منذ التفكير في إنشاء الخط الأول من مترو الأنفاق منذ أكثر من 23 عاماً كان من المقرر أن يمتد الخط الأول ليربط بين شبرا وكوبري الملك الصالح، إلا أن د.سعد الدين عشماوي أستاذ تنظيم النقل في جامعة عين شمس والرئيس الفخري للجمعية العلمية العربية للنقل قد اقترح خطة أخري تم تنفيذها وهو أن يمتد الخط الأول من مترو مصر الجديدة ومترو حلوان في نفق يمتد دائرياً إلي النقط المهمة في قلب القاهرة مثل ميدان التحرير وميدان طلعت حرب وميدان الأوبرا والعتبة وشارع 26 يوليو، حيث رأي عشماوي أن الخط الذي اقترحه الوزارة كان سيخدم الأحياء الوسطي فقط بطول 10 كم، أما الخط الذي اقترحه د.عشماوي فهو يمتد بين الضواحي وتكلفته أقل كما يخدم 75 مليون راكب سنوياً في ذلك الوقت. ومع مرور هذه السنوات وزيادة تفاقم أزمة المرور يومياً عاد د.سعد الدين العشماوي ليطرح دراسة توضح رؤيته لتحجيم مشكلة النقل والمرور بالقاهرة الكبري مستنداً علي خبرة ودراسات قام بها في مصر وخارجها عبر 40 عاماً حيث يري د.عشماوي أن السبب الرئيسي للمشكلة ليست تصور الإمكانيات ولكن السياسات والحلول الجزئية والمرحلية التي تؤدي إلي تخفيف المشكلة في الأمد القصير، إلا أنها تزيد من تعقيداتها في الأمد الطويل، حيث يري أنه من الضروري توفير منظومة نقل متكاملة للقاهرة الكبري كوحدة واحدة كما هو الوضع في جميع عواصم الدول المتقدمة مثل لندن وباريس وطوكيو ونيويورك، بعد أن تم صرف عشرات المليارات للحد من الأزمة المالية العالمية، كما شرعت القوانين لحلها ولم تفلح وقد حددت الدراسة أسباب المشكلة في 3 عناصر أساسية: الأول يتمثل في عدم التخطيط السليم لمواقع العمل والسكن مثل إنشاء مناطق صناعية ضخمة في حلوان و6 أكتوبر والعبور دون الاهتمام بتوفير مساكن للعمال مما يؤدي إلي توليد حركة نقل ضخمة وغير مبررة علي شبكة الطرق المتاحة، وعدم توفير الخدمات الأساسية في المناطق السكنية الرئيسية حيث أوضحت دراسة لبيت الخبرة الياباني "الجايكا" أن العديد من الأحياء تفتقر للخدمات الأساسية مثل وسط القاهرة الذي ينقصه المراكز التعليمية، وشبرا التي تنقصها المراكز الصحية والإدارية والمرج وعين شمس وتنقصها المراكز الصحية أيضاً بالإضافة إلي الإدارية التجارية مما يضاعف من حجم النقل المفتعلة. ويضيف عشماوي في دراسته إن الاتجاه لنقل الوزارات من وسط القاهرة لمدينة 6 أكتوبر والقاهرةالجديدة لن يحل مشكلة المرور بل سيزيدها تعقيداً، حيث إن وسط المدينة هو أقرب موقع بالنسبة لمختلف أرجاء التجمع السكاني ومن ثم ينخفض إجمالي حجم حركة تنقل العاملين والمتعاملين مع الوزارات إذا ما توطنت في هذا الموقع، مؤكداً علي أن عدم حصر نشاط الوزارات في مهامها الأساسية يزيد من تعقيدات المرور. النقل الجماعي أما العنصر الثاني للمشكلة كما يحددها عشماوي تتركز في تصور منظومة النقل الجماعي كما ومستوي بل وغيابها في العديد من المناطق مما اضطر الكثيرين لتملك سيارة حيث يقدر عشماوي نسبة 40% من ملاك السيارات الخاصة غير راغبين في امتلاكها، حيث تستنزف ثلث دخل المواطن من الطبقة المتوسطة والذي قد يعادل ألف جنيه شهرياً، وفي حالة تأسيس شبكة نقل عام محترمة مثل ما هو قائم في لندن والولايات المتحدة سيتجه 80% آخرين من أصحاب السيارات الخاصة إلي استخدام النقل الجماعي مما يعني خفض حركة المرور بالشوارع إلي 20% من حجمها الحالي دون الحاجة لإنشاء طرق أو محاور أو كباري أو أنفاق. ويشدد العشماوي علي ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات لتشجيع النقل الجماعي الذي لا يزيد علي 10 جنيهات في مقابل 250 جنيها شهرياً تمنحها الدولة كدعم لمستخدم السيارة. الخاصة في صورة خفض سعر البنزين الذي يباع بخمس ثمنه، مطالبا برفع هذا الدعم غير المبرر للبنزين وتوجيه قيمته لتأهل السائقين، وتدريب رجل المرور، واصلاح الطرق وإنشاء الكباري. من ناحية أخري يطالب العشماوي بعدم منع النقل الجماعي من دخول الشوارع المهمة في قلب القاهرة، والتي يسمح للسيارات الخاصة بالمرور فيها والانتظار بها، مما يشجع الافراد علي استخدام السيارة الخاصة ذلك خلافا لما يحدث في الدول المتقدمة. العنصر الثالث كما أورده د.سعد الدين عشماوي في دراسته يتركز في عدم وجود رصيف معد وصالح لاستخدام المشاة الذين يمثلون 26% من إجمالي حجم الحركة علي الطرق.