أعتمد على ابنى عادة فى التعامل مع ماكينات الصرف الآلي، والسبب ببساطة أننى أفتقر إلى «طولة البال» أمام رفْض الماكينة أوراقا مالية وقبول أخرى وِفق هواها الشخصي.. وكيْلها بمكيالين يختلفان حسب مسارات الصرف والإيداع! قبل العيد فاجأتْنى زوجتى بأشلاء ورقة من فئة المائتى جنيه، خرجتْ لها ضمن مبلغ مالى سحبتْه من ماكينة تابعة لأحد البنوك. ورقة لا يُمكن استبدالها لأنها ناقصة نقصانا مُخلًا، وبالتالى فمصيرها سلة المهملات. أقلّب بقاياها متعجبا، فكثيرا ما رفضتْ الماكينات استلام أوراق أحسن حالا بكثير، ورغم أننى أراعى ألا تكون مهترئة أو متآكلة، إلا أنها تواجه صدّا غير مبرر. لم نملك إلا الرضوخ للأمر الواقع، وصارت الورقة المُبتسرة مادةً للسخرية مع من قابلناهم فى زيارات العيد. اكتشفنا أن حالتنا ليستْ فريدة، فقد تنافس الأقارب والأصدقاء فى سرد تجارب عديدة، استقبلوا خلالها أوراقا مالية أكل عليها الزمان وشرب، بعضها أصبحت منتهية الصلاحية لأنها «معاقة» فقدت جانبا كبيرا منها. الأهم هو أن بعضهم ظنّوا حظهم سعيدا، لأنهم سحبوا من ماكينات مُثبتة على مداخل البنوك، وخلال وقت العمل الرسمي، لهذا دخلوا إلى موظفى الخزينة بعد السحب مباشرة، وتلقّوا إجابات مستنسخة، تطلب منهم الاتجاه إلى البنك المركزي، لاستبدال الورقة «المصابة». هل يبدو منطقيا أن يتجه أحدهم من مدينة نصر مثلا إلى وسط البلد لاستبدال ورقة قيمتها خمسون جنيها، رغم أن السحب جرى للتو من الفرع نفسه؟ فضلا عن أن تكلفة الذهاب والعودة ستفوق قيمة العملة نفسها. سأل أحدهم عن ازدواجية المعايير، التى تتشدّد فى حالات الإيداع، وتتهاون إلى درجة الاستهانة فى حالات السحب، وكانت إجابة الموظف أن البنك غير مسئول، فهناك شركات مستقلة تتولى تغذية الماكينات. أتعجب لأن الماكينات كائنات جامدة، تستجيب لتعليمات من برْمجها، فهل قام المبرمجون بتلقينها تعليمات للسحب تختلف عن ضوابط الإيداع؟ لابد من اتخاذ إجراءات حاسمة، تحمى المواطنين من صدمات العملات الممنوعة من الصرف!