ليست ذروة بصماته، بل من أفضلها وهى أشهرها على الرغم من أن مؤلفاته المقاتلة - إذا صح التعبير- تسطع بين ومع أن مفكرنا الفذ ومبدعنا الفارق عباس محمود العقاد الذى تحتفل مصر بعيد ميلاده بعد أيام هو واحد من باقة العباقرة النابهين الذين تعتز الأوطان بانتمائهم اليها إلا أن تفرده من بين الكثرة المذهلة التى تسد الآفاق على تعددها وتباين اتجاهاتها ينكشف للمتأمل المتفرس الفاحص، فالعقاد العملاق عاش حياته مقاتلاً بجسارة الفرسان، ومحارباً لا يلقى من يده السلاح إلا إذا أغرق خصومه فى فشلهم وإخفاقاتهم، ولم تكن للخصومة الشخصية، والحسابات الأنانية عند ذلك الفذ المنتمى إلى وطنه مكانة تُذكر، فقد قضى حياته مهموماً بأوجاع أمته ومرابطاً للدفاع عن وطنه، ولا أعرف مفكراً فذاً على كثرة الأفذاذ فى عالمنا العربى نذر قلمه لمجالدة أعداء أمته، فقد تصدى مبكراً جداً لفضح خطر الجماعات الإرهابية المتطرفة الشوهاء التى صنعها المستعمرون لضرب الحركة الوطنية، والتشكيك فى الانتماء إلى الأوطان، وحذر العقاد المقدام حقاً من تغلغل هؤلاء العملاء فى نسيج مجتمعاتنا، حيث يبثون سموم الأحقاد والكراهية والانحطاط والسفالة. وكان العقاد السباق أول من أشار إلى الخطوط الخفية التى تربط المتأسلمين بالحركة الصهيونية العالمية، وبقوى الاستعمار الغربى، ولم يرهب العقاد البطل تنظيماتهم، ولم تثنهِ خطورتهم عن فضح مخططاتهم تماماً مثلما خرج صوته جسوراً غير هياب عام 1956من الإذاعة المصرية يكشف المخططات الصهيونية ويحذر العالم عبر سلسلة من المحاضرات بالغة العمق من الكيد الصهيونى والدهاء الشيطانى.. وقد نُشرت نصوص هذه المحاضرات المهمة فى كتاب بعنوان «الصهيونية العالمية» صدر فى طبعات متعددة. وكما أشرت فى الاستهلال إلى أن العبقريات وهى مؤلفات خالدة ولا شك إلا أنها ليست ذروة أعماله بل تلك التى كشف فيها للعالم ما يتهدد مستقبله وينقض على غده متصدياً لكل الأفكار والمذاهب الهدامة بشجاعة نادرة وعمق منقطع النظير.