تزداد مشكلة المرور بالقاهرة الكبري تعقيدا يوما بعد يوم. فعلي شوارع القاهرة تجري اكثر من 2 مليون سيارة حسب احصاء عام 7002.. وتزيد كل عام بمعدل 01٪ في حين ان شوارعها لا تستوعب إلا 006 ألف سيارة بنسبة 03٪ فقط. لهذا تصل سرعة السيارات في أوقات الذروة الي عشرة كيلومترات في الساعة وكأننا نعود لسرعة السلحفاة ويهددنا الشلل المروري.. ولفوضي السائقين يسقط 7 آلاف قتيل و53 ألف مصاب سنويا ضحايا لحوادث السيارات.. لهذا نحتاج لحلول غير تقليدية لنحقق انسياب المرور! الاختناقات المرورية اهدار للوقت والجهد والبنزين والاعصاب ايضا تحول القاهرة الكبري الي جراج كبير مع بطء حركة السيارات وتزداد المشاحنات بين الناس مشاة وسائقين ويزداد تلوث الهواء. فاتورة الاختناقات المرورية تكلف الدولة الملايين وتعطل عجلة الانتاج والتنمية ولا تشجع المستثمرين.. لهذا لابد من البحث عن حلول غير تقليدية لتحقيق الانسياب المروري.. في الندوة التي عقدتها جمعية مؤسسات الاعمال للحفاظ علي البيئة برئاسة المهندس اسماعيل عثمان تحت عنوان »التقاطعات الحرة المدمجة الحل الامثل لازالة الاختناقات المرورية« عرض المهندس عمرو عبده استشاري تصميم المنتجات ووسائل النقل افكارا مبتكرة انتقد فيها نظم التقاطعات الحرة المطبق في العالم منذ حوالي 06 عاما الذي يلغي اشارات المرور في 61 اتجاها ليحقق انسيابا مروريا ويسمي »زهرة البرسيم« لانه يشبهها في الشكل الخارجي لكن عيوبه ان تكلفته عالية لانه يقام خارج المدن ويحتاج لنزع ملكية مساحة كبيرة من الارض ولو حدث اي تصادم في منطقة تقاطع يتوقف نصف الاتجاه بالكامل، كما لا توجد به اماكن لانتظار السيارات المعطلة او لسيارات الاسعاف والانقاذ، بالاضافة الي ان 06٪ من مساحة الارض المقام عليها غير مستغلةوالمفروض انها مساحات خضراء، لكنها في التقاطعات المصرية تترك خرابات بدون زراعة فتشوه المظهر العام، اما التقاطعات الحرة المدمجة الي اقترحها فهي تصميم نمطي يمكن تكراره في اي تقاطع رباعي ويؤدي نفس مهمة التقاطعات الحرة لكنه يتميز بامكانية التنفيذ داخل المدن او خارجها لصغر حجمه الذي يصل الي ثلث مساحة الارض وثلث التكلفة ويلغي المساحات الخضراء المهدرة ويقوم علي فكرة انشاء اكثر من كوبري متعامد فوق سطح الارض. وهذه الفكرة مطبقة في بعض الدول العربية .. وبالنسبة للقاهرة الكبري يمكن اقامتها عند التقاطعات المزدحمة مثل محيي الدين ابوالعز مع نادي الصيد او الفنجري مع الاوتوستراد او مصطفي النحاس مع مكرم عبيد، وهذا النظام يوفر الوقت والطاقة ويحسن الهواء ويقلل التلوث. اما نظام التقاطعات الحرة المعروفة عالميا فيمكن تعديله ليصلح للتطبيق داخل المدن باقامة برج معدني سابق التجهيز مربع الشكل طول ضلعه 71 مترا وارتفاعه لا يزيد عن 51 مترا. ويتم تركيبه وسط اي ميدان ليصل بين 4 اتجاهات رئيسية. ويقام فوق كوبريين معدنيين متعامدين كل منهما عرضه 51 مترا ويشتمل علي حارتين في كل اتجاه. في حين تترك المساحة اسفل البرج والميدان السطحي لخدمة الاتجاهات الاربعة الرئيسية. ومن مميزات هذا الكوبري انه لا يحتاج إلا الي 6 شهور فقط لتنفيذه، ويمكن ان يحل مشكلات المرور في الاماكن المزدحمة. جراجات معدنية ويضيف المهندس عمرو عبده في ظل التزايد المخيف في اعداد السيارات التي تضاف الي الشوارع سنويا اصبح الاعتماد علي الجراجات متعددة الطوابق التي تبني بالخرسانة المسلحة حلا غير كاف للحد من مشكلة انتظار السيارات.. لانها تحتاج لسنوات لبنائها وتكلفتها عالية في حين ان العديد من دول العالم طبقت نظما حديثة لانتظار السيارات تتميز بسرعة التركيب خلال عدة اسابيع بدلا من سنوات بالاضافة الي مرونة التصميم فتوضع في مصفوفات طولية او عرضية حسب المساحات المتوفرة وعض هذه الانظمة يمكن ان يضاعف مساحات انتظار السيارات حتي 8 أضعاف وفي اليابان يعتمدون علي الهياكل المعدنية الدورانية التي تشبه الملاهي ويستخدمونها منذ 02 عاما لانها لا تشغل الا مساحة سيارتين فقط علي الارض.. ويتم رفعهما اوتوماتيكيا صعودا وهبوطا.. وهناك انظمة »انزلاقية« رأسية تتحرك عمودية ويتكلف انشاء الهيكل المعدني حوالي 09 ألف دولار ويتسع لحوالي 21 سيارة وعمره الافتراضي حوالي 02 عاما ويمكن استخدامه في الاندية وتحت الكباري وبمحطات البنزين واسفل المحاور أو الكباري العلوية. ويطالب المهندس عمرو عبده بعودة الاتوبيس المفصلي الذي كان مستعملا في اوائل السبعينيات من القرن الماضي وكان مكونا من عربتين وطوله 91 مترا ويمكن زيادة الطول الي 42 مترا بتركيب عربة ثالثة ليتسع في اوقات الذروة لحوالي 003 راكب، ولا يحتاج لخطوط مترو حديدية أو كهرباء وهذا الاتوبيس المفصلي المطور يناسب الطرق المؤدية للمدن الجديدة والمحور والطريق الدائري. ويمكن ان يكون بديلا فوريا للمترو لحين وصوله للمدن البعيدة بعد سنوات. ويمكن استيراده أو تصنيعه محليا وهو مستخدم بنجاح في العديد من الدول الاوروبية. المتهم البريء ويدافع المهندس عمرو عبده عن التوك توك ويسميه المتهم البريء لانه وسيلة المواصلات الوحيدة لسكان الحواري والازقة ولهم ايضا حق الانتقال. كما أنه مصدر رزق لالاف من العاطلين وهو البديل الطبيعي للكارو الذي لا يليق بالعاصمة، ومحركه »رباعي الاشواط« وغير ملوث للبيئة كما يزعم البعض ويمكن استخدامه في المناطق الساحلية في مسارات محددة ويحتاج الي تحديث في الشكل واضافة ابواب لحماية الركاب واصدار تراخيص من المرور والدقة في اختيار السائقين حتي لا تترك قيادته للصبية الصغار فيسببون الحوادث. كما يطالب بالتصدي لظاهرة انتشار »اليوتيرن« او الملفات التي اصبحت احد اسباب اختناقات المرور ومعوقة في الكثافات العالية، كمايطالب بعمل مطبات صناعية قانونية ارتفاعها لا يزيد عن 8 سنتيمترات ولها لونان بدلا من المطبات العشوائية التي لا تصلح للسيارات المنخفضة وتسبب الحوادث. اما كباري المشاة فمعظم الناس يحجمون عن استخدامها لعبور الطريق لان السلالم مرتفعة ولا تناسب المعاقين وكبار السن والمرضي، اما الانفاق المخصصة للمشاة فهي اما مظلمة او رديئة التهوية تخيف النساء وتنقل العدوي خاصة في ظل عدم وجود رجال امن أو كاميرات مراقبة، اما الحلول المقترحة فأهمها تركيب سلالم كهربائية واستخدام الدرج كلوحة اعلانية والاهتمام بالاضاءة والتهوية ووسائل الامن والنظافة واضافة عناصر جذب للمشاة مثل شاشات عرض الافلام أو الاعلانات. الطرق السريعة الحرة ويؤكد المهندس صبحي ربيع رئيس الادارة المركزية للطرق والكباري بوزارة النقل ان الطرق قاطرة التنمية وأن الدولة وفرت اعتمادات مالية ضخمة لرصف الطرق لضمان حركة نقل امنة ومريحة واقتصادية، مؤكدا ان العمل الذي يجري الان لتوسعة طريق مصر اسكندرية الصحراوي سيجعله اول طريق حر علي مستوي وسينتهي العمل به العام القادم ويضم وصلات حرة توفر وقت الرحلات، وهناك مشروعات مهمة مثل كوبري بركة السبع علي طريق مصر اسكندرية الزراعي ندرس اقامة كوبري فوق الكوبري الاصلي بدون نزع ملكية اراض زراعية، كما ندرس تحويل طريقي السويس والاسماعيلية لطرق حرة، وسوف نبدأ في الطريق الزراعي مصر اسكندرية بعمل وصلة حرة من بنها لتتسع لحوالي 051 ألف سيارة يوميا حتي وصلة دفرة الي كفر الزيات ليكون حرا من التقاطعات. وهناك الطريق الدائري الاقليمي الذي يبعد عن الطريق الدائري الحالي بحوالي 03 كيلومترا من جميع الاتجاهات، بالاضافة الي العديد من المشروعات الاخري. تلوث البيئة اما المهندس محمد كمال المدير التنفيذي للجمعية فأكد ان تكاليف الحركة للسلع والناس بالمجتمعات الحديثة هي الازدحام وتلوث الهواء وزيادة غازات الاحتباس الحراري.. هذا الزحام يجعل 08٪ من الاسر المصرية التي لا تملك سيارات تدفع ثمن التلوث وضياع الوقت والضوضاء والحوادث. ويبلغ اجمالي استهلاك قطاع النقل 24٪ من الوقود في حين ان معدل الاستهلاك العالمي لا يزيد عن 62٪ فقط، وتدعم الدولة بنزين السيارات الخاصة بحوالي 3 مليارات جنيه، والنقل من اكثر الانشطة البشرية تأثيرا علي البيئة لاعتماده علي الوقود »الاحفوري« المستخرج من النفط، والسيارات مسئولة عن ثلثي اكاسيد الكربون وثلث اكاسيد النيتروجين وربع الهيدروكربونات التي تلوث الهواء ولهذا فكلما ازداد عدد السيارات بالمدن ازداد تلوث الهواء الذي لا يضر الانسان فحسب بل يضر ايضا الحيوان والماء والنباتات والاشجار لهذا يعاني 5.1 مليار انسان من سكان المدن من كثير من الامراض نتيجة تلوث الهواء. وفي بريطانيا قدر اتحاد الصناعات البريطاني خسائر الاقتصاد نتيجة الازدحام بحوالي 02 مليار جنيه استرليني. سرعة السلحفاة ويضيف المهندس محمد كمال ان عدد السيارات في العالم سيصل الي حوالي مليار و002 ألف سيارة بحلول عام 0302 اما القاهرة ففي احصاء 7002 كان عدد السيارات التي تجري في شوارعها حوالي 2 مليون سيارة تزيد بنسبة 01٪ سنويا. في حين ان القدرة الاستيعابية لشوارع القاهرة 006 ألف سيارة فقط اي حوالي 03٪ من العدد الحالي وبسبب حوادث السيارات يقتل في مصر كل عام حوالي 7 آلاف شخص بمعدل 02 شخصا يوميا ويصاب حوالي 53 ألفا بمعدل 001 شخص يوميا ونتيجة للازدحام اصبح متوسط سرعة السيارة بالقاهرة لا يتجاوز 01 كيلومترات في الساعة. ويقترح المهندس محمد كمال التوسع في وسائل النقل الجماعي مع مراعاة شروط الامان والصحة والسلامة والبيئة سواء في تصميمها أو صيانتها أو تشغيلها ففي حين يستخدم 57 شخصا حوالي 06 سيارة يمكنهم استخدام اتوبيس واحد فقط، كما نهمل استغلال نهر النيل في النقل النهري رغم انه يمكن ان يخفف من الازدحام بالاهتمام بزيادة عدد الاتوبيس النهري وتحويله الي وسيلة مواصلات كريمة ومريحة، ولاشك ان انتهاء المرحلة الثالثة من مشروع مترو الانفاق سوف يساهم في التخفيف من حدة ازدحام المرور ويمكن ايضا تشجيع استخدام الدراجات وتشجيع رياضة المشي المفيدان للصحة والبيئة في نفس الوقت.