وزير الزراعة: ضرورة إيجاد مؤشر لوضع الأمن الغذائي العربي    عاجل.. الصليبي يضرب باريس سان جيرمان قبل العودة أمام دورتموند    تموين الإسماعيلية تضبط طن دقيق بلدي مدعم قبل بيعه بالسوق السوداء    "الصحفيين" تدعو النقباء وأعضاء مجالسها السابقين للاجتماع التحضيري الثالث للمؤتمر العام السادس    للمرة الأولى منذ بدء العدوان في غزة، سرايا الأشتر تشن هجوما على إسرائيل بالطائرات المسيرة    "لا مكان لمعاداة السامية".. بايدن يهاجم طلاب الجامعات الأمريكية بسبب الاحتجاجات    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة فرضت عقوبات ضد 280 كيانا روسيا    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    سويسرا تدعو أكثر من 160 وفدا للمشاركة في مؤتمر سلام أوكرانيا    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    الترجي التونسي يتخذ هذا الاجراء قبل مواجهة الأهلي في نهائي دوري الأبطال    بعد تدشينه رسميًا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها ل اتحاد القبائل العربية    السعودية.. حريق هائل بأحد مصانع الأحبار بالمنطقة الصناعية وتحرك عاجل للسلطات    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    للبنات.. تعرف على خريطة المدارس البديلة للثانوية العامة 2024-2025 (تفاصيل وصور)    في ذكرى وفاته، أرملة وائل نور تروي ل "فيتو" الأيام الأخيرة في حياته وآخر شيء تمناه    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    نجيب محفوظ فى معرض هندى    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    إمام الحسين: كبار السن يلاقون معاملة تليق بهم في مصر    الكشف على 1540 مريضا.. قافلة طبية مجانية غربي الإسكندرية    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    تونس .. بيان مهم من البنك المركزي    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    كريم بنزيما يغادر إلى ريال مدريد لهذا السبب (تفاصيل)    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى حسين يكتب بعد عودته من لبنان و سوريا
نشر في الشعب يوم 17 - 09 - 2006


القوى الوطنية والإسلامية تحرس الانتصار من اللصوص
إسرائيل رفعت الحصار دون مقابل و كانت ترهنه بالأسيرين!
وقائع تآمر النظامين الأردني والسعودي على سوريا لصالح إسرائيل
حزب الله استعوض كل النقص في المعدات والأسلحة
ما هي حدود صلاحيات وعمل الجيش اللبناني واليونيفيل وهل تهدد حزب الله ؟
إعلام العدو يكشف المزيد من الخسائر و يؤكد ان الضربات الصاروخية كانت موجعة
وأمريكا تحقق في الفشل الإلكتروني الإسرائيلي أمام المقاومة الإسلامية..


مجدى أحمد حسين

[email protected]

بعد قرابة شهر من وقف اطلاق النار و انتهاء آخر و أهم حرب بين العرب و اسرائيل على الجبهة اللبنانية كان يتعين علينا أن نفتح عدسة الكاميرا بصورة أكبر لنرى وضع المنطقة بأسرها عقب هذه الحرب الضروس ، و الفوائد الاستراتيجية الجمة التى عادت على الأمة منها. و لكن أعداء الله من حكام البلاد و النخبة العميلة خاصة فى أجهزة الاعلام الرسمى العربى ماتزال تحاول التشويش على هذا النصر المبين ، و تزرع الشك فى حقيقته ، و كما قلت فى ندوة نظمها المنتدى القومى العربى و تجمع العلماء فى بيروت ، إن واجبنا الأول أن نثبت هذا النصر بالمسامير كخطوة أولى ضرورية للانتقال الى مرحلة ما بعد النصر و تحدياته ، لأن هناك لصوصا يريدون أن يسرقوا هذا النصر منا .

و لعل القصف المركز الذى يقضى على اعلام العملاء العرب يأتى هذه المرة من الكيان الصهيونى فكرة الثلج تتدحرج و تكبر كما توقعنا ، و ان توابع زلزال الحرب السادسة ستظل تضرب قلب الكيان ، و ان الكيان سيعلن رسميا أنه هزم فى هذه الحرب. فأخيرا استقال قائد المنطقة الشمالية ، أى المسئول الأول المباشر عن الحرب فى جنوب لبنان. و تقول صحيفة معاريف ان أودى آدم قائد المنطقة الشمالية قال إنه يريد أن يصبح قدوة لتحمل المسئولية علنا عما جرى. بينما توقعت اذاعة الجيش الاسرائيلي أن يكون لاستقالة آدم تأثير مزلزل على الجيش. و ذكرت صحيفة "يديعوت احرنوت" الاسرائيلية أن مجموعة من أعضاء الكنيست من جميع الاتجاهات السياسية أعدوا تقريرا شديد اللهجة انتقدوا فيه حكومة أولمرت لفشلها فى حماية التجمعات السكانية الشمالية التى ضربتها الصواريخ أثناء الحرب مع لبنان. إن لجنة فرعية تابعة للجنة الشئون الخارجية و الدفاع فى الكنيست أعدت هذا التقرير. و من ناحية أخرى يقود أربعة من الجنرالات حملة احتجاج ضد أولمرت وصلت الى حد الاعتصام أمام بيته و أكدوا أنهم لن يهدأوا إلا بعد أن تقام لجنة تحقيق قضائية مستقلة و نزيهة و كاملة الصلاحيات للتحقيق فى اخفاقات الحرب. و قد بدأت هذه الحركة الاحتجاجية للجنرالات منذ 34 يوما أى منذ وقف اطلاق النار و يساندهم فيها هيئات يمينية و يسارية. و وصل الأمر الى حد الاضراب عن الطعام. و يقول أحدهم و هو العميد أمنون نحمياس "إنهم أرانب. لا يجرؤون على مواجهتنا و الاجتماع معنا و وضع عيونهم فى عيوننا و سماع ما نقول. فهذه الحرب كانت مأساوية بالنسبة لاسرائيل و حرب كهذه لا يجوز أن تمر من دون حسيب أو رقيب. و على كل من تسبب فى الفشل فيها أن يواجه الناس وجها لوجه و أن يدفع الثمن" .

هذه اذن آخر اللقطات داخل الكيان الصهيونى عن توابع زلزال انتصار المقاومة الاسلامية و نعود مرة أخرى الى الساحة اللبنانية حيث كانت زيارة الوفد الشعبى الاسلامى من مصر فرصة كى نتابع بصورة مباشرة و ملموسة معنى النصر الذى تحقق على الأرض .

(كان الوفد برئاسة مفتى مصر السابق د.نصر فريد واصل و ضم الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس فى حرب 1973 ، و د. ابراهيم الخولى الأستاذ بجامعة الأزهر ، و الشيخ على أبو الحسن وكيل الأزهر السابق ، و محفوظ عزام نائب رئيس حزب العمل ، د.صلاح عبد المتعال عضو المكتب السياسى للحزب ، و د.كمال حبيب و د. محمد زارع عضوا اللجنة التنفيذية ، و رفعت البشير عضو مجلس الشعب السابق مستقل ، و كاتب هذه السطور) .



روح جديدة تسري فى الأمة:

فى مطار القاهرة كانت اللقطة الأولى .. كنت مسافرا وحدي حيث سبقت الوفد المصرى لارتباط باجتماع آخر بدمشق (أمانة مؤتمر الأحزاب العربية) .. فى مطار القاهرة كانت الفوضى هائلة و الزحام شديدا بمناسبة موسم عودة المدرسين ، و تدافع المسافرون بصورة لا نعهدها و الكل يريد أن يسبق الآخر ، و هنا انشقت الأرض على رجل يقول للناس كيف تفعلوا هذا ؟ أين النظام ؟ نحن الآن أمة تنتصر على اسرائيل و يجب ألا نعود مرة أخرى الى الوراء. عادة فان الناس لا تحب الوعظ. أما هذه المرة فقد رأيت الوجوه التى كانت عابسة مكفهرة متزاحمة، و قد انفرجت أساريرها بالحبور و الابتسام ، و استجابت بصورة سحرية لهذا الداع إلى النظام و انتظم الأمر فى ثوان .
اللقطة الثانية كانت فى مطار القاهرة أيضا حيث ألتقيت بصحفية سورية ، التى روت لى كيف عاشت سوريا أجواء الحرب. لقد جاء إلى سوريا قرابة 120 ألف لبنانى مهاجرين ، و لكن الصورة المشرفة كانت فى تفاعل الأهالى معهم الى حد اسكانهم فى البيوت و الشقق الخاصة بالمواطنين ، و عدم تركهم يسكنون فى المدارس العامة قدر الامكان. و عندما وصلت الى سوريا كنت أؤدى واجب العزاء فى قرية نائية و علمت أن هذه القرية استقبلت وحدها قرابة ألف لبنانى ، و أنها كفلتهم بصورة كاملة فى كل احتياجاتهم بما فى ذلك استضافتهم فى البيوت الخاصة .
اللقطة الثالثة: عندما وطأت قدمي أرض الشام لم تنقطع من أمام عيونى صورة حسن نصر الله .. فكانت على الحوائط و السيارات و الدراجات البخارية ، و صورة حسن نصر الله تشير الى المقاومة و تشير أيضا الى الاسلام ، و هذا تحول ملموس فى أجواء الشام ، فهذه الصور كانت بمبادرات رسمية ، و أيضا بمبادرات شعبية دون أن تعترض عليها السلطات .
اللقطة الرابعة: دون أى ترتيبات معقدة وجدتنى مدعوا للحديث أمام المصلين عقب صلاة الجمعة و قد أمتلأ مسجد الزهراء بدمشق عن بكرة أبيه ، و رأيت أن أركز حديثى على الدروس المستفادة من النصر و تحدثت عن المقاومة الاسلامية فى لبنان و فلسطين و العراق و كأننى أتحدث فى الأزهر الشريف كما تعودت ، دون أن أجد حرجا ، و دون أن يشعر المسئولون عن المسجد بالحرج . و فى اليوم التالى مباشرة دعيت – و أيضا دون ترتيبات مسبقة – لالقاء محاضرة عن ذات الموضوع فى مركز الدراسات الاسلامية .
* * *

و الآن بعد هذه اللقطات التى أشعرتنى بالروح الجديدة التى تسرى فى الأمة . كان لابد أن نلتحق بالوفد المصرى فى بيروت. و هناك تقرير منشور على الموقع حول هذه الزيارة.

و بالتالى لن أستعرض ما قام به الوفد، بقدر ما أستعرض ما تمكنت من استخلاصه من هذه الزيارة ، و هو باختصار يؤكد كل ما ذهبنا إليه فى التحليلات السابقة



هل يتعرض حزب الله الى حصار؟ و هل خسر شيئا؟

أهم ما يشغل المخلصين من أبناء الأمة ، و أهم ما يقلقهم ، هى تلك الجوانب السلبية للقرار 1701 ، من نشر الجيش اللبنانى أو قوات اليونيفيل أو الحصار البحرى و الجوى و البرى ، أو نزع سلاح حزب الله أو محاصرته .. الخ الخ

من علامات الهزيمة الاسرائيلية و تداعيات الحرب سالبا على الكيان الصهيونى ، أن كل ما يعلنه المسئولون الصهاينة يسحبونه أو يبتلعونه ، و آخر ذلك ما أعلنوه عن أن الحصار لن يرفع حتى يتم تسليم الأسيرين الاسرائيليين ، و بعد أيام قليلة رفع الصهاينة الحصار دون مقابل.

و كان فالا حسنا أن يرفع الحصار فى اليوم التالى لوصولنا إلى بيروت. و كان الوفد المصرى قد رفض السفر الى لبنان عبر عمان حتى لا يتعرض لتفتيش من الموساد سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

و الحقيقة ان اعلان اسرائيل استمرار الحصار البحرى و الجوى كان محاولة يائسة لإظهار أن اليد الطولى ماتزال لها ، و أنها تذل لبنان و أنها تتصرف تصرف المنتصر. و لكن سرعان ما تبخرت هذه المحاولة اليائسة كغيرها من المحاولات. فالحقيقة ان لبنان لم يكن محاصرا فالحدود المفتوحة مع سوريا تكفل للبنان كل ما يريد ، و عندما سافرنا على الطريق بين دمشق و بيروت لم نر معوقات نشعر بها من التهويل الاعلامى عن الأضرار التى وقعت على الطريق ، فقد قطعت الطريق من دمشق الى بيروت حسب الوقت المعتاد تقريبا. كذلك فان الحصار لا يضير حزب الله فى شئ ، من الناحية العسكرية ، فمن الطبيعي ان الامدادات العسكرية لحزب الله لم تكن تأتى عن طريق مطار بيروت أو ميناء بيروت!!

و لكنها على الأغلب تأتى من البر من دروب غير رسمية بين لبنان و سوريا.

و لكن الحصار كان يضر حكومة السنيورة لأنه يهزأ بها وحدها ، و يضعفها ، بينما وصايا أمريكا الدائمة عدم احراج هذه الحكومة قدر الإمكان لأنها حكومة صديقة .

كذلك فان الحصار البحرى و الجوى يؤدى الى تعميق العلاقات السورية – اللبنانية ، الاقتصادية و غير الاقتصادية ، و هو أمر غير مطلوب أمريكيا و لا حتى اسرائيليا ، لذلك كنت أتوقع قرب رفع الحصار ، و لكنه حدث بأسرع مما كنا نتصور .

أما الحصار البرى فهو لن يحدث ، و سوريا لن تقوم بذلك ، مهما كانت الاعلانات الدبلوماسية ، لقد أصبحت العلاقات السورية مع حزب الله علاقات استراتيجية و هو موصولة مع ايران ، و كان من أهم دلالات الحدة فى خطاب الرئيس بشار الأسد ضد الحكام العرب أنه حسم خياراته و ان تحالفه مع ايران و المقاومة اللبنانية – الفلسطينية ، أصبح خيارا حاسما ، و أنه يعول بعد ذلك على العلاقات مع روسيا ( التعاون التجارى ارتفع من 200 الى 500 مليون دولار سنويا) الدول الآسيوية و بعض دول أمريكا اللاتينية و انه لم يعد يعول على النظام الرسمى العربى أو أوروبا.

و قد روى لنا أحد العارفين ببواطن الأمور كيف ان سوريا سعت خلال حرب لبنان لاستكمال بعض المعدات العسكرية فى مجال الدفاع الجوى و أنها اشترتها بالفعل ، و لكن الاردن و السعودية رفضتا مرور الطائرات عبر أجوائها ، فى حين وافقت تركيا على ذلك !

و من حق سوريا أن تعتبر نفسها شريكة فى الانتصار ، فقد كرست كل امكانياتها الرسمية و الشعبية لخدمة المجهود الحربى للمقاومة و لكسر الحصار الاقتصادى على لبنان ، و كانت مهددة عسكريا من جراء ذلك .

ان سوريا قدمت امدادات عسكرية بدون حدود للمقاومة اللبنانية و قد أعلنت عن ذلك اسرائيل ، و روسيا تبحث مع سوريا وصول شحنات من الأسلحة الروسية الى أيدى المقاومة اللبنانية ، خاصة الصاروخ كورنيت الذى لعب دورا أساسيا فى مذبحة الميركافا 4 ، و ان كانت روسيا لم تستطع أن تخفى سعادتها بنجاح السلاح الروسى فى هزيمة السلاح الأمريكى – الاسرائيليى.

إن اتهامات اسرائيل لسوريا بلعب دور حاسم فى الامدادات العسكرية لحزب الله اتهامات صحيحة و تشرف سوريا و ليس من الحكمة أن أفصل أكثر من ذلك .

المهم أن ما يقال عن اعلان دمشق عن مراقبة الحدود البرية مع لبنان لا يعنى أى شئ جدى – فى واقع الأمر – و هو محض كلام دبلوماسى لجبر خاطر عنان !

و قد أصبح من مصلحة سوريا المباشرة المحافظة على حالة حزب الله دون نقصان أو إضعاف لها .

نستطيع أن نؤكد بعد ذلك أن حزب الله قد استعوض منذ اليوم الأول لوقف اطلاق النار حتى الآن كل مخزونات السلاح التى فقدها فى الحرب من كل الأنواع ، ان لم تزد. و إن خطوط الامداد لم يعتورها أى عطب سواء أثناء الحرب أو بعدها ، و أن الحصانة الشعبية له هى أكبر ضمانة لاستمرار هذه الخطوط. و ان الجيش اللبنانى يدخل بصورة صديق ، لا بصورة مراقب أو مفتش عن الأسلحة. و حزب الله عادة – فى غير وقت الحرب – لا يظهر أسلحته و بالتالى فان عدم إظهار السلاح فى قرى الجنوب ليس خطوة الى الخلف .

ان قوات اليونيفيل الدولية جاءت بموافقة حزب الله ، بل و بضمانات من حزب الله بألا يضربها !! و هذه القوات تعلم جيدا انها لمراقبة وقف اطلاق النار و ليس لمتابعة حزب الله أو نزع سلاحه .

بالنسبة للجيش اللبنانى فانه لا قدر الله اذا أرادت قيادته أن تنقلب فانها لا تستطيع من الناحية العسكرية ، و لا تستطيع من الناحية السياسية لأن الجيش فى هذه الحالة سيتعرض للتفكك من جديد كما حدث عام 1976. إن أى استخدام طائفى للجيش يؤدى إلى تفككه إلى عناصره الطائفية الأولى و يتحول إلى ميلشيات متعادية ، و تنضم كل ميلشيا إلى طائفتها. كما أن طبيعة القيادة الحالية: رئيس الجمهورية و رئيس الجيش الحالى فانها تتسم بالوطنية و الايمان بالعروبة و هى كلها ضمانات اضافية .

و يخشى البعض من أن قوات اليونيفل قد تتحول الى قوات معادية فى مرحلة لاحقة ، و يمكن اصدار قرار جديد من مجلس الأمن ينقل مهمة هذه القوات الى الفصل السابع الذى يبيح استخدام القوة.

و الضمانات هنا هى التوازن المادى على الأرض فهذه القوات من دول مختلفة غير متجانسة ، و هى قوات غير محاربة. و هذا هو سبب التردد الفرنسى بين عدم ارسال قوات الى مجرد 200 جندى ثم رفع هذا الرقم الى حوالى ألف أو عدة آلاف ، ففرنسا لا تريد أن تهين جيشها و تخشى أن يتعرض لمهانة مع حزب الله . و من قبل نجحت المقاومة الاسلامية فى 1982 فى طرد القوات الأمريكية و الفرنسية. و الآن فان المقاومة لديها امكانات أكبر بكثير و هى منظمة بصورة لا تقاس بمستواها عام 1982 حيث لم يكن قد نشأ بعد حزب الله .

إذن ان مجيئ قوات من بلاد من وزن فرنسا و ايطاليا يستهدف الاحراج السياسى لحزب الله لضمان تثبيت وقف اطلاق النار. و مع ذلك فان النوايا السيئة غير مستبعدة فى مراحل لاحقة. و لكنها غير متوقعة فى المدى القريب من وجهة نظرنا ، لأسباب عديدة :

(1) فالبلدان الاوروبية لم تعد بلدانا محاربة ، و هى أقل استعدادا للحرب من أمريكا ، و تجربة البوسنة و كوسوفا و أفغانستان دليل على ذلك .

(2) ان هذه الجيوش اذا حاربت فيمكن ضربها بسهولة خاصة من جانب حزب الله بلياقته الحالية و بعد فشل الجيش الاسرائيلي أمامه و هو جيش محارب أكثر من جيوش أمريكا و أوروبا.

(3) ان حزب الله ليس فى وارد شن حرب واسعة جديدة ضد اسرائيل وحده دون باقى الجبهات ، بل و لن يقوم بعمليات عبر الحدود ، أو يقصف اسرائيل بصواريخ. ان حزب الله سيعود إلى الحالة التى كان عليها من عام 2000 إلى عام 2006. فرغم رغبته الدفينة فى قتال الصهاينة. إلا أنه يلتزم بالحالة اللبنانية ، التى لا يمكن أن تحارب وحدها لتحرير فلسطين بينما باقى الجبهات الأخرى متفرجة أو متواطئة .



و بالتالى كانت عمليات حزب الله قاصرة على مزارع شبعا و عمليات اختطاف الأسرى ، و رد أى اعتداء اسرائيلى على لبنان فى صورة قصف جوى أو بحرى أو برى خارج المنطقة المحيطة بمزارع شبعا (وقد ضرب حزب الله العمق الصهيونى مرات محدودة كنوع من الرد). و بشكل عام فانه بين 2000 و 2006 كانت الحالة أشبه بالهدنة .

و حزب الله سيعود إلى هذه الحالة ، فهو ينتظر الآن استكمال ما تبقى من الانسحاب الاسرائيلى حتى الخط الأزرق. و سينتظر لفترة أخرى قد تطول أو تقصر ، و سيعلن ان من حقه استهداف مزارع شبعا. و عموما فان هذا الموضوع دخل فى دائرة اهتمام القرار 1701 بعد أن كان مستبعدا من اهتمام الأمم المتحدة ، و قد تنسحب اسرائيل منها لسحب الذرائع من المقاومة .

و ساعتها سيعلن حزب الله استمرار تمسكه بسلاحه للدفاع عن لبنان .

اذن اذا كان حزب الله سيعود الى حالة الهدنة التى كانت بين 2000 – 2006 فما هو المكسب الذى تحقق ؟!

لقد كان حزب الله قبل و بعد 12 يوليو / تموز رصيدا أساسيا للأمة يمكن البناء عليه و على المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين ، و لكنهما معا غير كافيين لتحقيق هذه المهمة المقدسة فلابد من تجييش قوى الأمة بدءا بالدول المحيطة بفلسطين و على رأسها مصر.

و الآن فان الرصيد الاستراتيجى لحزب الله قد تصاعد فى حد ذاته من حيث قوته المقدرة و المختبرة ، بالاضافة لما برهن عليه من ضعف العدو الذى كان يرهبه الجميع و يحسب له ألف حساب

و قد ذكرت فى عدد من المحاضرات و الندوات ، ان حزب الله بانجازاته الصاروخية لا يحتاج لاطلاق أى صاروخ لعدة شهور و ربما لعدة سنوات ، ليواصل تأثيره على العدو الصهيونى ، فما حدث بين 12 يوليو تموز و 15 آب/أغسطس سيظل يحدث تفاعلاته داخل الكيان الصهيونى لعدة شهور بل لعدة سنوات. و قد أشرت فى بداية المقال لطرف من هذا. و لكن الموضوع كبير بالفعل، فنظرية أمن الكيان الصهيونى قد سقطت ، و هى لانها دويلة مصطنعة فهى تصبح هكذا فى مهب الرياح .

فكل اسرائيلى لديه جنسية أخرى و يمكنه العودة الى بلده الأصلى بصورة أو بأخرى ، سيظل الكيان يتآكل و يأكل بعضه بعضا بسبب الحقائق الساطعة التى أبرزتها هذه الحرب ، و هى لا تعود لتقصير ما فى القيادة بقدر ما ترجع الى تغير موازين القوى المادية و المعنوية بيننا و بين العدو. انهيار نظرية الأمن يؤدى بصورة ظاهرة و سريعة الى تفصيل ظاهرة الهجرة العكسية ، و تقول صحيفة معاريف ان هذه الهجمات الصاروخية (4 آلاف صاروخ) دفعت العديد من الاسرائيليين الى القيام بخطوات أولية لمغادرة البلاد. و أوضح مسئول فى وزارة الاستيعاب أوردت كلامه الصحيفة أن الأمر يتعلق فى المقام الأول بمهاجرين من الاتحاد السوفيتى السابق مقيمين منذ فترة طويلة و اشتكوا من أن السلطات تخلت عنهم. و أشارت الصحيفة الى ارتفاع فى عدد طلبات تجديد جوازات السفر الروسية بغية عودة محتملة . و قالت الناطقة باسم سفارة كندا فى اسرائيل نتالى أمار ان "عدد طلبات الاستعلام بشأن امكانية الهجرة فى الفترة الأخيرة خارج اسرائيل زادت بمقدار خمس مرات" موضحة ان هذه الطلبات أتت من كل فئات المجتمع فى شمال اسرائيل . و لا تتوافر معطيات رسمية حول الهجرة فى الفترة الأخيرة خارج اسرائيل لان احتساب الأشخاص الذين ينتقلون الى الخارج يستغرق خمس سنوات. لكن الصحافة تحدثت عن 10 آلاف الى 15 ألف شخص يغادرون اسرائيل سنويا منذ العام 2000 ، و لابد أن هذا المعدل سيتضاعف عدة مرات من الآن فصاعدا .

ضربات حزب الله لم تكن قوتها التدميرية بنفس قوة تدمير القصف الصهيونى ، و ليس هذا هو المهم ، المهم أن تحقق ضرباته آثارها النفسية و المعنوية و هذا ما تحقق . فقد أدرك الصهاينة ان كيانهم لم يعد محميا لا فى الشمال و لا الوسط و لا الجنوب . و مع ذلك فان التعتيم الاعلامى الصهيونى أخفى عن الرأى العام الخارجى حجم ضربات حزب الله ، فهى لم تكن صغيرة أو رمزية. و هذا ما لم يكن اخفاؤه ممكنا على اليهود أنفسهم ، و قد بدأ يتسرب جزء منه إلى الاعلام .

ضربات حزب الله كانت موجعة ، و صواريخه كانت أشد فتكا من الصواريخ البدائية التى استخدمها فى مرحلة ما قبل 2000 .

على سبيل المثال تقول صحيفة جيروزاليم بوست ان القطاع الصناعى فى اسرائيل قد أصيب بالشلل التام ، و ان صواريخ المقاومة طالت أكثر من ثلاثين مصنعا فى ستين مستعمرة فى حين تم اغلاق ما يزيد عن 80% من المصانع الواقعة شمال فلسطين المحتلة. ناهيك عن عشرات المتاجر التى دمرت بالكامل فى عشرات المستوطنات . و تحدث اتحاد الصناعات الاسرائيلى عن اغلاق 630 مصنعا بالكامل و ان المصانع الباقية التى ظلت مفتوحة فلم تعمل بالطاقة الكاملة. بل ان مصانع حيفا وحدها تكبدت خسائر لا تقل عن مليارين و ربع المليار دولار خلال شهر الحرب .

عدد المبانى التى دمرت أو أصيبت بلغ 12 ألف وحدة من بينها ألفين وحدة تم تدميرها بالكامل ، و رفعت صحف أخرى الاحصاء الى 16 ألف وحدة سكنية أو مبنى ادارى. و بلغ حجم التدمير فى الأشجار مليون شجرة ، و أن الأحراش و الغابات تحتاج الى 60 عاما حتى تعود إلى حالتها الطبيعية. اذن لقد كانت الضربات واسعة و شاملة و مؤثرة و موجعة ، و لا تقارن بآثار صواريخ القسام أو صواريخ العراق عام 1991. فاذا كانت صواريخ غزة البدائية أحدثت كل هذا الازعاج ل120 ألف يهودى فما بالنا بهذه الصواريخ المؤثرة التى ضربت أماكن ل2 مليون يهودى. لاشك أن تفاعلاتها ستكون أسرع و أكثر عمقا ، خاصة و أن الحرب لم تنته بنزع سلاح حزب الله ، بل أن قدرته الصاروخية و موقعه لاتزال كما هى و حتى الحدود مع فلسطين المحتلة و قد لخص سماحة السيد حسن نصر الله أخيرا الموقف بأن كل شئ على ما هو عليه عدا نقاط المراقبة العلنية التى تم التخلى عنها !!

نتيجة الحرب قالت للاسرائيليين : ان القوة الصاروخية لحزب الله لم تتأثر ، و ان الاجتياح البرى صار مسألة أشبه ما تكون بالانتحار. و بالتالى فان قوة ردع حزب الله قد تحققت. لقد حاول العدو تحدى هذه القوة الرادعة و خسر. كانت التكلفة عالية على الجانب المدنى اللبنانى ، و لكنها كانت ضرورية لاقناع العدو بعدم محاولة التجربة من جديد على الأقل لعدة سنوات قادمة. كما فشل فى عدوانه الجوى عام 1996. و كما هرب عام 2000 و ظل مؤدبا لمدة 6 سنوات.

و لكن العدو سيبقى مؤدبا لفترة أطول هذه المرة خاصة و انه يجب أن يعالج العديد من مشكلاته الفنية ، بعد اندحار التكنولوجيا الأمريكية – الاسرائيلية فى مجال الدبابات و الاستخبارات و البوارج و غيرها من قطاعات الفشل الاسرائيلي فى هذه الحرب .

و من أطرف ما تم الكشف عنه مؤخرا فى اسرائيل ان لجنة تحقيق أمريكية عالية المستوى حضرت تل أبيب للتحقيق فى كيفية سيطرة حزب الله على نظام الاتصالات فى الجيش الاسرائيلى و التصنت على كافة مكالمات القيادة و فك الشيفرة المعقدة الأمريكية الصنع . و قالت المصادر ان وفد الخبراء يدرس أيضا نظام التشفير الالكترونى الذى أتبعه حزب الله لمنع اسرائيل من السيطرة على نظام اتصالاته .

إذن فان الانتصار التكنولوجى فى هذه الحرب – و لابد من ارجاع الفضل الى أهله: إلى ايران – كان من أخطر زوايا و دروس هذه المواجهة. و التى أكدت ان الأسطوانة المشروخة التى ظل حكامنا يرددونها حول الفجوة التكنولوجية مع الغرب و اسرائيل أصبحت أسطوانة ممجوجة ، و مجرد اعلان للفشل و الاستسلام ، بدلا من العمل الجدى للقضاء عليها .

و من هنا فان العدو الصهيونى الأمريكى يعانى الآن من انكشاف استراتيجى تكنولوجى ، و عليه أن يعيد النظر فى صناعاته الالكترونية ، و عمليات التشويش الالكترونى ، و العمل الاستخبارى ، و صناعة الميركافا ، و البوارج الحربية .. الخ الخ و هذه عمليات تحتاج الى شهور و سنين من زاوية البحث المعملى ثم من زاوية الانتاج الصناعى . و علمت – خلال زيارتى للبنان – ان حزب الله لم يخرج مغرورا من هذه الحرب ، و انه يعكف بكل جدية على دراسة دروس المعركة ، لسد مزيد من الثغرات ، و لتعزيز مكاسبه و ضمان عدم اختراقها .

و كان من أهم انجازات هذه الزيارة لقاءاتنا مع قيادات ميدانية لحزب الله .. و هى قيادات شابة مؤمنة تتميز بثقافة عسكرية غزيرة و خبرات كبيرة و تواضع جم. و كان من بين من ألتقينا قيادات أعلنت اسرائيل أنها قتلتها أثناء الحرب !!

الخلاصة اذن ان جسم المقاومة السياسى – العسكرى خرج سليما من المعركة ، و لا يوجد شهداء فى الصف الأول أو الثانى ، و شهيدا واحدا فى الصف الثالث ، مجموع الشهداء العسكريين أقل من مائتى شهيد. التجهيزات العسكرية لم تتأثر و تم استعواضها. و هناك المجال الأن لمزيد من التطوير و استحداث أدوات و أشكال جديدة للمقاومة .

* * * *



اذن الرصيد الذى يمثله حزب الله و الذى ازداد فى هذه المعركة سيظل كامنا و موجودا كما كان بين عامى 2000 – 2006 مع كل الانجازات الجديدة المشار اليها ، و ستظل قوته محسوبة فى مجريات الصراع المفتوح بين أمتنا و العدو الصهيونى – الأمريكى .

و هذا هو سبب التآمر على وجوده حتى و إن ظل ساكنا ، لأنه فى حالة اندلاع حرب اقليمية ضد سوريا و ايران فمن الطبيعى ان حزب الله لن يقف ساكنا.

و لكن الأعداء عادوا الآن الى التآمر السياسى الذى كان قبل 12 يوليو .

من خلال عملاء الداخل و من خلال محاولة فرض أشكال من الوصاية الدولية ، التى تمس السيادة اللبنانية و ان لم تؤثر مباشرة على امدادات حزب الله ، كالتدخلات الدولية فى اجراءات أمن المطار و الموانئ التى بدأت الشكوى منها .

و ما قدمناه من قبل لم يكن محاولة لرسم صورة وردية تستبعد هذه المخاطر ، فهذه المخاطر قائمة ، و حزب الله مع كافة القوى الوطنية و الاسلامية فى لبنان يتصدون لها ، و للقوى العربية و الاسلامية خارج لبنان دورها فى محاصرة التآمر الدولى على لبنان .

و هذا يفسر لماذا انتقل حزب الله من خطاب تسكين الخلافات أثناء الحرب ، إلى خطاب المواجهة السياسية مع الحكومة و مجموعات جعجع و الجميل و جنبلاط ، خاصة بعد استقبال بلير المشارك فى العدوان ، و طرح تشكيل حكومة وحدة وطنية.

اذن قرر حزب الله ان الهجوم السياسى خير وسيلة للدفاع ، و الخريطة السياسية العامة فى البلاد لمصلحته سواء فى الجانب المسيحي أو فى الجانب السنى. و العقبة الأساسية هى الأكثرية المصطنعة فى البرلمان و التى ستزول حتما عند أول انتخابات برلمانية (بعد حوالى عام من الآن) ، و هى مصطنعة لأنها قامت على التحالف مع حزب الله ثم انقلبت عليه ، و هو الأمر الذى لن يتحقق فى الانتخابات القادمة .

هذه الحكومة تدرك أنها تلعب فى الوقت الضائع و تود تحقيق أكبر قدر من المكاسب لمشروعها الموالى لأمريكا و الغرب ، و لكنها خسرت معركتها مع الرئاسة ، و أصبح إميل لحود أكثر قوة و شعبية بعد موقفه من الحرب و مع المقاومة .

و بالتالى فان الهجوم السياسى لحزب الله ينطلق من موقع الثقة بالنفس ، و زيادة وزنه لبنانيا و عربيا و اسلاميا و عالميا. و جاء الهجوم فى وقته حتى لا تتبدد ثمار النصر. و حزب الله يرسل رسالة واضحة انه مستعد لأسوأ الاحتمالات ، و لا يجد ما يخشاه . بينما نجد مجموعة 14 آذار أو شباط محشورة فى الزاوية ، 80% على الأقل من لبنان ضدها (نخبا و جماهير). و يأتى الهجوم السياسى لحزب الله فى توقيت صحيح أيضا بعد انهاء مرحلة توزيع الأموال على المهاجرين لتسكين مؤقت .

أعتقد – كما قلت فى ندوة المنتدى القومى – ان القوى الوطنية و الاسلامية فى لبنان قادرة على ادارة الصراع و تسكينه فى حدود الأمان و فق الخبرات اللبنانية العتيدة .

إن التحدى الأكبر هو فى بناء جسد عربى – اسلامى شعبى لحماية هذا الوضع فى لبنان و تعزيز الانتصار الذى حدث فيه و البناء عليه فى مختلف الجبهات .

( و الحديث متصل)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.