تأبى الأقدار إلا أن تستدعى ذكره، كلما احتشدت الفتن كقطع الليل المظلم، فاستحضار روحه الحية دائمًا كفيل بتبديد الظلمة، ووأد الفتنة، ليس فقط لأنه مفكر فذ، شجاع عبقرى، ولكن لأنه استشرف أخطر ما يمكن أن يواجه أمته فى مستقبلها، بعد أن شخص إشكاليات عصره، ووصف أمراض حاضره، وهاهى ذى الأيام تثبت كم كان المفكر العبقرى المنتمى عباس محمود العقاد دقيقا فى كشوفه، وبارعًا فى وصفات العلاج، وتدليلاً على ذلك أذكر كيف حذر العقاد من خطر الجماعة الإرهابية المنحطة المعروفة باسم الإخوان المتأسلمين، وكشف منذ خمسينيات القرن الماضى، سفالة أساليبهم، وجشع نفوسهم، وحذر الأجيال من أحقادهم، ورغبتهم المستميتة فى الوصول إلى كراسى الحكم، وفضح تحالفهم البغيض مع الصهيونية العالمية، وفى واحد من أشهر مقالاته بعنوان «الفتنة الإسرائيلية» كشف العلاقة المريبة بين التنظيم الخطير، وبين الصهيونيين، كما أسماهم فى مقاله، لذا وضع الإخوان السفلة الإرهابيون اسم العقاد على قوائم الاغتيالات، لأنه فضحهم، وكشف علاقاتهم المريبة بأعداء أمتنا، وقد حاولوا اغتياله فعلاً كما ذكر الأديب المقرب منه محمد طاهر الجبلاوى فى كتابه « مع العقاد فى ظل العقيدة الوطنية «، نعم حاول الإخوان المتأسلمون المنحطون قتل العقاد أحد أبرز فرسان الكلمة فى الزود عن الإسلام فى صورته النقية، والدفاع عن رموزه فى سلسلة من الكتب الشهيرة، وهى العبقريات، لقد تصدى « العقاد « بقلمه الجسور، لسموم المستشرقين، ومخالبهم التى أطلقتها الصهيونية لتنهش فى الإسلام ونبيه الكريم « صلى الله عليه وسلم «، وكتابه « حقائق الإسلام، وأباطيل خصومه « خير شاهد على ذلك، ورغم هذا حاولوا قتله، وفشلت محاولتهم لاغتياله. لأنه كشف لعبتهم الدنيئة، وعلاقاتهم المريبة، لذا تستحضره الأقدار دومًا، دون أن يرتبط ذلك بذكرى ميلاد، أو رحيل.