ننشر جداول امتحانات الشهادة الإعدادية وصفوف النقل في البحيرة    الغرف التجارية: انخفاض أسعار ساندوتشات الفول والطعمية من 20% إلى 30% الأسبوع المقبل    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بالأقصر    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات جديدة على روسيا    اعتقال مشتبه بهما في بولندا بسبب الهجوم على ناقد للكرملين في فيلنيوس    ناجلسمان مستمر في قيادة منتخب ألمانيا حتى 2026    أرتيتا: حان الوقت للاعبي أرسنال لإظهار معدنهم الحقيقي    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    مصرع طفل دهسا أسفل عجلات سيارة بأبوقرقاص بالمنيا    مصرع طفلة وإصابة 3 آخرين في حريق منزل بالعجميين في الفيوم    "التعليم الفني" يكشف تفاصيل انطلاق مشروع "رأس المال الدائم"    مصر ضيف شرف.. ونجيب محفوظ الشخصية المحورية.. تعرف على تفاصيل معرض أبو ظبي الدولي للكتاب    صلاح السعدنى.. موهبة استثنائية وتأثير ممتد على مدى نصف قرن    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    وزير الصحة يفتتح المؤتمر الدولي الثامن للصحة النفسية بمحافظة الإسكندرية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    كيف بدت الأجواء في إيران بعد الهجوم على أصفهان فجر اليوم؟    السودان: عودة مفاوضات جدة بين الجيش و"الدعم السريع" دون شروط    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    6 آلاف فرصة عمل | بشرى لتوظيف شباب قنا بهذه المصانع    وزيرا خارجية مصر وجنوب إفريقيا يترأسان الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    من بينهم السراب وأهل الكهف..قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    افتتاح "المؤتمر الدولي الثامن للصحة النفسية وعلاج الإدمان" فى الإسكندرية    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    رجال يد الأهلي يلتقي عين التوتة الجزائري في بطولة كأس الكؤوس    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    الداخلية تكشف تفاصيل منشور ادعى صاحبه سرقة الدراجات النارية في الفيوم    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بالأقصر    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وفاة رئيس أرسنال السابق    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. مباريات اليوم السادس    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    دعاء لأبي المتوفي يوم الجمعة.. من أفضل الصدقات    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    تمريض القناة تناقش ابتكارات الذكاء الاصطناعي    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    نشر خدمات مرورية بمدينة نصر ومحور شنزو آبي لتوصيل الصرف الصحي    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا إن نصر الله قريب(1و2و3)
نشر في الشعب يوم 17 - 08 - 2007

تقدير الموقف ( استراتيجيا ) فى حرب الحلف الصهيونى الامريكى الغربى ضد أمتنا العربية الاسلامية

الحرب العالمية الرابعة ضد الاسلام بدأت منذ عدة سنين والأمة تتجه بثبات وبفضل من الله نحو النصر المبين فى الأفق القريب


[email protected]

نعم لقد بدأت الحرب العالمية ضد الاسلام منذ عدة سنوات والطريف أن البعض مايزال يحاول التنبوء بموعدها القادم وهى تكاد أن تنتهى على خير باذن الله . وقد أطلق عليها بعض المحللين الغربيين اسم الرابعة على أساس الحرب العالمية الاولى والثانية وبحساب أن الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى وأمريكا هى الحرب الثالثة أما الحرب على الفاشية الاسلامية فهى الحرب الرابعة وقد استخدم هذا المصطلح الجنرال جون أبى زيد الذى حصل على أعلى وسام مصرى من حاكم مصر ، ولكن هذا المصطلح " الحرب العالمية ضد الاسلام" ليس حكرا عليه ولكن آلتنا الاعلامية والثقافية التابعة تغطى عورات الأعداء وتؤكد دائما ان جورج بوش حينما قال انها حرب صليبية كانت زلة لسان حتى وان تكررت فى خطاباته أكثرمن مرة . يقول مايكل ليدين أحد رموز تيار المحافظين الجدد : " الآن حين وافق الرئيس ( بوش ) أخيرا على أن أعداءنا ( معظمهم ) فى الشرق الأوسط هم المتعصبون الإسلاميون ، عليه أن يعى صحة حدسه فى شأن الحرب على الإرهاب ، ومغزاه أننا نحارب أنظمة الطغيان ومقاتليها التواقين للدماء . وأن مبدأ " حرب الحضارات " غير جذرى بما يكفى لبدء حرب فعلية لأن الصورفيه مشوشة ، وأنه لابد من تحديد الأعداء الذين يجب القضاء عليهم كالفاشيين الإسلاميين ) ( من يدفع الولايات المتحدة إلى مهاجمة إيران ؟ ميشال يمين – شئون الأوسط – العدد 125 ربيع 2007 والمقتطفات من national review 13-10-2005 ).

والحقيقة فان لدى طريقة أخرى فى عد الحروب على الاسلام ، فهى بلا عدد لأنها مستمرة منذ بدء الخلق ومتواصلة الى يوم الدين ولكن الفرق بين مرحلة وأخرى : هل نحن الغالبين أم المغلوبين وإن كنا لانتصرف مثلهم عندما نكون الأقوى ، وعندما تكون قويا فان فرص فرض السلام العادل بمبادىء الاسلام لاالسلام " العادل " اياه الذين يروجونه منذ كامب ديفيد ، ان فرص فرض السلام العادل تكون أكبر وأطول زمنيا ، وامكانيات الهدنات الطويلة تكون أكبر . فلسنا دعاة حروب وقد وصفها القرآن الكريم بأنها " كره لكم " ولكنه حضنا عليها دفاعا عن النفس والعقيدة والعرض والشرف والكرامة ، وهى بالأساس حرب دفاعية ، ونحن لانحتاج لنبرهن الآن على ذلك أمام أى منصف لأن الأعداء المسلحين القادمين من أبعد القارات : أمريكا الشمالية واستراليا ومابينهما ، اقتحموا علينا غرف النوم فى بعقوبة والنجف وقندهار وجباليا ونابلس وبنت جبيل ومقديشيو وحيثما وجد المسلمون فثم قصف الأعداء .

لنسمى اذن هذه الموجة العدوانية الأخيرة : الحرب الرابعة أو أى اسم كودى آخر وهى موجة لانستطيع أن نحدد لها تاريخا قاطعا لأن الموجة السابقة : الاحتلال الاوروبى عندما أفلت وسلمت الرايات لأمريكا وحدثت فترة من التحرر من الاثنين فى الخمسينيات والستينيات ( الموجة القومية ) إلا أن فلسطين كانت جملة مشتركة متواصلة بين العهدين وحتى الآن فيمكن أن نقول أن هذه الحرب الرابعة بدأت فى 1948 ويمكن أن نقول أنها بدأت صريحة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وتفرغ الناتو والغرب لمحاربة الاسلام ، ويمكن أن نقول أنها بدأت بحرب 1967 باعتبارها الحرب المشتركة بين الصهيونية وسيد العالم الجديد . ليست هذه التحديدات مهمة فى تقديرى لأن الحرب على الاسلام لم تتوقف دقيقة واحدة من كل قوى الغرب ولكنها تتلون بأشكال مختلفة وتسلم الرايات من جيش لجيش : أسبانيا – البرتغال – روسيا – انجلترا – فرنسا- أمريكا . فى هذا المقال نحن معنيون بالموجة الأخيرة جدا التى بدأت بالعودة الى الشكل الاستعمارى التقليدى بالاحتلال العسكرى المباشر والتى بدأت بأفغانستان ثم العراق ثم لبنان ثم الصومال وتستعد للسودان وايران بينما كما قلنا استمرت فلسطين تواجه آتون حرب الاحتلال الاستيطانى منذ الثلاثينيات من القرن الماضى وحتى الآن .

يقول البعض لماذا أنتم متفائلون فى حزب العمل رغم أن الحالة لاتسر أحد بل حال حزب العمل نفسه المصادرة جريدته وشخصيته القانونية ومقراته رغم انه هو الطرف الوحيد الذى حصل على أحكام قضائية فى كل المنازعات المخترعة أو الحقيقية . نقول إن الأمور لاتؤخذ بظواهرها ولاتؤخذ مجزءة وأغلب المتشائمين يقعون فى هذين الخطأين فبعض القوى السياسية تستبعد القوى الحليفة ولاترى الا تيارها فترى ان المشوار مايزال بعيدا جدا ولاتبدو له نهاية وهذا مانقصده بتجزئة الرؤية فبعض القوميين لايحسب انجازات الاسلاميين فى تقديراته والعكس بالعكس وبعض السنة يستبعد الشيعة من حسابات المعركة بل يضعهم فى صف الاعداء حتى وان كانوا فى حالة اشتباك دائم مع العدو كحزب الله! والذى يحمل السلاح يشطب على العاملين فى المجال السلمى والعكس بالعكس ( كان من اللافت أخيرا أن يتحدث أيمن الظواهرى عن العصيان المدنى باعتباره أحد الطرق والوسائل الجهادية وهو ماكان يرفض أو يستبعد من خطابه ) كانت الجماعة الاسلامية فى مصر تكفر أساليب الانتخاب والنضال السياسى المدنى وكان العاملون فى الحقل السياسى لايرون خيرا فى هذه الجماعةوغيرها وهذا مما يطول شرحه وليس فى صلب موضوعنا الآن ، ولكننى ألفت الانتباه الى أن تقدير الموقف الذى طرحناه فى لحظات سابقة ونطرحه الآن يستند الى تقدير واحترام كل ألوان الطيف السياسى والفكرى المعادى للحلف الصهيونى وكل التلاوين داخل كل تيار ،فنحن منذ زمن نحترم ونقدر كل تلاوين الطيف الاسلامى ونعتبر الجميع من العاملين فى حفر مجرى واحد فكنا دائما نحسب فى تقدير قوى الأمة جماعة الاخوان والتبليغ والدعوة والجمعية الشرعية وكل تنوعات التيار السلفى والجماعة الاسلامية والجهاد وهذا لايعنى عدم ادراك أو تمييع الخلافات حتى داخل التيار الاسلامى نفسه ولكننا كنا نرى أنه فى معترك الجهاد ومن خلال بعض المعارك المشتركة سيكتشف البعض اخلاص البعض وهذا هو المهم : الاخلاص لله وللمعتقد والتقوى والالحاح فى البحث عن الحقيقة أو ان شئت الدقة أكثر : تحرى الاجتهاد الأصح فى اللحظة المحددة لأن ماهو صواب فى مرحلة – كأساليب العمل الجهادى - قد لايكون مناسبا لمرحلة أخرى ، بمعنى أن الحياة أعقد مما نتصور فليس مانستريح اليه من اجتهاد معين حتى وان كان صحيحا يعنى أن مشكلة التفكير وقدح الذهن ( الاجتهاد ) قد انتهت حتى بالنسبة لموضوع معين . كذلك فان الخلافات لها منابع شتى : اختلاف الثقافات والخلفية الفكرية والاجتماعية لكل شخص أو تنظيم – اختلاف المصالح – اختلاف زاوية الرؤية – اختلاف الخبرات المعرفية والعملية. كذلك فان الحياة أو الواقع المر هو خير معلم وقد تحسم الأيام بل غالبا ماتحسم خلافات عميقة يرى كل الاطراف أنها لم تعد جائزة أو مقبولة بل وقد يدرك الجميع ان قدرا من الاختلاف مطلوب لتقليب الأمور على كل الأوجه ، كما أن الاختلاف حتمى والأفضل أن نتعلم كيف نتعامل مع بعضنا البعض رغم هذه الخلافات وأن نطور تعاوننا تجاه الهدف المشترك ، بل ليعلم الجميع ان الخلافات بين التيار الواحد تزيد وتصبح أكثر خطورة اذا وصل هذا التيار الى السلطة .

باختصار نحن نرى أن أمتنا تقاوم الغزو الصليبى الجديد ببسالة غير عادية وتحقق اختراقا ت وأشكالا متنوعة من التقدم على العدو فى شتى المجالات وليس فى المجال العسكرى فحسب بل ان المجال العسكرى رغم أهميته يصبح لامعنى له ان لم يكن مرتبطا بتصور سياسى فكرى متكامل .

ونضرب مثالا من آخر التطورات ، فى غزة ، حيث رأى بعض المناضلين والمجاهدين أن الموضوع من أوله لآخره كارثة ونهاية للقضية الفسطينية . فى حين أن ماجرى كان نموذجا لانتصار مؤزر للمقاومة فى واحدة من معاركها المهمة وأنها كانت فى صلب المعركة مع العدو الصهيونى وليس خروجا عن النص أو صراعا حزبيا أو صراعا على سلطة أو حكومة بلا صلاحيات سيادية حقيقية .ورأى بعض المجاهدين والمناضلين أن حماس أخطأت خطأ فاحشا من الناحية التكتيكية والاستراتيجية لأنها سيطرت على غزة فوقعت بين كماشة الحصار الاسرائيلى وسندان نظام مبارك الذى يلعب دور السجان وحامل مفتاح معبر رفح وهو كبواب أمين لأمريكا واسرائيل يفتح ويغلق بأوامر أسياده . اذن الأمر وكأنه واضح وشديد الوضوح اذن الجماعة الحماسيون لايفهمون فى السياسة وارتكبوا حماقة غير متصورة . والحقيقة فان هذا فهم مقلوب للأمور وهو غير ثورى ( بمصطلح القوميين ) وغير جهادى ( بمصطلح الاسلاميين ) . ولنبدأ بتذكرة هؤلاء الاخوة أن كل العناصر التى يتحدثون عنها كانت موجودة طوال السنوات الماضية : الحصار الاسرائيلى وكان معه مفتاح المعبر والقفل والكالون وبعد الانسحاب من غزة تم تسليم المفتاح للبواب المصرى بحيث لايفتح ولايغلق الا بأمر شارون أو أولمرت أو أى شاويش اسرائيلى. بل ان حركة حماس نشأت وتطورت فى ظل هذه الظروف السيئة وأسوأمنها. وفى ظل هذا الأسوأ تم تأسيس كتائب عز الدين القسام التى يقول عنها الاسرائيليون الآن أنها جيش منظم على أحدث طراز وأشد انضباط من 13 ألف مقاتل ( أتصور أن العدد الحقيقى أكبر من ذلك ). فما الذى يمكن أن تخسره حماس حتى تظل صامتة على استمرار ذبح خيرة مقاتليها ودعاتها على يد عملاء اسرائيل ؟ هل لأنهم يحملون هويات فلسطينية بينما عملهم الأصلى فى الموساد !! وهل كان يتعين على حماس أن تظل صامتة على هذه المذابح لأنها حصلت على 62% من أصوات الشعب الفلسطينى فى أنزه انتخابات عرفتها الأمة العربية ؟ كان يتعين على حماس أن تصمت على قتل أبنائها وشيوخها حتى لايظن أحد أنها متكالبة على سلطة وهمية . بل ان استمرار مطالبة البعض – وحديثى ينصب أساسا للمخلصين – حماس بالانسحاب من السلطة كلام نظرى لايضع الحقائق الجديدة فى الاعتبار فبالنسبة لغزة لاوجود للصهاينة داخل القطاع ، فتسليم السلطة لعملاء اسرائيل تحت شعار التفرغ للمقاومة سيؤدى الى الاضرار بالمقاومة لأن هؤلاء العملاء أكثر خطرا من اسرائيل لأنهم يعيشون داخل بيوت وحوارى غزة ويعلمون تفاصيل لايعرفها اليهود بأنفسهم وبتسليم السلطة لهم طواعية يعنى اعطاءهم شرعية لأن ذلك يتضمن التعهد بعدم التعرض لهذه السلطة العميلة وفى نفس الوقت فان فتح أو غلق المعبر يظل مرهونا بالرضاء الاسرائيلى فاذا استمرت عمليات المقاومة فان اسرائيل تستخدم ورقة الحصار حتى وان كان حاكم غزة هو دحلان ذات نفسه . وبالتالى فان الانسحاب من السلطة فى غزة أمر لامعنى له إلا تسليم منطقة شبه محررة للأعداء من جديد خوفا من تلوث الثوريين بأوساخ السلطة وهذا ما سمعنا به فى تاريخ المجاهدين وحركات التحرر فهذا التاريخ يشير الى مسألة الأراضى المحررة واقامة سلطة ثورية عليها حتى وهى سلطة غير كاملة من الناحية السيادية ويمكن للمحتل أن يضربها ويحاصرها فى أى وقت ولايمكن أن يكون رد الثوريين : يا أيها المحتلون تعالوا من فضلكم لادارة المناطق المحررة فنحن لاندير الا سلطة وطنية كاملة السيادة ( فهل فعل هذا الفيت كونج فى مناطقهم شبه المحررة بجنوب فيتنام أو الجزائرين فى جبال الجزائر أو الشيشان فى جبالهم أو أو ) سيرد أحدهم: ولكن وضع الضفة يختلف عن غزة . عظيم ! نحن لانتحدث بمفهوم أوسلو الذى يتصور أن التحرير سيمر عبر استلام السلطات الادارية تدريجيا من الاسرائيليين فى الضفة والقطاع ويجب أن نترك لحماس حرية المناورة مع الاعداء فى خطابها عن نصوص الدستور والقانون الاساسى أولا لأنهم على حق فيما يقولون ، فهذه أول مرة نسمع استخدام لفظ انقلاب على حكومة منتخبة تؤدب أجهزتها الأمنية المنشقة عن السلطة بالتعاون مع المحتل ، ولكن الأهم من الناحية القانونية وأسلوب الخطاب ، فنحن كقوى قومية واسلامية حليفة لحماس وغيرها من قوى المقاومة الفلسطينية ليس بيننا وبينهم من ميثاق إلا تمسكها بالمقاومة فطالما هى على هذا العهد وطالما ترفض الاعتراف باسرائيل فليس لنا أن نتدخل فى التكتيكات التفصيلية .

وبالتالى فاننا وان اعتبرنا غزة منطقة شبه محررة قرر الأعداء حتى فى عهد شارون اخراجها من المشروع الصهيونى بتفكيك كل المستوطنات اليهودية والانسحاب الى حدود 4 يونيو 1967 كما حدث فى الانسحاب من لبنان عام 2000 عدا مزارع شبعا .الا أن وضع الضفة ليس كذلك لأن المشروع الصهيونى يضعها فى القلب من حيث الرموز التوراتية وحيث الثقل الاستيطانى وحيث القرب بل الالتصاق بقلب الكيان : مثلث تل أبيب القدس حيفا . ولذلك فقد مزق العدو الضفة الى عشرات الكانتونات المغلقة بالاسوار وهذا واقع لايراه كثير من المناضلين العرب الذين يطالبون بانتفاضة جديدة ، ان الفلسطينييين يعيشون الآن فى مئات السجون بالضفة واذا تظاهروا سيتظاهرون على أنفسهم لأن اليهود أصبحوا موجودين خلف الجدار كما علمنا القرآن الكريم ، وبالتالى فان مستقبل المقاومة فى الضفة لن يكون غالبا الا عبر محاكاة مقاومة الصواريخ فى غزة لأنها هى الوسيلة الاساسية الآن للوصول الى تجمعات العدو . ويمكن لتجربة غزة أن تتكرر فى بعض كانتونات الضفة وبالأخص فى المناطق خارج السور العازل أى فى المناطق التى تنتوى اسرائيل الانسحاب منها على طريقة غزة ، أما التحرير الحقيقى والنهائى لفلسطين فلن يقوم به الفلسطينيون وحدهم بل جمهرة الامة العربية الاسلامية خاصة فى بلدان الطوق والبلدان التى تليها . وهذا ينقلنا الى جوهر المسألة : إن مناقشة وضع غزة مفصولا عن الحرب الشاملة على الأمة لايمكن أن يكون موضوعيا ولاصائبا ولا رشيدا ، نعم نحن أمام إمارة معزولة من الناحية الجغرافية بسبب خيانة الحكام ولايمكن لثورى أو اسلامى جهادى مصرى أن يقيم الأمر بعيدا عن دوره فى فك الحصار المضروب على غزة وهو واجب قديم لانقوم به كما يجب من الناحية السياسية ولاعلاقة له بالتطورات الجديدة الا فى الدرجة لاالنوع ، فهل لانملك كقوى شعبية فى مصر وعلى رأسنا الاخوان المسلمين القدرة على أن نقيم الدنيا ولانقعدها فى مصر الا بعد فتح معبر رفح للأفراد والبضائع بدون تحكم صهيونى ، أليست هذه فى حد ذاتها قضية عادلة دينيا وانسانيا وقوميا يمكن أن تحرك الشعب المصرى؟ ألم تندمج الآن قضية العالقين فى رفح من الفلسطينيين مع العالقين فى رفح والعريش من أهل سيناء الذين تحولوا الى مشردين فى وطنهم ؟ ألم يصبح المصريون محاصرين فى بلادهم حتى الموت من نظام مبارك العميل ، القضية واحدة اذن وهى أسخن ألف مرة من هذه الموجة المميتة من الحر ولكن المعارضة المصرية وعلى رأسها الاخوان المسلمين لاتريد أن تحزم أمرها مرة باتخاذ قرار استراتيجى بالمواجهة ولتكن الاولوية اللحظية لفك الحصار عن غزة فهى أولوية استراتيجية للحفاظ على هذه البقعة المحررة التى يبلغ طولها 45 كيلومترا وعرضا 15 كيلومترا ، وتحتوى على أغلى ثروة بشرية فى العالم : مليون ونصف المليون أغلبيتهم الساحقة استشهاديون .

ومما يؤسف له أن بعض القوميين والاسلاميين لم يدركوا أن الأمة كسبت معركة ولكل معركة خسائرها ولكن عندماتكون المكاسب أكبر نكون قد تقدمنا خطوة للأمام، فقد أحكمنا تحرير وتطهير جزء من فلسطين وحصلنا على ترسانة أسلحة أمريكية تقدر فى الحد الأدنى ب400 مليون دولار أى أن حماس حصلت على نصف المعونة العسكرية الامريكية لمصر خلال عام ، وحصلت المقاومة على أجهزة تجسس لاتقدر بمال ومعلومات لاتقدر بمال والأهم أنها أوقفت هذه البؤرة الصديدية عن العمل وهى بؤرة لم تكن فى الاطراف بل فى الدماغ ، أجهزة الأمن والرئاسة ، ولكن ذلك كان اجباريا لأن البديل كان خلال الشهرين الماضيين ( وهى فترة مابعد التطهير ) عشرات القتلى والجرحى كل يوم من الفلسطينيين من جراء الاقتتال الفلسطينى المفتعل والذى كشفت خطته مكتوبة حتى قبل عملية التطهير وكان موعدها خلال نفس الفترة وكانت الفصول الاولى قد بدأت بالفعل . والآن فان غزة تعيش أفضل حالات الأمن منذ 1967 ( أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) فيما يتعلق بشق الجوع فأرجو عدم المبالغة فى الأمر وأقول عبر معلومات موثوقة أن غزة ليست فى مجاعة أما المعاناة فهى موجودة وكانت موجودة دائما وكما قلت من قبل فان الفلسطينيين ملوك الصبر ، ويؤسفنى أن أقول للاخوة العلمانيين المغتاظين من الامارة الاسلامية فى غزة – بالمناسبة نحن غير مغتاظين من الامارة اليسارية فى فنزويلا ولسنا مغتاظين من أى امارة تقيمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى أى بقعة من الضفة الغربية شريطة ألا تتخلى عن خيار المقاومة . وبالمناسبة أيضا فاننا كحزب اسلامى لانرى أن الوقت هو إقامة دولة الخلافة فى غزة ولانرى أن حماس تفكر بهذه السذاجة فنحن فى مرحلة التحرير واعلاء كلمة لا اله الا الله الآن فى المحل الأول هو جهاد اليهود الصهاينة وتحطيم سلطتهم الاحتلالية الاستيطانية ولكن يجب ألا يغضب العلمانى الوطنى اذا رأى الاسلامى يستعين على جهاد المحتل بالايمان بالله وقيم الجهاد والطهارة والأخلاق الحميدة ، ويجب أن تحترموا إرادة الشعب الفلسطينى المثقف الذى اختار حماس الاسلامية ولاشك أن للسلطة فى غزة ملامح اسلامية ولكنها ليست الدولة الاسلامية ، ولايوجد أى مانع لدينا من تطور هذه السلطة الى يثرب محمد عليه الصلاة والسلام وقد كانت أصغر من غزة ومحاصرة أكثرمنها ، وكانت نسبتها من حيث المساحة والسكان لجزيرة العرب أقل من نسبة مساحة وسكان غزة لفلسطين. هذه الواحة الصغيرة لم تك شيئا بالنسبة لمكة العتيدة عاصمة العرب الدينية والثقافية والتجارية والعسكرية وفى واسطة عقدها قريش القبيلة الزعيمة بلا منازع بينما كانت يثرب منقسمة على نفسها بصورة حادة بين الأوس والخزرج من ناحية وبينهما واليهود من ناحية أخرى وكان العداء يصل الى حد اعداد كل قبيلة لابادة الأخرى عن بكرة أبيها . ولكن يثرب التى لم تعرف الاسلام الا قبل الهجرة بوقت يسير كان لها كل هذا الدور الهائل فى تاريخ الاسلام والبشرية جمعاء . بعد 10 سنوات من البعثة دخل 6 من يثرب الاسلام وفى العام الحادى عشر انضم اليهم ستة آخرون وكانت بيعة العقبة الأولى وفى العام الثانى عشر للبعثة كانت بيعة العقبة الثانية من 73 رجلا وامرأتين من يثرب وبعد شهرين من هذه البيعة بدأت هجرة مكثفة من المسلمين الى يثرب وفى العام الثالث عشر من البعثة هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام وأبوبكر الصديق بينما افتداه على ابن ابى طالب . وكادت مكة تخلو من أى مسلم ظاهر . وهكذا نجد أن يثرب لعبت دورا جد قصير فى حياة الدعوة قرابة 10 سنوات كقاعدة للاسلام بعد أن أصبحت المدينة المنورة حتى فتح مكة .

لسنا ضد أى تحول اسلامى فى بنية الامارة الغزاوية خاصة اذا أصر الاعداء على الفصل بين الضفة والقطاع ولكن الشريعة الاسلامية لايمكن أن تطبق بصورة متكاملة فى هذه الامارة التى لاترقى الى الحد الأدنى من مقومات الدولة ، بل ان الانفصال الذى يجرى الآن بخطة من الأعداء يأتى على أساس الفصل بين المقاومة فى غزة والانبطاح المفترض أن ينجح فى الضفة وليس على أساس الفصل بين الدين والعلمانية وان كانوا لاينكرون عداءهم للدين الاسلامى خاصة اذا طرح بصيغته الحقيقية الجهادية . بمعنى ان عباس لو طرح النضال المسلح ضد الاحتلال الصهيونى فى الضفة تحت رايات وطنية علمانية وقامت حماس الاسلامية بالتفاوض والتحاور مع المحتل لتحول الأعداء الى محالفة حماس وغزة باعتبارهما يمثلان الاسلام الرشيد ولدمروا عباس والضفة باعتبارهما يمثلان الارهاب .

لكن مما يؤسف له أن الأعداء كانوا أكثر تقديرا للموقف من بعض أصحابنا القوميين الذين لايتوقف بعضهم عن مهاجمة حماس رغم كل المخازى التى تم اكتشافها فى مقرات أجهزة الأمن والتى برهنت بلا منازع على أنها ( أى الاجهزة الامنية الفلسطينية ) كانت مجرد زوائد دودية للشباك والأمان والموساد .

فقالت الواشنطن بوست إن ماحدث فى غزة كان هزيمة جديدة لإدارة بوش فى الشرق الأوسط . وخرجت الصحف الاسرائيلية جميعا تلعن " أبو خاش" دحلان وعباس باعتبارهما عميلين فاشلين وضعيفين ولايرجا لهما شفاء . وان كان أولمرت يتعاون مع عباس ومجموعته فهذا من حيلة العاجز فهل هناك أمامه سوى هذا الخيار الذى يتزاوج مع التعاون المصرى الاردنى . ولكن كل المحللين الغربيين يجمعون على أن الوضع الآن بعد اعادة تحرير وتطهير غزة أصبح أسوأ بالنسبة اليهم . ( راجع فى موقع العمل (el-3amal.com) نصوص مقالات الصحف الاسرائيلية والامريكية ) . واكتفى الآن بالاشارة الى مقال أنتونى كوردسمان وهو من أهم وأشهر المحللين العسكريين والاستراتيجيين فى أمريكا فهو يقر بكفاءة حماس باعتبارها ( منظمة و فعالة أكثر مما كان متوقعا) ووصف الطرف الآخر وهو قوات الأمن الفلسطينية بأنها ( أضعف وأكثر انقساما وفسادا وأقل شعبية . وليس واضحا لماذا كانت فتح الى هذا الحد غير فعالة وغير منظمة ، ولماذا كانت المعلومات المتعلقة بقدرات حماس بهذا الضعف . وحتى مايو كان لايزال بعض المستشارين الامريكيين والمسئولين الاسرائيليين يعولون على تدريب الحرس الرئاسى وضعف حماس من أجل دفع هذه الأخيرة إلى التسوية . وعلى الأقل يقول بعض المسئولين فى الجيش الاسرائيلى أن القوات الاسرائيلية تستطيع فى حالة الطوارىء الشديدة التدخل لدعم السلطة الفلسطينية ) وهو هنا يوضح أن الخطط التآمرية العباسية الامريكية الاسرائيلية كانت موجودة ولكنها فشلت واندحرت تحت وطأة المفاجأة وسرعة الانقضاض الحماسى . ورغم شدة عداء كوردسمان لحماس وللاسلام إلا انه يعترف بما تقوله حماس حين يقول ( ثمة مؤشرات أن العناصر الأصغر فى قوات فتح الأمنية قد انقلبت على قادتها أو بكل بساطة اتخذت موقفا حياديا لاعتقادها أن العناصر السابقين والقادمين من تونس إلى غزة " فاسدون عنيفون وغير فعالين " . كما أن أثر القتال ضد الجيش الاسرائيلى منذ العام 2000 مقابل استخدام السلطة الفلسطينية للمال ل أذية حماس جاء فى النهاية لصالح هذه الأخيرة . وفى الواقع إن تجويع الفلسطينيين لإيذاء حماس كان من شأنه أن يظهر فساد ووحشية وعدم كفاءة العديد من القادة الفلسطينيين والمسئولين وقوات الأمن ) هل يمكن لخالد مشعل أو اسماعيل هنية أن يزيد على ذلك !!

ويتصور البعض أن غزة ستصبح لقمة سائغة للاعداء وهذا كلام لايعرف ألف باء الاستراتيجية والقوانين الاجتماعية فمثلا لكل فعل رد فعل مساو له فى القوة ومعاكس له فى الاتجاه وهذا ماتنتهى به مقال كوردسمان فينصح بعدم حشر غزة فى الزاوية وهذا مايفعله الاسرائيليون منذ شهرين فالعملاء العرب هم الذين تحدثوا عن قطع الماء والكهرباء والغاز ولكن كان الأعداءأكثر ذكاء وتقديرا للموقف من العملاء . وهذا ماسيمو داليما وزير خارجية ايطاليا يحذر من أن الخط المتشدد الذى ينتهجه الغرب ضد حماس وحزب الله يمكن أن يدفعهما الى أحضان القاعدة ووصف حماس بأنها قوة شعبية حقيقية تمثل جزءا من الشعب الفلسطينى وقال فى الوقت الذى لايعترف فيه الغرب بحكومة حماس المنتخبة يدعم كل النظم الدكتاتورية وهذا ليس موقفا عظيما فى الديموقراطية. وقد أيد الحزب الشيوعى الايطالى هذه التصريحات التى تمثل السياسة الخارجية الايطالية حتى اشعار آخر.

وأشار ضابط اسرائيلى وكبير المراسلين العسكريين فى الاعلام الاسرائيلى الى أن حماس قد جهزت جيشا حقيقيا فى القطاع يتراوح بين 12 و13 ألف رجل يشكلون أربعة أفواج جيدة التسليح والتدريب موضحا أن الحركة نجحت فى تهريب مالايقل عن 20 طن من المتفجرات والاسلحة الاتوماتيكية وقذائف مضادة للمدرعات وأيضا قذائف مضادة للطائرات وكل هذا فى غضون شهر واحد ورأى أن حماس قفزت " سنوات ضوئية " فى قدراتها العسكرية بعد عامين من الانسحاب الاسرائيلى من غزة وأضاف ان حماس لاتحتاج لوقت طويل لتمتلك صواريخ كاتيوشا يصل مداها الى عشرات الكيلومترات. وهو لم يتحدث عن أسلحة اسرائيل وأمريكا التى أضحت فى حوزة حماس بعد الاستيلاء على مقرات الامن العميل .

فى الدراسات العسكرية الاسرائيلية ينظرون الى الأمور بشكل شامل ويربطون بين غزة والضفة ولبنان وايران وسوريا بينما بعض الاستراتيجيين العرب يصرون على الحديث عن غزة وحدها وكأن حزب الله يحارب جيشا آخر غير الجيش الاسرائيلى الذى يحارب حماس ! ( حقا ان العداء للاسلام أعمى بصيرة البعض من القوميين العرب ) .

أخيرا أصدر معهد رؤوت الاسرائيلى للدراسات الاستراتيجية دراسة عن النظرية الأمنية الاسرائيلية جاء فيها ( مع الوقت ستجد اسرائيل صعوبة أكبر فى انهاء سيطرتها على الفلسطينيين لأن القوات العربية الفلسطينية الاسلامية التى تعمل ضد انهاء الاحتلال الاسرائيلى فى الضفة تتعزز ( يقصد خطة شارون أولمرت للانفصال عن الفلسطينيين بالسور العازل وبقرار منفرد) ويضيف ( كلما مر الوقت من المتوقع أن تدفع اسرائيل أكثر وأن تحصل على الأقل ) .

لاحظوا هنا أن الدراسة تلحظ نمو المقاومة النسبى فى الضفة وهو مالايتابعه بعض اخواننا الاستراتيجيين من التيار القومى المتفرغين لمهاجمة حماس والحقيقة أن العمليات فى الضفة يومية وان الاجتياحات الاسرائيلية فى الضفة يومية بسبب ذلك رغم مافى ذلك من احراج لعميلها عباس . وبالتالى فان الذين يتحدثون عن تحويل الضفة الى جنة وغزة الى جحيم يروجون لتصور ساذج . أولا ان حدث فان الفضل فى ذلك يكون لحماس فمحاولة شراء 2مليون فلسطينى فى الضفة تعنى تخفيف الحواجز وانعاش الاقتصاد وكل هذا جيد ولكنه وهم فبعد أيام قليلة سيصبح عدد المعتقلين الجدد من الضفة أكثر من العدد الذى أفرج عنه أولمرت مؤخرا . كما أن تخفيف القيود والحواجزسيؤدى الى تسهيل عمل أذرع المقاومة فى الضفة ولذلك فان تحويل الضفة الى جنة نوع من الوهم ناهيك عن أن الشعب الفلسطينى تجاوز هذه المرحلة منذ زمن وهو الذى انتخب حماس فى الضفة كما انتخبها فى غزة .

وسنعود لهذه الدراسة مرة أخرى عندما ننتقل الى الساحة اللبنانية لانها تربط بشدة بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية وتتحدث عن انهيار نظرية الأمن الاسرائيلى وتطالب بنظرية بديلة سريعة دون أن تتمكن من تقديم خطوطها العريضة وهذه سمة كل المقالات والدراسات الاسرائيلية وهى أكبر دليل على الأزمة الوجودية ، الكل يشتكى والكل لايجد حلا ولابديلا مقنعا متكاملا مفهوما .

وهناك دراسة اختصت بصواريخ القسام التى لاتعجب عباس ولابعض الاستراتيجيين العرب وهى بعنوان هل بالامكان تدمير صواريخ القسام ؟ للباحث جبرائيل سيفونى من معهد البحث الأمنى القومى والاجابة باختصار كانت : غير ممكن . فقد توقع زئيف شيف وهو من كبار المحللين العسكريين ان لم يكن أهمهم على الاطلاق وقد مات منذ أيام كان قد توقع فشل قدرة الردع الاسرائيلية فى مواجهة صواريخ القسام وتوقع أنه عاجلا أم آجلا سوف يطور الفلسطينيون من قدرة ومدى الصواريخ وسوف ينجحون فى تهريب كميات كبيرة من الصواريخ ذات المدى الطويل .

وتقول الدراسة بشكل قاطع ( من المستحيل القضاء أو تهديد إمكانية إطلاق الصواريخ فى شكل دائم .) وتقول مالم يفهمه الاستراتيجى القومى الذى يتصور أن غزة معزولة حقيقة عن العالم تقول ( المواجهة الاسرائيلية ضد الارهاب فى غزة تجرى ضمن قيود سياسية ودولية )

ولا أريد اغراق القارىء فى التفاصيل الفنية التى تنتهى الى استحالة وجود حل تقنى لضرب هذه الصواريخ القصيرة المدى والبدائية فى الجو قبل وصولها لاسرئيل. ويكفينا التذكرة بأن اسرائيل لم تعترض صاروخا واحدا من صواريخ حزب الله فى حرب تموز الاخيرة ( 4 ألاف صاروخ ) رغم أنها أسهل فى الاصطياد من القسام البدائية ولكن صواريخ باتريوت فى حيفا كانت مجرد متفرج على مهرجان صواريخ حزب الله الذى حول حيفا الى جحيم لم تعرفه فى تاريخ الكيان .

***************

نخلص من كل مامضى أن موقعة غزة وان كانت اجبارية وان كانت لم تكن أصلا فى حسبان حماس إلا أنها كانت ضرورية وتحولت الى انجاز استراتيجى يضاف الى انجاز التحرير الأول لغزة والى انجازات تحرير جنوب لبنان والى انجازات باقى ساحات المقاومة والصمود من اسلام أباد ووزير ستان وبدون انقطاع أرضى حتى فلسطين وجنوب لبنان . وأن هلال المقاومة يعبر مصر ويتخطاها الى السودان والصومال وعلى الاطراف هناك تطورات بالغة الأهمية فى بنجلاديش وتركيا. ومصر فى النهاية هذه الدرة المفقودة والمسروقة تشهد أشكالا متنوعة من المقاومة السلمية ولانحسب – على خلاف الظاهر – أن النظام المصرى مستقر أو يمكن أن يظل مستقرا فى ظل كل هذه العواصف والبراكين المحيطة به . أما على المستوى الدولى فان الحرب الباردة أضحت حقيقة لاخيالا بين روسيا وأمريكا وهناك الصين وأمريكا الجنوبية ولذلك أكتفى الآن بالموقعة الغزاوية . وكل 3 أيام سأضيف جزءا جديدا الى المقال فبرجاء أخذه فى النهاية كوحدة واحدة وأحسب أنه سيستغرق 3حلقات أخرى باذن الله .

الجمعة 27 يوليو 2007
.............................................
ألا إن نصر الله قريب 2

الامة انتصرت بشكل حاسم فى لبنان .. وتتجه لانتصارحاسم فى العراق وأفغانستان وإيران

وتواصل انهاك العدو فى فلسطين .. صمود ملحوظ لسوريا والسودان .. بداية المقاومة الشرسة فى الصومال

مكاسب هائلة فى ماليزيا وتركيا .. ومكاسب ثقافية واجتماعية وحضارية فى كل البلدان الاسلامية

نظام مشرف آيل للسقوط القريب .. والنظامان فى مصر والأردن ليسا فى مأمن بأى حال من الأحوال

الوزن الأمريكى الدولى فى تراجع مستمر .. والتعددية الدولية بدأت تترسخ وتأتى أكلها

بقلم مجدى أحمد حسين

[email protected]







لأننا فى حرب عالمية فلسنا أمام خط جبهة واحد فهناك خط الجبهة الرئيسى ضد الكيان الصهيونى وتتمترس فيه المقاومة الفلسطينية واللبنانية والمساندة السورية لهما وهناك العراق وأفغانستان فى خط جبهة المقاومة مع قوات أمريكا وحلفائها وغدا – لاقدر الله – ايران . والحقيقة فان مصدرا عسكريا بريطانيا كان قد صرح بأن دور ايران فى العراق تجاوز تسريب الأسلحة للمقاومة السنية والشيعية ، بل وتجاوز التدريب فى معسكرات داخل ايران أو داخل العراق ، تجاوز كل ذلك الى حد القتال المباشر وأن هناك مجموعات من الحرس الثورى الإيرانى تعبر الحدود من الجنوب وتضرب مواقع للجيش البريطانى فى العراق وتنسحب .

ودارفور والصومال أيضا جبهة مواجهة أمامية ، وبالاضافة لذلك هناك اشتباكات متنوعة فى شتى أنحاء العالم ، وأنت اذا تابعت الشريط الاخبارى فى عدد من المحطات الفضائية ستلاحظ أن الحرب العالمية مستعرأوارها فى شتى أنحاء العالم وأن أزيز الرصاص والقصف والقنابل تدوى بلا انقطاع فى شتى أنحاء العالم. فبعد الجبهات المركزية فى فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال حيث توجد حروب بالمعنى الحرفى للكلمة نجد أن الحرب انتقلت الى باكستان المجاورة لأفغانستان بصورة صريحة لاالتباس فيها ونجد أشكال من المواجهات وأعمال العنف المتنوعة تندلع فى لندن والمغرب والجزائر وتونس وتشاد ( المتشابكة مع أوضاع دارفور ) ومصر ( تفجيرات سيناء) ونجد أرتريا متهمة الآن بتسريب أسلحة للمحاكم الاسلامية فى الصومال نكاية فى أثيوبيا. واليمن لايخلو من أعمال العنف ( صعده – تفجير معبد بلقيس ) – الشيشان – داغستان – تركيا والأكراد – الفلبين – اضطرابات وصعود اسلامى فى بنجلاديش فالصراع له أبعاده السياسية والثقافية ولايقتصر على القتال فنحن أمام حرب عالمية من نوع خاص وجديد ترتدى ثياب العصر . فهناك حرب ضروس على الانترنت والفضائيات وهناك مقاومة سلمية لاسقاط أنظمة موالية لأمريكا وهناك حركات اسلامية تحقق انتصارات عن طريق أى انتخابات نزيهة ممكنة : مصر – ماليزيا – تركيا على الخلاف الواضح بين التجارب الثلاث.
ولكن قبل أن نواصل تقييم ساحات المواجهة فلابد أن تكون الرؤية شاملة وهذا كما ذكرت من أهم أسباب اختلافنا فى التقدير مع البعض الآخر المتشائم . نحن نرى أننا أمام نهضة وصحوة أمة وعندما تنهض أمة بأسرها فهى تنهض بكل ميولها واتجاهاتها وامزجتها وتنوع مشاربها بأهل الجبل والسهل ، البدو والحضر ، الوطنيين والقوميين وبكل مذاهبها واجتهاداتها فى المجال الاسلامى وهى شديدة التنوع حتى فى المذهب الواحد والفرقة الواحدة والتيار الواحد . الأمة تنهض بقدها وقديدها ، بعجرها وبجرها ، تنفجر كظاهرة من ظواهر الطبيعة كالبركان أو الفيضان . والفيضان يحمل فى طياته الخير العميم والشر المستطير حتى يستقر تدفق المياه فى المجرى ولايبقى فى النهاية الاالخير وتتم إزالة آثار التدمير . وصحوتنا الاسلامية هكذا ولكننا لاندافع عن أخطائها وجموح بعض تنظيماتها أو نكوص البعض الآخر عن واجب الجهاد ، ولكننا نوقن أنها تصحح مسارها بنفسها من خلال الخبرات المتجددة وأن كل فروع النهر ستصب فى النهاية فى المجرى العظيم الواحد. نحن فى حزب العمل بالتأكيد ننتمى الى فريق دون آخر واجتهاد دون آخر ولكننا مع الجميع ونرى أن كل القوى والهيئات المناهضة للحلف الصهيونى الامريكى والمختلفة معه فكريا وثقافيا هى كلها التى تصنع النصر . وأعتقد أننا فى حزب العمل كنا من الرواد والمتفردين فى هذا المجال ونحسب أن رؤيتنا تنتصر تدريجيا وأن قوى دعوناها من قبل للتعاون وكان كل طرف لا يريد مجرد أن يسمع اسم الطرف الثانى ، أصبحت الآن متعاونة مع بعضها البعض . نحن مع كل القوى التى تنتهج خط الكفاح المسلح فى البلاد المحتلة بصورة مباشرة : فلسطين – العراق -- لبنان – أفغانستان – الصومال . ومع كل القوى التى تناهض الاحتلال فى هذه البلدان بوسائل سياسية ومدنية وسلمية كعمل مكمل للمقاومة المسلحة . ونضع ضمن نهضة الأمة القوى التى تسعى للتغيير بشكل سلمى ضد نظم موالية للأعداء ( الحركة الاسلامية الباكستانية بزعامة الجماعة الاسلامية التى يرأسها القاضى حسين ). ونرى ان تيار القاعدة جزء من قوى الأمة وان اختلفنا مع بعض فكره وبعض ممارساته وفى بعض المواقف تزيد مساحة الخلاف بينما تضيق أو تتلاشى فى مواقف وممارسات أخرى. ونحن نتفهم دوافع القوى الاسلامية التى تستخدم وسائل العنف لتغيير الأنظمة العميلة بمعنى أن هؤلاء مجتهدون أخطأوا وكنا دائما ضد تجاوزات الأنظمة الاستبدادية العميلة للأجنبى ضدهم ورأينا أن الحوار معهم لتغيير قناعاتهم هو الأساس . ولانستبعد من نهضة الأمة القوى الاسلامية التى تكتفى بالسقف الانتخابى المحدود وتتخذ موقفا اصلاحيا محدودا فى حدود مايسمح به النظام وفى حدود الممكن كما يقولون فممارسة هذا التيار تمهد الأرض للتغيير وتقاوم فى بعض المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية وهذا التيار منتشر فى المغرب ومصر واليمن والأردن واندونيسيا . وهناك تيارات مبهرة فى تميزها وتفردها فالتيار الاسلامى الذى يحكم ماليزيا وكان يتزعمه محاضر محمد قدم تجربة لامثيل لها فى بعض مراحلها وأفكارها قد لاتعجبنا هنا ونحن فى مركز الصراع ولانستطيع أن نحاكيها ومع ذلك علينا أن ننحنى لانجازاتها النهائية التى أثبتت أن ايجابيات التجربة أكثر بكثير من سلبياتها .فحزب محاضر محمد لم يكن له أى تاريخ فى النضال المسلح ضد الاحتلال وكان هذا الشرف للتيار اليسارى . وعندما قررت بريطانيا الانسحاب سار تيارمحضير محمد فى طريق الاستيلاء التدريجى البطىء على الادارة والسلطة ووصل من خلال الانتخابات وتعامل مع المستعمر القديم فى بداية الأمر بمنتهى الليونة وفى المقابل لم تكن ماليزيا فى أعلى سلم أولويات الغرب فقد كانت مجرد مزرعة مطاط . والتجربة يطول شرحها ولكننا ننتقل سريعا الى النهاية الآن : ماليزيا واحدة من أهم الدول الصناعية فى العالم .. ماليزيا مستقلة فى قرارها السياسى والاقتصادى .. محضير هو واحد ضمن قلة قليلة أقل من عدد أصابع اليد الواحدة من زعماء العالم الاسلامى يهاجم اليهود وهو فى السلطة .. نعم أقول اليهود لا الاسرائيليين ، ففى الغرب إن سمح ببعض النقد لإسرائيل فان الهجوم على اليهود محرم الى حد القتل أوالسجن. أما السياسى فاذا قالها فهذا هو الانتحار بعينه .ولكن محضير كشف الشبكة العنكبوتية فى عالم المال والتى لايمكن توصيفها إلا باليهودية . محضير ذاك الخفيض الصوت الناعم فى ادارة الصراعات ركل صندوق النقد الدولى بالحذاء ونفذ الخطط الاقتصادية التى تخدم مصلحة بلاده. وأخيرا وضع معهد علمى أمريكى ماليزيا فى المرتبة الثانية فى العالم كاقتصاد تنافسى وجاءت بعد الولايات المتحدة ! وللاقتصاديين معايير عديدة لتصنيف الدول ففى مجال التجارة العالمية تأتى ماليزيا فى المرتبة 17 وصنفها تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة فى المرتبة التاسعة ضمن أهم 30 دولة مصدرة للتقنية العالية واحتلت مركزا متفوقا على كل من الصين وإيطاليا والسويد. وبمعيار قوة الاقتصاد المحلى تحتل المركز الخامس فى العالم ( الدكتور محضير محمد بعيون عربية واسلامية – د. عبد الرحيم عبد الواحد). وهذه الدولة الجبارة اقتصاديا وعلميا تضع نفسها وبمنتهى التواضع فى خدمة العالم الاسلامى . ولكن العملاء العرب والمسلمين يفضلون الشحاذة من أمريكا والغرب . ولكن السودان الحر المستقل استفاد من هذه القوة الاقتصادية البازغة خاصة فى مجال البترول . كذلك دعمت ماليزيا مجاهدى البوسنة والعراق وهو محاصر حيث زارته زوجة محضير بنفسها ودعمت لبنان والقضية الفلسطينية وكانت ضد غزو أفغانستان . وهكذا تحولت هذه القوة الاقتصادية البازغة الناعمة إلى بعض الخشونة وبعد أن نمت أسنانها فهى تتعامل مع الانجلوسكسون وكل الغربيين بمنتهى الندية واحترام النفس . يكفى أن تعرف أن ماليزيا مساحتها ضئيلة للغاية وهى عبارة عن أجزاء ملفقة من أجزاء من جزر وجزء من شبه جزيرة الملايو وأنها تعج بالأعراق واللغات والأديان – المسلمون 60% - وأن عدد سكانها 24 مليون نسمة فقط!! ولكنها تمثل للأمة كل هذا العمق الاستراتيجى لمن يريد أن يفهم أو يلقى السمع وهو شهيد .

من الروايات الطريفة والمؤلمة فى آن أن أحد الوزراء الماليزيين ألتقى بأحد اصدقائه المصريين وما أكثرهم فقد درس فى الأزهر وكان المصرى متلهفا على معرفة نتائج زيارة محضير محمد لمصر فقال له الوزير الماليزى : مالذى دهى مصر والمصريين .. نحن لم نجد عندهم أى اقتراحات أو تصورات لأى مشروعات وقالوا لنا: كيف يمكن أن تساعدونا ؟ وماهى أفكاركم ؟ فهل هذه هى مصر العظيمة ؟

اذا كنت ستفكر من زاوية معظم الانظمة العربية والاسلامية فالوضع يبعث على منتهى التشاؤم ولكن الأمة تنهض من جديد ولم تصل الى الحكم الا فى ماليزيا وايران والسودان بينما فقدنا الحكم سريعا فى أفغانستان والشيشان والبوسنة ، ولكن معظم الصحوة فى قاعدة المجتمعات العربية والاسلامية وهذا هو المهم وهو الضمانة للمستقبل القريب والبعيد . وفى كثير من المواقع فالصحوة على أعتاب السلطة.

وتركيا مثال آخر يحمل بعض الملامح المشتركة مع ماليزيا ولكن له تفرده الخاص . ونحن فى حزب العمل نرى إن مشروع نهضة الأمة يضم أطرافا تبدو شديدة التعارض ولكنها تخدم المشروع كل بطريقته ووفقا لظروفه الخاصة ، يضم الظواهرى وبن لادن من ناحية ورجب طيب أردوجان وحزبه فى تركيا على الطرف الآخر وبينهم ايران خامنئى وأحمدى نجاد وحزب الله اللبنانى والمقاومة العراقية والافغانية والفلسطينية ومحاكم الصومال والسودان . وسأتحدث فيما بعد عن الخلافات بين هذه الأطراف وأنها مرشحة للتراجع ولا أقول الزوال نهائيا . ولكننى أطمح أيها القارىء العزيز أن تتأمل مانطرح ببعض الروية وأن تعيد قراءة الأحداث على ضوئها لاكتشاف مدى صدقيتها . والمثير للحزن أن تقارير الأعداء أكثر ادراكا لهذه الحقيقة من بعض نخب أمتنا .التقارير الامريكية والاسرائيلية تضع كل هذه الأطراف على صعيد واحد ربما باستثناء العدالة والتنمية فى تركيا وإن كان فى الغرب مايزال تحت الاختبار والترويض وإن شاء الله يخيب فألهم ولنا عودة للساحة التركية . فيما عدا العدالة والتنمية تضع التصورات الغربية والاسرائيلية الارهاب السنى والشيعى على صعيد واحد والتيارات القومية والاسلامية المناهضة للاستعمار واسرائيل على صعيد واحد . بينما يغذون الفتن فيما بيننا لأنها وسيلتهم الفضلى للنيل منا .

تقارير العدو الصهيونى على أرفع مستوى لديهم تقول أن من أسباب هزيمتهم فى حرب 2006 بلبنان أن الجيش الصهيونى استنزف وأرهق فى مواجهة الانتفاضة الفلسطينية على مدار 6 أعوام . واليوم فان المستنقع الافغانى الذى تورط فيه الأمريكان لايشجع على توسيع العمليات فى باكستان والورطة فى العراق ضاغطة لعدم التورط فى كارثة أكبر بالهجوم على إيران . والحقيقة فان حزب الله والشعب اللبنانى قد افتديا - بدون قصد مباشر – ايران وسوريا لأن ممارسة حزب الله من الناحية التقنية أفزعت الأعداء ليست اسرائيل فحسب بل أمريكا حيث هزمت تقنيتها العسكرية والاستخبارية فى لبنان وأمريكا خسرت أكثر من اسرائيل ، لانه لم يعد بامكانها أن تعول كثيرا على الآلة الحربية الاسرائيلية . والأمريكان عالقون فى العراق وأفغانستان بصورة مروعة حيث كل الخيارات أسوأ من بعضها فبالبقاء وزيادة القوات مستنقع استنزاف لانهائى والانسحاب السريع هزيمة معجلة . ونحن بالنسبة لنا فلا ندرى أى الخيارين أفضل فنحن نربح فى الحالتين ، ويكفى أن الامريكان تلقوا درسا لن ينسوه لعدة عقود ولن يجرؤا بعد ذلك على احتلال دولة عربية أواسلامية بسهولة . اذن نحن أمام مشروع مقاوم واحد بداخله كثير من التلاويين ومشروع استعمارى عدوانى واحد بداخله بعض التلاويين والخلافات التكتيكية المصلحية .

كذلك فقد وضعنا فى مشروعنا الحضارى التحررى كل قوى أمتنا المناهضة للغزو والعدوان والتسلط الصهيوأمريكى بما فى ذلك التيارات والنظم القومية الطراز ورغم ادراكنا أن التيار الاسلامى هو الغالب فى كل ساحات المقاومة إلا أننا ندرك ضرورة توحيد كل قوى الأمة فى جبهة صلبة عريضة لدحر العدوان . ولذلك فقد رأينا فى جبهة المواجهة :

العراق بعد انتهاء خصومته مع ايران أى بعد 1988 وسوريا التى تلعب دورا بالغ التأثير مع أبرز ساحات المقاومة : العراق – فلسطين – لبنان ، ونظام الجماهير ية حتى سقوطه الصريح بتسليمه الطوعى لبدايات مشروعه النووى للامريكان وخروجه النهائى من ساحة المواجهة وكنا حتى وقت قريب نضع النظام اليمنى برئاسى على عبدالله صالح مع هذه القوى القومية ولقد رأينا له العديد من المواقف العروبية المخلصة وأيدنا الحرب الخاطفة التى قام بها لتوحيد اليمن ومانزال نقدر هذا الانجاز القومى التاريخى ولكننا لاحظنا التدهور الشامل لهذا النظام ربما بعد 11 سبتمبر 2001 فأصبح الارتهان بأمريكا واضحا فى كافة السياسات العليا تحت شعار التعاون لمكافحة الارهاب وكشفت حادثة المدمرة كول الامريكية التسهيلات العسكرية المفتوحة التى يعطيها النظام للامريكان . . كذلك فإننا نرى أن مشروعنا التحررى ينضوى على جزء من السلطة اللبنانية : رئيس الجمهورية الوطنى والعروبى إميل لحود ( وهو مسيحى مارونى ) ورئيس السلطة التشريعية نبيه برى . وخارج السلطة نحن نعتبر كل القوى الوطنية والقومية العربية فى كل البلاد العربية جزء لايتجزأ من مشروع نهضة الأمة وهم يأخذون حصتهم فيه كغيرهم بقدر العطاء والبذل والتضحية وبقدر القاعدة الجماهيرية التى يمثلونها ، حتى وإن ظل بعضهم يجنح للعلمانية فالمعيار الأساسى هو الموقف من الحلف الصهيونى الأمريكى الغربى المعتدى علينا ، وهذه القاعدة تطبق على الجميع : الوطنى - الاسلامى – اليسارى – الليبرالى – السنى – الشيعى – القومى . وموقفنا من التيار اليسارى والشيوعى يحتكم لنفس القاعدة . ولكننا لن نخفى هويتنا بل نطرح موقفنا من الحلف الصهيونى الأمريكى على أساس اسلامى ومن منطلقات اسلامية ، والتيار الأقوى هو الذى سيقود ويطبع مشروع النهضة بطابعه فى اطار من التفاعل الحر . وقد نظرنا بإعجاب شديد وتقدير لكل القوى الناصرية واليسارية التى ساندت حزب الله وحماس فى حربهما الضروس ضد اسرائيل أما العناصر أو القوى التى – بمناسبة أحداث غزة – ستغلب العداء على الاسلام على العداء مع الصهيونية والأمركة وعملائهما فهؤلاء هم الذين يخرجون أنفسهم من مشروع النهضة التحررى . وهم من طريق والأمة من طريق آخر . فبعد كل الحقائق التى تكشفت عن عمالة جناح عباس – دحلان لاسرائيل بالوثائق وبالآلاف فإن الذى سيواصل تركيز الهجوم على حماس باعتبارها غدرت برفيق الجهاد (فتح ) لايمكن أن يفهم موقفه إلا على أساس أنه يفضل العميل على الاسلامى ولاأقول يسوى بينهما .

كذلك ولأن مشروع الأمة ليس مشروعا حزبيا لتنظيم سياسى أو مجموعة من التنظيمات بل هى صحوة سياسية عسكرية اقتصادية اجتماعية ثقافية علمية أى صحوة تشمل كل مناحى الحياة فاننا نرصد ونضع فى رصيد النهضة العربية الاسلامية المقاومة كل الأنشطة الأهلية فى هذه المجالات وكل الجمعيات التى لاتعمل فى السياسة بشكل مباشر بدءا من الكتاتيب فى أصغر قرية مصرية أو خلوة فى أصغر قرية سودانية ، نضع هذا الاقبال الهائل على الزى الملتزم بآداب الاسلام والسنن وأداء الحج والعمرة والاقبال على النوافل وأن يكون الكتاب الدينى هو الكتاب الأكثر مبيعا فى أى مكتبة أو معرض نضع كل هذا فى رصيد نهضة الأمة فنحن لانعد الدبابات والطائرات والأحزمة الناسفة وحدها بل نعد كل مكامن قوتنا الحضارية ونحن نضرب الأمثلة وعليك أن تكتشف بنفسك كيف نتطور فى شتى المجالات حتى وان كان معظم ذلك يعود الى النشاط الأهلى أو المعارضة فنحن أمة عاش الاسلام فيها بقوة المجتمع الأهلى وليس بقوة الحكومات والحكام الذين كثيرا ما انحرفوا عن بعض مبادىء الاسلام ولكن المجتمع الاسلامى حمى اسلام ورعاه فالمجتمع الأهلى هو الذى بنى المدارس والجامعات والمستشفيات ( راجع أى دراسة تاريخية عن الوقف ) وليس الحكام فكان الحكام لتثبيت شرعيتهم ينافسون الأهالى فى بناء المدارس والجامعات الخ ، بل المجتمع الأهلى هو الذى ثبت المذاهب الاسلامية المشهورة لارغبات ولا قرارات السلطان . وليس بامكانى أن أقوم بحصر انجازات الأمة خلال العقود القليلة الماضية ولا يسمح المجال بأكثر من ذلك . ولكننى أحاول أن أرسى منهجا فى التفكير يمكن على ضوئه أيها القارىء الكريم والمجاهد أن تعيد غربلة وترتيب الوقائع لانها تتعرض للتشويه فى الاعلام الحكومى والعالمى ، ولكن أحب أن أضرب مثلا أخيرا بحماس وغزة فلا يجوز أن نحصر مكامن القوة فى عدد الصواريخ أو فى عدد الاستشهاديين رغم أهمية ذلك ولكن لايعرف كثيرون أن واحدة من أهم مكامن القوة لحماس : الجامعة الاسلامية . وقد كان أخى مشير المصرى على حق عندما أصر على أن أقوم بزيارة الجامعة ( كنت قد قمت بزيارة خاطفة لغزة بعد انسحاب الصهاينة وعندما كانت الحدود مفتوحة بلا ضوابط لعدة أيام ) . وهذه الجامعة الاسلامية كانت ولاتزال الجامعة الأفضل والأقوى مهنيا وكانت الرحم الكبير الذى ولد منه أجيال الاسلاميين فى مختلف المجالات وليس مجرد كوادر حماس بالمعنى الضيق للكلمة . والعدو يعرف ذلك فلطالما قصف هذه الجامعة وحاول تدميرها وأيضا هؤلاء المجرمين من أزلام دحلان كم مرة أعتدواعلى هذا الصرح فى أيام الاقتتال المصطنع الذى حدث قبل تطهير غزة من هؤلاء الأوباش . هذه الجامعة هى أهم سلاح لمواجهة العدو فبدون فكر ورؤية حضارية يتحول المقاتلون الى مجرد عصابات مسلحة قد يكون ضررها أكثر من نفعها .

واذا تركنا دول الصف الأول فى المواجهة نجد قوى دعم وإسناد واحتياطى استراتيجى وقد ذكرنا منها ماليزيا ، ونذكر بأن تركيا أخذت موقف أفضل من أى دولة عربية ( عدا سوريا ) فى غزو العراق وأجبرت أمريكا على تعديل خططها العسكرية وأن يكون الهجوم البرى الوحيد أو الأساسى من إمارة الكويت . كذلك فان تركيا العدالة والتنمية كانت الصدر الحنون لسوريا بعد سقوط النظام العراقى الصديق لها فى الاعوام الستة الاخيرة وبعد الجفاء المصرى حيث أصبحت القيادة السياسية فى مصر صهيونية إلى حد لايحتمل الحفاظ على المحور المصرى – السعودى – السورى . تركيا أصبحت رئة مهمة تتنفس منها سوريا من الناحيتين السياسية والاقتصادية بعد أن كانت مصدرا للعدوان . وفى أقصى شرق البقعة الملتهبة من العالم ( التى يسميها الغرب : الشرق الأوسط ) نجد باكستان حيث يترنح نظام مشرف فى النزع الأخير باعترافه هو فمجرد لقائه السرى مع بنازير بوتو هو شهادة افلاس صريحة) .وبوتو نفسها تحذر من ثورة اسلامية وهى تطرح نفسها كبديل ولكن نحسب أن السيناريو الماضى لن يتكرر وهذه المرة فإن السلطة ستسقط فى يد الاسلاميين على الأغلب : تحالف العمل الموحد الذى يضم 6أحزاب بقيادة قاضى حسين . (سنأتى على تفصيل ذلك ) وفى هذا الركن من العالم نجد بنجلاديش تسير فى نفس السيناريو الباكستانى بأشكال أخرى ( سنأتى لتفصيل ذلك ).

وبعد أن ربطنا بين كل هذه المنازعات وأنه رغم تعدد الساحات والأطراف فاننا أمام معسكر واحد للمقاومة ومعسكر واحد للأعداء . وإن النظرة الأولية بعد كل هذه التطورات وبعد اعترافات الأعداء أنفسهم فإن أمتنا تتجه الى انجاز نصر قاطع فى العراق وأفغانستان وحققت نصرا حاسما من الناحية المعنوية والاستراتيجية منذ عام فى لبنان يوليو 2006 والآن فان خطابات وأحاديث السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله التى أكد فيها أن المقاومة قادرة على ضرب أى نقطة فى فلسطين جاءت لتغلق القوس على هذا النصر المبين وأن العملاء العرب لايمكنهم أن يشككوا فيه ولطالما تصور البعض أن مايسمى قوات اليونيفيل قد قضت على وجود حزب الله فى الجنوب . لقد تحدى حسن نصر الله اسرائيل وأمريكا والقوات الدولية ضمنا عندما صرح بذلك وهو فى بنت جبيل على بعد 3 كيلومتر من الحدود مع فلسطين المحتلة، وتحدى مجلس الأمن مجتمعا !!

نحن أمام بوادر انتصار إيرانى ساحق على أمريكا اذا أذعنت الأخيرة وتراجعت نهائيا عن قرار الحرب وهذا لم يحدث حتى الآن ، وقد تم تطويح الضغوط على ايران من خلال مجلس الأمن أو وكالة الطاقة الدولية حتى شهر سبتمبر وهذا نوع من التراخى ولكن لايعنى إلغاء قرار الحرب بل تأجيل البت فيه مع مواصلة الاستعداد السياسى والتقنى . فهاهى أكبر حاملات الطائرات تتجه الى الخليج وهاهى صفقة السلاح المثيرة للسخرية ببيع سلاح بعشرات المليارات لدول غير محاربة ولكنها وسيلة للتوريط ولاستنزاف الأموال وإرسال قوات أمريكية اضافية للخليج تحت ستار التدريب . ولكننا نقول بأكثر مما قلنا قبل حرب العراق . إن أمريكا ستخسر اذا لم تحارب ولكنها ستخسر أكثر اذا حاربت . والحقيقة إن قرار الحرب سيعنى حربا اقليمية منذ اللحظة الأولى وستكون سوريا والمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية جزءا لايتجزأ من هذه الحرب منذ اليوم الأول . وبالتالى فإن المقامرة الامريكية ستكون كبيرة جدا هذه المرة ونحن لن نخسر شيئا فهذه هى أرضنا وسنبقى فيها وهم سيخرجون منها مذموميين مدحورين بإذن الله . ووجود اسرائيل سيكون هذه المرة معرضا لخطر حقيقى لأن ايران تعلمت من أخطاء المواجهة العراقية الامريكية وأن العراق لم يكسب شيئا عندما ضرب اسرائيل بصورة رمزية . كما استفادت إيران من حرب لبنان واكتسبت ثقة لاتقدر بمال بتقنيتها .

وعلى شرق الشرق الاوسط فان التقارير الامريكية هى التى تتحدث عن تعاظم احتمالات سقوط نظام مشرف وتعاظم احتمالات فوز الاسلاميين ببنجلاديش من خلال الحكومة العسكرية الراهنة .

وفى أقصى شمال الشرق الأوسط نسمع صوت أقدام تقدم الاسلاميين واكتساحهم وسنفصل ذلك فى موضوع خاص ولكن حتى ذلك الحين فان تركيا كما ذكرنا أصبحت على الأقل دولة مجاورة صديقة ولاتلتزم حقيقة بالناتو وأمريكا وقد اختبرنا ذلك من قبل .

مصر والأردن هما نقطة الضعف ولانقلل من شأن مصر ولكن الأمة تتقدم هكذا بدونها ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) ولكن فى البلدين مقاومة سلمية غير بسيطة وغير محدودة ولكنها مرتهنة بقرار الاخوان .. قرار المواجهة السلمية حتى النهاية عن طريق العصيان المدنى التدريجى والمتعاظم . ولكن الأوضاع فى مصر مرشحة للانفجار فى أى لحظة وانهيار النظام متوقع فى أى لحظة وهو مرشح للسقوط أكثرمن أى نظام عربى آخر فى السنوات القليلة القادمة وهذا وحده يكفى لحسم الصراع . ولكن الأردن لايقل عن مصر من حيث أنه مرجل يغلى تحت السطح لأسباب اجتماعية ولأسباب سياسية تتصل بخروج النظام عن أدنى ثوابت الأمة ونظرا للتركيبة الفلسطينية للأردن فان النظام سيكون مهددا أكثر من النظام المصرى اذا واصل حماقا ته فى التسليم بكل شىء لاسرائيل والتنسيق مع عباس ضد حماس ( أخيرا ذكرت صحيفة اسرائيلية أن أولمرت وافق على نشر قوات أردنية فى الضفة !! ) أمثال هذه الحماقات يمكن أن تشعل الوضع فى الأردن من الزاوية الفلسطينية . ولكن اذا لم يسقط النظامان المصرى والاردنى قريبا فان الحركات المعارضة الاسلامية والقومية قادرة على ممارسة دور جماعات الضغط المؤثرة وهذا يقيد حركة النظامين فى مجال نصرة اسرائيل أو مجال التعاون مع لأمريكا لضرب إيران.

وعلى المستوى الدولى فاننا طالما أشرنا الى تراجع الهيمنة الامريكية الآن أصبح الأمر أوضح من فلق الصبح بالموقف الروسى الأكثر تشددا والصينى الأكثر توغلا فى شتى أنحاء العالم ونظم أمريكا اللاتينية المستقلة كل هذه القوى أصبح يمكن الاستفادة منها بقدر وجود قوى قادرة مستقلة فى بلادنا وأيضا لاتنسوا كوريا الشمالية فهى لم تسلم كما يتصور البعض بل تناور وهى على صغر حجمها وبعدها الجغرافى عن قلب الأمة إلا أن وزنها النسبى لنا كبير جدا فهى بلد الصواريخ والذرة والتى تعاونت مع أمتنا وتعاوننا معها وأستفاد الطرفان واستمرار الصمود الكورى هو نقطة تسجل لمصلحتنا ( سنأتى لتفصيل ذلك)وكذلك فان الهند أصبحت دولة عظمى لها مصالحها المتميزة وليست عميلة لأمريكا ، وهى رصيد لنا فى المجتمع الدولى بمعنى أن تنامى قوتها يعزز فكرة التعددية الدولية ، وأرجو أن نلاحظ أن الاقبال الامريكى على الهند هو نوع من التسليم بالأمر الواقع واستخدام العلاقات معها فى احداث توازن مع الصين ولعدم تركها للعلاقات التاريخية مع روسيا . ونرى فى حزب العمل أن علاقات العالم الاسلامى مع الهند لايمكن أن تنحصر فى قضية كشمير رغم أهميتها القصوى ولكنها نقطة خلافية جدية نحاول أن نحلها بالضغوط السياسية وبالتعاون الاقتصادى دون التخلى عن مساندة الكفاح المسلح فى كشمير ويمكن أن توزع الأدوار فى هذا المجال عندما تكون لدينا غرفة عمليات اسلامية مشتركة وبنفس المنهج يمكن التعامل مع قضية الشيشان فى مجال العلاقات مع روسيا . ان الذى يستفيد من هذه القوى الدولية الآن : السودان وايران وسوريا والمقاومة اللبنانية والعراقية والفلسطينية وسيأتى تفصيل كل ذلك فى القسم الدولى من هذه السلسلة من المقالات .

والآن فقد خصصنا الحلقة الأولى

لأحداث غزة لأنها الحدث الكبير الأخير وأيضا الانتصار الأخير الكبير لقوى المقاومة . وفى هذه الحلقة الثانية حاولنا أن نقدم صورة عامة مركبة للوضع على خريطة مايسمى عندهم الشرق الأوسط وهو قلب العالم العربى والاسلامى لنرى اطلالة شاملة على حجم التقدم الذى حققته الأمة خلال السنوات القليلة الماضية. سنعود – إن شاء الله – بعد هذا التركيب للصورة العامة إلى تفكيكها وتأكيد كل هذه التقديرات والمعانى المضغوطة من خلال تقييم الموقف فى كل ساحة من ساحات المواجهة بالاضافة للوضع الدولى . ( نواصل خلال 3 أيام تقريبا ونقدم الحلقة الثالثة حيث نبدأ بساحات المواجهة المباشرة مع العدو الصهيونى ) الثلاثاء 31-7-2007



**************************

( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )
ألا إن نصر الله قريب 3


بقلم: مجدى حسين


أول امبراطورية مهيمنة يتم غزوها فكريا لاعسكريا وهذا من عظمة الاسلام وتفرده

نوعية الداخلين فى الاسلام أثارت الفزع ولكن التزايد العددى أصبح أكثر فزعا

بنت كلينتون تدرس الاسلام .. وبلير يضع المصحف بجوار السرير ... وشائعات عن اسلام الأمير تشارلس سرا .. ولماذا قتلوا ديانا ؟

مسئول العلاقات العامة فى الناتو أصبح مفكرا اسلاميا

وشيراك يؤكد أن فرنسا ستكون : اسلامية اسلامية !

مفكر غربى يؤكد أن اوروبا تحتضر وأن سلالتها تنقرض وستصل الى 59 مليون عام 2300

************

مجدى أحمد حسين



صورة كاريكاتيرية مثيرة للشفقة للجيش البريطانى فى البصرة

كان ينقص عرض بانوراما الصراع بين أمتنا والهجمة الصليبية الحاقدة جبهة مهمة وهى جزء لايتجزأمن المعركة ، ألا وهى التجمعات العربية والاسلامية فى بلاد الغرب ، فلابد من وقفة عند هذا الموضوع.

فى العقود الأخيرة وعندما بدأ المهاجرون من بلاد عربية واسلامية التدفق فى اتجاه الغرب ،

كانت أمريكا أولا وأوروبا فى المحل الثانى ترحبان بالقادمين من أصحاب التخصصات الدقيقة والأذكياء الذين جاءوا ليتعلموا فى جامعاتهم ثم يتم استيعابهم بعد التخرج فى شتى مناحى الحياة. وقد فعلوا ذلك مع كل الأديان والأجناس والأعراق ، أى استيعاب كريمة أو زبدة مجتمعات الكرة الأرضية . وبالنسبة للعرب والمسلمين فقد كان لذلك أهمية استراتيجية بقدر اهتمام أمريكا والغرب بمنطقتنا . ولكن الغرب وبغض النظر عن أحداث 11 سبتمبر كان قد بدأ يقلق من هذا المد الاسلامى فى عقر داره فبدأت أقسام من أهل الغرب الأصلاء تدخل فى الاسلام ولم يكن الملفت للانتباه فى البداية هو كم الداخلين بل نوعيتهم .

وقد ألتفت أحمد حسين لهذه الظاهرة منذ نهاية الستينيات من القرن الماضى بمناسبة اعلان بطل العالم للملاكمة فى الوزن الثقيل كاسيوس كلاى يوم فوزه أنه قد أصبح مسلما وأن اسمه أضحى محمد على كلاى وضاعف من أهمية الحدث أن فوز كلاى لم يكن عاديا بل قدم به أساليب تبدو جديدة فى عالم الملاكمة بالاضافة لقدرته على انهاء كل المباريات بالضربة القاضية وأحيانا فى الجولة الأولى. يقول أحمد حسين فى عام 1968 حيث لم يكن أحد يفكر أو ينشغل بامكانية انتشار الاسلام فى الغرب ، انه عاد الى الاحصاءات الامريكية فوجد أن عدد المسلمين فى كل القارة الشمالية 1400 مسلم من 174 مليون أى بنسبة 1: 124000. أما بالنسبة لأمريكا اللاتينية فقد ذكر الاحصاء الامريكى أن عدد المسلمين فيه = صفر من 83 مليون عدد سكان القارة .

وفى العام 1965 ذكر نفس المصدر(( the world almanac

أن عدد المسلمين قد ارتفع الى 38 ألف أى تضاعف 27 مرة بينما لم يتضاعف عدد سكان القارة الذى أصبح 280 مليون وبالتالى أصبحت نسبة المسلمين 1:8000 بعد أن كانت 1:124000. أما بالنسبة لأمريكا اللاتينية فقد أضطر الاحصاء للاعتراف بوجود مسلمين ولكنهم 372ألف بعد أن كانوا صفرا !(انسانيات – أحمد حسين).

أما الآن فاننا نتحدث عن حوالى 10 – 12 مليون فى الولايات المتحدة ( بدون كندا ) أى حوالى 3-4 % من السكان . أما فى القارة الجنوبية فيقدر عددهم ب6ملايين من 385 مليون نسمة .

والقضية ليست بالكم ولكن هناك بالتأكيد علاقة تفاعلية بين الكم والنوع فعندما يشعر المسلمون أنهم أصبحوا أكثر عددا فان هذا يشجعهم على الانخراط فى أنواع من الأنشطة لم يكونوا يفكرون فيها من قبل كالتأثير فى الانتخابات .

كما قلنا فى البداية كانت الصدمة فى الكيف : مثلا مسئول كبير بالناتو : مراد هوفمان ، أو هوفمان آخر ( ألتقيت به عام 1997 فى برلين ) مسئول الحزب الاشتراكى الديموقراطى فى برلين وقد تحدث معى طويلا عن خطته فى بناء تيار اسلامى داخل الحزب الحاكم فى ألمانيا ، ولاشك فقد أصابنى الدوار وأن استمع له وأتحاور معه ، فهذه مزحة ثقيلة اذا تصورها الألمان مجرد تصور فى الخيال منذ عقد واحد أو عقدين من الزمان ، بالاضافة لذلك هناك أبناء مسئولين كبار ، وهناك كبار فنانين فى مختلف فروع الفنون ، وهناك رئيس الغرفة التجارية فى باريس ، وهناك علماء صواريخ وأساتذة جامعات فى مختلف التخصصات يدخلون فى دين الله أمواجا ( ولانقول بعد أفواجا) وكل فترة وأخرى تحدث قنبلة من العيار الثقيل بدأت بالملاكم بطل العالم فى لعبة من أكثر الألعاب جماهيرية فى الولايات المتحدة : كلاى . وكان يمكن احتمال ذلك باعتباره أسود ومن السود هنالك بعض المسلمين ولكن بعد أكثرمن عقد من الزمان يدخل فى دين الله واحد من أكبر مفكرى أوروبا والغرب : روجيه جارودى الذى أصبح رجاء جارودى . ثم مراد هوفمان مسئول العلاقات العامة فى حلف الناتو والدبلوماسى الالمانى العتيد ثم يتحول الى منظر وكاتب فى شئون الاسلام . ان الأمر بات لايحتمل ، إن الاسلام قادر على أن يخترق أعلى المستويات ، إن الأمر أصبح خطرا . بل ان من يدفع للتخصص فى الامور الاسلامية لفهم واختراق المجتمعات الاسلامية يتحول بعضهم للاسلام أو يتحولون الى متعاطفين معه.ورغم اننا كمسلمين لانقر ولانحترم العلاقات غير المشروعة كتلك التى جرت بين ديانا وعماد الفايد ورغم اننا لانعتبر أن آل فايد من الدعاة للاسلام فى الغرب إلا أن هؤلاء القوم يؤمنون بالفعل أنهم عرق أعلى من باقى أصناف البشر خاصة الشرق أوسطيين ، وقد شعرت الأسرة الملكية رمز المجتمع والملكة رئيسة الكنيسة أن كرامتهم هكذا أصبحت فى الوحل ، وكان القتل هو الحل للاثنين معا. بقرار من المؤسسة الملكية وبتنفيذ من المخابرات البريطانية التى برهنت بهذه النهاية الجيمس بوندية أنها ماتزال تتذكر الممارسات الامبراطورية وتستطيع القيام ببعض الأعمال القذرة فى صورة حوادث قضاء وقدر! خاصة وقد ترابط ذلك مع شائعات قوية بأن الامير تشارلس نفسه بدأ يميل للاسلام إن لم يكن قد دخل فيه سرا ، أما فى العلن فقد قدم سلسلة من المحاضرات التى تعكس قدرا لابأس به من التفاهم والتعاطف مع الاسلام . وبالمناسبة لاحظوا أن هذه الانشطة قد انقطعت ولابد انه أجبر على ذلك أو فهم الدرس من مصرع ديانا ودودى !

خلال زيارتى لجامعة جورج تاون لمقابلة جون سبوزيتو المفكر الامريكى الايطالى الأصل الذى أبدى فى دراساته أكبر قدر من التعاطف والتفهم للاسلام والمسلمين وهو صاحب فكرة الحوار مع التيارات الاسلامية خلال فترة حكم كلينتون ، خلال هذه الزيارة قلت له : يبدو أن جهودك ستذهب ادراج الرياح ولن ينصت اليك أحد من كبار المسئولين و أكد لى بدوره أن المهمة ليست سهلة ولا أتذكر الآن تفاصيل الحوار الذى مرعليه قرابة 10 سنوات ولكن أذكر أن سبوزيتو ربما أراد فى نهاية لقائنا أن يعطينى جرعة من التفاؤل فأخرج لى من الدرج خطابا شخصيا من الرئيس كلينتون يشكره فيه على الجهد الذى بذله فى تعليم ابنته ( أى ابنة كلينتون ) تعاليم الاسلام التى تدرسها بشكل أكاديمى . ولم أسمع حتى الآن أن الاهتمام الاكاديمى تحول الى ايمان بالاسلام عند بنت كلينتون ولكننى خرجت بانطباع قوى ان الاسلام موجود فى كل مكان فى أمريكا وغير أمريكا وأنه يطرق كل الابواب وأن الجميع مشغول به شغفا وحبا أو كراهية وخوفا . ولم أعط اهتماما لهذه الواقعة فى ساعتها ولكننى تذكرتها بقوة عندما قرأت تصريحا لهذا اللئيم تونى بلير الذى قال فيه أنه يضع المصحف بجوار سرير نومه وأنه يقرأ منه بعض الصفحات قبل نومه بمعنى الاهتمام والدراسة بغض النظر عن مدى صدقه فى هذه الرواية . الاسلام تحول الى فزاعة والى رعب انه يتسلل اليهم من النوافذ بل من أصغر الفتحات فى الابواب ومن تحت أعتابها . وربما يستيقظ الأب يوما فيجد ابنه مسلما . فى احدى زياراتى للولايات المتحدة كان مرافقى لمدة 3أسابيع شخصا مثقفا على مستوى عال وهوملحد وأبيض قح يؤمن بالعلو العرقى لأبناء جنسه وهو من أيرلنده ، فى أواخر المدة أصبحت علاقتنا أقوى فبدأ يتحدث عن حياته الخاصة وقال لى إن ابنى مسلم ! وأصر على أن أتحدث معه تليفونيا لقد وجد فى ذلك وسيلة لادخال السعادة الى قلب ابنه ، وبالفعل تحدثنا معا لبضع دقائق وتواعدنا على محاولة التعارف بشكل شخصى ( وهو يسكن فى ولاية بعيدة عن واشنطن ) وهو مالم يحدث حتى كتابة هذه السطور ولكن الموقف تكرر عند زيارة تالية للولايات المتحدة وأرسلت له عن طريق أبيه كتاب لأحمد حسين بالانجليزية : فى الايمان والاسلام . كنت وأنا عائد عبر المحيط الهادىء الى اوروبا فى طريقى الى الوطن أحدث نفسى : من يخترق من ؟ ولم يكن مايشغلنى هو هذه الواقعة وحدها فقد ألتقيت برموز عديدة من الجاليات العربية والاسلامية فى عدة ولايات ورأيت أنشطتهم الواعدة .

فى أمريكا ذات الثلاثمائة مليون تقريبا يرى النظام المسيطر أن المسلمين أبعد مايكونون عن التأثير فى تحويل المجتمع وأن مايشغل فئة الانجلوسكسون البيضاء المسيطرة أن يفقد البيض الأغلبية العددية لصالح الهسبنك أى القادمين من أمريكا اللاتينية بحلول عام 2040 نظرا للنزوح الكبير عبر الحدود الامريكية المكسيكية ( مليون مهاجر سنويا )بالاضافة للوسائل البحرية .( من نحن؟ صموئيل هنتنجتون ).

خشية أمريكا بدأت تتحول للأعمال الارهابية التى لاتحتاج لأعداد كبيرة . ولكن تحول أعداد المساجد من المئات الى الالاف ليس بالأمر المريح على أى حال من الأحوال .

أما فى أوروبا فالأمر أصبح أكثر خطورة نتيجة الجوار الجغرافى وسهولة الانتقال الى بلادهم بوسائل غير شرعية من البلاد العربية والافريقية الاسلامية أو الآسيوية الاسلامية .فهذه الهجرات أشبه بهجرات الهسبنك إلى الولايات المتحدة ولكن الولايات المتحدة أقل قلقا بكثير لأن الهيسبنك لايحملون رؤية حضارية مختلفة ولكنهم من عرق مختلف ويتحدثون الاسبانية وكاثوليك . وتجرى عمليات مقصودة ومنظمة لتحويلهم الى المذهب البروتستانتى بكل فروعه للمساعدة على دمجهم فى المجتمع وللحفاظ على الطابع البروتستانتى للنظام وهناك دراسات أمريكية تؤكد أن 20% على الأقل منهم تتحول من الكاثوليكية إلى المذهب البروتستانتى . أما الاوروبيون فقد ابتلوا بالمسلمين وهم ككتلة وتيار عام يمثلون توجه حضارى وقيمى مختلف وبالتالى هم أعصى على الاحتواء والدمج . ويضاف الى ذلك أن الاوربيين يتناقص عددهم بسبب امتناعهم عن التناسل الا فى أضيق الحدود ولأن المسلمين يتوالدون بمعدل أكبر يصل الى ثلاثة أمثال ويتم رفدهم بالمزيد من المهاجرين فان الخلل الديموجرافى يتسارع فى الساحة الاوروبية لصالح المسلمين بحيث يمكن أن يكون مؤثرا فى النظام السياسى خلال عقود قليلة خلال هذا القرن .أما الامريكيون البيض فلايزال بعضهم فى الريف يؤمن بالأسرة الكبيرة ولكن الزيادة العددية الاساسية تأتى من الهجرة وقد بدأت تنضب مصادر الهجرة من البيض عموما والأنجلوسكسون خصوصا وهذا هو السر فى التغاضى عن هجرة الامريكيين الجنوبيين لحاجة الاقتصاد لأيدى عاملة رخيصة وتشغل الأعمال اليدوية التى لايجوز للبيض أن يقوموا بها . إن الزيادة السكانية العددية شرط ضرورى للتنمية المتسارعة وقد حلت أمريكا المشكلة بالهجرة الآمنة نسبيا ذات الخطر المؤجل والمحسوب . ولكن أوروبا بدأت تستشعر الخطر من الهجرة ذات الطابع الاسلامى من حيث النوع ومن حيث الكم نظرا لأن الدول الاوربية قليلة السكان وتوقفت عن النمو ! ولايوجد فى هذا الكلام أى ظلال للمبالغة الأدبية فمن الناحية الاحصائية الدقيقة فانه للحفاظ على عدد السكان كما هو يتعين على كل امرأة أن تلد نحو 2.1 مولود ، فى حين نجد المعدل فى ايطاليا 1.5 وفى أسبانيا 1.7 .

المؤرخ الغربى والتر لاكوير أصدر كتابا مؤخرا أثار غيظ الاوربيين رغم انه قائم على حقائق باردة وهو يتحدث عن موت أوروبا نتيجة هذا المد من المهاجرين مقابل استسلام وخنوع أوربى وان الاوربيين يموتون ببساطة كسلالة وبحلول عام 2300 ربما يبقى 59 مليون أوروبى فقط .

الاوربيون رغم حالة الترف الذى يعيشونه إلا انهم يعانون من كل مظاهر الانحدار الحضارى وهم أشبه بسائق الدراجة الذى يمسك الشاحنة من الخلف ليكتسب سرعتها . والشاحنة هنا هى الولايات المتحدة فمن حظهم أن الذى استلم منهم الراية من نفس سلالتهم بل هم الذين أرسلوا بعضا منهم لبناء أمريكا . وبالتالى فإن الاوربيين يعولون على الولايات المتحدة فى القيام بالمهام الأمنية وادارة العالم بينما يستشيط الأمريكان منهم غضبا لأنهم كسالى ويريدون أحيانا أن يفرضوا شروطهم . الاوربيون ألغوا من جدول أعمالهم فكرة القتال من أجل التوسع الامبراطورى حتى مشقة التناسل وتربية الأولاد أصبحت فوق احتمالهم ، بل حتى ممارسة كرة القدم ومختلف أنواع الرياضة يستوردون الأفارقة والعرب ويجنسونهم ويكتفون هم بمشقة التشجيع والتصفيق ، الحفاظ على مستوى المعيشة كماهو والارتفاع به قليلا وتدريجيا هو قضية القضايا التى تحكم الخيارات الانتخابية . كما أن غياب أى تهديدات عسكرية مباشرة فى المدى المنظور تبرر هذا الموقف. ورغم كل مايقال عن ضعف الرغبة فى القتال لدى الامريكيين فانها لاتزال أعلى بكثير عن الاوربيين نظرا للدوافع الامبراطورية ووجود دم جديد من المهاجرين الذين يرغبون فى الحصول على الجنسية الامريكية أو الارتفاع بمواقعهم داخل المجتمع ، فمثلا تجد السود يمثلون أكثر من خمس عدد القوات المسلحة رغم أنهم يشكلون 12% من السكان فحسب . ومع ذلك فان الغرب ولأنه فى حالة أفول حضارى فهناك سمات مشتركة بين ضفتى الاطلنطى وخلافات فى الدرجة وليست فى النوع .

مثلا هناك سبب اضافى لشعور الاوربيين بالفزع من الاسلام ، انهم لايطيقون الدين من بابه أصلا . وبالتالى فان الاسلام يندفع كالسكين فى الزبد على أرض القارة بلا منافس . وماقاله سكرتير بابا الفاتيكان أخيرا عن خطر أسلمة أوربا هو كلام حقيقى ويعبر عن تحد يواجه أوربا بالفعل ولكننا هنا نكتفى بالشتائم مع أن الرجل يقول مايجب ان يدفعنا للتفكير فيما أنجزناه لاشتيمة الرجل القلق على دينه! . وأخيرا كان بمجلة النيوزويك موضوع مثير على الغلاف وهو تحول كنائس أوروبا الى مطاعم وملاهى ليلية ومساجد فقد تحولت الى عقارات غير مستخدمة والبيع لأعلى سعر . وهو الأمر الذى دعا البعض للحفاظ على الكنائس كمجرد تراث معمارى وثقافى .

48% من سكان أوربا الغربية لم يرتادوا الكنيسة أبدا و44% فى أوربا الشرقية فى حين يرى 82% فى أمريكا الشمالية أن الله مهم جدا . وترتفع نسبة مقاطعة الكنائس فى أوربا فى بعض البلدان الى 49% من النرويجيين و55% من السويديين و52% من النروجيين . (الصنم – نيل فرجسون ).

روى لى د. أحمد بدر الدين حسون مفتى سوريا فى لقائنا الأخير عن زيارته للنرويج وكيف أنه سأل رجل الدين المسئول عن احدى الكنائس الفخمة والواسعة هل تمتلىء قاعة الكنيسة كل أسبوع فرد قائلا : بل قل كل شهر . ومن الواضح انها تمتلىء بمناسبة الزواج أو الجنازات . ولما سأله الشيخ حسون عن تفسيره لهذا العزوف عن الدين ، قال رجل الدين النرويجى : إن الناس هنا ترى أنها ليست فى احتياج الى الله ، فهم أغنياء وكل شىء متوفر !!

لقد وجدت فى ذلك تفسيرا عميقا على خلاف مايبدو على السطح عملا بقول الله سبحانه وتعالى ( كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ) .

المهم لك أن تتصور حجم الهلع الذى يمكن أن يصيب هؤلاء القوم من أناس لايفعلون شيئا الا بعد مراجعة كتابهم السماوى أو سنة نبيهم .

هذه الأزمة الحضارية كانت تتفاعل بشدة فهؤلاء العرب والمسلمون أصبحوا مواطنين يحملون الجنسيات الاوربية ويعيشون وجها لوجه فى حيز ضيق وليس فى قارة فسيحة كأمريكا ، هذه الأزمة الاجتماعية كانت تتفاعل قبل احداث 11 سبتمبر بكثير . وكانت استطلاعات الرأى – فى عام 1996 مثلا - تشير الى حالة عميقة من الكراهية فالعرب يوضعون دائما فى آخر سلم الشعوب لايأتى بعدهم سوى الغجر . العرب مرفوضون وممقوتون لأنهم إرهابيون ، مجرمون ، لصوص ، قتلة ومتوحشون . (قتل العربى – زهير الوسينى).

وحتى هذه اللحظة لم تؤد أجراس الانذار ولاالنداءات الرسمية لزيادة النسل إلى أى نتيجة فالاوربيون يريدون ترك ما يظنوه أعمالا وضيعة للمهاجرين وهم لن يتحملوا مشقة الحمل والتناسل على حساب آمالهم الوردية فى ترف العيش . وقد أدى هذا الى تركيبة معيبة للسكان ، فعدد الذين تجاوزوا الخامسة والستين فى البلاد الغربية بدأ يقترب بشدة من 20% وهذا يعنى أننا أمام مجتمع هرم وأن عدد الذين يتلقون الاعانات من المتقاعدين بالنسبة لكل فرد عامل يتزايد بإطراد وهذا يؤدى الى نقص فى معدلات التنمية ( بول كينيدى – الإعداد للقرن الواحد والعشرين )ونقص فى حيوية الأمة وأمة هذه تركيبتها فهى أبعد ما تكون عن حالة الأمة المحاربة .

وهذا الموقف يفسر كيف أن أوربا أقل عدوانية فى سلوكها من أمريكا ولماذا تحاول أن تكبح جماح العسكرية الامريكية ؟وأن مشاركتها الحربية أقرب للأفلام الكوميديا عن الحرب : فتلك ترسل مجموعة من الممرضات وبعض عربات الاسعاف وتلك ترسل مركبا واحدا وهذه ترسل 120 جنديا ثم تسحبهم . ونرى الآن الجيش البريطانى كيف فقد آخر صورة للكرامة فى البصرة وجنوب العراق وينسحب مدحورا بشكل تدريجى أما فى أفغانستان فحدث ولاحرج . وتكفينا شهادة رئيس هيئة الأركان البريطانية الحالى الجنرال ريتشارد دانات من أن بريطانيا " لاتملك أى قدرة تقريبا للتحرك " حتى داخل بريطانيا لمواجهة أى حالة طارئة بسبب الانتشار الواسع فى العراق وأفغانستان . والطريف أنه يسمى الوجود الرمزى فى هذين البلدين المحتلين " واسعا" .

وأوضح أن جيش الامبراطورية التى كانت لاتغيب عنها الشمس قد استنزف تماما وانه ليس لديه سوى كتيبة واحدة من 500 جندى للدفاع عن بريطانيا من الداخل أو لإرسالها بصورة طارئة خارج البلاد . وكأننا أمام اعلان لمن يريد أن يحتل الجزر البريطانية بأقل سعر !

لاحظ أن هذا التقدير يقال فى تقرير رسمى بعد خفض القوات البريطانية فى العراق من 44 ألف الى 9 آلاف ! . و5500 من هؤلاء محاصرون فى مطار البصرة ومختبئون خلف أكياس الرمل بينما تدكهم المقاومة العراقية بقذائف الهاون والصواريخ بمعدل وصل الى 600 هجوم خلال الشهور الاربعة الاخيرة ( جزء من تقرير استخبارى نشرته الواشنطن بوست ). لاحظ بالمناسبة أن القنوات الفضائية لاتنقل لنا هذه الصور المشرقة !

الخلاصة .. وسيناريوهات المستقبل القريب

خلاصة ماتقدم يشير إلى نقطة مهمة تشغل الاستراتيجيين الامريكيين وهى مايسمونه القوة الناعمة ، أى كل أشكال النفوذ التى تحقق مصالح أمة ما بدون استخدام القوة المسلحة بشكل سافر والتى تسمى القوة الصلبة . من الواضح أن الأمة الاسلامية أصبحت تمتلك القوة الناعمة بأكثر مما تملك القوة الصلبة ولكنها من أدوات النفوذ التى تحسب فى ميزان المواجهة . أما رسالة الغرب من أجل الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والتقدم فلم تعد تقنع أحدا ولم يعد مع الغرب الا العملاء والباحثين عن حفنة من الدولارات وبعض الشهرة أما الوصول للسلطة فحتى هذا أصبح مشكوكا فيه. والمعروف أن العملاء عادة لايكونون مؤثرين فى الرأى العام لأن الشعوب تمتلك الحاسة السادسة وتعرف التمييز بين الغث والسمين على المديين المتوسط والطويل . والحقيقة إن كل جيوش أمريكا وبوارجها وصواريخها لن تجد لها نفعا بعد أن فقدت البريق الذى حاولت مؤسسة هوليود أن تصنعه . إن كراهية أمريكا بسبب أفعالها وانعدام مصداقيتها هى السد العالى الذى سيقف ضد كل أطماعها وهى باعتمادها على أسوأ حكام فى العالم وفقا لتقاريرها لا تقارير المعارضة العربية تشهر إفلاسها فى منطقتنا .

وبالمقابل فإن صحوتنا الاسلامية تمتد لعقر دارهم رغم بؤس أحوالنا من الناحية المادية . وهذا من علامات صعودنا الحضارى وهبوطهم هم .

وأذكر اننى فى حلقة نقاشية قبل أحداث 11 سبتمبر حذرت من الخطر الذى يتهدد الاقليات المسلمة فى الغرب وأن الغرب لن يقف مكتوف الأيدى حتى يصبح المسلمون أكثرية ويتولون الحكم بمنتهى الديموقراطية عبر صناديق الاقتراع . ولعل هذا هو سبب اعتقاد البعض أن اطرافا أمريكية وصهيونية دبرت ل11 سبتمبر لتبرير التصعيد ضد المسلمين فى الغرب . ولا أود الخوض فى معضلة 11-9 الآن ولكننى أميل الى أنها فعلا من صنع القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وربما تكون أطراف استخبارية قد علمت بها ( كالموساد) ولم تبلغ عنها لما تحققه من فائدة تأزم العلاقات بين الغرب والعالم الاسلامى . ما يهمنا هنا أن نؤكد أن أحداث 11 سبتمبر اذا لم تحدث لصنع الأمريكان ما يشبهها يوما ما لتبرير الحملة على الاسلام . وهذا مافعلته فى خطة لتبرير غزو كوبا ولكنها لم تنفذ ولكنها موثقة . وهذا مافعلته عندما ادعت أن فيتنام الشمالية قد ضربت قطعة بحرية أمريكية فى خليج تونكين لتبرير ضرب فيتنام الشمالية بغارات جوية متواصلة . انهم قوم يفتخرون بانهم كذابون ويسمون هذا نفاق سياسى زكى ومطلوب ( اقرأكتاب الصنم لنيل فرجسون الذى يقعر فيه لنظرية الكذب وهو مالقى ترحيبا من كل صحف ومجلات أمريكا وبريطانيا الشهيرة ) . وهناك شكوك كثيرة تحيط بالحادث الأول لتفجير مركز التجارة العالمى ، وقد سمعت روايات - خلال وجودى فى نيويورك - من المقربين للشيخ عمر عبد الرحمن تؤكد أن الرجل دفع دفعا وتم توريطه من قبل عملاء أمريكيين لكى يقول بعض الآراء النظرية والتى استخدمت بعد ذلك لإدانته .

وسواء أكتفى المسلمون فى الغرب بالعمل السلمى أو استمربعضهم فى تدبير عمليات إرهابية بمنطق القاعدة أو بارتباط كامل بها فانه لن يسمح لهم بالاستمرار فى الغرب حتى يستولوا عليه بمنطق الانقلاب الديموجرافى أو بمنطق الانتخابات السلمى . المسلمون الآن حسب الاحصاءات الرسمية يمثلون 5% من سكان أوربا واذا انضمت تركيا سترتفع النسبة فورا الى 15% ولذلك تأكدوا أن تركيا لن تدخل الاتحاد الاوربى . التقديرات الرسمية تحوم حول 20 مليون والواقع انها ترتفع فى تقديرات أخرى الى 30 مليون . ويقدر أن يتراجع الاوربيون بنسبة 3.5% بالنسبة للمسلمين عام 2015. مع ملاحظة أن المهاجرين يصل تدفقهم السنوى الى 500 ألف مهاجر . لاشك أن الاوربيين حاولوا الاعتماد على المهاجرين من شرق أوربا بصورة أكبر من المسلمين لأنهم أقرب إليهم ثقافة ورحما . ولكن هذه الخطة تنجح جزئيا لأن المهاجر الاوربى الشرقى يهاجر بتطلعات عليا وليس من أجل غسل الصحون .

ولكن المشكلة تبدو أكبر اذا نظرنا إليها من زاوية كل بلد على حدة ، فرغم وجود الاتحاد الاوربى الا أن الكيانات السياسية للبلدان ماتزال قائمة والانتخابات وكثير من التشريعات ماتزال قطرية . وبالتالى نجد الفزع من الاسلام أكبر فى البلاد الصغيرة الحجم وفى عدد السكان كهولنده ( المسلمون مليون نسمة).

فرنسا هى البلد الكبير الذى أصبح الأشد قلقا لأن المسلمين بلغوا 10% من السكان وخلال أقل من عقدين من الزمان سيصبحون بين ربع وثلث السكان وهورقم كاف للعب دور حاسم فى العمليات الانتخابية.وروى لى مصدر موثوق فى فرنسا أن أحد المحاربين القدماء ألتقى بالرئيس شيراك ليحتج على قرار تقييد الحجاب الذى تضررت منه ابنته التى أسلمت وهو ما يتعارض مع تقاليد الحرية فى فرنسا وكان رد شيراك مفاجئا اذ قال له أنه مشغول بمسائل فرعية ، ففرنسا خلال 30 عاما ستصبح اسلامية !!

طبعا لانتصور أن تسير الأمور على هذا المنوال وسيقاوم المجتمع الاوروبى ذلك بالتشريعات والقوة عند اللزوم وهو مانرى بوادره فى هذه الحملة على الاسلام التى تتحول لخطوات عملية كصدور قانون فى فرنسا يبيح نزع الجنسية من الفرنسى وطرده من البلاد !

وستأتى لحظة المواجهة الفاصلة يوما ما وطالما بقى مسلمون فى الغرب فسيظل الاسلام ينتشر وهذا يحدث بصورة آلية كالشهيق والزفير اى بدون خطة تبشيرية وبدون رجال دين يقومون بدور المبشر ، وهذه قوة الدين الاسلامى . واذا وصل الاوربيون للاحساس بالخطر الداهم يوما ما وقاموا بعمليات ترحيل واسعة للمسلمين الى ديارهم الأصلية فان ذلك سيعنى رفد البلاد الاسلامية بخبرات لاتقدر بثمن فى مختلف المجالات . وسيكون هذا المشهد متصلا بالنهاية للغرب . فحتى الآن نقول هنا فى الشرق إن الغربيين يحبون الديموقراطية لأنفسهم وليس للغير . أما فى تلك اللحظة فسيتبين للكافة أنهم لايتحملون الديموقراطية لأنفسهم اذا جاءت لهم بالاسلام .فمنذ العصور الوسطى كان لايسمح بوجود المسلمين بالمعنى الحرفى للكلمة فى ربوع أوروبا . وماحدث فى الأندلس لم يكن استثناء ولكن ربما كان الأشهر فحسب فى تصفية الوجود الاسلامى بالمعنى الحرفى للتصفية : عدم وجود مسلم واحد!

جزيرة كريت كانت مسلمة عن بكرة أبيها والآن لايوجد بها مسلم واحد حسب الاحصاء الرسمى. وبلغاريا كانت أغلبية سكانها من المسلمين وأخيرا تم انقاذهم كأقلية على قيد الحياة . وحتى عام 1832 كان عدد المسلمين فى اليونان يقارب نصف العدد الاجمالى للسكان .( الاسلام والمسلمون فى بلاد البلقان – محمد خليفة )

هل انتهى مرض التصفية العرقية ؟ أبدا . رئيس جمهورية كرواتيا توجمان قال : كانت هناك نية لاستئصال شأفة المسلمين والغاء الجزء المسلم من البوسنة رغم حقيقة أن المسلمين يشكلون خمسى عدد السكان ورغم أن تقارير وزارة الخارجية الامريكية تقر بأن مسلمى البوسنة لايتحملون سوى 8% من الأعمال الوحشية الموثقة إلا أن الغرب لم يسمح بوجود دويلة اسلامية على أرض أوربا مقابل : دولة للكروات الكاثوليك ودولة لسلوفينيا التى لايصل عدد سكانها الى 2مليون ودولة لمقدونيا ودولة للجبل الأسود ودولة للصرب أما البوسنة فأصبحت تحت قيادة مشتركة اسلامية – كرواتية – صربية !

ومع ذلك فحضارة الغرب مايزال لها ما تفتخر به فى مجال الحريات التى ماتزال مكفولة للجميع بما فيهم المسلمين ، ولكنهم بين شقى الرحى اذا تركوا هذه الحريات انتشر الاسلام . واذا قمعوها بشكل سافر دمروا آخر ادعاءاتهم الحضارية . والحقيقة إن الأساس فى انتصار وصعود الحضارات أو انهيارها هو مايسميه الأمريكان القوة الناعمة . فلا يمكن بالقوة العسكرية اخضاع ملايين البشر لمدة طويلة من الوقت . لابد من اعجاب المهزوم بحضارة المنتصر وقد حدث شىء من هذا فى تاريخنا واستمر حتى وقت قريب فهناك شرائح من عامة الناس ومن النخبة كانت مبهورة بالحضارة الغربية والبعض تصور أن الأمريكان أفضل من الاوربيين . الآن الصورة أصبحت واضحة وليس معهم كما ذكرنا الا العملاء . ونحن لاننكر النواحى الايجابية فى الحضارة الغربية التى هى ميراث متواصل لكل حضارات البشرية ولكننا نعادى حتى الموت ثقافة التغلب والاستعلاء والهيمنة والاستئصال التى تمارسها هذه الحضارة علينا وعلى غيرنا .

إن الغرب يهزم الآن فى أهم نقطة قوة لأى حضارة : غياب المثال المحترم والمبهر . فالحرية استحالت الى سجون سرية .. وجوانتانامو ومراقبة تليفونات وايميلات والتعاون مع أخس أنواع الحكام والانظمة وتكليفهم بالتعذيب نيابة عنهم حتى تظل أيديهم نظيفة من الدماء . كما يفعل أى حاكم مستبد حين يطلب من الشرطة أن تقتل نيابة عنه وكما يفعل أى وزير داخلية خسيس حين يأمر مرؤسيه بالقتل وهو لن يقوم بذلك بنفسه فيده معطرة بأحدث عطور باريس وهكذا تظل السلسلة متوالية حتى يقوم بالقتل والتعذيب مخبر أو ملازم . ومع ذلك فالامريكان ليسوا نظيفى اليد أبدا ويحبون التعذيب بأيديهم وأسوأ مافى قصة أبى غريب أنها تقدم كما لوأنها مجرد انتهاك واحد خرج عن القواعد وهذا غير صحيح بل نحن أمام نهج كامل ومتواصل منذ ذبح ملايين الهنود الحمر حتى عام 2007 !!

ولكن الشعوب ليست مجموعة من الباحثين وقراء الكتب والدراسات الشعوب تتخذ مواقفها بناء على مااكتسبته عمليا من خبرات وماشاهدته من تجارب . حتى عام 1991 كنت ألتقى بشرائح من الجمهور يتحدث عن أمريكا والغرب بشكل ايجابى ولكن أزعم أننى لم أعد أقابل مواطنا واحدا فى أمتنا داخل أو خارج مصر يذكر كلمة خير فى حق أمريكا.الا اذا كان من العملاء حتى هؤلاء لايستطيعون التسبيح بجمال أمريكا ولكنهم يركزون على نغمة ( احنا السبب .. احنا السبب فى كل مايجرى لنا ).

المعركة خاسرة خاسرة .. يمكن لأمريكا أن تدمر مزيدا من البيوت والبلاد ولكنها ستجنى كراهية أعظم وخسارتها محتومة لأن ليس لديها مشروع حضارى قابل للتسويق !

هل رأيتم فى التاريخ امبراطورية كبرى تحكم العالم يتم غزوها فكريا فى عقر دارها من الامة التى تستهدفها ؟ هذا هو المغزى الخطير لانتشار الاسلام فى الغرب . ضعوا هذا فى موازين قوتنا ودعونا ننتقل الى النقطة التالية . ( الجمعة 11 أغسطس 2007 )



[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.