وصمة عار التصقت بجبين كل مصرى، أهدرت الكرامة، وأحنت الرؤوس، وذلك حين فرضت علينا معاهدة «لندن» عام 1840، تحديد عدد أفراد الجيش المصرى بعد الانتصارات الساحقة فى الشام والجزيرة العربية وصولًا إلى الاستانة، حيث انعقدت القوى الاستعمارية ليقرروا تحجيم قدرات مصر العسكرية، فوضعوا بنود المعاهدة المذلة، وأخطر ما فيها تقليص عدد أفراد الجيش إلى 18 ألف مقاتل فقط، ومع تحرك الأساطيل الاستعمارية، رضخ الوالى محمد على بعد ممانعة وصد، وظلت الوصمة تلطخ جبين كل مصرى، وقد تعمقت بعد الاحتلال البريطانى لمصر، والذى ظل ينهب ثروات البلاد، ويمتص دماء العباد، حتى خرج الضباط الأحرار، الزعيم جمال عبد الناصر ورفاقه ذات يوم من شهر يوليو لعام 1952، نعم لم يكن الأحرار جهابذة فى دهاليز السياسة، ولا دُهاة فى ألاعيب المكر والخداع، ولكنهم كانوا شبابًا أنقياء آمنوا بالإله الحامى، وبالأوطان المُفداة، ورغم كل المخاطر والتحديات وتعقيد الحسابات، نجح هؤلاء الأحرار فى غسل جبين كل مصرى من عار الاحتلال، ووصمة أن يحدد لك المستعمر عدد أفراد جيشك، كما فرضت معاهدة «لندن» المهينة عام 1840، فقد طردنا المحتلين، وتحقق حلم الجلاء، وقررنا بإرادة حرة بناء جيش وطنى قوى، من أبناء هذا الشعب العريق، ورغم كل الإخفاقات والإحباطات التى تلت ثورة يوليو، نجح المصريون فى بناء جيش وطنى ظل قابضًا على الجمر، مُمسكًا بالسلاح، حتى حقق الانتصارات المذهلة فى ملحمة أكتوبر 1973، وقضى على الإرهاب فى سيناء بعد ثورة الثلاثين من يونيو، بالتعاون مع الشرطة المصرية اليقظة، وهاهو جيشنا رابض فى الميدان، مرابط فى الثغور، متأهب للتصدى لأى تهديد، أو عدوان.