شهدت بدايات عام 2014 صدور الدستور الجديد، الذى بمقتضاه حصلت المرأة المصرية على العديد من المكتسبات التى أقرها الدستور، فلأول مرة تكون هناك مادة دستورية تعطى الحق للأم فى نقل جنسيتها لأبنائها من زوج غير مصرى بعد أن كانت تعانى الأمهات الكثير فى هذا الشأن، كما خصص الدستور للشابات والسيدات مقاعد فى المجالس المحلية بنسبة 25% الأمر الذى يحجز حوالى 13 ألف مقعد للشابات والسيدات فى المجالس المحلية، التى تعد لهن بيت خبرة لدخول البرلمان فيما بعد، كما رفع الدستور سن التعليم الإلزامى إلى المرحلة الثانوية الأمر الذى يؤدى بدوره إلى الحد من الزواج المبكر للفتيات، الذى كان منتشراً فى ريف وصعيد مصر، كما جرم الدستور الاتجار بالبشر الذى كانت دائماً ضحيته النساء والفتيات. لكن بالرغم من هذه الحقوق المهمة، فإنه ما زالت النساء تعانى من التراجع بشكل عام فى كافة المجالات، فقد احتلت مصر المركز 129 من بين 142 دولة على مستوى العالم وفق تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2014، كذلك احتلت مصر المركز 110 من بين 187 دولة على مستوى العالم وفق تقرير التنمية البشرية لعام 2014. فعلى مستوى التمكين السياسى للمرأة قد تراجعت من المركز 128 العام الماضى إلى المركز 134 من بين 142 دولة على مستوى العالم، وازدادت التراجع انحداراً فى مؤشر تولى الوظائف القيادية للنساء فقد وصلت مصر المركز 116 هذا العام بعد أن كانت المركز 101 العام الماضى، وفى هذا انحدار واضح لحقوق المرأة فى توليها الوظائف القيادية ووصولها لأماكن صنع القرار. وتعد التقارير الدولية مرجعيات مهمة يحدد بناء عليها كثير من المواقف فى العلاقات الدولية سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى، لذا فمن المهم أن يأخذها المسئولون بالجدية الكافية، وذلك لسببين؛ اعتبارها مؤشراً أو خط أساس يمكن المساعدة فى رسم خطط التنمية على المستوى المحلى، وأيضاً الاستعداد للرد عليها حينما يوجه الانتقاد لمصر فى المحافل الدولية، فقد واجهت مصر فى اجتماعات المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف العديد من الانتقادات، كان من أهمها تراجع وضع المرأة المصرية، وصل الأمر إلى توجيه ما يقرب من ثلاثمائة توصية من مختلف دول العالم، وكان عدد كبير منها يخص النساء فى مصر فمن بين التوصيات الخاصة بتعديل البنية التشريعية كان أبرزها مراجعة تشريعات الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات من أجل تعديل أو حذف المواد التى تنطوى على تمييز ضد المرأة، ليتوافق مع الدستور، وكذلك القانون الدولى، كما أكد التقرير ضرورة تكثيف التدابير للقضاء على التمييز ضد الفئات الضعيفة، ولا سيما النساء، وضمان المساواة المطلقة فى الحقوق والفرص لهن وللفتيات، وفقاً للمعايير الدولية، وتعديل واعتماد وتنفيذ تشريعات للقضاء على جميع أشكال التمييز، وتجريم جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات على نحو فعال، والتأكد من أن جميع حالات العنف الجنسى والمضايقات التى تواجهها النساء يتم التحقيق فيها فوراً وتقديم الجناة إلى العدالة. وضرورة تعزيز جهود الدولة لدعم الحقوق الاجتماعية للمرأة، مثل الحق فى التعليم والصحة، وضمان الوصول المتساوى للفتيات والنساء على جميع مستويات ومجالات التعليم، وتواصل سياستها لتمكين المرأة واحترام حقوقها وحمايتها، بما فى ذلك مكافحة الختان، وتعزيز التمثيل العادل للمرأة فى البرلمان والحكومة، واتخاذ الخطوات اللازمة لوضع التدابير التشريعية للقضاء على العنف الجنسى ضد النساء المشاركات فى الاحتجاجات والمظاهرات، وإلغاء الزواج القسرى المبكر، والزواج المؤقت التجارى للفتيات، كل هذه التوصيات وردت بالفعل كمواد فى الدستور، لكنها ما زالت حبراً على ورق تحتاج إلى إرادة سياسية قوية لدخولها حيز النفاذ.