وصلت الرسائل الساخنة بأبرد الوسائل المُمكنة. لقد تلاقت إرادات الأطراف جميعا؛ أقلّه حتى الآن، على إبقاء النار مطمورة بالرماد، وعدم تقليبه حتى لا يتّسع الحريقُ بما يتجاوز أهدافهم التكتيكية الراهنة. الولايات المتحدة تريدُ الشرقَ الأوسط تحت سقف الحرب (...)
يمضى التاريخُ ولا تنقضى مفاعيله. فاللحظةُ الراهنة حصيلة طبخةٍ مُتجانسة المقادير من لحظاتٍ شتّى، والأفكارُ تتناسل وتتداخل؛ فلا تموت فكرةٌ قديمة كما لا تتأتَّى أُخرى جديدة من العَدَم. وإذا كان الأُصوليّون المُتطرفون مثلاً يمضغون رواياتٍ جوفاء عن (...)
ماراثون لا يهدأ من أجل إنجاز هُدنة مُعجّلة فى غزّة. الأوضاع تفاقمت إلى حدٍّ لم يعد مُحتمَلاً، ورمضان على الأبواب، والصلابة التى كانت تُبديها الفصائل خفَّت قليلاً بغرض إنهاء المحنة الإنسانية، وما زالت العُقدة فى مواقف الاحتلال، ونزاعات الجنرالات (...)
كل ما تريده إسرائيل فى غزّة أن تُقايض الدم بالكلام، ما كان يعنيها استهجانُ العالم وفى ظهرها غولُه الأكبر، الولايات المُتحدة، وقد لا تشغلها اليوم مُشاكسات القانون وما زال الغولُ على عهدِه معها، حقيقةُ أنها دولةٌ مارقة، ونسخةٌ عصريّة للنازيّة، لا (...)
فاصلٌ زمنى طويل بين رصاصات الجنود فى الإسماعيلية وصرخات المحتجين فى التحرير. اتّفقتا ظاهريًّا فى التقويم واختلفتا فيما عداه، وجوهريًّا كانت كثير من المشتركات. واليوم، تُجلّ الدولة ذكرى ثورة 25 يناير بموجب الدستور، وديباجته التى احتفت بها جنبًا لجنبٍ (...)
بدأت المسيرةُ بالتوازى قبل قرابة سبعة عقود. وبينما قطعت إسرائيل شوطًا بعيدًا، إلى حدِّ امتلاك برنامجٍ عسكرى وترسانةٍ ضخمة من الرؤوس الحربية، تجمَّدت التجربةُ المصرية عند قدراتٍ محدودة، غايتها البحثُ العلمى وإنتاجُ النظائر المُشعَّة للاستخدامات (...)
فروقٌ جوهريّة عدّة بين الدولة والميليشيا؛ أهمها الانضباط بالقانون والاستثمار فى الاستقرار. فى الأُولى تتحكَّم الجغرافيا والمواثيق الدولية والعلاقة بالآخر على شرط الندّية والتكافؤ، وفى الثانية ينفلتُ السلاحُ وتشيع المُغامرة، وقد تصير دولةً فى ظرفٍ (...)
الرصاصةُ الأخطر قد تأتيك من فريقك؛ ذلك أنها غالبًا ما تكون الأقربَ والأدقّ. وفى فلسطين تتلقَّى القضية ضرباتِ العدوّ لسبعة عقود؛ لكنها ما تضرَّرت قَطّ مثلما جرى فى سنواتها الأخيرة. ومن دون عاطفةٍ أو تجميل، ثمّة مَن يستثمرون فى المحنة بعصبٍ بارد، (...)
حتى اللحظة الأخيرة قبل الحرب، يتبادل الجميع رسائل الطمأنة. الحروبُ بطبعها مُراوغة؛ فإمَّا تُريد أطرافها المناورة طمعًا فى امتلاك المُبادأة، أو تسقط فيها فجأة بفعل سوء التقدير وخطأ الحسابات. والوضعُ فى المنطقة قد آلَ لتصعيدٍ خطير، وصار عند أعلى (...)
اجتماعٌ طلبَه الصومال طارئًا فى 4 يناير، مع ما يحمله من صفة الاستعجال، فعقده مجلس الجامعة افتراضيًّا أمس، ثمّة مُلاحظة أوَّلية على إيقاع «بيت العرب» فى الاستجابة للمسائل المُلحّة؛ صحيح أن تحدّياتها مُتزامنة فى عدّة بيئات ساخنة؛ لكنها لا تُبرّر (...)
لا شرفَ يفوقُ الموتَ لأجل الوطن؛ لكن ما لم يُشرق الوطنُ من بين أكوام الجُثث؛ فإنّ الموتَ قد يكون مجّانيًّا، وقوافل الشهداء قرابين على مذبح عدوٍّ لا يشبع من الأشلاء والدم. الحقُّ يقول إنّ الغزِّيين العُزَّل ليسوا مسؤولين عن انغلاق أُفق السياسة، (...)
كان الجنونُ وقتها مُتحفِّزًا ولا تنقصه إلَّا شرارة الإشعال. الرئيسُ الخارج لتوِّه من حربٍ طويلة ومُرهقة مع جارته الفارسية، يمتلئ بالقوَّة والطيش ومرارة التعادل البارد، ويُفتِّش جائعًا عن إحساسٍ بالنصر؛ ولو بوسيلةٍ خاطئة. هكذا كانت حال صدام حسين فى (...)
صار مشهدًا مُتمِّمًا لاحتفالات عيد الميلاد. تبدأ صلوات القُدَّاس، ويحلّ الرئيس ضيفًا على الكنيسة، يُقدِّم التهنئة ويَلقى حظًّا وافرًا من الترحيب؛ ثم ينصرف بينما تتدفَّق أصواتُ الشمامسة المُرنِّمين بتراتيل القبطيّة وألحانها المُميَّزة. تدخلُ المسيحية (...)
تقف إسرائيلُ اليوم مُتّهمًا مكسورَ العين؛ لا قاتلاً مُتبجّحًا ومُطمئنًّا باختلال الموازين. الوقفة فى واحدة من مرافق الأُمم المتحدة؛ لكنها مُحصَّنةٌ نسبيًّا من فيتو الأمريكان فى مجلس الأمن، ومن رمزية قرارات الجمعية العامة وهشاشتها الإجرائيّة. حرَّكت (...)
صار مشهدًا مُتمِّمًا لاحتفالات عيد الميلاد. تبدأ صلوات القُدَّاس، ويحلّ الرئيس ضيفًا على الكنيسة، يُقدِّم التهنئة ويَلقى حظًّا وافرًا من الترحيب؛ ثم ينصرف بينما تتدفَّق أصواتُ الشمامسة المُرنِّمين بتراتيل القبطيّة وألحانها المُميَّزة. تدخلُ المسيحية (...)
ذهب المصريون إلى صناديق الرئاسة ثلاث عشرة مرَّة فى قرابة سبعة عقود، كانت تسعًا منها للتصديق على رئيس اختِير سلفًا، وأربعًا للاختيار من مُتعدِّد. واليوم تبدأ الزيارة الرابعةُ عشرة؛ لتُتمِّم بنهاية الولاية رُبعَ القرن من التجربة التعدُّدية، عندما تكون (...)
أهمُّ من الحرب وإدارتها، كيف يكون اليوم التالى. وبينما ينقضى شهر على عدوان غزّة؛ لا يبدو أن إسرائيل أو الفصائل تعلم كيف تمضى المعركة، ولا كيف تنتهى. الجولة من أوّلها: ثلثها على الأكثر بالسلاح، وثلثاها بالدعاية والمناورة؛ لكن «تل أبيب» خرقت العقد (...)
جوهرةٌ ثمينة ترتاح على كتفِ الخريطة. إن نظرتَ من الجنوب ستراها ذراعًا مفتولةَ العضلات تتّصل بجسد الوطن، ومن الشمال تبدو وتدًا غليظًا يخترق الماء بين جناحى العقبة وخليج السويس. سيناء ليست مُجرّد مساحةٍ عريضة فى الجغرافيا، ولا حكاية ساخنة فى تاريخنا (...)
يعيش «فوهرر تل أبيب» أواخر أيامه؛ كأنها حكاية هتلر تُعاد باختلافاتٍ بسيطة. النازى الأول أشعل الحرب ثم انتحر، وخليفته الصهيونى انتحر أوّلاً ثم شرع فى ترتيب المحرقة. كانت مسيرة بنيامين نتنياهو إلى حتفه بطيئةً ومحفوفةً بالحماقات: السلطة الطويلة التى ما (...)
إسرائيلُ ليست دولةً طبيعية. لا أقصد الإلغاء القانونى على طريقة المُستمسكين بوصف «الكيان الصهيونى»؛ إذ إنها تظلّ بلدًا مُعترَفًا به وعضوًا بالأمم المتحدة؛ إنما المعنى أنها «دولةٌ وظيفيّة»، يتحدَّد حضورها وتحالفاتها ومدى تحرُّكها فى ضوء ما تلعبه من (...)
ليست حربًا؛ على المعنى الدقيق. تنام «غزّة» على القصف وأصوات الصواريخ والانفجارات، وتصحو عليها، ومعيار المُواجهة سقط تمامًا منذ ظهيرة السابع من أكتوبر، وسقطت معه تنظيرات «كلاوزفيتز» عن أن الحروب تمثُّلات خشنة للسياسة. ما يجرى عدوانٌ كاسح من طرفٍ (...)
نحو خمسة أسابيع تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية؛ إذ ينطلق تصويت المصريين بالخارج مطلع ديسمبر المقبل.. ربما ألقت الأحداث الإقليمية، والعدوان الواقع ضد غزّة، ظلالًا كثيفة على الأجواء العامة، وقلَّصت منسوب المُتابعة وحجم الزخم الإعلامى الطبيعى فى تلك (...)
سأكون صادمًا لثقافة الفُحولة والتباهى بالبأس؛ وأقول إنّ أثمن ما يملكه الفلسطينيّون هو ضعفهم الصادق النبيل. ذلك لأن الثبات بصدورٍ عارية لخمس وسبعين سنة دليلٌ على أنها قضيّة وجودية، وأصحابها لا يقبلون بديلاً عنها؛ وإن كان الحياة نفسها. ليس معنى ذلك (...)
100 مليون دولار تكرّم بها العجوز «بايدن» على الفلسطينيين فى غزّة والضفة الغربية. يمدُّ الرجل يدًا بالمساعدات للضحايا، ويبسط الأخرى بالموت، ويتجاهل أنه لو خصم من الذخائر التى يضخُّها فى شرايين آلة القتل الصهيونية ما يساوى قيمة المبلغ؛ ربما أنقذ أرواح (...)