هى مرحلة ارتباك يطغى فيها الشك، تجرى الأحداث بسرعة تفوق قدرتنا على الاستيعاب، وبالتالى تطيش رهاناتنا على سيناريوهات المستقبل، حتى لو كان على مسافة خطواتٍ منا! الثابت الوحيد أن العدو استعاد قدرته على التلاعب، بعد وقتٍ مُستقطع ظننّا فيه أن الضمير العالمى ضمّد جراحه، غير أن الضمائر وجدتْ من يتصدى بالقوة ليقظتها. وهكذا عاد العدو ليُتاجر باستهداف إيران محيط مستشفى، وملأ العالم نواحاً على أبرياء شعروا بالتوتر لبضع دقائق. استخدم سلاح الصورة، بينما آلاف اللقطات فى غزة فقدتْ مفعولها، مع أنها ترصد أرواحَ أبرياء حصدتْها قذائف الوحشية فى مستشفيات ومدارس ومخيمات، ومراكز مساعدات يستخدمها كمصائد موتٍ للجوعى، أخر مجزرة بها وقعتْ قبل ساعات. العيب ليس على الكيان الصهيونى وحده، بل يمتد إلى من يمنحه صكّا على بياض، يتيح له البطش والطغيان وسفك الدماء، إما بالدعم المعنوى المتواطئ، أو بتعزيز قدراته من أسلحة الدمار بشكل سافر، وفوق ذلك كله شيّد الغرب قبة حديدية، يقمع تحتها أصوات المعارضة فى الجامعات والإعلام، وكأن صيحات الشجب تُرهق صخب القذائف وتُقلق راحتها! وسط كل ذلك تختفى التقارير الرسمية، التى ترصد وتُوثّق المذابح، فلا يكاد يلحظها إلا الحزانى فى منطقتنا المنكوبة بازدواجية المعايير، أما الداعمون للوحشية فتجاهلوا أن الأممالمتحدة قرّرت مؤخراً إبقاء الاحتلال على قائمتها السوداء، فى تقرير «الأطفال والنزاعات المسلحة»، لأنه ارتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، انتهاكات جسيمة؟ هكذا يحظى القتل والإبادة والتجويع والتشريد والإعاقة المزمنة وصناعة اليُتم المبكر بمسمّيات أكثر أناقة! أشعر أن الكلمات تتكرّر، تماما مثل صورٍ تتشابه وتعجز مهما كانت بلاغتها، عن تجسيد حجم المأساة، التى نتابعها على الشاشات مثلما نُشجّع فرق كرة القدم، نهتف مع إحراز هدف فى ملعب الخصم، ثم يصدمنا الحَكَم المتواطئ، ولا يكتفى بإبراز كروت صفراء وحمراء فى وجوهنا مع كل هجمة مرتدة، ولا حتى باحتساب ضربات جزاءٍ جائرة، بل يُحرز أهدافاً تُمزق شباك فريقنا، ثم يطالبه بوقف تسجيل الأهداف.. كى لا تفسد المباراة!!