الممارسات الأمريكية خاصة في سنوات رئاسة الرجيم جورج بوش الثاني وهي الممارسات المدعومة بكل السبل من الصهيونية العالمية قد جعلت العرب من المحيط إلي الخليج يدركون ما لم يكونوا يستطيعون إدراكه الا بشق الأنفس كم أخذت أمريكا وتأخذ من العرب وكم أعطي الاتحاد السوفيتي للعرب دون أن يأخذ إسرائيل هي ثمرة الصهيونية ووليدها الوحيد الذي قامت بعده بتحديد النسل، والصهيونية ظهرت فكرة ودعوة سياسية في عصر القوميات الأوروبية فبررت ظهورها في البدء بالإعلان المكثف عن وجود مشكلة يهودية قائمة بذاتها تحتاج إلي حلول سلمية ولكن الصهيونية استخدمت كما هائلاً من الكذب والنفاق والحيل حتي تجعل من المشكلة اليهودية المفتعلة مشكلة عصرية تتفق مع ايقاع الزمن والمكان وتتوازن وتتوازي مع غيرها من المشكلات الأوروبية التي كانت مثارة داخل أوروبا وخارجها. إذن فطالما أن المشكلة اليهودية هي مشكلة عصرية فمن الطبيعي أن يكون الحل المطلوب لها حلاً عصرياً وفي خبث الثعالب وبدموع التماسيح رأت أن العصرية معناها الازدواجية وأن الازدواجية تكون قائمة بعنصرين اثنين وأن العنصرين لابد أن يكون احداهما هو العنصر الديني والثاني هو العنصر القومي.. وأرجو الا يستغرقنا العجب وأن نذهب ونحن في كامل لياقتنا العقلية إلي حيث كان هناك تأكيد علي مثل تلك الأفكار الصهيونية السابقة حيث فوجئت المجتمعات الأوروبية في معظم ربوعها بكتاب روجت له الصهيونية عام 1870 وإن لم تظهر انتسابه إليها وهو كتاب (روحة والقدس) ظهر الخلط فيه بين اليهودية والقومية والرومانية وفلسفة (هيجل) ولكن كارل ماركس رغم يهوديته جاء وصفع الجميع صارخا في الحضر وفي البرية بأن المشكلة اليهودية المختلقة المفتعلة هي جزء لا يتجزأ من نفس مشكلات المجتمع الأوروبي كله وأن اليهود لم ولن يكونوا ابدا وحدة دينية أو عنصرية بل هم قضية اقتصادية يتم حلها حين يتم حل مشكلات المجتمع الأوروبي وتحريره من جميع الأحقاد التي تكبله ولكي يحدث ذلك فإن اليهود عليهم أن يطهروا أنفسهم من مبدأ عبادتهم المال وأن يغسلوا عقولهم من الأنانية التي تجعل من كل شيء في الوجود سلعة تباع وتشتري وحين هددوا كارل ماركس وأخافوه وذكروه بأن أمه يهودية وبأن اباه كان عاشقاً للأصولية العبرانية رد عليهم بأن عقله هو أمه وأبوه وأن عقله يجعله يصيح في الآفاق بأن اليهودي ليس إلا مظهر سلبي يعطل تحرير الإنسان، وأن حل المشكلة اليهودية سوف يحدث حين يقوم اليهود بتحرير أنفسهم من يهوديتهم ليس بالأسلوب اليهودي الذي يعتمد علي قوة وإغراء وسحر المال بل حين يستطيع اليهود أن يقهروا ذواتهم وأنفسهم وأن يعبروا الأسوار التي اقاموها بينهم وبين غيرهم دون مبرر وحين يتصالحون مع العالم الذي خاصموه وحين يرتفعون بالإنسان إلي ما هو أعلي من مستوي السلع وسطوة المال!! ومن ثنايا عبارات كارل ماركس ندرك أن عقيدة اليهود في أوروبا الشرقيةوروسيا بدأت عميقة في صهيونيتها وهو ما تؤكده هجراتهم الصهيونية المبكرة والمتعاقبة إلي فلسطين إلا أنها عقيدة استطاعت أن تنافق آراء ماركس حتي يمكنها التسلل داخل صفوف الشيوعيين والعمل علي تخريب الحركة الشيوعية من الداخل أو علي الأقل تجنيدها في بعض منها لخدمة الصهيونية احساساً منهم بقوتها الوليدة المتصاعدة الجديدة وظل الأمر كذلك إلي أن جاء (لينين) الذي استطاع أن يكشف عنصرية الصهيونية حين طلب من اليهود في ذكاء شديد أن يقوموا بإنشاء مستشفيات يهودية تختص بعلاجهم ثم حدث الصدام بين لينين وبين اليهود حين وجدهم يعملون في سرية مريبة علي تحويل النزعة القومية إلي شوفينية بغيضة وهي الشوفينية التي ظهرت في أبشع أشكالها في إسرائيل بعد قيامها ولدي حكامها الذين تولوا مقاليد الأمور تباعاً فيها بما عرفناه فيهم من عنصرية طاغية وغطرسة واعتداء لا حدود له علي جميع الحقوق العربية التي أصبحت غاية في الضآلة داخل إسرائيل وفي التفرقة في الحقوق والواجبات بين يهود جاءوا من الجنوب وآخرين قدموا من الشمال دون أي اعتبار للجنسية الإسرائيلية الواحدة التي يزعمونها. وحتي هذه اللحظة فإن جميع الأحزاب في إسرائيل تقوم علي فلسفة المساومات، بل أن سياسة إسرائيل كلها سياسة مساومات فهي تساوم الولاياتالمتحدة مستخدمة اللوبي اليهودي داخلها في طلبها القروض والمعونات والغرف غرفاً من خزانة أمريكا الرأسمالية مستخدمة وظيفتها الحقيقية كقاعدة عدوانية أمامية امبريالية في الشرق الأوسط، ولقد كان دور الصهيونية العالمية كبيراً في تدمير الاتحاد السوفيتي مما أتاح لها تحويله إلي دولة مصدرة للهجرة اليهودية إلي فلسطين ونزع انحيازه أو مناصرته لقضايا الشرق الأوسط العادلة وأن كانت الصهيونية العالمية قد ساعدت علي تدمير الاتحاد السوفيتي كدولة ونظام إلا أنها أخفقت تماماً وفشلت كل الفشل في أن تقضي علي الأفكار الماركسية الكامنة في الكبت والأسفار والعقول وهو ما يصيبها الآن بالمزيد من الأرق والسهر!! خاصة في ظل وحدانية القطب الأعظم ويبقي شيء واحد علينا أن نبديه وهو أن الممارسات الأمريكية خاصة في سنوات رئاسة الرجيم جورج بوش الثاني وهي الممارسات المدعومة بكل السبل من الصهيونية العالمية قد جعلت العرب من المحيط إلي الخليج يدركون ما لم يكونوا يستطيعون ادراكه الا بشق الأنفس كم أخذت أمريكا وتأخذ من العرب وكم أعطي الاتحاد السوفيتي للعرب دون أن يأخذ حتي وجوده التراثي في المياه الدافئة لم يكن يساوي ما اعطاه للعرب رغم أن العرب عجزوا عن أن يجعلوا العلاقة العربية السوفيتية تعادل العلاقة الإسرائيلية الأمريكية وحتي الآن لم يستبدلوا العلاقة القديمة بعلاقة ايجابية مع روسياالجديدة بمثل ما تفعل إسرائيل.