" لا يا هلباوى قتل الاخ مش حاجة سهلة زى ما انت فاكر" كانت نغمة صوته تحمل من المرارة الكثير و تشهد ملاحه وجهه على مدى صدقه و المه و هى اشياء التقتها الهلباوى فاسعدته و غفل عنها ايضا -" حيرتنى معاك يا بدران خلاص الدكراوى موجود و مستعد ينفذ خلى عنك " بنغمة الاستهزاء و و كانه يقلب جمره من النار يحكم سيطرته عليها ينفخه بها ليبردها ما يزدها فعله غير توجها و فتتحرق ليستمتع هو بلونها بينما تتوهج كانت تلك عقدة بدران الحقيقة او الدفينة فلازال هناك جيل يتذكر بدران قاتل اخيه -بهذا المعنى –غير الجيل الاخر الذى عرفه -بدران الفتوه – القاتل المجرم فلا فرق عندهم بين بدران قاتل اخيه او ابيه فالقتل صنعته التى يرهبهم و يحكهم به فربما ظن هذا الجيل الذى لا يدرك غير واقعه و لا يعرف ان الماضى يحكم الحاضر من خلاله ايضا يمكنه التنبأ بالمستقبل ان الهمس بتلك القصة من حين لاخر ما هو الا داعية سوداء يعزز بها بدران سطوته حتى لا يتسنى لاحد ان تخونه ذاكرته من هو بدران و ماذا يستطيع ان يفعل . بالرغم انه نادم فعلا و يتمنى لو ان لديه القدرة لا ان يمحوها فقط من ذكراته او ذكراة من يعرف بل يقطع لسان من يحكى قصة مشابهة لتلك التى كان هو يوما فاعلها . نعم ليس ندمه بندم التائب الذى يبغى الصراط المستقيم و الذى يعطى ظهره لماضيه فهو كانه ندم مجتزا خاص به هذا الفعل فقط اما الفتونه فلا فهى طريقه الذى طالما ذكر صباح ابنته التى ادرك نقاء سريرتها و سلامه نفسها ان وصف هذا كفتوة بالسذاجة انه ما من انسان يستطيع ان يعود من طريق مضى به و قطع فى دروبه الكثير لان العودة من اى طريق اى كان غالية الثمن باهظة التكلفة و الا لما كان للتوبة عند الله عظيم الاثر و الثواب و لا للثورة عند البشر من علو المكانة و القيمة فهى اى توبه او الثورة تتقاطع مع عوامل شتى لابد للقدر ان يضع بصمته عليها و فهو يعتقد ان ذالك قدره و مساره لم يكن لديه يوما رفاهية العودة بعد ان تورط و سدد الزمن الباهظ . بالرغم من كل ما يردده و ما وقر فى نفسه بعد ان ادبه الضهر و علمه الزمان فيرفض و يعلن و يصر و يتحدى الهلباوى و هو اعزل امام قسوته و جبروته اسلحته الخبيثة ان يعود سيرته الاولى فيقتل ابن اخيه كما قتل ابيه من قبل . ربما لانه تعلم الأ يؤمن أو يكفر بعنف كما نصح ذلك الاديب كمال ابن السيد أحمد فى ثلاثيته او ان تلك القصة تتنقص فى نفسه من صورته اليوم كفتوة حاكم و متحكم و مسيطر امام نفسه او شهود عجزه السابق امام عباس و شطانى اللذان جاء اليه يوما ليخبراه انهما قررا قتل اخيه فخضع لهم و قتل بيده حتى لا يقتل معه فلم تسعفه الحيله ليقى نفسه اخيه هذا المصير الاسود و تلك المرارة التى عاشها عمر باكمله كانه مع الفارق كان يوسف الذى قال ربى السجن احبى الى و لم يقل ربى اسالك العفو و العافية فانتبه بعد فوت الاوان انه كان الاجدر به ان يغيب اخاه لا ان يتقله كان فى وسعه ذلك و لولا ضعفه و تسرعه لاثبات نفس كفتوة و كانه دفع الثمن الباهظ قليل من العقل او التعقل كان ليسدد بالثمن الزهيد و يكفى نفسه مرارة شكلت عمره التالى لسوء حظه ان القدر لم يمهله لينقم منها –عباس و شطانى – فقد فارق الحياة فجاءة و كانت سوء خاتمتها نذير بسوء خاتمته ايضا كما اقر هو ذلك فى ثنايا حدثيه مع صباح فهذا الحائر بين اثمه و سوء خاتمته التى يتوقعها و ينتظرها بين لحظة و اخر و الذى لازال يمسك بالفتونه و يدرك كما تمسك هى بيه ايضا يابى ان يعود الى نفس النقطة التى بدا منها منذ اربعين عاما و يواجه الهلباوى او بالاحرى يستعطفه و هو يعلم ان ليس فى النار للظمان ماء فهو ان كان بدران دوما ندا له بل ان صراعتهما لم تكن سوى صراع بالنموذج اي لم تكن للمصالح الحارة و لا حتى لطبقتهم من الصف الثانى من فتواتهم قيمة فهو صراع الهلباوى و بدران ايهما يصرع الاخر او يسدد الضربة القاضية اولا هو اليوم ان لم يعلن استلامه لا يضن عليه حتى بنصره المعنوى الذى يظنه نتيجة رفضه ان يقضى على سعد بيده كما فعل بابيه من قبل فالهلباوى الاكثر شرا و اقوى موقفا بعد ان احكم الخناق عليه الا انه يابى ان يعود فهل يكفر بذلك عن ذنبه او يشفع له هذا الموقف او ارد الله ان يتوب عليه ان عاش يعتقد ان تلك التوبة كثيرة و غير واقعية او ان هذا قصاص الهى …..؟