خبراء اقتصاديات النقل لهم وجهة نظر في الأزمة فهم يرون أن غياب المنظومة العلمية السليمة سبب رئيسي في سوء تنظيم النقل الجماعي وضعف مستوي الخدمة وارتفاع التكلفة وإهدار أموال الدعم في غير محلها الصحيح وعشوائية استخدام الميكروباص والنقل الجماعي في قلب العاصمة, وغير ذلك من أسباب تفاقم الأزمة, وهذا ما يعبر عنه الدكتور سعدالدين عشماوي أستاذ تنظيم واقتصاديات النقل ورئيس الجمعية العلمية والعربية للنقل, مؤكدا أن هذا القطاع يفتقر إلي المنظومة العلمية السليمة التي يجب أن يسير وفقا لها.. وهذه المنظومة لا تقتضي فقط دعم النقل بالأوتوبيسات ولكن يجب أن تكون من خلال تكامل وسائله واستخدام كل وسيلة نقل في المكان الذي تعطي فيه مستوي خدمة أعلي وتكلفة أقل وذلك طبقا للأسس العلمية التي يجب توافرها لمنظومة النقل.. حيث نعتقد أن الوضع الحالي يتناقض مع الأسس العلمية لتنظيم النقل الجماعي.. فالنظم الخاصة بتنظيم النقل بصفة عامة سواء النقل الجماعي أو الوسائل الخاصة تعطي ميزة لاستخدام السيارات الخاصة عن النقل الجماعي عكس ما هو مطبق في الدول المتقدمة بمعني أننا نشجع علي استخدام وسيلة نقل غير مناسبة ونثبط من الوسائل الجماعية للنقل مما يؤدي إلي تضخم حركة النقل إلي ما يقرب من02 مرة بطريقة مفتعلة وذلك بالقطع يرجع إلي وجود خلل في المنظومة ومن أهم أسبابها أيضا استخدام الميكروباصات كوسيلة من وسائل النقل الجماعي.. وقد حذرنا منذ ما يقرب من51 عاما من خطورة السماح باستخدام هذه الوسيلة فهي عشوائية وتركز خدماتها في المناطق كثيفة الحركة والتوقيتات ذات الحركة العالية أيضا وتترك للنقل الجماعي الخطوط ذات الحركة غير الكثيفة مثل أطراف المدن فلا نجدها علي سبيل المثال في ضواحي6 أكتوبر أو القاهرةالجديدة.. وبالقطع لو كانت هناك منظومة نقل سليمة لكان قد أمكن توفير خدمات معقولة لمختلف أرجاء التجمع السكاني وبالإمكانات المتاحة حاليا.. ولعله من النماذج الصارخة لغياب هذه المنظومة كما يضيف د. سعد عشماوي منع سير النقل الخاص في مناطق قلب القاهرة مثل شارعي طلعت حرب وعبدالخالق ثروت, بينما يسمح فقط بسير النقل الجماعي فيها وذلك عكس ما هو مطبق في الدول المتقدمة والناهضة ومنها تركيا وماليزيا وسنغافورة وكذلك عواصم الدول المتقدمة مثل لندن والسويد.. حيث نجد أنه يتم فرض رسم دخول قدره8 جنيهات استرليني علي دخول السيارات الخاصة إلي قلب العاصمة في لندن, بل إنه لا يسمح بالمرور في بعض الشوارع مثل اكسفورد للسيارات الخاصة ولكنها مخصصة بالكامل للنقل الجماعي!! ومن المعروف أن الأوتوبيس الواحد يحل محل04 سيارة خاصة, وبالتالي فإن هذه السياسة الخاطئة المتبعة لدينا والمتمثلة في منع النقل الجماعي من وسط القاهرة يتولد عنه حجم حركة مضاعف وتكدس مروري لا مثيل له خاصة في أوقات الذروة. وبالإضافة إلي كل ما سبق فإنه بالفعل توجد سياسات خاطئة تؤدي إلي دفع الأشخاص, بل وإغرائهم علي استخدام السيارات الخاصة وهو ما يمثل إهدارا للموارد المتاحة وتعويقا للنشاط الاقتصادي والخدمي, ومن بين هذه السياسات الخاطئة أن قيمة الدعم الذي يحصل عليه مستخدم وسائل النقل العام ممثلا في البنزين وفقا لدراسة قمنا بها تصل قيمته إلي عشرة جنيهات فقط شهريا, بينما علي الجانب الآخر تصل قيمة الدعم لمستخدم السيارات الخاصة ممثلا في البنزين إلي052 جنيها شهريا.. وهو ما يمثل بالفعل إهدارا للموارد لو تم توجيهها علي النحو الصحيح ولو حصل مستخدم النقل العام علي قيمة الدعم نفسها التي يحصل عليها مستخدم السيارات الخاصة فإننا نؤكد أننا بذلك لا نحتاج إلي أي موارد مالية إضافية ولا نحتاج إلي أي اعتمادات من الدولة من أجل توفير منظومة نقل سليمة فلو تم ترشيد هذه الموارد المتاحة بالفعل لأمكننا الإنفاق علي قطاع النقل بمختلف وسائله, وكذلك تدعيم النقل الجماعي ليصل إلي المستوي الآدمي اللائق وبالتالي تتحقق خدمات النقل في مصر بصورة متكاملة وفقا للأسس العلمية.