب الأحمر. ليتلقي المفتاح الرمزي لحي الدرب الأحمر من اليوزباشي علوي حافظ.. بينما كان جمال عبدالناصر يتحدث إلي العالم في إذاعة "صوت أمريكا" ويقول: "لسنا بزمرة عسكرية ترمي إلي الاستبداد أو العبث بالأمة. ولكن كل واحد منا يعد نفسه خادماً للشعب. وجندياً في ميدان تحقيق الحرية لمصر".. وأضاف: "أن الولايات المتحدة قادرة علي استرداد ما كان لها من منزلة شريفة بيننا. وفي أرجاء العالم العربي قاطبة. إن هي وعت وأدركت الرغبة الصادقة لشعوب هذه المنطقة. وفهمت عزمها علي أن تعيش إلي جانب الأمم الأخري تعامل الأحرار المستقلين".. ويوم 26 فبراير بدأ أسبوع الشجرة. فقام أعضاء المجلس بزراعة النخيل والزيتون في كل مكان.. ويوم 28 فبراير افتتح محمد نجيب مصلحة الهجرة والتجنس بمجمع ميدان الحرية "التحرير" ووزع بيده البطاقات. وقد أهدت المصلحة إليه جواز سفر فتسلمه وأصر علي دفع رسومه وفعلاً دفع 93 قرشاً!.. وفي أول مارس كان جمال عبدالناصر يدلي بحديث للدكتور حسني خليفة مدير وكالة أنباء مصر. قال فيه: "لن نتعاون مع الغرب ما لم يعترف بحقوقنا.. وإذ تمادي الاستعمار في سياسته ضد مصر وحقها المشروع في الجلاء التام الناجز. فسنعلنها مدوية. أننا علي استعداد للجود بالدم"!.. ويوم 5 مارس كان محمد نجيب وعبدالناصر وزكريا محيي الدين وعبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم يفتتحون معسكر التدريب بإمبابة. وخطب نجيب قائلاً: "إن الله يدعو إلي القوة فاتبعوه".. بعدها قام الأعضاء بافتتاح مراكز التدريب في كل مكان في القطر المصري.. ثم أدلي نجيب بحديث صحفي قال فيه: إن الإنجليز ينقضون اتفاقية السودان. ولم يكد يجف مدادها!.. ويوم 17 مارس زار نجيب دار نقابة الصحفيين. والتقي بكبار الصحفيين وشبابهم. وأشاد بدور الصحافة. ثم افتتح الهيئة الهندية المصرية.. وقال: إني شديد الولع بالموسيقي الهندية. ثم احتفل يوم 18 مارس بذكري تأسيس الاتحاد النسائي.
وفي يوم 21 مارس بدأ الثوار ومعهم الوزراء رحلتهم إلي الصعيد التي استغرقت أسبوعاً.. وقد وقفوا جميعاً في محطة مصر في انتظار القطار وسط جمع كبير من المواطنين.. وآمل الأعضاء أن تكون "أسوان" عاصمة الدولة الصناعية.. وقد زار الثوار العديد من الكنائس والمساجد وخطبوا في كل مكان. مؤكدين علي الاتحاد والقوة والكفاح ضد الاستعمار. وكان بصحبتهم الشيخ الباقوري وزير الأوقاف الذي خطب في مطرانية قنا وكان بصحبته مكرم عبيد.. وفي هذه الزيارة حرص الثوار والوزراء علي زيارة أسرة جمال عبدالناصر في "بني مُر". وتناولوا الشاي وتبادلوا الكلمات..!
***
بعدها وصلوا إلي سمالوط. ثم إلي بلدة "اسطال" لتناول الغداء بدعوة من عبدالحكيم عامر وأسرته. وحضر هذا الغداء الفريق محمد حيدر. وألقي عامر كلمة أعقبه جمال عبدالناصر لتحية صديق العمر. ثم نجيب الذي حيا الصديقين!! ويوم 31 مارس سافر عبداللطيف بغدادي إلي رشيد. ومعه أنور السادات وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم ووجيه أباظة. وخطب بغدادي يحيي أهل رشيد بذكري طرد الإنجليز منها منذ 146 عاماً. وأنه علينا أن نعيد الحديث بتعبئة الشعور الوطني! وفي أول أبريل كان كمال الدين حسين يخطب في بنها قائلاً: "إننا مازلنا نواجه الاستعمار وأيضاً نواجه الخونة في الداخل".. ويوم 5 أبريل زار محمد نجيب ضريح طلعت حرب فاستقبله رجال الأسرة. وكبار رجال الاقتصاد والمال ومديرو شركات بنك مصر.. ويوم 9 أبريل كان عبدالناصر في أجا دقهلية. ثم المنصورة وبصحبته عبداللطيف بغدادي وصلاح سالم والشيخ الباقوري. واستقبل يومها عبدالناصر ورفاقه استقبالاً شعبياً كبيراً. بسبب آرائه وتهجمه المستمر علي الاستعمار. وخطب عبدالناصر وصلاح سالم عن أهمية تحرير مصر من الاحتلال. وأن جيش مصر مكون من 20 مليون مصري "تعداد سكان مصر في تلك الفترة". واستمرت رحلة عبدالناصر لأكثر من أسبوع جاب فيها كافة المديريات والمراكز.. ويوم 11 ابريل افتتح محمد نجيب مطابع جريدة الأهرام الجديدة بشارع الجلاء. وكان في استقباله بشارة تقلا صاحب الأهرام. وأحمد الصاوي محمد رئيس تحريرها.. ويوم 12 ابريل بدأت رحلة محمد نجيب إلي الاسكندرية والبحيرة. وفيها أشاد نجيب بعبدالناصر وعبدالحكيم عامر في خطبه!.. بل وأعلن لأول مرة أن عبدالناصر عَرض عليه "علي نجيب" أفكار الضباط الأحرار بعد حصار الفالوجا. فوجد لها صدي متمشياً مع ما في نفسه وما يعتمل في فؤاده.. ثم حرص كل منهما علي الاتصال بالآخر حتي قامت الحركة!..
ويوم 18 ابريل كان عبدالحكيم عامر وجمال سالم في مديرية المنيا يخطبان ويتحدثان عن "الجلاء أو الفناء"! وأنهما قد كرها المستعمر كرههما للشيطان.. ويوم 21 ابريل كان نجيب يستقبل الرئيس كميل شمعون رئيس لبنان مع وصي العرش المؤقت.. ويوم 26 ابريل أذاعت القاهرة ولندن البيان المشترك التالي: "اتفقت الحكومتان المصرية والبريطانية علي بدء المباحثات قريباً في المسائل المعلقة بين البلدين. وسيستقبل حضرة الرئيس اللواء محمد نجيب والدكتور محمود فوزي وزير الخارجية. حضرتي سير رالف ستينفنسون السفير البريطاني والجنرال بريان روبرتسون يوم 27 ابريل الحالي".. وبعد ست اجتماعات توقفت المباحثات. وأدلي عبدالناصر بتصريح للصحفيين يقول فيه: "عندما أعلنا أهدافنا واضحة للشعب كنا نعني ما نقول.. ولكن الجانب البريطاني يريدنا أن نتزحزح عن موقفنا. فرفضنا بكل قوة".. وحاول البعض يومها الاستفسار من نجيب عن رأيه فقال بحسم: "إن جمال عبدالناصر يعبر عن رأينا جميعاً"..
***
نجيب يهدي آثارنا لأيزنهاور!
ويوم 8 مايو كان أنور السادات يخطب الجمعة في مسجد معروف بحي بولاق ويقول: لو تراحمتم واجتمعت كلمتكم لقلتم للشيء "كن فيكون"! وفي نفس الوقت كان حسين الشافعي يخطب الجمعة في دسوق ويقول: لن يري العدو الرابض في القنال منا أي لين.. ويوم 10 مايو كان احتفال الثوار بتشييع جنازة الجندي المجهول.. ويوم 11 مايو استقبل المجلس بحضور محمود فوزي وزير الخارجية "فوستر دالاس" وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية للنظر في القضية المصرية.. ويومها سأل الصحفيون محمد نجيب عن مضمون رسالة وزير الخارجية الأمريكية فقال ما نصه: "أنها رسالة شكر من أيزنهاور علي الهدية التي بَعثت بها إليه مع الدكتور أحمد حسين السفير المصري في أمريكا. وأنها من آثار مصر القديمة إذ هي تمثال آلهة الحكمة"!.. ثم سئل عن هدية أيزنهاور فأخرج مسدساً من جيبه الخلفي مطعماً بالفضة. ونقشت عليه عبارة "إلي الجنرال محمد نجيب. من صديقه الجنرال أيزنهاور"!! ويوم 15 مايو كانت السويس تستقبل رجال الثورة وبصحبتهم الشيخ الباقوري.. ويوم 16 مايو كان عبدالناصر يرد علي مزاعم "سلوين لويد" وزير الدولة البريطاني من أن موافقة بريطانيا علي وجهة نظر مصر معناه تدهور قاعدة قناة السويس بسرعة. بحيث تصبح عديمة الجدوي!.. فقال ناصر: "لا نقبل أن تكون القاعدة وسيلة لاستمرار الاحتلال".. بعدها تعاقب أحاديث الثوار في أكثر من موقع عن استعداد مصر لدخول معركة إذا لزم الأمر!.. ويوم 2 يونيه كانت هيئة التحرير تحتفل بذكري غزوة بدر.. ويوم 5 يونيه ألقي حسين الشافعي خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان في الجامع الأزهر بدلاً من مسجد عمرو بن العاص. كتقليد جديد في العهد الجديد. يؤكد علي دور الأزهر باعتباره منارة الإسلام في الشرق والغرب. وتحدث فيها عن الحرية والاستعباد. وعن مساوئ الاستعمار.. ويوم 7 يونيه كرم الثوار رجال الشرطة في نادي الضباط. لحرصهم علي سلامة الاستقرار والأمن الداخلي.. وبدأت كلمات الثوار تتوالي في الأحاديث الصحفية عن عدم قبولهم لأي تواجد انجليزي في البلاد تحت أي مسميات.. ويوم 12 يونيه كان صلاح سالم يوجه كلمة إلي السودانيين بمناسبة عيد الفطر. مع إذاعة نص الاتفاقية الموقعة بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير.. ثم بدأت رحلة الرسائل المتبادلة بين الثوار والسفير البريطاني في مصر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.