تسارع الأحداث في الشارع المصري مع انفتاح باب الأمل الذي كان موصدا طوال عقود طويلة هو ما جعل سقف الآمال يرتفع بشكل قوي مع المد الثوري و الحراك المجتمعي الذي بدأ مع ثورة 25 يناير، وهو مادفع قطاعات عديدة للمشاركة في هذا الحرك وهي التي لم يكن لها من قبل أي مشاركات تذكر، أنه الأمل في تغير واقع مجتمعي كان يطحن الجميع ولا يسمح إلا لقلة بالاستفادة من طبيعة الثبات أو الموات كما كنا نلاحظ قبل بدء الثورة، هذه القطاعات جاءت بأحلام مشروعة حتي وإن كانت شديدة التباين، لم تكن تلك القطاعات تمتلك الخبرات و كيفية التحرك التي تؤدي بها في النهاية لتحقيق أحلامها، ليس بالضرورة كلها ولكن جزء كبير منها يرضي طموحاتها ورغبتها في الحياة الكريمة التي تبتغيها تحسين شروط معيشتها تكفل لها الاحتفاظ بكرامتها الانسانية، وان تكون فاعلة و مشاركة بشكل أساسي في بناء مستقبل بلادها و ابناءها؛ علي الجانب الأخر لم تكن القوي المهيمنة علي مقادير البلاد و العباد قبل يناير من الهشاشة أن تسلم بتخليها عن كافة مصالحها ومقاعدها المتقدمة والوثيرة وأن تقبل بدفع ثمن جرائمها هكذا ببساطة و سهولة دون مقاومة أو عرقلة الأحلام الثورة الناهضة و التي حتما ستدوسها وتقدمها لمحاكمات علي كل ما أقترفته في حق هذا الوطن من إفقار لجميع طوائفه واستغلال السلطة المتوحشة أصلا لصالح استمرارها وتأبيدها في مواقع السلطة الحاكمة و الفاعلة، هذا الصراع بين الجانبين ما بين الرغبة في التغيير مع عدم امتلاك رؤية واضحة لكيفية هذا التغير، وأيضا عدم توحد الجميع حول هذه المطالب، يكم التذكير بالأحد عشر مطلبا التي تم رفعها في ميادين التحرير بكافة أنحاء البلاد إبان ثورة يناير، والعمل علي تحقيقها كافة عبر خطة ورؤية واضحة لتحقيق هذه المطالب والوصول بها لحيز التنفيذ في الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي، وعلي الجانب الأخر بدا الارتباك واضحا علي قوي السلطة في البداية واضطرت لمجارة اللعبة الثورية الدائرة والتربص بها ومحاولة عرقلة تقدمها كلما أمكنها ذلك، علي أن تبدأ في استعادة قدرتها في التأثير والفعل مرة ثانية لاستعادة زمام الأمور في قبضتها؛ ربما بفعل نقص الخبرات لدي الشعب المصري تمكن الفصيل الاسلامي من القفز علي مقاعد الثورة وهو بداية الانحراف عن الطريق الثوري الذي بدأه المصريون في يناير وهو مادفع بدايات الاحباط لدي قطاعات من المصرين في تصور أنما قاموا بالثورة ليحل فصيل أسوء من سابقه/ الحزب الوطني، يرغب في الاستحواذ وسد باب الامل الذي فتحه المصريون عنوة في يناير، هذا الاحباط هو ما جعل الكثير ينظر و ينتظر ولأنه عرف الطريق لم يستطع الصبر كما في المرات السابقة و كان أن انتفض في 30 يونيو لينهي هذا العبث بالحلم والأن يمر المجتمع المصري بنفس المرحلة فقط ينظر وينتظر، وإن لم تأتي الأيام بما يحقق حلمه سوف يقوم مرة أخري، وفي هذه المرة لن يبق ولن يذر، كل المؤشرات التي تدل علي رخاوة الحكومة وفشلها مما يستوجب تغيرها علي الأقل ستكون هي العامل الفاصل لوقف هذا الانتظار، لأن المستقبل الآن ومنذ يناير رهن بالمصريين أنفسهم، هم من يقررون، فقط الأن بنظرون وينتظرون، والغد لهم.