ظلّ لسنواتٍ نجم مرحلة «الغُربة»، بوصفه مُوصّلا جيدا لمشاعر عابرة للحدود، بين عائلاتٍ تفكّكتْ أوصالها سعيا وراء الرزق. غالبا تسبّب ذلك فى تحويل ما فرضتْه الحاجة إلى هواية، بعد أن ورثت جينات الأطفال بهجة استقبال «البوسطجى»، وهكذا وُلدت هواية المراسلة، (...)
ولأن الشىء إذا زاد عن حده انقلب لضده، فقد ظلم حماسنا تلك الطفلة، التى قمعتْ رغبتها فى تناول رقائق البطاطس من أجل مساعدة رجل فقير، وهو تصرف يستحق عبارات الإشادة ممن يدورون فى محيط علاقاتها القريبة، وقد يتسع الأمر قليلا لدائرة تشمل عابرين استوقفهم (...)
منذ المرة الأولى التى شاهدتُ فيها فيلم «ألعاب الجوع»، جذبتْنى قدرة صنَاعه على اقتناص الفكرة، وتحويلها إلى عمل فنى ممتع، يرصد كيفية استخدام الجوع كسلاح للسيطرة، ففى ظل رفاهية الشبّع التى نعيشها بدرجات متفاوتة، قد يغفل الكثيرون عن حروب اقتصادية (...)
نظرات زوجتى تجعلنى أتراجع غالبا، خوفا من رد فعل غير مأمون العواقب، والتراجع يحتاج لمبررات قوية، تستطيع أن تُجهض حججا سابقة، استغرقت وقتا فى ابتكارها!
«كروت» التباعد!
الخميس:
بدون مقدمات منطقية، يُتقن الماضى قدرة إثبات حضوره عبر تفاصيل صغيرة. لا أفهم (...)
أكثر من متّهم يتحملون مسئولية اغتيال قدرتى على الدهشة، تلك النعمة التى فقدتُها قبل سنواتٍ، ولم يتبقَ منها إلا فتاتٍ يتطاير قبل أن أستطيع الاستمتاع به. كثيرون ارتكبوا تلك الجريمة، بينما يمضى كلٌ منهم فى طريقه دون مبالاة. يمكننى أن أتحدث مثلا عن عالمٍ (...)
لفت الخبر انتباهى بعنوانه الجذاب: «فقه روّاد الفضاء»! وأشار المتن إلى ملتقى مشترك، بين مجمع البحوث الإسلامية ووكالة الفضاء المصرية، يستهدف بحث «النوازل الفقهية المستجدة المتعلقة بأحكام الفضاء»، وتحديدا ما يتعلق بالعبادات وكيفية أدائها خارج نطاق (...)
في البداية ظننتُ الملصق مجرد دعابة، غير أن تطورات الأحداث أثبتتْ أنه واقع سمج، يفوق ثِقل دم الكثير من «النُّكَت» على منصات التواصل الاجتماعي. مظاهرة تطالب بوقف التجويع، فى عقر دار من استخدم ألعاب الجوع سلاحاً للإبادة الجماعية، وبدلاً من أن تكون (...)
قناعتى بحُرية التعبير راسخة، لهذا احتفظ بأصدقاء على فيس بوك، رغم تعارُض منشوراتهم مع وجهات نظرى، احترم منَ يعتمد على المنطق حتى لو رفضتُه، وأضيق بضيق رؤية البعض لو تجاوزتْ حدود التفاهة، على مدار سنواتٍ احتفظتُ بالجميع فى محيطي، فليس مطلوباً أن نتحول (...)
فى لحظة استثنائية، أصبحتْ قصة حبٍ سرية حديث العالم، وصار «الإشهار» أمرا واقعا.. بالإكراه، رغم أن العاشقيْن اعتقدا أن الزحام الكثيف ستارٌ ملائم، للحظات متعة مُستقطعة، تتحرّر من سجن الجدران المُصمتة! آلاف الثنائيات احتشدوا فى الاستاد لمتابعة استعراضات (...)
قبل سنوات أهدتنى روايتها «الست»، أخطأتْ فى كتابة اسمى بالإهداء، وعندما انتبهتْ حاولت استبدال النسخة بأخرى، لكننى رفضت وتوعدتُها بقراءة متربصة، غير أن الرواية خطفتنى وقررتُ الكتابة عنها، والاحتفاء بكاتبة أعتز بزمالتها فى جريدة «الأخبار»، وسط (...)
جُرعة مُكثفة من الحُزن، تعاطاها قبل ساعات معظم من تابعوا مأساة عصافير الجنة، الباحثات عن الرزق فى حقول العنب. حادث سيْر أيقظ بداخلنا المواجع، رغم أن نزيف الطرق أمر بات معتادا. ما زاد حجم الألم هذه المرة، أن وراء كل زهرة ذبلت قبل أوانها حكاية، لفتاة (...)
هى مرحلة ارتباك يطغى فيها الشك، تجرى الأحداث بسرعة تفوق قدرتنا على الاستيعاب، وبالتالى تطيش رهاناتنا على سيناريوهات المستقبل، حتى لو كان على مسافة خطواتٍ منا! الثابت الوحيد أن العدو استعاد قدرته على التلاعب، بعد وقتٍ مُستقطع ظننّا فيه أن الضمير (...)
فى محطة وصول الملك، قرأتُ فى عينى المهندس مشاعر غامضة، دفعتْنى أن أطرح عليه سؤالًا، أدى إلى انهمار الدموع من عينيه بغزارة، ولن أذكر السبب الآن!
كرات ثلج كلامية!
الجمعة:
الإنسان حيوانٌ ناطق. مقولة قديمة ظلّت متداولة إلى أن أحيلت للتقاعد، أمام طغيان (...)
مع ظهور التكنولوجيا الحديثة تصوّر الساذجون من أمثالى، أن الجواسيس صاروا كائنات منقرضة، لأن التطور العلمى جعل المعلومات متاحة، عبْر صور دقيقة وخرائط تفصيلية، لمواقع ظلت بعيدة عن العيون طوال أعوام مُلبدة بالغموض.
قناعتى صارت أكثر رسوخا، استنادا إلى (...)
أعتمد على ابنى عادة فى التعامل مع ماكينات الصرف الآلي، والسبب ببساطة أننى أفتقر إلى «طولة البال» أمام رفْض الماكينة أوراقا مالية وقبول أخرى وِفق هواها الشخصي.. وكيْلها بمكيالين يختلفان حسب مسارات الصرف والإيداع!
قبل العيد فاجأتْنى زوجتى بأشلاء ورقة (...)
الكثيرون منا تعاملوا مع تغيرات المناخ، على أنها مجرد مورد رزق لخبراء، وجدوا فيها فرصة للتنظير مقابل أجر، فأخذوا يتحدثون عن مشكلات كبرى، اعتقدنا نحن البشر العاديين، أنه لن يصيبنا منها إلا موجات حرّ شديد، يباغتنا كضيف غير مرغوب فيه خلال شهور الشتاء، (...)
يستدعى البعض صوراً وفيديوهات، دون تدقيق أو تحقّق من مدى ارتباطها بمضمون المنشور، الدقة ليست مهمة من وجهة نظرهم، والمصداقية فريضة غائبة، فالأهم لدى غالبيتهم «حصاد التريند»، أو على الأقل جنْى حفنة «لايكات». حدث ذلك فى مناسبات عديدة، شهدت اقتناص (...)
تغيب الثقافة فنظنّها انقرضتْ، ثم تعود عبر مناوشات كلامية حادة، حتى نعتقد أن الغالبية مثقفون بالوراثة! وها هى «قصور الثقافة» تنفض عنها صمت السنين، وتساهم فى تصنيع الضجيج، بإعلانها إغلاق عشرات المقرات.. اضطرارياً.
بداية، أرى أن الثقافة سلاح يستحق (...)
«يا ولدي.. هذا عمك جمال». مقولةٌ جرى تداولها فى عالم السياسة ذات زمان بعيد، غير أنها مناسبة تماما للاستخدام مع جمال الغيطاني، الذى يختزل اسمه صفات عديدة من بينها: الروائي، المبدع، الصحفي، الوطني. تعقب كل صفة منها كلمة الكبير، قبل أن تجتمع تحت عباءة (...)
غزة تموت ببطء، ومنظمات الإغاثة الدولية تُحذر من نقص الأغذية والخيام، العدو يحاصر أى «بصيص غذاء» براً وبحراً وجواً، ويهاجم سفينة مساعدات دولية، تداول العالم هذه العناوين خلال الأيام الماضية، وغالباً كان مشاهدو الفضائيات يتناولون الطعام بشراهة، وهم (...)
غالباً فقدْنا القدرة على مشاركة الآخرين أفراحهم، الأمر لا يتوقف عند هذا الحد للأسف، بل يمتد إلى ممارسة دور «عواجيز الفرح»، الذين ينشغلون عن طقوسه عادة باقتناص السلبيات، أو اختراعها إذا لم تكُن موجودة.
فاز الروائى محمد سمير ندا بجائزة البوكر العربية، (...)
أحمل همّ أى زيارة لمصلحة حكومية، وتحديداً إدارات المرور، نظراً لتجارب تراكمتْ عبر سنين، تعلمتُ منها أن الساعات المهدرة تتطلّب الحصول على إجازة، لإنهاء «مصلحة» لا يُفترض أن تستغرق سوى دقائق معدودات! لهذا اكتفيتُ بابتسامة، عندما أكد لى صديقى اللواء (...)
«أطلب من ابنى أن يقاوم فضوله ويزيد سرعة السيارة ليتجاوز حافة المشاجرة، فلا عاصمَ اليوم من حجرٍ طائش أو جسد هائمٍ يرتطم بنا»
على حافة المشاجرة
الجمعة:
زحام مفاجئ يسلب الطريق انسيابيته. قديمًا كنتُ أشغل بالى بطرح سيناريوهات افتراضية، أواجه بها رتابة (...)
قبل سنوات طويلة، حاول مُعدّ برامج أن يُثير لُعاب جيْبي! بالحديث عن مكافأة مالية مقابل استضافتي، فَعَل ذلك عندما سحبتُ موافقتى المبدئية على المشاركة، بعد أن عرفتُ اسم الفضائية الأمريكية، التى اتخذ مثقفون مصريون كثيرون موقفاً رافضاً لها، خاصة فى (...)
فى حصص الرياضيات كان رمز «لانهاية» مثيرا لدهشتى غالبا، لأنه يدل على عددٍ مُبهم، يتجاوز قدرة الحواس على استيعابه، ويبدو بين دهاليز المسائل الحسابية مثل شبح هُلامي. مرت الأعوام ليُثبت جنون الكوكب أن «اللانهاية» مصطلح قابلٌ للطرح عمليا، عند الحديث عن (...)