للأسف البالغ مضت ذكرى ميلاد أحد أبرز أصواتنا الشعرية أصالة وتفردًا ورهافة فى صمت لافت لا يمكن تبريره أو التغاضى عنه، فشاعرنا الفذ صلاح عبد الصبور أكبر من أن ننساه فى ذكراه، ومنجزه الإبداعى عصى على الغفلة، أو التجاهل، ليس لأنه أحد أعمدة الشعر الحديث، أو لأنه صاحب مشروع المسرح الشعرى فى عصور ما بعد « شوقى»، وإنما لأن « صلاح» صوت نادر يمثل ذروة فى العذوبة، والرقة، والتميز، والرهافة، والدفء، ليس فى عصره فقط ولكن على امتداد مسيرة الشعر العربى من العصر الجاهلي، إلى العقود الحديثة، مر يوم الثالث من مايو، وكأننا لا نعرفه، وكأن الأجيال التى عاصرت تدفقه وسطوعه، نسيته بفعل ركام السنين، وفى عيد ميلاده لم يتذكره أحد بالصورة التى تليق بتفرده، ويستحقها منجزه، مجرد شذرات متناثرات تذكر بأنه ولد فى الثالث من مايو عام 1931، وبعض المعلومات الأرشيفية عن حياته، ورحلته، ودمتم يا سادة، وليس هكذا نحتفى بعلامات حياتنا، وشموس تاريخنا، وهناك العديد من الأفكار البناءة، والمقترحات ذات الأثر التى يمكنها أن تعرف الأجيال الصاعدة به، ومن عام إلى آخر يمكن تنفيذ فكرة مبتكرة للاحتفال به مرة فى عيد الميلاد، والأخرى فى ذكرى الرحيل، مثل عقد مؤتمر نقدى موسع يلقى الأضواء على منجزه الشعري، أو فيلم وثائقى يجسد مأساته، ومحطات حياته، ومد الجسور بين الأجيال وأوطانها، أفضل وسائله تعريفها بشموس تاريخها، وصلاح عبد الصبور فى أفق الشعر، ومشرق الكلمة علامة فارقة تستعصى على النسيان، وتنتصر على ضعف الذاكرة.