أحمل همّ أى زيارة لمصلحة حكومية، وتحديداً إدارات المرور، نظراً لتجارب تراكمتْ عبر سنين، تعلمتُ منها أن الساعات المهدرة تتطلّب الحصول على إجازة، لإنهاء «مصلحة» لا يُفترض أن تستغرق سوى دقائق معدودات! لهذا اكتفيتُ بابتسامة، عندما أكد لى صديقى اللواء أسامة الحبال وكيل المرور السابق خلال مكالمة معايدة، أن مخاوفى غير مبررة، وأن الأوضاع تغيّرت، واتهمنى بأن شغفى بالتاريخ يؤثّر على رؤيتى للحاضر. انتهت المكالمة ومرّتْ أيام، واكتشفتُ أن رخصة القيادة الخاصة بى صارت منتهية الصلاحية. فكرتُ فى عدم تجديدها وتوفير الوقت الضائع، خاصة أن العُمر لم يَعُد يحتمل المزيد من الهدْر، كما أننى لم أعد أقود السيارة إلا فى مناسبات نادرة. تحت إلحاح الأسرة، اتخذتُ القرار بخوْض التجربة، وأقنعتُ نفسى أنها فرصة لكسْب «بونط» على حساب صديقى اللواء، وإثبات أننى لم أضيّع فى الأوهام أفكاري! صباح الخميس الماضى بدأتُ الاستعداد للمغامرة، واصطحبتُ أدوية السكر والضغط، الذى سيرتفع نتيجة بطء الإجراءات ورتابة الروتين. دخلتُ الإدارة كمواطن عادي، غير أننى تسلحتُ بهاتفى مع عدد من «الكروت الشخصية» لاستخدامها وقت الضرورة، والمفاجأة أننى لم أضطر لاستعمالها، فقد أنهيتُ طلبى فى نصف ساعة فقط. اتجهتُ بعدها لمكتب الرائد محمود شريف رئيس وحدة مرور التجمع لأشكره، فأخبرونى أنه يقف وسط أصحاب الحاجات، وبالفعل وجدتُه بين الناس ووجهتُ له التحية. فى المساء اتصلتُ باللواء الحبّال، وأخبرتُه بأنه كسب الرهان فى مواجهة شكوكي. فحرص على أن يرد الفضل لصاحبه، مؤكداً أن تعليمات اللواء محمد عبدالله مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة واضحة للجميع: الحسم فى مواجهة المخالفات لضمان انسيابية حركة المركبات بالشوارع، وسرعة قضاء حوائج المواطنين دون إخلال بالقواعد. هناك أمور تتغير دون أن نشعر، حتى نعيش تجربة تكشف لنا أن التغيير الإيجابى ممكن، طالما هناك قائد يمتلك إرادة التطوير، لهذا أرى أن التحية واجبة للواء محمد عبدالله ورجاله.. بعد أن منحونى يوماً خالياً من توتر المغامرات.