كم النابهين الهائل الذين أنجبتهم أرحام الخصوبة فى بلادنا الثرية بقدرتها على العطاء الدائم دليل دامغ على الغنى، فأوطاننا ليست فقيرة، ولا تعرف الجدب، ونوابغها فى شتى الميادين، وفى مختلف الأجيال والعصور علامة مؤكدة على خصوبة هذه الأرض، وقدرتها الفائقة على الإثمار والإنجاب والطرح، وبلد واحد يمتلك كل ذلك الكم الهائل من المتميزين، والعباقرة الأفذاذ الاستثنائيين لا يمكن أن يوصف بالفقر، ولا يصح نسبته إلى القفر، وذلك القدر العظيم، والكثرة المذهلة من النابغين التى لا تتوافر فى بلد آخر ثروة تقصر عن بلوغها كنوز الدنيا بأسرها، وعبقرى القص المصرى، وأمير السرد العربى د. يوسف إدريس- الذى يحل عيد ميلاده اليوم- يقف وحده دليلا بارزا شاهدا على خصوبة التربة المصرية، القادرة دائما على طرح الثمار الناضجة فى شتى المواسم، ومختلف الأوقات، وإذ برز « نجيب محفوظ « كلسان معبر عن عالم الحارة، سطع» يوسف إدريس» كمعبر عن عالم القرية المصرية، وكلاهما تتبع إشراقات الروح المصرية فى آفاق تجليها، وعبقرى السرد «يوسف إدريس» أبدع فى تجسيد اللحظة الفريدة.. صدمة الروح القادمة من القرية الطيبة، وضياعها فى صخب وزيف عالم المدينة ذى القلوب القاسية ،والألف وجه، وقد تعلق معظم عشاق أدب «إدريس» بمنجزه الفذ فى القصة القصيرة، وأهمل كثيرون عطاءه الروائى المتميز، وتجاربه المسرحية اللافتة، وفى عيد ميلاده، وقد اقترب من مئويته، أرجو أن نلتفت إلى بصماته الروائية، التى خفت صوتها وسط ضجيج عالمه القصصى النابض بالحياة.