يستدعى البعض صوراً وفيديوهات، دون تدقيق أو تحقّق من مدى ارتباطها بمضمون المنشور، الدقة ليست مهمة من وجهة نظرهم، والمصداقية فريضة غائبة، فالأهم لدى غالبيتهم «حصاد التريند»، أو على الأقل جنْى حفنة «لايكات». حدث ذلك فى مناسبات عديدة، شهدت اقتناص فيديوهات لكوارث قديمة، وإعادة طرحها على أنها وقعت فى أماكن يشعر غالبيتنا بعداء تجاه أنظمتها الحاكمة، لأنها ترتكب مجازر تقتلع أرواح الأبرياء، أو تدعم «أحفاد دراكولا» بتبنى معايير مزدوجة. أنظمة تعتبر أن مصرع اثنين يعملون فى سفارة العدو بواشنطن، أكثر مأساوية من استشهاد 53 ألف فلسطيني، وهكذا تتفوق «معاداة السامية» على «العداء السافر للإنسانية»! وأمام مثل هذه المغالطات يُمكن أن أستوعب استدعاء بعض ناشطى «فيس بوك» قبل أسابيع، صور حرائق كاليفورنيا، وإعادة نشرها على أنها وقعت فى إسرائيل، كى نُفرغ طاقات غضبنا عبر تعليقات عابرة. أقول إننى قد أستوعب ذلك، غير أننى بالتأكيد لا أوافق على «اغتيال المصداقية»، لأن الحقيقة سوف تظهر بعد دقائق أو ساعات، لنكتشف أن تأثير الفرحة المؤقتة، لا يختلف كثيراً عن مفعول المخدّر، يُسكّن الألم لفترة وبعدها نفاجأ بأننا عشنا آمالاً كاذبة، سرعان ما نفيق منها على وهم كبير. عموماً، التمستُ العذر مؤخراً للمتلاعبين بالصور الثابتة والمتحركة، بعد أن تأكد العالم من أن اللعب ليس مقصوراً على الهواة، فقد مارس ترامب الأسلوب نفسه، عندما حاول إحراج رئيس جنوب إفريقيا، بصور زعم أنها لمزارعين من البيض يتعرضون لعمليات قتل جماعى فى بلاده، فى محاولة أمريكية لتوظيف مثلنا الشعبى الشهير: «لا تعايرنى ولا أعايرك.. الهم طايلنى وطايلك»، وهكذا تتحول الدولة التى أحرجت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، إلى متهم بارتكاب إبادة جماعية.. مثلما يفعل الاحتلال! الحقيقة ظهرتْ بعد ساعات قليلة، واتضح أن الصور مُقتطعة من اشتباكات دامية وقعت فى الكونغو، ولا يبدو أن هذا الفارق «البسيط!» يشغل بال إدارة دونالد، التى تهتم فقط بدعم توجهاتها، عبر تشويه الأصل وتزييف الصورة!.