وخلافاً لرئيس الوزراء السابق الذي عرف بدفاعه المستميت عن تبني مقاربة صارمة في التعامل مع التمرد الجنوبي يفضل القائد سوندهي، وهو أول مسؤول مسلم رفيع المستوى في الجيش التايلاندي، مقاربة أكثر هدوءاً وأقل عنفاً لإنهاء العنف المستشري في المناطق الجنوبية. وفي هذا السياق يقول وادورامي مامينجي، رئيس اللجنة الإسلامية في محافظة باتاني: \"من المتوقع أن يشكل رحيل رئيس الوزراء السابق فرصة جديدة لإنهاء العنف واستئناف الحوار مع الحكومة\". \r\n \r\n ولا يرجح الخبراء أن تكون لحركة التمرد في الجنوب أية علاقة مع جماعات جهادية من خارج البلاد، لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من أن الاستمرار في إضاعة المزيد من الوقت دون التوصل إلى حل قد يقوي تلك الصلات ويشجع على انتشار العنف إلى باقي مناطق البلاد، بما في ذلك العاصمة بانكوك. يذكر أن الصراع تأجج في 2001 عندما أقدمت الحكومة الجديدة المنتخبة تحت قيادة تاكسين شيناواترا على تفكيك شبكة أمنية كانت تربط المسؤولين في العاصمة بالقادة المسلمين في الجنوب. وبررت الحكومة تصرفها بأنها أغلقت تنظيماً تقوده المعارضة، لكن سرعان ما استعر العنف في المنطقة ليصل ذروته في يناير من عام 2004 عندما نفذ المتمردون هجوماً كاسحاً على مستودع للسلاح. وقد تطور الصراع لاحقاً وانتشر على نطاق واسع مخلفاً طوابير من الضحايا وصل عددهم حسب الإحصاءات الرسمية إلى 1700 قتيل على مدى 21 شهراً من القتال. \r\n \r\n وفي مواجهة التمرد استخدمت الحكومة جميع الوسائل المتاحة، حيث سمحت لأجهزة الأمن بالتنصت على المكالمات الهاتفية، وحظر الاجتماعات، فضلاً عن احتجاز المشتبه فيهم دون محاكمة وفرض حظر التجول في المناطق الجنوبية. وقد أثار ذلك حفيظة منظمات حقوق الإنسان التي راحت تندد بالممارسات الحكومية وتتهمها بإعدام المشتبه فيهم دون محاكمة، واللجوء إلى الاختطاف والتعذيب. والأكثر من ذلك فشلت استراتيجية تاكسين القائمة على مواجهة التمرد بقبضة من حديد في تحقيق الغرض المنشود واستتباب الأمن. وفي هذا السياق يقول سريسومبوب جيتبيرومسري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمير سونجلا في محافظة باتاني: \"لم تنجح السياسات الحكومية القاسية في التوصل إلى حل للمشكلة، ويبدو أن الحل العسكري وحده عاجز عن فرض الأمن في ظل غياب تسوية سياسية للأزمة\". ومع ذلك يعتقد العديد من المراقبين أن قائد الجيش الحالي المسؤول عن الانقلاب هو الأقدر في الوقت الراهن على التوصل إلى حل سلمي. \r\n \r\n فقبل شهرين على الانقلاب قام تاكسين شيناواترا بتسليم قائد الجيش الحالي ملف إخماد التمرد في محاولة منه لتحميل الجيش مسؤولية الفشل في فرض الأمن وإحلال السلام. لكن ما أن تسلم الجنرال سوندهي مسؤولية إدارة الأزمة حتى دعا إلى فتح حوار مع المتمردين والتفاوض مع قادتهم الذين كانت تعتبرهم الحكومة إرهابيين. ويتفق مع هذا الطرح روهان جونراترا الخبير في معهد الدراسات الاستراتيجية والدفاعية في سنغافورة الذي قال في هذا الصدد \"إنها لحظة استراتيجية.. فالجنرال سوندهي أفضل من يفهم الوضع الأمني في الجنوب، لذا على السلطة الجديدة أن تعلن فوراً عن رغبتها في التفاوض مع المتمردين دون إبطاء\". ويتوقع المراقبون أن يقوم الجنرال سوندهي بتطبيق مجموعة من المقترحات كانت قد تقدمت بها لجنة المصالحة الوطنية، وهي الهيئة الحكومية التي تم إنشاؤها للتوصل إلى حل للأزمة. وتشمل تلك المقترحات إقرار استخدام الملاي كلغة رسمية في الوثائق الحكومية، والسماح بتطبيق جزئي للشريعة الإسلامية، وتعيين عدد أكبر من أبناء المناطق الجنوبية في المناصب الحكومية. \r\n \r\n دانييل تين كايت \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تايلاند \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n