«أنا لا يهمُّنى كم من الناس أرضَيت.. ولكن يهمُّنى أيّ نوع من الناس أقنَعت».. هكذا تحدث عباس محمود العقاد الذى تحل فى 12 مارس الجارى الذكرى الخامسة والخمسين لوفاته (1964م)، وهى مناسبة للحديث عن هذا المفكر والأديب الذى ربما لم تعرف الثقافة العربية فى عصرها الحديث من يطاوله ك «عقل موسوعى» ضرب بسهام نافذة فى ميادين: الأدب والشعر، والسياسة، والفلسفة، والاجتماع، والتاريخ حيث ألّف أكثر من 100 كتاب، فضلًا عن 15 ألف مقال صحفى بأكثر من جريدة. ومن أشهر مؤلفاته الإسلامية: سلسلة العبقريّات - حقائق الإسلام، وأباطيل خصومه- الفلسفة القرآنيّة- التفكير فريضة إسلاميّة- الديمقراطيّة فى الإسلام- الإنسان فى القرآن الكريم. وكذلك سسلسلة التراجم عن: غاندي- سعد زغلول- الكواكبيّ- الفارابيّ- ابن رُشد- ابن سينا. ومن دواوينه: وحى الأربعين- يقظة الصباح- بعد الأعاصير- أشباح الأصيل- أشجان الليل- هديّة الكروان. إضافةً إلى مُؤلَّفاته النقديّة واللغويّة ومنها: ابن الروميّ، حياته من شعره- رجعة أبى العلاء- اللغة الشاعريّة- الديوان فى النَّقْد، والأدب- شعراء مصر- التعريف بشكسبير. ودعونا نتوقف عند واحدة من أهم معاركه السياسية والفكرية مع جماعة الإخوان الإرهابية والتى كان يسميها «العصابة»، ففى صباح 2 يناير 1949م كتب العقاد مقالًا فى جريدة «الأساس» بعنوان «الفتنة الإسرائيلية» كشف فيها سرًا خطيرًا عن حسن البنا مؤسس الجماعة الإرهابية قائلًا:» عندما نرجع إلى الرجل الذى أنشأ جماعة الإخوان حسن البنا، ونسأل: من هو جده؟ فإننا لا نجد أحدًا. لا أحد يعرف من هو جده، وكل ما يقال عنه أنه من المغرب، وأن أباه كان ساعاتيًا (يصلّح الساعات) فى حى السكة الحديد، والمعروف أن اليهود فى المغرب كثيرون، وأن صناعة الساعات من صناعاتهم المألوفة. هنا فى مصر نكاد لا نعرف ساعاتيًا كان يعمل فى هذه المهنة قبل جيل واحد من غير اليهود». وأضاف العقاد: «الفتنة التى ابتليت بها مصر على يد العصابة التى كانت تسمى نفسها الإخوان هى أقرب الفتن فى نظامها إلى دعوات الإسرائيليين والمجوس، وهذه المشابهة فى التنظيم هى التى توحى إلى الذهن أن يسأل: لمصلحة من تثار الفتن فى مصر وهى تحارب الصهيونيين؟! السؤال والجواب كلاهما موضع نظر صحيح». وبالطبع لم يسلم العقاد من تهديدات أفراد الجماعة الإرهابية التى قررت قتله، وكانت خطتهم أن يتصلوا به فى الليل، وكان التليفون بجوار النافذة، وعندما ردَّ العقاد أطلقوا عليه الرصاص، ولكنْ نجاه الله من هذه المكيدة، وظلَّ اسمه فى قائمتهم السوداء انتظارًا لإعدامه وقتله، بين لحظة وأخرى. لقد صدق العقاد فى فضح الجماعة الإرهابية ومؤسسها، مثلما صدق فى وصفهم شعرًا بقوله عنهم: (قوم إذا صفع النعال وجوههم.. شكت النعال لأى ذنب تُصفع).