أكثر من5 ملايين سيارة تستقبلها القاهرة الكبري كل صباح بخلاف مليوني سيارة أخري وافدة من الأقاليم وهكذا تحولت شوارع القاهرة إلي مولد بلا صاحب.. الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. الإحصائيات تقول إن طرق القاهرة تستوعب ثلاثة أضعاف طاقتها.. والنتيجة شلل مروري تام وخسائر اقتصادية بلا حدود, ناهيك عن آلاف الحوادث التي تكبد مصر حوالي10 آلاف قتيل سنويا وأكثر من12 ألف مصاب. ويبقي المتهم الأول في كل الحالات هو غياب القانون عن الشارع المصري وسيادة الفوضي علي ما عداها. قانون المرور الجديد المعدل يري الكثيرون أنه لم يحقق أهدافه رغم حالة التفاؤل التي استقبل بها من المواطنين ورغم تسجيل ما يزيد علي نصف مليار مخالفة مرورية منذ بدء تطبيقه لم يشهد الشارع المصري أي جديد بل علي العكس الوضع يزداد سوءا في كل يوم.. وكأن الهدف من القانون الجديد هو زيادة عدد المخالفات وتحصيل المزيد من الأموال! .. والمثير في الأمر أن تنظيم المرور لم يعد كما كان مقصورا علي عسكري المرور وحده بل بات الشارع يشهد رتبا وقيادات عليا تشرف علي تنظيم حركة المرور.. فهل يعني ذلك بداية الحل.. أم أن الأزمة باتت أكبر من الحل؟ ومسئولو ادارات المرور المركزية من جانبهم نفوا بشدة غياب الدولة عن الشارع وألقوا باللوم علي سلوكيات المواطنين. أما المواطنون فيرون أن سبب الاختناق المروري يعود في المقام الأول إلي عدم تطبيق القوانين بصرامة وإلي عجز الطرق عن استيعاب الاعداد الهائلة المتزايدة في السيارات من ناحية والسلوك الفوضوي من جانب بعض السائقين وعدم التزامهم بقواعد المرور من ناحية أخري فيما يرجع البعض الثالث السبب إلي الزيادة السكانية وانعدام الرؤية المستقبلية للتخطيط عند إنشاء الطرق وتؤكد دراسة حديثة لمركز البحوث أن50% من حوادث الطرق تنتج عن عدم الالتزام بقواعد المرور وعجز شوارع المحافظة عن استيعاب ما يفوق طاقتها المحدودة وهي نصف مليون سيارة في حين أنها تستقبل أضعاف هذا العدد خاصة في ساعات الذروة. وفي تقرير لمجلس الشوري طالب بضرورة تخفيف الاعتماد علي وسائل النقل السطحي لإيجاد السيولة المرورية واقترحت بعض الحلول لأزمة المرور منها نقل المناطق التجارية في وسط البلد إلي خارج المدينة مثل شارع عبدالعزيز والفجالة, ونقل المؤسسات الحكومية إلي خارج الكتلة السكنية وتخريد السيارات واحلالها. محاولات جادة وفي محاولة جادة من المسئولين تمت مراقبة الميادين الكترونيا بالكاميرا حيث تم تركيب33 كاميرا في محافظة القاهرة ومن المقرر تركيب52 كاميرا أخري بالاضافة إلي وجود3 كاميرات في محافظة الجيزة. وتحاول سطور هذا التحقيق الكشف عن أسباب أزمة المرور وتقديم مقترحات لها. يقول عبدالله ياسين طالب من الصعيد يدرس بالقاهرة بكلية العلوم أعاني كل يوم من المواصلات سواء كانت داخل القاهرة أو خارجها فبالإضافة إلي ازدحام الشوارع نجد أغلب السائقين يستغلون الازدحام الشديد ويكدسون الركاب بشكل يفوق طاقة السيارة وأحيانا أخري يجبرون الركاب علي دفع اجرة مضاعفة للالتزام بعدد الركاب ورغم الشكاوي العديدة لم يتحرك أحد والخاسر الوحيد هو المواطن البسيط الذي لا يملك سوي الانصياع للسائقين أو البقاء في الشارع إلي ما لانهاية فضلا عن رحلة العذاب في شوارع القاهرة الكبري. ويضيف الصورة تتكرر أيضا خارج القاهرة في ظل عدم وجود رقابة علي المواقف مما يتيح للسائقين استغلال الركاب والكارثة أن معظمهم يسير بدون رخصة ومن ثم لايدخل المواقف الرسمية وكل ذلك يؤدي إلي ازدحام الشوارع من جهة بالاضافة إلي استغلال الركاب بمضاعفة الأجرة من جهة أخري. في ظل غياب الرقابة ورغم ذلك تبقي مشكلة الاختناق المروري بلا حل. اما المهندس حسن الديب موظف فيقول ان الشركة التي يعمل بها توفر أتوبيسا في الذهاب والاياب ورغم ذلك فله ايضا تجارب مؤلمة مع المواصلات فيقول أنا لا أستقل مواصلات إلا نادرا ورغم ذلك أشعر بمعاناة شديدة في كل مرة لدرجة إنني بت أفضل السير علي الاقدام. وأوضح قائلا إن كوبري أكتوبر بسبب ضيق حاراته يتسبب في أزمات كثيرة وبمجرد تعطل سيارة واحدة عليه يصبح لايطاق. اما عمرو الشوادفي فمثله مثل ألاف المواطنين يري أن رحلته إلي العمل ذهاب وإيابا أشبه بدواء مر يتجرعه كل يوم رغما عنه ويصفها بأنها شر لابد منه فلا ينفع مثلا أن يتوقف عن العمل معتبرا هذه المعاناة قضاء وقدرا بقدر ما يعتقد أنه واجب يومي ومن أجل لقمة العيش. وتري سماح عبدالله طالبة بكلية تجارة أن الانتظار في الممنوع وكسر الاشارات والسرعة الجنونية أصبحت كلها أشياء عادية لا تلفت الانتباه في ظل غياب القانون من ناحية والسلوك الفوضوي للمواطنين من ناحية أخري وبسؤال سيد شوقي سائق تاكسي قال ان الميكروباصات هي التي أوجدت هذه الأزمة لان معظم سائقيها لا يلتزمون بالقواعد العامة للمرور فعلي الرغم من مساهمتها في نقل أعداد كبيرة من المواطنين الا انها المصدر الرئيسي للحوادث والزحام أيضا أما حسين أحمد سائق تاكسي فيرجع السبب في الأزمة إلي عدم تهيئة الطرق وتزايد عدد المركبات خاصة النقل العام والتي تحمل أوزانا ثقيلة ولا تلتزم بالسير بالجانب الأيمن موضحا أن الغرامة أصبحت بعبع لكل سائقي التاكسي حيث ان المرور في مصر يجعلك تفقد أعصابك مما يدفعك للخطأ في السير وتتمني أن تترك سيارتك وتسير علي قدميك. ويؤكد شاهين محمد سائق آخر أن المهنة شاقة جدا عصبيا ونفسيا خاصة في الشوارع المزدحمة فالطرق مليئة بالعقبات المرئية وغير المرئية فضلا عن المطبات الصناعية المفاجئة واللجان المنتشرة لايقاف السائقين وفحص الرخص والبعض من رجال المرور يتعسفون في فرض الغرامات أو سحب الرخصة وقد يصل الأمر إلي الاهانة فالذي يقود في القاهرة يعاني أشد معاناة سواء كان سائق تاكسي أو ملاكي ويري ان مراقبة الشوارع بالكاميرا قد يقنن هذه الأزمة ولو بشكل نسبي. الحزم والعدالة يقول المهندس علي جمال رئيس حي جنوبالجيزة السابق ومدير ادارة بجهاز6 أكتوبر كنست شوارع سنغافورة وتم احتجازي4 ساعات ودفعت2600 دولار غرامة وكلفت بدورة اجبارية بسبب خطأ بسيط في القيادة هناك وطالب بضرورة تطبيق القانون بكل حزم وبعدالة مطلقة مع ضرورة تعيين ادارة مركزية عليا تشرف علي جميع ادارات المرور بشكل متناغم مع العمل علي فتح جميع الجراجات المغلقة للقضاء علي ظاهرة الصف الثاني في الشارع وان تتم مراعاة اوقات الذروة ومراقبة الحركة الداخلية والخارجية في القاهرة ومراعاة تخطيط الطرق بشكل يجعلها قادرة علي استيعاب أي زيادة في المستقبل وقال إن هناك أخطاء فادحة في الطرق الرئيسية مثل كوبري اكتوبر حيث تفترض أن بناء الكباري والأنفاق هدفه تسييل حركة المرور ورغم ذلك ورغم ارتفاع تكلفة بنائها إلا أنها تعطل حركة المرور بسبب ضيق حاراتها وعدم قدرتها علي استيعاب الاعداد المتزايدة نتيجة سوء التخطيط من البداية وفي النهاية يكون الاقتصاد المصري هو المضار الوحيد وضرب مثالا علي ذلك بميدان الجيزة الذي يمثل نموذجا صارخا للاختناقات المرورية في مصر مؤكدا ان عدم وجود انفاق لعبورالمشاه داخل الميدان يزيد من عملية الاختناق المروري به لأن المرور عبارة عن منظومة ثلاثية: مركبة, مواطن, التزام أمني. فالدولة يجب ان تصمم نظاما في جميع مداخل ومخارج القاهرة مؤكدا ان هناك سلوكيات خاطئة في الشوارع فهناك من يقوم بعكس اشارات المرور ليتم السير عكس الاتجاه. فالمواطن لايكترث باحترام القوانين وهذا يحتاج البحث عن آليات لتعويده علي احترام القانون. وذكر المهندس جمال أنه شاهد واقعة في السعودية حيث عبر شخص الدوران بالخطأ فتم حبسه4 أيام وتغريمه3 آلاف ريال. ويري ان وجود قيادات شرطية اشرافية في الشارع لن يحقق جدواه ما لم يتم علاج الخلل في المنظومة بأكملها, وشدد علي أن الغاء دور رجل المرور نهائيا سيزيد المشكلة تعقيدا في حالة حدوث اي طاريء في الطرق مثل انفجار ماسورة مياه حيث يتطلب الأمر تدخلا سريعا من جانب رجل المرور مع ضرورة وجود كوادر بشرية ومحللين في جميع الاماكن وهذا يحتاج إلي وجود أمني ونظامي وفني. نسبة النجاح80% ويؤكد اللواء سراج الدين زغلول مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة ان قانون المرور المعدل حقق نجاحا بنسبة80% ولا يمثل مجرد جني للغرامات وتدوين المخالفات قائلا إن سلوكيات الشعب تحتاج لرقابة شديدة مما جعل وجود القيادات الاشرافية في الشارع امرا ضروريا علي أن تكون وظيفتهم توعية وتنظيما بالإضافة إلي ضبط المخالفات ويتم محاسبة اي رجل مرور يقصر في عمله. وان قانون المرور المعدل شدد الغرامات علي المخالفين حيث تصل إلي1000 جنيه مخالفة عكس الاتجاه. وأعلن مدير الإدارةالعامة للمرور أن عدد السيارات المرخصة في القاهرة نحو مليون سيارة بينما العدد الموجود بالفعل يمكن أن يصل إلي نحو2,5 مليون. وأكد مسئول بإدارة مرور القاهرة ان الغرامات التي يتم تحصيلها من المخالفين يتم تحويلها إلي وزارتي الداخلية والعدل ومنها إلي المالية وأن التطور الالكتروني في مراقبة حركة الشارع يعمل علي زيادة تنظيم حركة المرور مما يمثل الأمل في تطوير حركة المرور في الشارع بشكل عام كما يتضمن المشروع الكامل للمراقبة استكمال تركيب52 كاميرا وتم تركيب33 كاميرا منها7 كاميرات في طريق صلاح سالم. 3 كاميرات بالجيزة وفي الجيزة يقول اللواء كامل يس مدير مرور الجيزة أكد ان الإدارة موجود في الشارع والدليل هو وجود الكاميرات التي تساعد علي زيادة الالتزام في الشارع المصري وتسهم في تقليل حجم المخالفة في الشارع حيث تم تركيب3 كاميرات في ميادين الجيزة موضحا ان وجود رجل المرور لا غني عنه في الشارع وهذا امر متعارف عليه منذ زمن بعيد فقد تساعد المراقبة الالكترونية في تقليل عدد رجال المرور في الشارع. وقال يس ان من أبرز المخالفات في الشارع المصري الانتظار المخالف وهي المخالفة السائدة في الشارع موضحا أن الغرامة تعد أحد الحلول لحل قضية المرور ولكنها ليست الحل الرادع. وقال: نحن نحتاج إلي ان نستوعب ثقافة المرور في الشارع للحفاظ علي سلامة المواطن وروحه مضيفا إن ابرز الحلول هو نقل المؤسسات الحكومية خارج الكتلة السكنية ولكنه يحتاج إلي معدل سيولة عالية. ويري محمد رفعت نعمان خبير الاستشارات الأمنية إن الشارع المصري يفتقد إلي الرقابة ومحاسبة المخالف وان القانون المعدل مجرد مثلث واسعافات اولية وأغفل القانون المخالفات التي تهدد الشارع وتحوله إلي فوضي حيث ان90% من قائدي السيارات لا يعرفون اداب المرور ولا أصول القيادة السليمة كما أن وجود لواءات في الشارع يمثل اهانة لهم وهيبة رجل المرور ضاعت ولم يعد قادرا علي الحفاظ علي النظام ولكنه مجرد رجل يدون المخالفات دون وعي موضحا ان سلوكيات المواطنين تحتاج إلي تطوير ومراقبة خاصة في اماكن التكدس مثل وسط المدينة وان يتم وضع ضوابط لمنح الرخصة علي أن يجتاز جميع الامتحانات وان يلتزم بقواعد صارمة حتي نحافظ علي مستوي اداء القيادة في الشارع مع تغليظ العقوبات. خلف خلاف أما اللواء مجدي الشاهد الخبير المروري فيقول قانون المرور المعدل خلف خلاف فرغم أن الهدف الأساسي منه مواجهة ظاهرة انتشار حوادث الطرق بعد زيادة معدلات حدوثها وضبط المخالفين الا أنه شدد علي المخالفات البسيطة أماالمخالفات الضخمة فقد تجاهلها وعلي سبيل المثال اللواريالتي تعد سببا رئيسيا في حوادث الطرق لم يعترف القانون الجديد بذلك وجعل غرامة هذه السيارات برغم خطورتها ونقلها في احيان كثيرة لمواد قابلة للاشتعال والمواد المحظورة خمسين جنيها حيث تم تطبيق أتفه الغرامات علي المخالفات الجسيمة خلاصة القول أن القانون الجديد يفتقد الي الكثير وتم تنفيذه بشكل عشوائي. فمن المفترض أن القانون الجديد يرتكز علي محورين أولهما مواجهة أسباب وتزايد حوادث الطرق والأخر ضبط المخالفين مروريا لتحقيق انفراجة مرورية الا أننا لم نحصل علي أي نتيجة ملموسة وفيما يختص بالمحور الأول صدر القانون مشجعا لحوادث الطرق والمخالفات المرورية التي تتسبب في حوادث طرق مبررا ذلك بتغليظ العقوبات علي المخالفات المرورية التي لاتتسبب في حوادث طرق وتخفيفه بأدني الغرامات في المخالفات التي تتسبب في حوادث طرق وطالب اللواء الشاهد وطالب بمنع التداخل في الاختصاصات وايجاد حل سريع في القاهرة لان القاهرة تحمل يوميا5 ملايين مركبة منهما مليونا مركبة وافدة من الوجهين من البحري والقبلي ويجب أن نحاول تقليل عدد هذه المركبات. وأن هذه المركبات تزيد من الاعباء المرورية وهذا يدفعنا الي التركيز داخل وخارج القاهرة لأن الحركة خارج القاهرة تؤثر بالسلب علي الحركة داخل القاهرة حيث انها تعد منظومة متداخلة دراسة المناطق الجديدة وفي سياق متصل يشير الدكتور عماد الدين نبيل استشاري الطرق والكباري الي أن منظومة الطرق تتضمن ثلاثة مكونات اساسية لطريق. مركبة ومستخدم, طريق وأي خلل في أحدي هذه المكونات ويتسبب في حدوث شلل مروري فالقاهرة تحصلها3 أضعاف عدد السيارات التي تستوعبها طرقها حيث أن أزمة المرور في مصر تحتاج الي مجهود أكبر من مجرد وجود كاميرات لمراقبة مخالفة السيارات كما أن للأسف مع تزايد عدد و السكان هناك تزايد مستمر في حجم حركة المرور في القاهرة فضلا عن سوء التخطيط في الطرق وهذا يحتاج الي دراسات مرورية شاملة للوصول الي طرق تكعيبية. وبالنسبة للمدن الجديدة أن الأفضل دراسة المنطقة بأكملها مع حساب التوسع في عدد السيارات في المستقبل منذ اللحظة الأولي قبل أن تصل هذه الطرق الي المحلية وأن تتم دراسة التقاطعات الهامة ووضع الاشارات الضوئية والتوسع في انشاء الكباري والانفاق علي أن يتم ذلك بشكل مخطط موضحا أن التنبؤ بحجم الحركة ينعكس علي خطط الدولة ليتم في ضوئها تحديد الميزانية المناسبة والمشكلة هي انعدام هذه الخطوات منذ البداية فالعشوائية تلازم حركة المرور في القاهرة هذا بعكس الدول المتقدمة التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة لمراقبة حركة المرور دون تدخل من جانب رجال المرور من خلال غرفة تحكم مركزية. الحل الهندسي وأوضح اللواء محمد الناظر مدير ادارة مرور القاهرة سابقا ومدير مشروع النقل الجماعي أن الحل الهندسي أفضل من الحل اليدوي أي من خلال اصلاح الطرق والانفاق ويتوقع أن مراقبة الميادين بالكاميرات سوف تثبت نجاحها100% مشيرا الي أن محافظة القاهرة قامت بمراقبة33 ميدانا اما الجيزة ففيها3 أماكن ويتمني أن تلغي وظيفة رجل المرور ولكنه يري أن وجود قيادات لشرافية في الشارع ضروري للحفاظ علي الأمن في الشارع نظرا للكثافة العالية للسيارات في الشارع مضيفا أنه يتم نقل اي رجل مرور يخالف القواعد حيث وصل عدد السيارات في الشارع الي2 مليوني سيارة ويتم ترخيص12 ألف سيارة سنويا لأن عملية الترخيص حق دستوري لايمكن حجبه عن اي مواطن.