ما تزال هدنة غزة فى علم الغيب، أو فى الجيب الخلفى لإدارة ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. المأساة على أشدّها فى القطاع، والمجاعة تجاوزت حدّ الاحتمال؛ لدرجة أنها أيقظت ضمير العالم الغربى، وأخذت تُحرّك عواصمه قليلاً عن الانحياز المفرط أو الحياد (...)
ثلاث وسبعون سنة وما يزال الحدث طازجا من كل جوانبه، وبالرغم من محاولات تخطّيه أو افتراض أن الزمن والوعى العام تجاوزاه بالكُليّة. وإذ يرى البعض فى تجميد اللحظة تعبيرًا عن عقلية سلفية؛ فإن من معانيها ربما أن التحديات على حالها، والأسئلة الكُبرى باقية (...)
تأخذ الإدارة الأمريكية بزمام العالم إلى حيث يسيرها الهوى؛ إلا مع بنيامين نتنياهو، فأهواؤه حاكمة لهواها، ويتصرّف فى المسائل المشتركة كما يعنّ له، حتى أنه لا يستجيب لها بالإغراء أو الترهيب.
والشائع أنه أرخى ظلال الحرب على الجغرافيا الإيرانية بإرادة (...)
دراما من فصل واحد، تتكرر على فواصل زمنية متوالية. جولة اليوم لا تختلف عن سابقتها بعد سقوط الهدنة فى مارس، ولا عن ورشة يناير الماضى وعدة محاولات سابقة عليها، رجوعا إلى مداولات التهدئة الأولى فى نوفمبر التالى لطوفان الأقصى. تستعاد الوقائع على صورتها (...)
تظل أعمق مشكلات العرب مع إسرائيل نابعةً من الأفكار. من تصوُّراتنا عن العدوِّ وعن أنفسنا، والارتياح إلى مُدركَات عتيقة ومُضلّلة غالبًا، وتجاوزها الزمن بما أحدثه من تحوُّلات على الجانبين، وصبغ به نسيج الصراع وتوازناته، يعيشون الحاضر واضعين قدمًا فى (...)
عادت الأنظار إلى غزة من جديد. انتهت مُغامرة أعالى الإقليم، وانتقلت بؤرة الضوء من الرأس إلى القدم، كما جرت العادة بوتيرة واحدة ومتكررة منذ فاتحة المأساة. كُتلة النار تتركّز فى القطاع، والشَّرَر يتطاير بين لبنان وسوريا واليمن ثم يرتدّ إليه.
أنهت (...)
لكلِّ امرئ من مهنتِه نصيبٌ، كما من اسمه وأصلِه وطبقته ولونه السياسى أيضًا. وما خُلِقَت الفعالياتُ النظاميَّة على تنوّعها إلَّا لإدارة الاختلافات؛ لا لشَطبِها عسفًا أو حسمها بالضربة القاضية.
والصحافة أكثر ما يصدُق فيه التنوُّع والشِّقاق، والمُجادلة (...)
يمشى العجوز الماكر على خيط رفيع، لا تعوزه الخفة والمهارة، ولا يفتقد اللياقة ومقدرة التقافز وحرق المراحل. لديه بازار مفتوح على مدار الساعة، والبضاعة فيه على كل شكل ولون؛ إنما لا بيع ولا شراء بالمعنى التجارى البسيط. غايته أن يربح فى كل الأحوال؛ عندما (...)
لم تكُن المُقدِّمات مثاليّةً تمامًا؛ لكن النتائج أتت على وجهٍ أفضل كثيرًا، ليس من جهة الفوز والخسارة فحسب، إنما على صعيد الصورة النهائية وانتظام العملية تحت سقف التقاليد الانتخابية الراسخة. كلُّهم زملاء أعزاء، قد تتقاطعُ الطُّرق وتتعدَّد الآراء؛ (...)
كان المعتاد أن يتلاقى الصحفيون فى بيتهم على المواعيد الانتخابية بلهفة واشتياق، وفى أجواء لا تخلو من المحبة رغم احتدام المنافسة.
وأزعم أن الجمعية العمومية ستتدفق على النقابة غدا، أو أغلبها على الأقل، بمنطق الخلاص من حالة لم يعهدوها من قبل، استطالت (...)
وصل ترامب إلى شاطئه الأوَّل. عتبة المائة يوم التى اتُّفِقَ بالمُمارسة على أن تكون مُهلةَ استقبالٍ وإيضاح ومُكاشفة، وفيها يُحدِّد الرئيسُ الجديد معالمَ إدارته ومشروعها، ويعرفُ الجمهورُ مفاتيح رؤيته وآليَّات الوصول إليها.
وعلى قِصَرِها البادى بالقياس (...)
انقضت ثلاثُ جولاتٍ والرابعةُ فى الطريق. حتى الآن يمضى الحوارُ بوتيرةٍ هادئة، وردودُ الفعل عليه لا تتجاوز الامتداح والتطمينات. ثمّة إشارةٌ إلى رغبة الولايات المتحدة وإيران فى التوصُّل لتوافقاتٍ مقبولة من الطرفين بشأن برنامج الأخيرة النووىِّ، أو أنهما (...)
بيتٌ كبير بحديقةٍ فسيحة، لكنه يُدخَلُ إليه دومًا قفزًا على السور، أو تسرُّبًا من النوافذ الخلفيّة. عُقدة فلسطين أنها ظلَّت تُؤتَى من غير الطرق المستقيمة، وما تزال، وهذا فى النضال كما فى الاحتلال.
قُل ما شئتَ عن الظروف والتحديات، وعن المُواءمة (...)
تدفَّقت الوفودُ والاتصالات الغربية على دمشق، علنًا وسِرًّا. والمُواكبة العربية حاضرةٌ، أكان من خلال تشغيل السفارات، أم باجتماع لجنة الاتصال الوزارية بشأن سوريا فى العَقَبة الأردنية. والجميع فى حالةِ استشرافٍ وترقُّب؛ لكنهم مُنفتحون على المسار الجديد (...)
من مَأمَنِه يُؤتَى الحَذِر. ربما لا شىءَ يُلخِّصُ المشهدَ الإقليمىَّ المُشتعلَ أكثر من هذا القول المأثور، وبالنسبة لكلِّ الأطراف المُتشابكة ميدانيًّا على حدٍّ سواء. إسرائيلُ بُوغِتَت من جانب غزَّة وكانت تتوهَّمُ أنَّ حماس تحت سقف الردع، والحركةُ (...)
كان على أبواب الخمسين، رجلاً وقورًا بوجهٍ مُستدير ومُشرَّب بالحُمرة، وملامح تنُمُّ عن مَلاحِةٍ قديمة، ما أخفَتْها السنين ولا لوَّثتها المُعاناة. تفتَّح وعيى الخاص على حرب أكتوبر مُبكِّرًا للغاية، من خلال «عَمّ دسوقى» عامل الخدمات فى مدرستى (...)
لا مُبالغةَ إطلاقًا فى القول إنها زيارةٌ تاريخية. هى كذلك على معنى أنها الأُولى من نوعها بين الإدارتين، ومن ناحية أنها تُؤسِّسُ لمرحلةٍ جديدة فى العلاقات، وتُعيد العناقَ بين عاصمتين هما الأكبر والأهم فى منطقتهما. وعندما حطَّت طائرةُ الرئيس السيسى فى (...)
يسدُّ «بايدن» بابًا على نتنياهو ويفتحُ غيرَه. العجوزُ الذى انقلبت الساعةُ الرمليَّةُ لوجوده فى البيت الأبيض، يُحاولُ استدراكَ ما فاته خلال السنة الماضية فى نحو أربعة أشهر تتبقَّى من ولايته. وعلى خلاف ما تُبدِى إدارتُه؛ فإنَّه يبدو عاجزًا عن تدفيع (...)
النزولُ فى الماء الساخن فجأة سيستدعى القفزَ لا إراديًّا إلى الخارج، أمَّا مُعايشته من البرودة إلى الغليان فقد تجلِبُ اطمئنانًا زائفًا وثباتًا قاتلاً؛ إذ تُقلِّصُ فُرصةَ استشعار الخطر والتعاطى معه. هذا مُلخَّص نظرية «الضُّفدع المَغلى» التى تتحدَّث عن (...)
صراعاتُ الأُصوليّة مُلتبسةٌ دائمًا، ظاهرهُا الجغرافيا وباطنُها التاريخ. إنها فى جدليَّةٍ عميقة مع الزمان؛ ولو بدا أنها مَعنيَّةٌ بالمكان بدرجةٍ أكبر.. فالمُبتغَى أن تفرضَ وصايتَها على العقل وسرديَّاته الموروثة؛ لكنها تتَّخذ المجالَ الحيوىَّ مَوضوعًا (...)
الحماسةُ باديةٌ فى أداء الحكومة منذ مراسم اليمين الدستورية. نحو تسعة أيام تدور كلُّ تُروسِها بإيقاعٍ مُتسارع: التقت مرَّتين منهما أوَّلُ اجتماعٍ أُسبوعى، وعقدت مُؤتمرين صحفيين، وعرضت بيانَها على مجلس النواب، وشارك سِتَّةٌ من وزرائها فى باكورة (...)
الحَرثُ فى غزَّة والحصاد فى واشنطن. بصورةٍ أو أُخرى صارت الحربُ هنا طرفًا فى الانتخابات هناك، وسواء يعرفُ خَصْمَا الميدان ذلك أو يجهله أحدُهما؛ فإنَّ طرفى اللعبة السياسية يعيان أهمية الورقة ويستثمرانها بقصدٍ واضح. لا يهمُّ ما إذا كان صاحبُ «الطوفان» (...)
أغمض المصريون عيونهم فى لحظةٍ فوضوية؛ فخيَّم الظلام عليهم بأكثر ممَّا تخيَّل أشدُّهم تشاؤمًا. كان صعودُ الإخوان للسلطة حدثًا زلزاليًّا شديد الإزعاج والخطورة؛ إذ لم يُمثَّل مجرَّد تصحيفٍ سياسى فى مسار المدنيَّة المُرتبكة منذ يوليو 1952 وقبلها، إنما (...)