ويشعر العديد من منتقدي النظام العسكري بحنق شديد إزاء الخطط الحكومية الرامية إلى التعجيل بتنظيم استفتاء شعبي لصياغة دستور جديد، ومحاولاتها عقد انتخابات قد تبعد العديد من أتباع رئيس الحكومة السابق \"تاكسين شيناوترا\" عن المشاركة في الحكم. وقد خرج الآلاف من المواطنين إلى شوارع العاصمة بانكوك لإسماع صوتهم إلى قادة الانقلاب وللإشادة برئيس الوزراء المعزول الذي مازال يجوب العالم منفياً منذ نجاح الانقلاب العسكري في الإطاحة به من الحكم. وفي يوم الثلاثاء الماضي، شارك حوالى 13 ألف شخص في المظاهرات التي انتهت بالزحف إلى مقر إقامة الجيش، حيث طالبوا قادته بالاستقالة. \r\n \r\n وفي هذا الصدد قال \"تيتان بونجسوديراك\"، مدير معهد الأمن والدراسات الدولية في جامعة \"شولونكورن\" بالعاصمة بانكوك \"إننا نشهد وضعاً هشاً للغاية قد يقود إلى العنف\"، مضيفاً \"لقد أدى تفكيك حزب \"تاي راك تاي\" ومنع 111 مسؤولاً من المشاركة في الحياة السياسية إلى مفاقمة الأوضاع، واليوم بعد حشر أعضاء حزب \"تاي راك تاي\" في زاوية ضيقة شعروا بأنه لم يعد لديهم ما يخسرونه\". وقد اشتدت حدة المظاهرات، التي كانت متوارية طيلة الأشهر التي أعقبت الانقلاب العسكري، بعد القرار الذي اتخذته المحكمة المنصّبة من قبل النظام العسكري في 30 مايو الماضي وينص على حل حزب \"تاي راك تاي\" ومنع 111 من قياداته من ممارسة العمل السياسي خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي أعقاب هذا القرار، اتخذ النظام المدعوم عسكرياً خطوات عدة ترمي إلى السماح للأحزاب السياسية الموجودة بالمشاركة في الانتخابات، بينما يتم منع أعضاء الحزب المطاح به، فضلاً عن مصادرة ممتلكات رئيسه \"تاكسين\". \r\n \r\n وعلى رغم أن الحكومة المدعومة من الجيش، رفعت الحظر المفروض على النشاط السياسي مباشرة بعد حل حزب \"تاكسين\"، فإنها مازالت تضيّق على المواطنين، وتحول دون تسجيلهم في الأحزاب السياسية الجديدة خشية طعنهم في الانتخابات. وما دام حزب \"تاكسين\" يصر على تشكيل تنظيم سياسي جديد يحمل نفس الاسم، فمن غير المتوقع أن تسمح له الحكومة بالمشاركة في الانتخابات المقرر عقدها في شهر ديسمبر المقبل. وفي تصريحات أدلى بها \"شوترون شيزينج\"، زعيم حزب \"تاي راك تاي\" السابق بالوكالة الأسبوع الماضي أمام الصحفيين، أكد أنه من دون الملايين من الفقراء في الأرياف الذين يشكلون القاعدة الأساسية للحزب، فإن البلاد لن تنعم باستقرار دائم. وقد أوضح ذلك قائلاً: \"إذا لم يكن هناك من مخرج من الأزمة التي تمر بها الحياة السياسية التايلاندية عبر النظام البرلماني، فإن الأمور ستسوء أكثر في البلاد، ويعني ذلك أن المواطنين الذين سُدت أمامهم سبل المشاركة والتغيير قد يلجأون إلى وسائل أخرى للتعبير عن معارضتهم للوضع القائم\". \r\n \r\n وقد تميز الأسبوع الحافل بالمظاهرات المناوئة للحكم العسكري بتعزيز قوة مجموعات متفرقة تعارض العسكر، حيث ظهر العشرات من التنظيمات مثل \"التحالف الديمقراطي ضد الديكتاتورية\" باعتباره تنظيماً مضاداً ل\"التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية\"، الذي نزل إلى الشارع في العام الماضي وأطاح بحكومة \"تاكسين\". ففي السنة المنصرمة وقبل وقوع الانقلاب، حاول الآلاف من المتظاهرين إسقاط \"تاكسين\" بسبب تهم الفساد الموجهة إليه، ومزاعم تشير إلى استمالته للهيئات الدستورية المستقلة إلى جانبه. لكن مباشرة بعد الانقلاب بدأ التأييد للحكومة الجديدة المدعومة من قبل العسكر يتلاشى، لاسيما وأن التحقيقات ضد \"تاكسين\" لم تكشف الكثير، فضلاً عن السياسات الخاطئة التي أضرت بالاقتصاد. ومع ذلك تبنت الحكومة نبرة هجومية في الأسبوع الجاري بعدما اتهم رئيس الحكومة المؤقتة \"سورايود شولانونت\" حكومة \"تاكسين\" بالفساد، وأصر على أن الانتخابات ستعقد في الوقت المحدد لها دون تغيير في موعدها. وفي غضون ذلك أعلنت فجأة الهيئة التي نصبها الجيش للتحقيق في تهم الفساد مصادرتها لواحد وعشرين حساباً بنكياً تقدر قيمتها بحوالى مليار ونصف مليار دولار. \r\n \r\n أما \"تاكسين\"، الذي جمع ثروته من خلال إقامة أكبر شركة للاتصالات في تايلاند، فقد نفى أية علاقة له بالفساد، كما عبر عن خوفه من عدم حصوله على محاكمة عادلة ما لم تعد الديمقراطية إلى البلاد. وعلى رغم أن الجنرال \"سورايود\" يهاجم بشدة رئيس الحكومة السابق \"تاكسين\"، فإنه أكد عدم نيته ملاحقة أتباع رئيس الحكومة المخلوع. ويدرك الجنرال \"سورايود\" أنه يتعين على الحكومة العمل على تهدئة مناصري حزب \"تاي راك تاي\" إذا ما أرادت الاستمرار لفترة ستة أشهر إضافية في السلطة إلى حين موعد إجراء الانتخابات. غير أن النفوذ الذي كان يحظى به \"سورايود\" في السابق، بدأ يتراجع بسبب قيادته المترددة، لذا فإنه من غير المتوقع أن تلاقي دعوته بالتفاوض والمصالحة آذاناً صاغية بالنظر إلى قوة الاحتجاجات والتفافها حول رئيس الحكومة السابقة \"تاكسين\". \r\n \r\n دانيال تين كيت \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تايلاند \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n