"المصري الديمقراطي" يبدأ متابعة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    اخبار مصر اليوم.. انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    بيطرى القليوبية: ضبط 131 طن لحوم وأسماك فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية    لليوم ال23.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر نوفمبر 2025    لبنان يعلن الحصيلة النهائية للغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار فى وزير الخارجية يبحث مع عددٍ من نظرائه الوضع بالسودان ولبنان    هيئة البث الإسرائيلية: رئيس الأركان يقيل رئيس شعبة العمليات السابق من خدمة الاحتياط    واشنطن تستعد ل «عمليات عسكرية» ضد فنزويلا    بمشاركة مصطفى محمد.. تعادل مخيب بين نانت ولوريان في الدوري الفرنسي    تشكيل دربي الغضب – عودة تورام ل إنتر.. ورابيو أساسي مع ميلان    السيطرة علي حريق نشب في شقة سكنية بكرداسة    أمن القليوبية يكشف لغز وفاة الطفلة "حور".. ويضبط شقيقها المتورط في الواقعة    إبراهيم عيسى يعلن عن مفاجأة بشأن "الملحد" ويوجه رسالة للقضاء    نصائح مهمة تحمى طفلك من العدوى المنتشرة فى وقتنا الحالى    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    د. أمجد سعيد الوكيل يكتب: الضبعة ومحاور التنمية المستدامة - رؤية مصر 2030    «إعدام الأسرى الفلسطينيين».. لماذا الآن؟    نائب بالشيوخ: الانتخابات البرلمانية محطة حاسمة في مسار البناء الوطني    تامر عبد المنعم: انزل وشارك صوتك بيفرق فى انتخابات مجلس النواب    «مسعود شومان»: سيناء كنز إبداعي يحتاج إلى رعاية واستثمار ثقافي واع    اتفاقية تعاون بين مهرجاني القاهرة وبغداد لعرض أفلام المهرجانات العربية    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    سعر مواد البناء مساء اليوم 23-11-2025    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة المواطنين في انتخابات النواب 2025 واجب وطني    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    لفصل بعضهم.. زامير يستدعي ضباطا كانوا على رأس عملهم ب7 أكتوبر    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    تأجيل محاكمة 80 متهم ب " خلية الأسر التربوية " التابعة لجماعة الأخوان الإرهابيية    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    انتخابات مجلس النواب 2025.. "القومي للمرأة" يعلن تخصيص غرفة عمليات لمتابعة العملية الانتخابية    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب يريد وسيلة تنقُّل كريمة
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 02 - 2012

جاء على صفحات ملحق الأهرام منذ فترة مقال بعنوان «الشعب يريد سيارة شعبية»، يرسم ملامح لحل قضية التنقل فى مصر من خلال صناعة سيارة مصرية منخفضة الثمن، كما أن هناك مجموعات داخل دوائر التصنيع تروج لأفكار مماثلة.

●●●

فهل السيارة الشعبية هى الحل الأمثل لقضية التنقل فى مصر؟

لنتناول التنقل فى أكبر وأكثر مدن مصر تطورا.. القاهرة. تشير دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) إلى أن 10% فقط من سكان القاهرة الكبرى يستخدمون السيارة الخاصة فى مشاويرهم اليومية، فى حين أن يستخدم حوالى 60% من سكان القاهرة وسائل التنقل الجماعية، أى الأتوبيسات والمترو، ولكن الميكروباص يحظى بنصيب الأسد من بين وسائل النقل الجماعية، ويتبقى ثلث سكان القاهرة دون سيارة خاصة أو وسيلة مواصلات، فهم يستخدمون وسائل تنقل غير مميكنة، أى المشى والدراجات وعربات الكارو.. نعم، الكارو.

أوضحت الدراسة نفسها أن نسبة استخدام السيارة تقل فى مدن الريف، بينما تزيد نسبة التنقل غير المميكن إلى النصف تقريبا. فإذا كانت مدننا كلها تعانى من أزمة فى المرور، فكيف نعتبر السيارة حل؟

الحقيقة الأولى هى أن معظم زحمة الطرق (نحو 75 %) ناتجة من السيارات الخاصة، بينما 10% فقط من المواطنين يستخدمونها. هذا لأن فى أفضل الأحوال السيارة تقل 4 أو 5 أفراد، لكن فى الوقت نفسه ينقل الميكروباص، الذى هو أكبر من السيارة بشىء بسيط، حوالى 12 راكبا، أى كل ميكروباص يمثل 3 سيارات كاملة الحمولة.

الحقيقة الثانية أن أكثر نظم التنقل الجماعى استخداما هى الميكروباص الذى تم تمويله ذاتيا بالمجهودات الذاتية وليس المترو الذى أنفقت عليه الدولة المليارات، ولا أتوبيسات النقل العام التى أنفقت عليه عشرات الملايين.

الحقيقة الثالثة هى أن رغم أننا فى القرن الواحد والعشرين، وأن القاهرة تعتبر أكثر المدن تحضرا فى مصر، بل فى شمال أفريقيا، فلاتزال وسائل التنقل الأولية والبسيطة كالمشى والدراجات والكارو تمثل وسيلة التنقل الأساسية لثلث سكان الإقليم.

●●●

هناك من سيقوم بقراءة هذه الحقائق كدليل لأهمية التوسع فى مبيعات السيارات، والوصول للفئات الأدنى دخلا لكى يتركوا وسائل التنقل البدائية غير المميكنة ووسائل التنقل الجماعية المزدحمة و«يصعدوا» إلى وسيلة التنقل الأكثر كرامة وإنسانية، فى رأيهم، وهى السيارة الخاصة. لهؤلاء أقول إن السيارة الخاصة وسيلة تنقل غير عادلة وغير مستدامة فى مصر اليوم، فما بالك على المدى الطويل؟

فمثلا تحظى السيارة الخاصة بدعم من الدولة للبنزين للاستخدام الخاص يعادل 13.7 مليار جنيه فى العام الحالى 2011/2012. إذا قمنا بخصم نحو 2.8 مليار جنيه، وهو مؤشر لمتوسط رسوم التراخيص كل عام، و4.4 مليار جنيه رسوم الجمارك المحصلة فى العام الماضى، سيتضح أن صافى الدعم نحو 6.5 مليار جنيه. بالمقارنة يصل لثلثى السكان الذين يستخدمون الوسائل الجماعية نحو 9 مليارات جنيه دعم للمحروقات المستخدمة فى النقل الجماعى (السولار)، أى أن نسبة دعم السيارة الخاصة إلى نسبة دعم المواصلات العامة حوالى أربعة أضعاف (وهذا دون تعقيد الأمر بحساب إيرادات التذاكر وإلخ...). أما ال30% الذين يستخدمون وسائل غير مميكنة فيصلهم صفر من الأموال العامة من الاستثمارات أو الدعم، بما معناه أن ثلث عملية المواصلات الحالية لا تمثل أى عبء على الدولة.

فإذا تم إلغاء الدعم فى المستقبل القريب عن البنزين، ووصل اللتر منه 5 أو 6 أو 7 جنيهات مقارنة ب90 قرشا لأرخص بنزين عندنا وهو ال80، الذى ما زالت تقوم عليه الحروب الأهلية والاحتجاجات لغيابه والتلاعب به بالسوق السوداء؟ إذا باتت الطرق المرورية بمدن مصر جميعها مكتظة ليصل متوسط سرعة السير 20 كم/الساعة، ومتوسط مدة المشوار ساعة ونصف، فأين سنقوم برصف طرق جديدة؟ إذا وصلت معدلات التلوث داخل المدن إلى نسب غير محتملة، فماذا سيحدث إذا استمرت زيادة عدد السيارات الموجودة بشوارعنا؟

السيارة الخاصة ببساطة ليست الحل.

●●●

إذن فما هو الحل الذى لا يحتاج لنسبة دعم مرتفعة لوقوده ولا يسبب تكدسا مروريا ويكون فى متناول الغالبية العظمى من المواطنين؟

فماذا إذا تم إعادة توزيع هذا الدعم على شكل استثمارات فى نظم التنقل الجماعى التى يستخدمها أكثر من ثلثى المواطنين؟ وماذا إذا قمنا بتشجيع الوسائل غير المميكنة التى لا تمثل أى عبء على المحروقات، واعترفت الدولة بوجودها وسعة استخدامها؟

فمثلا، مشاريع النقل الجماعى السريع للضواحى والمدن الجديدة بإمكانها رفع كفاءة المدن الجديدة التى استثمر فيها المليارات عن طريق توفير وسيلة نقل اقتصادية وآمنة بدلا من الأموال المهدرة على دعم السيارة الخاصة وانخفاض معدل استخدام المدن الجديدة. فإذا كلف كل مشروع لربط القاهرة بمدينة تابعة لها مثل السادس من أكتوبر، بترام أو أتوبيس سريع له حارته الخاصة فى حدود المليار جنيه (والدراسات موجودة)، سيكون مردوده من توفير فى فاتورة دعم السيارات الخاصة يفوق قيمة المشروع بأضعاف.

أما على المستوى المحلى، فالمدن بوجه عام تحتاج إلى استثمارات أعلى بكثير من مستواها الحالى فى النقل الجماعى، حيث لا تتناسب أعداد المركبات وخطوط السير مع أعداد المستخدمين. فإذا نظرنا إلى التجربة الذاتية من الميكروباص والتوك توك كتجارب ناجحة لحل أزمة التنقل المحلى، فلما لا تستثمر الدولة فى مشاريع تنقل محلية تجمع بين القطاعى العام والخاص وتقلد حسنات الميكروباصات؟ هناك أيضا استثمارات ثانوية لابد منها مثل توفير مسارات سير للمشاة، نظرا لاختفاء الأرصفة تحت بضاعة المحال وكراسى القهاوى، وتوفير أماكن عبور أكثر بكثير من الموجود لتشجيع قطاع أكبر على استخدام وسائل التنقل الجماعى. لابد أيضا أن تكون الوسائل آمنة للسيدات، وتكون سهلة لكبار السن والمعاقين. من الآخر لا بد أن تكون وسائل التنقل كريمة.

داخل إطار هذا المستوى المحلى، لابد من تشجيع وسائل التنقل غير المميكنة لتستمر فى تحمل جزء من العبء، ولأنها لاتزال تكلف مستخدميها أقل التكاليف. فلا بد من الاستثمار فى زيادة تأمين الطرق لهم وعمل أماكن مؤمنة لانتظار الدراجات بمحطاط التنقل الجماعى وبأماكن العمل والتنزه. أما الكارو، فلابد من اعتراف الدولة بمدى حجم اقتصاد هذه الشريحة من مستخدميه وما يمثله من مصدر للدخل. فيجب إعادة استيعابه فى شوارع المدن وتخصيص خطوط سير له بالمناطق التى يعمل بها، كما أنه يمكن التوسع فى استخدامه فى المحميات الطبيعية والقرى السياحية والمناطق الحساسة لتلوث الهواء.

بالنسبة لتوفير فرص للعمل والتوسع فى قطاع الصناعة، فوسائل التنقل الجماعى والتنقل غير المميكن تمنح فرصا من السهل أن تعادل أو تزيد عن فرص السيارات الخاصة. أما بالنسبة للدراجات، فهل يعقل أننا توقفنا عن إنتاجها؟ فكيف نحن متفائلون بصناعة السيارة إذا لا نقوم بصناعة أبسط وسائل التنقل؟

الدراسات والإحصاءات كلها موجودة وتشير إلى أن عملية تطوير منظومة التنقل تحتاج إلى مجرد إعادة ترتيب للأموال الموجودة طبقا لأولويات يحددها الواقع الاجتماعى دون اللجوء لاستثمارات أو قروض إضافية، بل ستوفر الكثير على دافعى الضرائب. كل ما هو مطلوب هو شخص شجاع وله مصداقية عند المواطنين يضغط على زر التنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.