بدا المكان كأنما نبت فجأة وتم إخفاؤه بعناية شديدة، فقد تكفلت الجبال القصيرة والصخور العالية بحفظه بعيدا عن الأعين وجلافة البشر، رقعة بسيطة من الرمال الناعمة تحرس بركة ماء وقد نبتت على حوافها الحشائش ودغل من البوص القصير، لا أدرى على أى نحو وصل (...)
كل الدروب تقود إلى الجنوب، المنسي والمهمل في كل زمان ومكان، فقط يتم ذكره عند الكوارث والملمات، تعلو وقتها الأصوات المطالبة بالانتباه له، والعمل على تنميته وترقية أهله، فوران وقتي سرعان ما يطويه التجاهل، ليعود الحال كما هو دائما، من استغلال ونهب (...)
مر كخطفة و أنا أقضم لقمة بلا طعم علي المقهي. و الخطفة حين عبرني أو كاد بجنبه كانت كفيلة برسم طيف "الجويلي" علي جانب خده الحليق. و تبدي بوضوح علي ظهره بانحناءته المتألمة المتأملة. لكن الطيف المراوغ انزلق من الجلباب المكوي. كاشفا طلة أبعد وهلة أعمق. (...)
يطير الحمام و يحط. ولم أكن أتصور أن لهذا علاقة بالزمن ، أو السكين، فقط كنت أنظر للأمر كدعابة خفيفة، لأنه بالنسبة للزمن، لأنه لم يكن يسمح لنا بمراقبته ، أو حتي التكهن بعلاقته الخفية بالحمام، فبين الطيران والهبوط لم تكن سوي لحظة واحدة قصيرة ، قصيرة (...)
غداء مع الجد. كنت وحيدا و ضائعا فى المدينة، أخبط فى الشوارع متفردا بوحدتى فى وسط الزحام والضجيج؛ تركت- دون قصد منى- صخب الشوارع الكبيرة منعطفا فى شارع جانبى، والشارع قادنى لآخر إلى عمق المدينة القديمة، لم أكن منتبها لشيء، فقط متتبعا ذاكرة قدمى (...)
تعد السير الشعبية واحدة من أهم فروع الأدب الشعبي والتي تحظي باهتمام بالغ لدي الجماهير ودارسي الثقافة الشعبية وذلك لما تمتلكه من خصائص ومقومات تكفل لها الانتشار داخل النسق القيمي للجماعة الشعبية.
وتعد الهلالية أشهر السير الشعبية العربية التي لاقت (...)
تسارع الأحداث في الشارع المصري مع انفتاح باب الأمل الذي كان موصدا طوال عقود طويلة هو ما جعل سقف الآمال يرتفع بشكل قوي مع المد الثوري و الحراك المجتمعي الذي بدأ مع ثورة 25 يناير، وهو مادفع قطاعات عديدة للمشاركة في هذا الحرك وهي التي لم يكن لها من قبل (...)
تعد الكرامة الصوفية مدخلا مهما لفهم التصوف وطبيعة المزاج الشعبي الذي يتبني تلك الأفكار ويوقن بها حتي يعدها ركيزة مهمة في فهم شخصية الولي, فلا ولي بدون كرامة.
ولا تثبت الولاية للولي الا بثبوت قدرته علي الاتيان بالكرامات, عرف بها أم لم يعرف,قصد اليها (...)
صبي
... وقد خرجنا في مسيرة تطوف بالشوارع من الميدان كنا نهتف: عيش... حرية... عدالة اجتماعية. التقطته عيني من إصراره علي متابعة المسيرة من فوق الرصيف المجاور, دون العاشرة تقريبا بملابسه المتسخة التي تدل علي كونه يعيش في الشارع, عيونه تلمع وهو يردد (...)
حركة فرحة تجتاح البيت والقرية, يهل الصيف بحصاده فتتطلع العيون للحظة تمرح فيها بعد شتاء طويل, أقدام تهزها توقيعات الدفوف فتراقص الجسد المتعطش للحظة بوح قصيرة يحلق فيها عبر سماء الروح خفيفا وجليلا. بترقب هادئ أرقب الرجال والنساء والشباب والبنات (...)
لن أتوقف في هذا التعليق عند السباب و الضغينة التي تعج بها كلمة من قال ذات يوم بتحريم الكتابة الأدبية قبل أن يعود لممارسة ما حرمه، منتقما من كل من لايتفق معه في توجهاته، ليست أفكاره، حتي و إن ادعي غير ذلك، و ما كتبه في ظني جيدا، ليكشف عن دخيلته (...)
كان شيخي مولعا بضرب الأمثلة و الأحاجي، و يطيب له كثيرا أن يضللني، يقول أول بوابات الاختبار الملاحظة، و الدقة المتناهية في الكشف عن الخبئ، و ضرب لي مثلا فقال علي سبيل المجاز: العين بوابة الروح، و أيضا مرآة الجسد. و لما لم أحر جوابا، أو أنطق بكلمة، (...)
1- تبة عزيزة. - أهلا يا بطل. بلاد لا تختلف عن بلادنا, نفس الدروب المتعرجة و الحقول الضيقة, ونفس الوجوه الفرحة بالنصر و التي تقف لدي رؤيتها للذي يرتدي الزي العسكري, تجري نحوه وتأخذه في حضنها, تلتف حوله تسأل عن أخبار الحرب, يقدمون (...)
الأنوار تغمر الساحة، الشيخ علي الدكة العالية، تحمحم ليفتتح القراءة، بدا لي شابا نوعا ما، بذلك الزي الأزهري: الجبة و الكاكولا و عمامة خفيفة ملفوفة علي طربوش أحمر، بجواره كوب ينسون، يرتشف منه و يجرب صوته؛ الناس زاد عددهم، لم تعد الدكك كافية، فمدت حصر (...)
* في المقام صلينا العصر وسط الزحام المتزايد بصحن الجامع, كنت منشرحا وأنا أحلق في الكتابة المنمنمة علي الحوائط وزخرفة السجاد السميك, روائح مختلطة لعطور وعرق وبخور وجوارب ومسك وأنفاس مختلفة. استندت إلي عمود, انتظر حسين كي يفرغ من صلواته (...)
أيام الصبا، أيام اللهو والاكتشافات الكبري، الكبري بعقلية الصبي، اكتشفت ذلك المكان بمحض الصدفة، طفل لم يتجاوز السادسة، وخلف البلدة الجبل، يحيط بها، أو تلبد هي في باطه، عملاقا وشاهقا، وخلفه المجهول، كنت ومجموعة العيال نتحين الفرص لتسلقه والذهاب لأبعد (...)