اختلفت الأحزاب والقوي السياسية داخل الجمعية التأسيسية للدستور حول مصير هذه الجمعية في ظل الانسحابات وتجميد العضوية لدرجة جعلت مسئوليها يستعينون بالأفراد الاحتياطيين خلال المناقشات النهائية لمواد مسودة الدستور وقبل إحالتها للجنة الصياغة. الأحزاب الاسلامية أكدت أن هذه الانسحابات وتجميد العضوية لاتمثل إلا ضغوطا فقط ولا تعبر عن مواقف حقيقية في حين رأت الاحزاب الليبرالية أن القوي الاسلامية ومواقفها سبب رئيسي لاشعال الخلافات. في البداية أكد عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن الجمعية التأسيسية الحالية غير عادلة وتهدف لاقرار دستور يحقق مصالح فصيل واحد وعلي الرئيس تشكيل جمعية وطنية تعتمد علي الكفاءات وليس الانتماء الايديولوجي مؤكدا أن الوفد لن يكون شريكا في دستور يقوم علي الغلبة وينكر التوافق الوطني العام ويشوب بعض مواده العوار ولابد من تغيير الجمعية بالكامل. فيما طالب د.محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان بعدم المزايدة السياسية وتفضيل مصالحهم الشخصية علي مصالح الوطن ومستقبله وتشوية صورة الجمعية التأسيسية التي اقتربت من الانتهاء من الدستور مؤكدا أن انسحاب البعض لا يعود الي أسس حقيقية لكنه أزمة مفتعلة هدفها هدم المعبد علي الجميع. قال د.يسري حماد المتحدث باسم حزب النور ان ما يحدث من انسحابات لا يعبر إلا عن ضغط ولا يعكس موقفاً حقيقياً من قبل هؤلاء وطالبناهم في أكثر من مرة بأن يعرضوا أي مواد يعترضون وماذا يريدون من الجمعية الا أنهم لا يتحدثون إلا للاعلام. حول احتمالية حل التأسيسية قال حماد : الجمعية سليمة 100% وحلها من عدمه لا يعكس إلا التخبط ومن يعترض علي الجمعية لم يشارك فيها اصلا ويريد فرض رأيه بالقوة ومن يطالب بحلها هم من طالبوا بأن يكون الدستور أولا وليس الانتخابات أولا. أكد نبيل ذكي المتحدث الرسمي لحزب التجمع أننا نتمني أن تنهار الجمعية التأسيسية وهذا ما يحدث بالفعل لأنها لاتمثل التيارات أو أطياف المجتمع.. وانما هي تمثل تيار الأغلبية.. وبالتالي ستكون هناك فضيحة تاريخية لو أن فصيلاً واحداً فقط هو الذي انفرد بصياغة دستور مصر وسيولد ميتاً. يري ذكي أن إنهاء عمل التأسيسية ضرورة وطنية ومجتمعية.. وخاصة بعد انسحاب الكنيسة.. ولا يستطيع الشعب المصري أن يواجه العالم إذا وضع الدستور تيار واحد ينتمي الي دين واحد. أضاف المهندس أحمد خيري المتحدث الرسمي لحزب المصريين الأحرار أننا نعتبر الجمعية التأسيسية إنهارت بالفعل.. ولكن طبقا للاعلان الدستوري يتم عمل انتخابات مباشرة أو يتم تشكيل جمعية تأسيسية بمعايير واضحة. قال المهندس هشام مصطفي رئيس حزب الاصلاح والنهضة ذو التوجه الاسلامي إن انسحاب الكنيسة من اللجنة التأسيسية والليبراليين يزيد الاستقطاب بين المواطنين. أضاف أن السلفيين قدموا تنازلات كثيرة وكان علي الليبراليين والكنيسة الاستفادة من هذه التنازلات وليس الانسحاب الذي سيدفع السلفيين الي مزيد من التمسك بمواقفهم والتشدد فيها. أعلن عادل عفيفي رئيس حزب "الأصالة" أن الحزب سيقف وراء الدستور إذا كانت الشريعة تمثل المكانة اللائقة به وقال ان الذين انسحبوا من اللجنة التأسيسية يريدون أن يستمر الرئيس في العمل بدون برلمان ودستور. يقول المستشار احمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي أن المشكلات داخل الجمعية التأسيسية تعود للاختلافات في وجهات النظر الرئيسية خصوصا فيما يتعلق بقضايا جوهرية مثل حقوق المرأة ونسبة 50% بين العمال والفلاحين وغيرها من القضايا التي يري بعد الاعضاء أنها ضرورية ويري آخرون أنها لاتصلح لمصر في العصر الحديث. اكد المستشار عبدالفتاح الحسيني مدير إدارة الفتوي بمجلس الشوري وعضو التأسيسية أن الانسحابات والتهديد بها خلال اليومين الماضيين هي انسحابات سياسية تهدف للحصول علي مكاسب وصفقات متبادلة بعيداً عن مصلحة الوطن. قال الحسيني إن الكنيسة انسحبت بدون سبب واضح ولكنها تريد أن تظهر أمام شعب الكنيسة بمظهر الباحث عن مصلحة المسيحيين لان مجموعة كبيرة من الاقباط طالبوا بتطبيق الشريعة الاسلامية علي أحوالهم الشخصية ولهذا السبب أرادت الكنيسة أن تفتعل أزمة مع الجمعية التأسيسية. أكد د.حسن عمر وكيل لجنة التعليم بالشوري وعضو الجمعية التأسيسية أنه إذا لم يحدث توافق علي النحو المطلوب سيتم حل التأسيسية بشكل قانوني وتشكل جمعية أخري. وهذا أمر لا مفر منه. لذا فلابد أن تتخطي هذه المرحلة خاصة ان معظم اعضاء الجمعية يتوافقون علي غالبية المواد ويتنكرون من هذه الاتفاقات. أوضح طاهر عبدالمحسن عضو الجمعية التأسيسية أن المشكلة داخل التأسيسية خلاف سياسي بين القوي السياسية وهي نوع من الضغوط من جانب التيار الليبرالي والمدني للحصول علي أكبر قدر من المكاسب. أكد أن التأسيسية "لن تنهار" بدليل أن التوافق وصل داخلها الي أكثر من 95% علي معظم المواد حتي الخلافية منها. فالدستور وثيقة مجتمعية محكمة لعقود طويلة. من جانبه يؤكد د.صلاح الدين فوزي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة أن الانسحابات المتكررة مؤشر ومقدمة كبري لحل التأسيسية من الداخل واستباق لحكم القضاء الإداري مشيرا الي أن الحل للخروج من هذه الأزمة هو إعادة تشكيلها وفقا للمعيار الذي نصت عليه حيثيات حكم القضاء الإداري والمتضمن أن يكون عضو التأسيسية أهلاً لصناعة الدساتير فلا يصح الاتيان بأشخاص علي قدر كبير من العلم في تخصصاتهم وليسوا أهلا لصناعة الدستور فالجمعية في شكلها الحالي قائمة علي المحاصصة السياسية. يوضح أن تشكيل الجمعية مجدداً في يد رئيس الجمهورية الذي ألغي الإعلان المكمل وأصبحت السلطة التشريعية في يده ومن حقه أيضا تعديل المادة 60 الخاصة بتشكيل التأسيسية مقترحاً أن يقوم الرئيس بالتشاور مع القوي الوطنية والاتفاق علي اشخاص ممثلين لكل الاتجاهات بشرط أن يكونوا عالمين بصناعة الدساتير وألا يكون في التشكيلة أغلبية تستحوذ علي القرار. ومن الممكن ألا يتقيد الرئيس بمائة عضو أو تعيين أقل من ذلك ممن يسمون بالوطنية ويمكنهم صناعة الدستور في أقل من شهر. يشير د.فوزي الي أن المنتج الذي عرضته التأسيسية عليه بعض الملاحظات القانونية بالاضافة الي أن لجنة الصياغة تتدخل في بعض مخرجات اللجان النوعية موضحا أن القضاء ربما يكون هو من يشكل الجمعية الجديدة إذا توافقت القوي الوطنية.