◄ توجيهات رئاسية بحماية تراث «ماسبيرو» وتحويله إلى ذاكرة رقمية شكّلت إذاعة القرآن الكريم، منذ انطلاقها عام 1964 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، منبرًا إعلاميًا فريدًا جمع بين الرسالة الروحية والدور الثقافي، وأصبحت إحدى أهم أذرع القوة الناعمة المصرية في العالمين العربي والإسلامي. جاء إنشاؤها استجابةً لرغبة شعبية ودينية مُلحّة فى حفظ ونشر التلاوات القرآنية بصوت أعظم القراء المصريين، وترسيخ منهج الإسلام الوسطى بعيدًا عن التطرف أو التشدد. وإيمانًا بما يمثله التراث الإذاعي والتليفزيوني من جزء أصيل فى الهوية الثقافية والتاريخية لأى مجتمع، وما له من دور كبير فى تشكيل الوعى العام وتنمية المجتمع، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعًا مع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، واللواء محسن عبد النبي، مستشار رئيس الجمهورية للإعلام. وجاء الاجتماع ليعكس وعى الدولة بأهمية الحفاظ على هذا التراث، حيث وجّه الرئيس بضرورة صون تراث الإذاعة والتليفزيون المصري من خلال تحويل جميع الأشرطة الإذاعية والتليفزيونية التابعة للهيئة إلى وسائط رقمية، واستثمار هذا المحتوى ضمن المنصة الرقمية المزمع إنشاؤها بالهيئة الوطنية للإعلام. ◄ موقع عالمي ووفقًا للسفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، وجّه الرئيس كذلك بالمضى قدمًا فى إعداد الموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم، بهدف حفظ تراث القراء والمبتهلين، وحماية البرامج العديدة التى تعاقب بثها عبر الإذاعة منذ تأسيسها. وبحسب إسماعيل دويدار، رئيس شبكة إذاعة القرآن الكريم، فقد خضعت الإذاعة لمراحل تطوير بارزة فى عامى 2019 و2023، حيث أُعيد ترتيب الخريطة البرامجية لتكون تلاوة القرآن الكريم بنسبة 80% من ساعات البث، مع الدفع بقراء شباب، وإلغاء الإعلانات للحفاظ على قدسية الرسالة. ◄ المنهج الأزهري وشدّد دويدار على أن الإذاعة تلتزم بالمنهج الأزهري الوسطي وتبتعد عن الأفكار المتطرفة، مؤكدًا أن «الكلمة أمانة، والفتوى مسئولية»، فى ظل جهود مستمرة لتدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية بوعى ومسئولية. ويرى الإعلامى محمد الشناوي، أحد المذيعين المخضرمين بالإذاعة، أن «المشروع الجديد سيجعل من إذاعة القرآن الكريم منارة عالمية لا يحدها الأثير، بل تصل رسالتها إلى أى هاتف ذكى أو منصة بث رقمية، بما يضمن استمرارية تأثيرها على الأجيال القادمة». ◄ اقرأ أيضًا | دولة التلاوة المصرية.. 61 عامًا من التراث الإذاعي ◄ رقمنة التراث أما الباحث فى الشئون الإسلامية، الدكتور محيى عطية، فيؤكد أن رقمنة التراث الإذاعى تعنى حماية أصوات القراء الكبار من الضياع، وتقديم صورة مشرقة للإسلام، متصلة بجذورها المصرية، ومنفتحة فى الوقت ذاته على العصر. لم تكن إذاعة القرآن الكريم مجرد محطة إذاعية، بل كانت أداة دبلوماسية ثقافية عززت مكانة مصر الروحية فى العالم. فكما كانت القاهرة منارة للفن والأدب، ظلت الإذاعة منارة للقرآن والتلاوة الرصينة، ونافذة للتواصل مع المسلمين فى أصقاع الأرض. ◄ فصل جديد ومع انطلاق مشروع التطوير، تتأهب الإذاعة لكتابة فصل جديد فى تاريخها، تنتقل فيه من موجات الأثير إلى فضاء الإنترنت، ومن حدود الجغرافيا إلى رحابة العالم الرقمي، حاملة ذات الرسالة «الإسلام الوسطي، والقرآن الكريم، كما أنزل، بصوت مصر».