محافظ الدقهلية ووكيل وزارة الشباب يتفقدان معسكر الإيواء بنادي شربين الرياضي    بتخفيضات تصل ل 70٪، محافظ بورسعيد يفتتح معرض "أهلًا مدارس" (صور)    قادة أوروبا يناقشون خطة إنقاذ أوكرانيا خلال 24 ساعة حال تعرضها لهجوم روسي عقب الاتفاق    التعادل السلبي يحسم لقاء غزل المحلة والجونة بالدوري الممتاز    محافظ الشرقية يعلن حصيلة انهيار عقار الزقازيق: 6 وفيات و6 مصابين    إيهاب توفيق يبدأ حفله بالقلعة ب"إزاي يعدي يوم" ويوجه رسالة للجمهور (فيديو وصور)    اعتماد 7 مدارس ثانوية فنية للتمريض بمحافظة الإسكندرية    «إحنا من جمهوره».. عمرو يوسف يكشف كواليس رقصه مع عمرو دياب على المسرح    الأزهر: انتظام امتحانات الدور الثاني للثانوية الأزهرية في هدوء وانضباط كامل    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    مسئول فلسطيني يدعو المجتمع الدولي إلىاختصار الوقت في مواجهة إرهاب الاحتلال    تمرد إيزاك يشعل أزمة في نيوكاسل وليفربول يترقب    ضمن جهوده المجتمعية .. حزب حماة الوطن ينظم رحلات عمرة مجانية    نقيب الأشراف يلتقي رئيس مجلس القضاء الأعلى لتقديم التهنئة بتوليه منصبه    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سيدة تلقي بنفسها أمام السيارات في الشرقية    غدر الذكاء الاصطناعى    تفاصيل اكتشاف نفق بطول 50 مترًا قرب منطقة القصير في جنوب لبنان    مالي: مقتل أكثر من 149 جنديًا بهجمات لتنظيم القاعدة    بينها فساتين قصيرة وجريئة.. ياسمين رئيس تنشر فيديو لإطلالات مختلفة لها بالصيف    شنطة بنص مليون.. دينا فؤاد تخطف الأنظار بفستان جريء    مناقشات وورش حكي بالغربية ضمن فعاليات المبادرة الصيفية "ارسم بسمة"    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    «يتحمل المسؤولية».. نجم ليفربول يتغنى ب محمد صلاح    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    الزمالك يكشف عن موعد التصفيات النهائية لاختبارات البراعم    أهم أخبار الإمارات الأربعاء.. محمد بن زايد يهنئ رئيس المجر بذكرى اليوم الوطني    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    طقس غد.. حار بأغلب الأنحاء ونشاط رياح واضطراب الملاحة والعظمى بالقاهرة 35    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    انطلاق ملتقى الشباب العربي الياباني في الجامعة العربية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    وسام أبو علي: التتويج بالبطولات سبب انضمامي إلى كولومبوس    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    نيوكاسل ردا على إيزاك: لم يتم إبلاغه أن بإمكانه الرحيل.. ونرحب بعودته    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة فلاحى.. وتحدى

«البركة فى البكور» .. ليس مثلا يقال بل هو نظام حياة، وقانون يحكم واقع الفلاح المصرى؛ فالرحلة إلى الأرض المروية بدماء الجهد وعرق التعب تبدأ فى الخامسة صباحا، وتنتهى مع مغيب الشمس، وما بين الشروق والغروب عمل متواصل تعلن عنه سواعد أضناها الكلل، وأكل منها الفأس أكثر مما أكلت منه.
فى قرية «تونا الجبل» إحدى قرى الجنوب بمحافظة المنيا، قضت « فيتو» يوما مع الفلاحين. بدأ فى الخامسة صباحا وفقا لقانون عائلة «الصباروة» وانتهى فى السابعة من مساء نفس اليوم، وهم يرفعون شعار « فى الصيف الكل يعمل» فالأطفال يستيقظون فى نفس التوقيت تماما من أجل مساعدة آبائهم فى مهام الزراعة ورعاية الأرض والمواشى.
مع الخامسة والنصف صباحا، وبعد تناول إفطار خفيف عادة لا يتغير، اتجه الجميع إلى الأرض يقطفون ثمار الطماطم ليعبئوها فى أقفاص ويبيعوها لتجار الجملة،أما الابن الأصغر رضا وهو طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره فكانت مهمته رعاية المواشى ونقلها من مكان مبيتها إلى مكان مخصص لها فى الغيط لتتعرض للشمس والهواء النظيف حتى لا يصيبها المرض،، ثم تقديم الأكل لها والمكون من «الجراوى» وهى من نباتات الذرة الشامية فى الصيف، ومن البرسيم فى الشتاء.
بعد متابعتى لعمل رضا قررت أن أرصد عمل باقى أفراد العائلة وهم يقومون بجمع الطماطم، الكل يعمل دون كلل وظهورهم فى انحناء مستمر حتى يخيل إليك أن تلك هى أوضاعهم الطبيعية، يمر العمل بطيئا رغم نشاطهم، يحاولون كسر الملل بالقفشات والضحك المستمر، أثناء العمل تطرقنا إلى الحديث عن مشكلة الأسمدة والكيماوى الذى تحتاجه الأرض، بدت على الجميع علامات الحزن الممزوجة بالسخرية عند ذكر الأسمدة الكيماوية، وبدا أنها واحدة من المشاكل الكبرى التى يواجهونها، فبحسب المعلومات التى تدفقت من أفواه الجميع؛ فإن الفدان يحتاج إلى 10 «شكاير» كيماوى , فى حين أن بنك التنمية والائتمان الزراعى بالقرية يوفر لكل صاحب حيازة 5 «شكارات» فقط، وعلى كل فلاح أن يؤمن الباقى من السوق السوداء التى يصل فيها سعر «الشكارة الواحدة إلى 170 جنيها مع أن سعرها فى بنك التنمية لا يتجاوز 75 جنيها.
الحديث مع عائلة الصباروة تطرق إلى الغش فى التقاوى الذى يؤدى إلى ضعف المحصول ويخفض من إنتاجية الفدان خاصة فى السلع الأساسية مثل القمح والذرة الشامية، وأشاروا إلى أن بعض العاملين بالجمعية الزراعية وبنك التنمية والائتمان الزراعى يقومون بتعبئة أكياس التقاوى فى الذرة الشامية بذرة عادية ويبيعونها على أنها من إنتاج وزارة الزراعة، مستغلين فى ذلك امتلاكهم لأكياس مشابهة لأكياس التقاوى المنتجة من قبل وزارة الزراعة، ويبيعونها بأغلى الأسعار، حتى إن كيس التقاوى للذرة الشامية يصل سعرها إلى 275 جنيها ويحتاج الفدان فى زراعته من 2-3 أكياس، وتقاوى القمح يتراوح الكيس بين 180- 200 جنيه ويحتاج الفدان إلى ثلاثة أكياس لزراعته.
فى العاشرة والنصف صباحا جلسنا للراحة وتناول وجبة الإفطار والتى يطلقون عليها «شاى الضحى» وتتكون عادة من العيش البلدى والطعمية بجانب الشاى، أثناء الإفطار خطر على ذهنى سؤال فبادرت به وقلت: ما تأثير نقص كمية السولار عليهم كمزارعين؟ الجميع أظهر أسفا بالغا وقالوا «من غير المعقول أن تكون قرية بحجم قريتنا فى حيازتها آلاف الأفدنة ولا تكون لها حصة ثابتة من السولار الذى نعتمد عليه فى تشغيل ماكينات الرى الأمر الذى يجعلهم يلجأون إلى شراء السولار من السوق السوداء والتى يصل سعر الصفيحة بها إلى 50 جنيها، ويحتاج الفدان إلى صفيحة فى كل مرة وهو يروى كل 10 أيام، ومن لا يملك ماكينة رى يروى الفدان بالإيجار ويتكلف عليه فى كل مرة 75 جنيها بواقع 3 جنيهات عن القيراط الواحد، وهذا يزيد من تكلفة إنتاج الفدان ويزيد من أعباء المزارع الصغير.
مع العودة إلى العمل تساءلت عن السبب وراء تقلص المساحات المزروعة بالذرة الشامية فى مقابل المساحات المزروعة بالخضراوات كالطماطم والخيار والفلفل والشطة والباذنجان، والشهد والسمسم أكدوا لى أن الحكومة السبب فى ذلك، لأنها لا ترعى مثل تلك المحاصيل، فلا يوجد إشراف نهائى من قبل وزارة الزراعة على تلك المحاصيل، كما أن ارتفاع أسعار السولار والنقص فى السماد الكيماوى، وارتفاع القيمة الإيجارية للأرض والتى وصلت إلى خمسة آلاف جنيه للفدان، فضلا عن تباطؤ بنك التنمية والائتمان الزراعى «الجهة الحكومية» فى شراء محصول القمح من الفلاحين بأسعار تعوض الإنفاق، وإصرار الحكومة على شراء القمح بثمن بخس، وعدم رغبة البنك فى شراء الذرة الشامية إلا من كبار المزارعين المتعاقدين مع المطاحن، أدى ذلك إلى إحجام الفلاحين عن زراعة القمح والذرة الشامية إلا بكميات تكفي حاجاتهم السنوية، واتجهوا إلى زراعة المحاصيل الثانوية على اعتبار أنها أكثر ربحية.
مع الظهيرة توقف الجميع عن العمل، لأنهم كانوا قد انتهوا من جمع محصول الطماطم، وأيضا لحلول وقت الغداء، جلسنا جميعا فى ظلال شجرة الجميز لتناول وجبة الغداء التى كانت تتكون من الجبن الفلاحى ، مع العيش « البتاو» والباذنجان المشوى على نيران البوص والفلفل الأخضر والطماطم والخيار الطازج، تناول الجميع غداءه، ثم شربنا الشاى، وبعدها أخذ كل واحد منا جانبا ليرتاح قليلا وقت القيلولة.
قبل آذان العصر يستيقظ الجميع ويوقد أحدهم النار ليسوى شاى العصارى، بعدها انتقلنا إلى مكان البرسيم الذى تم حصده منذ فترة طويلة، حتى جفت سيقانه و أوراقه تمهيدا لدراسة واستخراج حبات التقاوى التى ستتحول فى الشتاء القادم إلى برسيم أخضر، وبعد انتهاء الامر مع آخر شعاع للشمس، انتقل الجميع إلى «الحوش» حيث تقبع البهائم فى المنزل، إيذانا بانتهاء يوم شاق من عمر فلاح مكافح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.