مذكرات رجل الأعمال محمد منصور تظهر بعد عامين من صدور النسخة الإنجليزية    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    من بيتك في دقائق.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل (الرسوم والأوراق المطلوبة)    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    «النصر للسيارات والصافي» يعلنان عن طرح 9 سيارات جديدة في مصر... (قائمة الأسعار)    إيرادات أزور تتجاوز 75 مليار دولار ومايكروسوفت تحقق أرباحا قياسية رغم تسريح الآلاف    الطعام فقط ومكافأة حماس.. هل يعترف ترامب بدولة فلسطين؟    بمليارات الدولارات.. ترامب يكشف تفاصيل اتفاقية تجارية جديدة وشاملة مع كوريا الجنوبية    الانقسام العربي لن يفيد إلا إسرائيل    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    الزمالك يتلقى ضربة قوية قبل بداية الدوري (تفاصيل)    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    دنيا سمير غانم تخطف الأنظار خلال احتفالها بالعرض الخاص ل«روكي الغلابة» ( فيديو)    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    يعشقون الراحة والسرير ملاذهم المقدس.. 4 أبراج «بيحبوا النوم زيادة عن اللزوم»    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    مدير أمن سوهاج يقود لجنة مرورية بمحيط مديرية التربية والتعليم    روسيا: اعتراض وتدمير 13 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق منطقتي روستوف وبيلجورود    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    الوضع في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان محور مباحثات مسؤول روسي وأمين الأمم المتحدة    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    3 مصابين فى تصادم «توكتوك» بطريق السادات في أسوان    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    لطفي لبيب.. جندي مصري في حرب أكتوبر رفض تكريم سفارة عدو جسّده سينمائيا    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    المصري يواجه هلال مساكن فى ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    ترامب: وزارة الخزانة ستُضيف 200 مليار دولار الشهر المقبل من عائدات الرسوم الجمركية    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى وإيطاليا يدعمان السلطة الفلسطينية ب23 مليون يورو.. وفلسطين تدعو استونيا وليتوانيا وكرواتيا للاعتراف بها.. ومباحثات روسية سورية غدا بموسكو    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    مدير أمن القليوبية يعتمد حركة تنقلات داخلية لضباط المديرية    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    «أمطار في عز الحر» : بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    25 صورة من تكريم "الجبهة الوطنية" أوائل الثانوية العامة    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 720 للجنيه اليوم الخميس بالصاغة    ب 3 أغنيات.. حمزة نمرة يطلق الدفعة الثانية من أغنيات ألبومه الجديد «قرار شخصي» (فيديو)    مونيكا حنا: علم المصريات نشأ فى سياق استعمارى    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    محمد أسامة: تلقيت عرضا من الأهلي.. وثنائي الزمالك لا يعاني إصابات مزمنة    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    وزير الرياضة يتفقد نادي السيارات والرحلات المصري بالعلمين    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب أمريكا القادمة بدون استئذان
نشر في نهضة مصر يوم 28 - 04 - 2004

الهدف الواضح لصقور واشنطن الان هو إحداث انقلاب داخل المجتمع الأمريكي يتم خلاله تغيير و تعديل كل المؤسسات في الولايات المتحدة حتي تتوافق مع أوهام الإمبراطورية الأمريكية التي تسيطر علي هؤلاء الصقور.
و رويداً رويداً، يكشف المحافظون الجدد الذين يسيطرون علي السياسة الأمريكية الآن أن الحرب التي أعلنوها ليست فقط ضد الإرهاب الذي ربما يكون هو المستهدف خلال المرحلة الأولي من هذه الحرب .. و لكن المراحل التالية سوف تشمل بكل تأكيد العديد من الدول .. و المفاجأة أنها تشمل أيضاً الكثيرين من الحلفاء و الأصدقاء !
بعد أن تحدث ديفيد فروم و ريتشارد بيرل بإسهاب عن ضرورة إصلاح و تطوير أجهزة الأمن و المخابرات الأمريكية لتحقيق الانتصار في الحرب ضد الإرهاب ، ينتقل كتاب نهاية شر الي مؤسسات أخري يري المؤلفان أنها ستلعب دوراً حاسماً في هذه الحرب . و من أهم هذه المؤسسات الجيش الأمريكي أو القوات المسلحة التي يجب أن تكون مختلفة تماماً عن تلك القوات التقليدية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة في حروبها السابقة .. فقد كانت هذه القوات تعتمد علي الدبابات و المدفعية الثقيلة و البوارج و المدمرات و المقاتلات و القاذفات الحديثة، و هي كلها أسلحة الهدف منها مواجهة أخطار و تهديدات لم تعد موجودة بالنسبة للولايات المتحدة الآن.
عدو مختلف
إن الولايات المتحدة تواجه الآن عدواً من نوع جديد أنه عدو لا يقوم بمناورات عسكرية يمكن رصدها . و هو عدو لا يجري اختبارات علي أسلحته حتي يمكننا تقدير قوتها التدميرية .. كما أن أوامر القتال التي يصدرها تتغير باستمرار و هي مجهولة تماماً بالنسبة للأمريكيين، و يمكنه توجيه ضرباته في أي مكان .
و لذلك ، فنحن لا نعرف أين نوجه ضرباتنا لهذا العدو .. هل نهاجم معسكراً إرهابياً في قرية أندونيسية نائية .. ؟ هل نهاجم سوريا لكي ندمر أو نستولي علي أسلحة الدمار الشامل التي ربما يكون صدام حسين قام بتهريبها الي هناك ؟ أم أن من الأفضل أن نوجه ضربة قاصمة الي كوريا الشمالية و منشآتها النووية التي توشك علي إنتاج أسلحة دمار شامل يمكن أن تصل الي أيدي الإرهابيين ؟!
إن الولايات المتحدة تتعرض لتحديات صعبة و متعددة .. و من أجل مواجهة هذه التحديات ، يجب تحديث القوات الأمريكية التي بقيت لدي امريكا بعد الحرب الباردة حتي تصبح أكثر مرونة و أكثر قدرة علي التعامل مع العدو الجديد .
فالقدرة علي ضرب الهدف بدقة لابد و أن تتصدر الأولويات الأمريكية في المرحلة القادمة و هي النقطة الأساسية التي ستميز المستقبل عن الماضي . و منذ وضع الإنسان القديم الذي كان يعيش في الكهوف أول حجر في المقلاع ، كان المقاتلون لا يصيبون أهدافهم بدقة .. و خلال الحملة الجوية ضد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ، كانت قنبلة واحدة فقط من بين كل أربعمائة قنبلة هي التي تصيب الهدف .
و لا شك أن التكنولوجيا الحديثة تتيح للقوات الأمريكية تحقيق أكبر قدر ممكن من الدقة في إصابة أهدافها، و لكن هذا التحول لم يكن سهلاً كما أن استكماله ربما يكون فادح الثمن .
و يقول ديفيد فروم و ريتشارد بيرل أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل طريقها نحو هذا التحول . فخلال الحملة ضد أفغانستان ، رصدت إحدي طائرات الاستطلاع الأمريكية تجمعا ًلكبار مسئولي حركة طالبان في منزل خارج مدينة "قندهار" . وأطلقت الطائرة صاروخاً علي المنزل و دمرته . و اندفع من بقي علي قيد الحياة من مسئولي طالبان نحو سياراتهم و انطلقوا بها و لكن الطائرة تعقبتهم و طلبت الدعم من إحدي المقاتلات التي كانت تشارك في أعمال الدورية بهذه المنطقة، و التي قامت بدورها بقصف قافلة طالبان و إبادتها عن بكرة أبيها .. كل ذلك كان يمكن أن يحدث في أي حرب خاضتها الولايات المتحدة منذ عام 1917 مع فارق وحيد جوهري، و هو أن قائد طائرة الاستطلاع الأولي كان يجلس في كابينة مغلقة في قاعدة تامبا بولاية فلوريدا حيث كانت هذه الطائرة مجرد طائرة استطلاع تعمل بدون طيار و يطلق عليها اسم "بريداتور" .
و بالنسبة للعراق ، أسفر القصف الجوي و الصاروخي الدقيق عن تجنب إصابة عناصر البنية الأساسية العراقية مثل الجسور و الكباري و السدود و الكهرباء و المياه و معامل تكرير البترول . و كان الهدف من ذلك هو الاستفادة من مثل هذه المواقع في مرحلة إعادة تعمير العراق . و كان يصعب علي أي زائر يتجول في بغداد في شهر يونيو أن يصدق أن هذه المدينة قد تعرضت لقصف مدمر في شهر مارس .
و قد أثبتت التجربة أنه من الناحيتين السياسية و العسكرية ، فإن القصف الجوي الدقيق مع الاعتماد علي القوات الخاصة هو السلاح الفعال في الحرب ضد الإرهاب، و أيضاً في الصراعات التي قد تخوضها الولايات المتحدة مستقبلاً .
و ما تملكه الولايات المتحدة من أسلحة تدخل في هذا الإطار لا يكفي حيث تحتاج للمزيد من القاذفات الثقيلة بعيدة المدي مثل القاذفة (بي-2) . و خلال الأسابيع الثمانية الأولي من حرب كوسوفو كانت ثلاث طائرات فقط من طراز (بي-2) هي التي تعمل في ظروف جوية دفعت الجزء الأكبر من القوة الجوية للحلفاء الي البقاء علي الأرض . و قد دمرت هذه الطائرات الثلاث وحدها 33 في المائة من الأهداف .
و في ضوء تجربة حرب كوسوفو ، فإن اثنتين من قاذفات (بي-2) بوسعهما القيام بعمل 78 طائرة من الطرازات التقليدية .. و نظراً لأن قاذفات (بي-2) لا يمكن رصدها بواسطة أجهزة الرادار فإن العدو لا يستطيع إسقاطها بسهولة . و يقول كتاب "نهاية شر" أن الأداء المتميز للقوات الأمريكية في العراق قد أوضح ما يمكن أن تفعله التكنولوجيا المتقدمة و خطط العمليات الجريئة . و في نفس الوقت ، كشفت حرب العراق عقم الفكر العسكري التقليدي الذي يعبر عنه الجنرالات المتقاعدون بمطالبتهم زيادة عدد القوات الأمريكية حتي تستطيع النجاح في مهمتها .
و هذه الرؤية ربما كانت صحيحة قبل عشرات السنين ، و لكن الوضع مختلف في الوقت الحالي حيث أثبتت عملية "الحرية للعراق" فاعلية القوات التي تتميز بالقدرة علي الحركة السريعة و جدوي الاعتماد علي التكنولوجيا العسكرية الحديثة .
و لو كانت قد تمت الاستجابة لمطالب البنتاجون الأصلية قبل غزو العراق لكان قد تم إرسال 250 ألف جندي من أجل الإطاحة بصدام حسين . و هذه القوة الضخمة كان من المستحيل استكمالها قبل نهاية صيف عام 2003، أي بعد شهور من الموعد الفعلي الذي سقطت فيه بغداد باستخدام نصف حجم القوة التي كان يطلبها البنتاجون .
باختصار ، يمكن القول أن تطوير القوة العسكرية الأمريكية يعني أن تكون القوات قادرة علي الانتقال بسرعة الي مسرح العمليات و الاعتراف بأن السلاح الجوي أكثر قدرة من القوات البرية علي تدمير الأهداف المعادية ، و إدراك ان الحرب الحديثة لا تحتاج الي قوات ضخمة بقدر احتياجها الي قوات قادرة علي التحرك بسرعة .. و هذا التحول في المفاهيم العسكرية لا تقل أهميته عن التخلي عن الجياد و الفرسان و استبدالها بالدبابات و المدفعية .
ورغم أن سر نجاح عملية "حرية العراق" يكمن في الضربات الجوية الأمريكية و العمليات الجوية و البرية المشتركة . إلا أن المشكلة المؤلمة كانت تتمثل في ذلك الوقت الطويل الذي استغرقته عملية الإعداد للحرب . فقد تطلب الأمر مدة 13 شهراً بين خطاب الرئيس بوش الذي تحدث فيه عن "محور الشر" و بين وصول القوات الأمريكية الي بغداد يوم 19 أبريل عام 2003 . و رغم أن المناورات الدبلوماسية في الأمم المتحدة كانت مرهقة و محبطة ، إلا أنها بكل تأكيد لم تكن هي المسئولة عن إهدار هذ الوقت الطويل . فالحقيقة ان الولايات المتحدة الأمريكية كانت بحاجة الي كل هذا الوقت حتي تكون مستعدة للحرب، و لا شك أن أعداء امريكا في حروب المستقبل لن يسمحوا لها بترف التحرك بهذا الشكل البطيء .
يقول ديفيد فروم و ريتشارد بيرل ان هناك ما يبعث علي الأمل في أن تستوعب الولايات المتحدة قيمة إجراء هذا التحول في قواتها المسلحة . فقيادات وزارة الدفاع "البنتاجون" تدرك مدي إلحاح عملية الإصلاح هذه . و قد لعب دونالد رامسفيلد وزير الدفاع دوراً محورياً في رسم خطة الحرب ضد العراق . كما صمد رامسفيلد في مواجهة كل المشككين و المتخاذلين اللذين كانوا يروجون لأسوأ الاحتمالات . و عندنا سقطت بغداد ، آثر أن ينسب كل الفضل في تحقيق هذا الانتصار الكبير للقوات المسلحة الأمريكية . وقد عمل رامسفيلد بدأب من أجل التطوير و التجديد، و كان جزاؤه ، مثله في ذلك مثل جميع المجددين ، هو التعرض لحملة مريرة من الانتقادات .
الدبلوماسية الأمريكية
بعد هذه الإشادة الحماسية بأحد زعماء الصقور الأمريكيين ، و هو دونالد رامسفيلد ، ينتقل كتاب "نهاية شر" الي الحديث عن وزارة الخارجية و لكن بنبرة مختلفة تماماً و بطريقة لا يمكن وصفها إلا بأنها هجوم شرس .
يقول الكتاب إن وزارة الخارجية ظلت تمارس عملها بشكل تقليدي بعد هجمات سبتمبر 2001 . فقد ترددت في الإسراع بترحيل كل أفراد عائلة بن لادن و الكثيرين من السعوديين الي خارج الولايات المتحدة .. كما عارضت فرض قيود علي دخو ل المواطنين السعوديين لأمريكا .. و سعت للبحث عن حلفاء ممن وصفتهم "بالأعضاء المعتدلين في حركة طالبان و الأعضاء المعتدلين في النظام الإيراني .
و مارست وزارة الخارجية ضغوطاً لتوسيع مبادرة المخابرات الأمريكية إزاء سوريا لتصبح نوعاً من الوفاق الكامل بين امريكا و النظام الديكتاتوري في دمشق . و ظلت وزارة الخارجية حتي النهاية تعارض شن الحرب ضد العراق .. و بعد أن فشلت في منع هذه الحرب ، حاولت تحجيم دور العناصر الديمقراطية العراقية الي أدني مستوي في مرحلة إعادة تعمير العراق . و مع بعض الاستثناءات المحدودة ، ظلت وزارة الخارجية الأمريكية تنظر بحذر الي الحرب ضد الإرهاب و في بعض الأحيان ، كانت تتعامل معها باستخفاف و لا مبالاة .
إن وزارة الخارجية الأمريكية تعتقد أن مهمتها هي إقامة أفضل علاقات ممكنة بين الولايات المتحدة و الدول الأخري . و من وجهة نظر الدبلوماسيين ، فإن الدبلوماسية تعني السعي لتحقيق الإجماع و الاتفاق في الرؤي و وجهات النظر، و يعني ذلك عادة البحث عن نقاط الاتفاق بين الولايات المتحدة و الدول الأجنبية و السعي لتجاوز نقاط الخلاف . و هذا المفهوم يعد صحيحاً و لا غبار عليه بالنسبة للدول التي تشاركنا مبادئنا و قيمنا و مصالحنا حيث يمكن أن تحقق نتائج مثمرة . ولكن هذه المفاهيم تصبح غير ملائمة و مرفوضة تماماً عندما يتعلق الأمر بدول تتمني تدميرنا و تقدم الملاذ و المأوي للجماعات التي ندخل معها في حرب .
إن المهمة الحقيقية لوزارة الخارجية الأمريكية هي أن تمثل الولايات المتحدة أمام العالم . و هي مهمة يقوم بها موظفون محترفون يتسمون بالمهارة و الشجاعة و الإخلاص . و هم النظير المدني للجنود و الطيارين و البحارة و مشاة البحرية التابعين لوزارة الدفاع ، مع فارق وحيد ومهم هو أن العسكريين يلتزمون بالسياسات التي يحددها القائد الأعلي بينما لا يلتزم بذلك العاملون في وزارة الخارجية .
و أبرز دليل علي ذلك هو تلك المقابلة الشهيرة بين صدام حسين و ابريل جلاسبي الدبلوماسية الأمريكية التي كانت ترأس بعثتنا في بغداد عام 1990 . فقبل حوالي 96 ساعة من الغزو العراقي للكويت عقد اجتماع بين صدام و جلاسبي و ألمح صدام خلاله بوضوح الي خططه العدوانية تجاه الكويت . و ردت جلاسبي بإعطائه ضوءاً أخضر كارثياً حيث قالت له : " إننا لا رأي لنا في صراعاتكم كعرب مع العرب الآخرين مثل نزاعكم مع الكويت" .
و قد أثارت كلمات جلاسبي الكثير من التفسيرات داخل إطار نظرية المؤامرة .. هل كانت إدارة بوش الأب تريد سراً أن يقوم صدام بغزو الكويت؟ أم إنها كانت تستدرج الدكتاتور العراقي الي دماره ؟
و يقول ديفيد فروم و ريتشارد بيرل أن كلا الاحتمالين غير قابل للتصديق .. فقد خاضت الولايات المتحدة حرباً بحرية غير معلنة في منتصف الثمانينيات من أجل حماية الكويت من إيران . ولا يمكن رؤية مصلحة امريكية من وراء الغزو العراقي للكويت . أما بالنسبة لفكرة أن ابريل جلاسبي كانت تستدرج صدام للسقوط في فخ فهي فكرة خيالية لا يمكن توقعها من جورج بوش الأب الذي كان يمارس سياسة خارجية تتسم بالترهل و التثاقل.
و قد كان بوش الأب هو الذي حاول أن يحول دون تفكك و انهيار الاتحاد السوفيتي و رفض تقديم الدعم للحركات المطالبة بالاستقلال في جمهوريات البلطيق .. و وصلت الأمور الي درجة انه سافر بنفسه الي "كييف" في أغسطس عام 1991 للتحذير من أخطار نمو النزعة القومية الأوكرانية .
و مثل هذه القيادة لا يمكن ان يتفتق ذهنها عن سيناريو ذكي للإيقاع باعدائها . و الي جانب ذلك ، فلو كانت كلمات جلاسبي تمثل بالفعل مصيدة ، فلماذا لم يستثمر بوش الأب هذا الفخ ؟ و لماذا أوقف حرب الخليج بمجرد طرد القوات العراقية من الكويت و إعادة الأوضاع الي ما كانت عليه يوم التقت ابريل جلاسبي بصدام حسين ؟
و الحقيقة اننا لا يمكن أن نعرف علي وجه اليقين عدد الأمريكيين و الكويتيين و العراقيين الذين كان سيمكن إنقاذ حياتهم ، بالإضافة الي مليارات الدولارات التي أهدرت ، لو كانت السفيرة الأمريكية في بغداد قد حذرت صدام بشكل حاسم من غزو الكويت و قالت له صراحة "لو كنت مكانك لما أقدمت علي هذه الخطوة " .
مرحلة الأوهام
و في الجزء الأخير من كتاب "نهاية شر" يقول ديفيد فروم و ريتشارد بيرل صراحة أن مرحلة التسعينيات كانت هي مرحلة الأوهام في السياسة الخارجية الأمريكية .. و قد انتهت تماماً يوم 11 سبتمبر عام 2001 . فقد طلبت الولايات المتحدة من أصدقائها و حلفائها الانضمام اليها في الحرب ضد الإرهاب و اكتشفت أن هؤلاء الحلفاء ليسوا مستعدين سوي لتقديم القليل بعد صدمة التعاطف الأولي مع ضحايا الهجمات الإرهابية في واشنطن و نيويورك . و قد كشفت هذه الهجمات للأمريكيين ما حاولوا لفترة طويلة التهرب من مواجهته و هو أن انتهاء الحرب الباردة و احتلال الولايات المتحدة لموقع القوة العظمي الوحيدة في العالم ، لم يضع نهاية للعداوات و الخصومات بين الأمم و الدول بل أعاد توجيه هذه العداوات ببساطة نحو الولايات المتحدة الأمريكية .
في هذا السياق، ينتقل ديفيد فروم و ريتشارد بيرل الي مرحلة الهجوم الشديد ليس علي الجماعات الإرهابية المعادية لأمريكا بل علي مختلف الدول بما في ذلك حلفاء العالم الغربي الذين قدموا للولايات المتحدة كل العون لكي تحقق انتصارها الكبير في الحرب الباردة و الذي تجسد في سقوط و انهيار عدوها اللدود الاتحاد السوفيتي .
يقول فروم و بيرل ان مشاعر الحسد و الغيرة و الكراهية التي سيطرت علي الإرهابيين تجاه امريكا ، سيطرت أيضاً علي الكثيرين من الحلفاء السابقين في الحرب الباردة . فالفرنسيون ، علي سبيل المثال ، يصفون الولايات المتحدة بأنها أصبحت "قوة عظمي أكثر من اللازم" .. و هذه حقيقة .. و يقولون أننا أكبر قوة عسكرية و اقتصادية و ثقافية علي كوكب الأرض ، تماماً كما كانت فرنسا قبل 250 عاماً ، و ليس من المثير للدهشة ألا تجتاح الفرحة الفرنسيين بسبب هذا الوضع المتميز الذي تحظي به أمريكا الآن .
إن الولايات المتحدة دولة أنعم الله عليها بالكثير من الأصدقاء في جميع أنحاء العالم .. و حتي أولئك الذين يريدون أن يكرهوننا ، تجذبهم الحضارة و الثقافة الأمريكية .. فالرئيس الفرنسي جاك شيراك كثيراً ما يحكي قصة دراسته في جامعة هارفارد الأمريكية، و كيف كان يعمل كساقٍ في عطلات نهاية الأسبوع. حدث ذلك في عام 1953 ، عندما كان يصعب علي أي شاب فرنسي من عائلة كبيرة أن يعمل كساقي يقدم المشروبات للزبائن في فرنسا . و لكن شيراك تعلم في الولايات المتحدة أول دروس المساواة الاجتماعية . و لم يكن هو أول و لن يكون هو آخر أوروبي يقوم النموذج الأمريكي بإعادة تشكيل قيمه و أفكاره الديمقراطية .
باختصار ، يجب الاعتراف بأن الأحلام التي عاشتها أمريكا فيما يتعلق بأصدقائها وحلفائها خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي كانت مجرد أوهام . وإذا كان الرئيس بوش الأب قد نجح عام 1990 في حشد تحالف دولي يضم الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين والعديد من الدول العربية وحتي مجلس الأمن . وهكذا ، تم توجيه ضربة قاصمة لمعتد مارقٍ هو صدام حسين الذي قام بغزو الكويت، فإن مثل هذا الموقف العالمي الموحد لم يكن له مثيل من قبل ، وسوف يكون أي توقع لتكرار مثل هذا الموقف مرة أخري في المستقبل ضربا من الوهم والخيال .
ولقد توقعنا خلال التسعينيات أنه تم إرساء دعائم نظام دولي جديد .. وسيطرت هذه الفكرة علي الولايات المتحدة ودول غربية أخري لدرجة جعلت الكثيرين يتصورون أن حروب المستقبل ستكون صورة طبق الأصل من حرب الخليج الأولي .. وظلت إدارة كلينتون طوال السنوات العشر التالية تسعي لتشكيل حشد دولي في مواجهة أية مشكلة مثل هايتي أو رواندا أو البوسنة أو كوسوفو . واعتقد الكثيرون أن سكرتارية كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة قد حلت محل الكونجرس باعتبارها الجهة التي تحدد ما إذا كان مسموحا لأمريكا بدخول الحرب أم لا .
ولكن ، بصراحة ، لم يعد بوسع أمريكا أن تتحمل مثل هذه الأوهام لأكثر من ذلك .. فهناك مهمة كبري تنتظرنا ولنعد أنفسنا لها عن طريق إعادة فحص مؤيدينا ومعارضينا سواء المعلنين منهم أو المتخفين والمتنكرين .
إحباط أوروبي
وبالنسبة لأوروبا علي سبيل المثال ، أصيب الأمريكيون بالاحباط وربما الغضب خلال الحرب ضد الإرهاب عندما اكتشفوا أن الكثيرين من حلفائنا ابتعدوا عن المشاركة في هذه الحرب ، بل وعارضوا العناصر الأساسية في الاستراتيجية الأمريكية رغم أن أمريكا خاطرت باحتمال تعرضها للإبادة النووية من أجل الدفاع عن القارة الأوروبية ضد أي عدوان سوفيتي . وفي مقابل ذلك اكتشفت أمريكا أن الحلفاء الذين كانت مستعدة للموت من أجلهم لم يكونوا مستعدين لعمل أي شيء عندما تعرضت الأراضي الأمريكية لأول هجوم أجنبي علي أراضيها رغم عضويتها في حلف شمال الأطلنطي . هذا الموقف الأوروبي لم يكن ناتجا عن إحساس بالخوف أو الجبن بقدر ما كان يأتي في إطار سياسة محددة تعكس رؤية عدوانية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أدلة كثيرة علي ذلك منها ما نشرته الصحف الأوروبية حول تعذيب الأمريكيين لمعتقلي القاعدة ، وكانت لمثل هذه المواقف تأثيراتها علي الرأي العام الأوروبي بدليل أن الفرنسيين اندفعوا لشراء 300 ألف نسخة من كتاب يزعم أن هجمات 11 سبتمبر كانت مؤامرة دبرها البنتاجون . ونفس الظاهرة اتضحت في ألمانيا أيضا بالنسبة لكتاب مماثل يردد نفس المزاعم .
وفي عام 2002 كان رأي الكثيرين من حلفائنا في الناتو أننا يجب أن نحزم متاعنا ونعود إلي بلادنا بعد أن نجحنا في الإطاحة بنظام طالبان وطرد تنظيم القاعدة من أفغانستان وكأن الحرب ضد الإرهاب هي مجرد حملة بوليسية . وقد رفض هؤلاء الحلفاء الانضمام إلينا للضغط علي العراق وإيران وكوريا الشمالية ، كما رفضوا رؤية أية علاقة بين الإرهاب والعديد من الدول العربية . ولو كنا قد استمعنا لآراء الأوروبيين لكانت الدولة الوحيدة سنمارس عليها الضغوط في الشرق الأوسط عام 2002 هي إسرائيل ! . وقد وصلت الأمور إلي درجة أن بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا اتخذت موقف المعارضة الصريحة لنا . فخلال الأسابيع التي سبقت الحملة ضد العراق تطوع الرئيس الفرنسي شيراك ليصبح حامي حمي صدام حسين وأصبحت حكومة شيراك معادية للسياسة الأمريكية في الحرب ضد الإرهاب علي خط مستقيم . وقام دومينيك دي فيلبان وزير الخارجية الفرنسي بجولة في أفريقا قدم خلالها الرشاوي للمستعمرات الفرنسية السابقة هناك لكي تصوت ضد الولايات المتحدة التي كانت تريد قرارا باستخدام القوة ضد العراق في الأمم المتحدة . وهدد شيراك بمنع دول وسط أوروبا من الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي إذا شاركت في التحالف الأمريكي ضد العراق . وقال وزراء حكومة شيراك أن الرئيس الفرنسي والبابا بهذا الترتيب قد أنقذا العالم من الخوض في صراع بين الحضارات . ولم تكن فرنسا وحدها هي التي سارت في هذا الاتجاه بل تبعتها دول أخري مثل ألمانيا وبلجيكا ودول أخري خارج الناتو مثل روسيا لم تكن لتجرؤ علي تحدي أمريكا لولا تشجعها بالموقف الفرنسي .
إن أمريكا لم تطلب من حلفائها الالتزام بالطاعة العمياء ، ولم تمارس أي ضغوط عليهم ، وكل ما طلبناه هو أن يسمح لطائراتنا بالمرور في المجال الجوي للحلفاء الأوروبيين وهي في طريقها إلي أفغانستان والعراق . ولكن ردهم كان هو الرفض . ولا شك أن بعض حلفائنا التقليديين حاولوا تقويض سياستنا في العراق بسبب شعورهم بالاستياء من سياستنا في قضايا أخري . ولكن من حقنا أيضا كأمريكيين أن نشعر بالاستياء تجاه بعض السياسات الأوروبية التي نختلف معها ولكن ذلك لا يمكن أن يمنعنا من المبادرة بمساعدتهم في حالة الحرب .
وهكذا فالسؤال هو : ماذا يجب أن تفعل أمريكا مع هؤلاء الحلفاء الأوروبيين ؟ والإجابة تتلخص في أربع نقاط أساسية:
أولا الاعتراف بأن أوروبا الموحدة لم تعد تشكل رصيدا يضاف إلي المصالح الأمريكية .
ثانيا يجب أن نبدأ نقاشا داخل أوروبا حول طموح فرنسا لتحويل الاتحاد الأوروبي إلي قوة مناهضة لأمريكا .
ثالثا أن فرنسا ربما تواصل إصرارها علي ما تصفه باستراتيجية موازنة الثقل الأمريكي . ويتعين علي أمريكا أن تفعل شيئا لمواجهة ذلك . ويجب أن نكون مستعدين للتعاون مع فرنسا ولكن بشرط أن يعكس هذا التعاون حقيقة السلوك الفرنسي . وفي ضوء الوضع الراهن يجب إلغاء أو تخفيض التعاون العسكري والمخابراتي مع فرنسا وخفض مستوي العلاقات السياسية مع باريس .
رابعا ، ضرورة أن تدعم الولايات المتحدة موقفها الاستراتيجي في أوروبا ويجب أن تسعي أمريكا بكل قوتها للحفاظ علي استقلالية حليفها الاستراتيجي بريطانيا عن أوروبا . أما إذا اختارت بريطانيا الانغماس في أوروبا الموحدة فإن أمريكا ستحترم خيارها ، ولكن حتي يحدث هذا الخيار فإن أمريكا يجب أن تعمل بكل قوة لحث بريطانيا علي المضي قدما في الطريق الآخر ، ولا يعني ذلك أن تنفصل بريطانيا عن أوروبا بل أن تدافع عن استقلالها داخل أوروبا .
منطق عدواني
نفس المنطق العنصري العدواني يتخذه صقور واشنطن من كل الدول التي تجرأت و عارضت مشروع المحافظين الجدد لإقامة الإمبراطورية الأمريكية و فرض هيمنة الولايات المتحدة علي العالم بكل السبل والوسائل بما في ذلك إمكانية اللجوء الي القوة العسكرية .
و من بين هذه الدول الصين ، التي يتهمها ديفيد فروم و ريتشارد بيرل بدعم البرنامج النووي لكوريا الشمالية والتي ترفض مساعدة امريكا في العمل علي إنهاء البرنامج النووي الكوري .
ولهذا ، فإن الأسلوب الأمثل الذي يراه صقور واشنطن للتعامل مع الصين هو أن تربط امريكا بين خطوات التعاون مع بكين و بين السلوكيات و الممارسات الصينية وخاصة أن الصين تحلم باستعادة أمجاد حضارتها القديمة بحيث تصبح هي القوة العظمي في العالم . و تدخل روسيا أيضاً منطقة الدول التي تحاول التمرد علي الهيمنة الأمريكية ولذلك يتعين إدراك ما يصفه ديفيد فروم و ريتشارد بيرل بالدور المزدوج الذي تلعبه روسيا في حرب امريكا ضد الإرهاب . فبينما أعلنت موسكو تأييدها للحملة الأمريكية في أفغانستان ، قام الروس ببيع مواد نووية مهمة لإيران و انضموا الي فرنسا في محاولة حماية العراق من الهجوم الأمريكي .
وتفسير ذلك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد لصداقة امريكا إذا دفع الأمريكيون الثمن .. وهو مستعد لبيع صداقته لأي طرف آخر يدفع سعراً أعلي . ويري المحافظون الجدد أنه لابد من الضغط علي روسيا لكي تعدل سياستها بالشكل الذي يتفق مع السياسات الأمريكية وذلك من خلال التهديد بعدم دعوتها لحضور مؤتمرات قمة حلف الأطلنطي أو قمة الدول الصناعية الكبري .. كذلك يمكن إثارة قضية المذابح الروسية في الشيشان من أجل إجبار الروس علي التعاون مع واشنطن .
وتدخل الأمم المتحدة أيضاً في دائرة الأطراف التي يتعين علي امريكا إخضاعها رغم أن هذه المنظمة الدولية ليست قوة في حد ذاتها بقدر ما هي ساحة تعبر عليها مختلف القوي عن نفسها . ولكن هناك البعض ممن يعتبرون الأمم المتحدة بمثابة برلمان العالم . وفي هذا الإطار يصبح بوسع دول صغيرة مثل الكاميرون أو شيلي عرقلة سياسات قوة عظمي مثل امريكا .وإذا كانت أمريكا قد ذهبت للأمم المتحدة في مناسبات سابقة فإن ذلك كان أشبه بمن يشق طريقه في عربة مزدحمة للمترو وهو يقول للآخرين "عن أذنكم" دون أن يتوقف لسماع رأيهم أو للحصول علي هذا الإذن . و يقول فروم و بيرل أن الأمم المتحدة قد تم إنشاؤها في وقت ما لمواجهة نوعية معينة من الأخطار و التهديدات . ولكن الزمن تغير واختلفت الأولويات و الضرورات ..و لذلك يجب تغيير المؤسسات الدولية أيضا . و إذا كانت مؤسسة مثل الأمم المتحدة عاجزة عن تغيير نفسها فهذه ليست مشكلة امريكا بل هي مشكلة هذه المنظمة و التي تعد سبباً كافياً لفقدان الثقة فيها .. و تجاهلها .
ويختتم ديفيد فروم و ريتشارد بيرل كتابهما "نهاية شر" بكلمات تبدو وكأنها موجهة للأمريكيين و لكنها في واقع الأمر موجهة لكل شعوب العالم علها تدرك أو تفهم حقيقة ما تسعي اليه إدارة جورج بوش الابن .
يقول فروم و بيرل : "ليس بوسعنا السماح لضعف الآخرين بأن يحكمنا .. نحن الهدف الأول للإرهابيين و لذلك فإن هذه الحرب هي حربنا في المقام الأول و الأخير .. إننا نحارب باسم العالم المتحضر .. و لن نتوقف عن الأمل في أن يساعدنا هذا العالم .و لكن ما لم يحدث ذلك، و هو الواقع الآن ، فسوف يتعين علينا أن نعلنها بأعلي صوت .. حسناً .. لسوف نفعلها وحدنا".
صور الحلقة الأخيرة
جورج بوش الابن
دونالد رامسفيلد
صدام حسين
فلاديمير بوتين
جاك شيراك
توني بلير
كولن باول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.