في ظل ما نسمعه ونقرأه هذه الأيام عن قتل وإهدار لكرامة المرأة كان لابد أن نذكر أن كل ما يحدث هو بسبب الابتعاد عن نهج الإسلام وهدي الرسول الكريم الذي جعل المرأة في مكانة لا تدانيها مكانة في أي شريعة أخرى أو حتى في أي تنظيم أو حركة مؤيدة للمرأة ولن تجد توصية بالنساء كالتي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيراً، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم) وقد كان النبي عليه السلام خير الأزواج وخير الآباء وعلّم أصحابه كيف يعتنون بنسائهم ويكونون خير الناس لهن وقد روى الترمذي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. ونبي يهاجر ويعاني وينشر الإسلام وعندما يفتح الله عليه مكة يقول انصبوا لي خيمة بجوار قبر خديجة وهي أولى زوجاته واقربهن لقلبه وقد أظهر وفاءه لها حتى بعد وفاتها، مسميًا عام وفاتها ب"عام الحزن" ومبجلاً أصدقاءها، فهي كانت له السند والمؤازر في بداية الدعوة حيث آمنت به وواسته بمالها حين كذبه الناس وحرموه، وكان يفضلها على سائر نسائه ويذكرها دائماً. ومن بعدها جاءت عائشة رضي الله عنها والتي أحبها حبا شديدا وكان يقول تكريما لها ( خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء) وكان يعرف مقدار غيرتها ولا يلومها عليها وهو القائل (غارت أمكم) وكان حب النبي لعائشة حبًا عميقًا ومميزًا تجلى في مواقف يومية لطيفة ومداعبات، حيث كان يشاركها الطعام والشراب من نفس المكان ويصف حبه لها ب "عقدة في حبل لا يحلها أحد"، ويظهر ذلك أيضًا في دعائه لها وتفضيلها حتى في مرض وفاته، حيث كان يطلب أن يمكث في غرفتها ويستند على صدرها، مما يؤكد مكانتها الخاصة في قلبه كأحب الناس إليه، وكان يحب بناته ويدللهن وهو الذي اشترط على علىّ الا يتزوج على فاطمة في حياتها وكان على بن أبي طالب يحب فاطمة كما لم يحب زوج زوجه وكان يداعبها ويظهر غيرته عليها من عود السواك فقد.روى انه دخل عليها يوما فوجدها تستاك بسوك فخطفه منها ونظر إليه وقال: هُنئت يا عود الإراك بثغرها. ... ماخفت ياعود الأراك أراك..... لو كان غيرك يا سواك قتلته .....مافاز مني يا سواك سواك وكانت السيدة فاطمة تُبادل عليا عبارات الغزل والحب، فذات مرة كان عائدًا من الخارج ووجه متأثرًا بالشمس الشديدة، فقالت عندما رأته: جاء الحبيب الذي أهواه من سفر.. والشمس قد اثرت في خده اثرا.. عجبت لها من تقبيل وجنته والشمس ما ينبغي لها أن تدرك القمر. وعليٌ هذا الذي حمل باب خيبر وحده عندما ماتت فاطمة أعجزه الحزن عن حمل جسدها فقال أعينوني على حملها! وهذه أعظم قصة حب سجلها الاسلام بين زينب ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجها أبو العاص بن الربيع، وكان من أشراف مكة، وقد تزوجها قبل بعثة النبي، وظلت على دينها ولم تسلم إلا بعد هجرة الرسول، وأظهرت وفاءً عظيمًا لزوجها في مواقف عديدة، وأنجب منها ابنين هما علي وأمامة، وقصتهما مليئة بالمواقف المؤثرة التي تُظهر قوة الحب والوفاء في الإسلام. ففي غزوة بدر، أسر المسلمون أبا العاص، وأرسلت زينب فدية له، وكانت الفدية عقد أمها خديجة، فتعجب النبي وسمح لها بفداء زوجها، وأمر برد العقد لها. وبعد أن أُسر في بدر، أطلق النبي سراحه، ثم عاد أبو العاص إلى مكة، وبعد فترة أسلم وأعلن إيمانه، وطلب من النبي أن يردها إليه فوافق النبي، وعادت زينب إليه. وبعد عودتها بسنة توفيت زينب، وحزن عليها أبو العاص حزنًا شديدًا، ثم لحق بها بعد سنة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. والسيرة والتاريخ زاخران بقصص الحب الحلال بين الصحابة وزوجاتهم ومن بعدهم التابعون وقد وصلت المراة لمنزلة عظيمة في الإسلام يحاول من ليس لهم علاقة بدين الله حقيقة طمس هذه المنزلة وإهالة التراب عليها بما نراه اليوم من تعذيب وقتل وإهانة للمرأة والتي أمرنا الله حتي في حال عدم الوفاق معها أن نسرحها سراحا جميعا وألا ننتقصها حقها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) الأحزاب