غير أن تاريخ ذلك اللقاء لم يحدد بعد. ويأتي إعلان \"براشاندرا\" هذا في إطار تواصل الجهود الحكومية للإسراع بإحداث تحول سياسي ديمقراطي في البلاد, وإنقاذها من براثن الحكم الشمولي الذي امتد لأربعة عشر شهراً بمبادرة من الملك \"غيانندرا\". \r\n واستناداً إلى مرجعية الانتفاضة الشعبية التي نبذت العنف وسيلة وأداة للتغيير السياسي, يبدو أن الحكومة قد بدأت استرداد مصداقيتها وكسب ثقة المواطنين بها في عدة جبهات على صعيد التحول السياسي السلمي الديمقراطي. ولم يكن ذلك إلا بفضل الخطوات المتلاحقة والمتتالية التي اتخذتها, بدءاً بخططها الرامية إلى إعادة صياغة الدستور, وتجريد الملك من معظم السلطات التي يتمتع بها الآن, بما يضع مصاعب كبيرة أمام الماويين, ويحول دون فرض شروطهم على القوى والأطراف السياسية الأخرى في البلاد, على حد رأي المحللين والمراقبين السياسيين. \r\n وكما ورد في تعليق \"ناريان واجل\" رئيس تحرير صحيفة \"كانتبور\" كبرى الصحف اليومية الصادرة في \"نيبال\", فقد تمكن التحالف المؤلف من سبعة أحزاب ديمقراطية هناك, من تحقيق نصر كبير في جبهتين على الأقل, بفضل قوة القرارات التي اتخذها. ذلك أن البرلمان العائد تمكن من استرداد ثقة المواطنين فيه, بقدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة القوية. كما أرسلت الحكومة الجديدة رسالة إلى المتمردين الماويين, فحواها أنه سيتعين عليهم الآن, التعامل مع سلطة حكومية ذات عزم وبأس, خلافاً لتلك الحكومة الضعيفة الهزيلة. \r\n وبناءً على توجيهات لجنة قيادية عليا مخولة, فقد جرى في الثاني عشر من مايو الحالي, اعتقال خمسة من كبار وزراء الملك, إلى جانب تقييد إقامة بقية الوزراء الآخرين ومنعهم من مغادرة العاصمة كاتمندو. كما أمرت اللجنة ذاتها بإيقاف ثلاثة من رؤساء الأجهزة الأمنية في البلاد عن مزاولة عملهم. وشمل ذلك القرار رئيس قوات الشرطة النظامية, ورئيس الشرطة المسلحة, ورئيس إدارة الاستخبارات المركزية. كما أعلن التحالف الحزبي عزمه إنهاء سيطرة الملك الحالية على الجيش, فضلاً عن إعلان البرلمان بصفته أعلى سلطة تشريعية في البلاد. هذا ومن المتوقع أن تصدر القرارات الخاصة بهذا الشأن خلال الأسبوع الجاري. \r\n إلى ذلك قرر البرلمان إجراء انتخابات لاختيار جمعية تشريعية, تكلف بصياغة مسودة جديدة للدستور, فضلاً عن تلبيته للشروط التي اشترطها المتمردون الماويون للانضمام إلى العملية السلمية. وتشمل تلك الشروط استئناف وتبادل قرار وقف إطلاق النار المعلن من جانبهم, ورفع اسم منظمتهم عن قائمة الجماعات الإرهابية, بما في ذلك مطالبة \"الإنتربول\" الدولي بشطب أسماء قادة وأفراد المنظمة من قائمته الخاصة بمراقبة الأشخاص المتهمين والمشتبه بهم. وأخيراً فقد شملت جدية الخطوات التي اتخذها البرلمان والحكومة الجديدة في هذا المنحى, إطلاق سراح اثنين من كبار قادة التمرد الماوي من سجن كاتمندو. \r\n وبذلك فقد وضع قائد \"جيش التحرير الشعبي\" وهو الاسم الرسمي للمنظمة الماوية المتمردة, أمام خيارين كلاهما أصعب من الآخر: فإما دخول الحلبة الانتخابية لاختيار جمعية تشريعية تكلف بإعادة صياغة الدستور, مع ملاحظة أن منظمته ستشكل أقلية سياسية لا محالة, أو العودة إلى حرب غير متكافئة الأطراف, مع جيش قومي مؤلف من 150 ألفاً من الجنود والمقاتلين, مع العلم بأن \"جيش التحرير الشعبي\" لا يعادل سوى 10 في المئة فحسب من تلك القوة الهائلة, إضافة إلى ضعف وهزال معداته وعتاده العسكري. وبالموازنة والمفاضلة بين هذين الخيارين الصعبين, فإن من رأي الصحفي النيبالي \"واجل\", أنه ليس متوقعاً للمتمردين الماويين اللجوء للخيار الثاني, لاسيما وأن القاسم المشترك بين الماويين والتحالف الحزبي الديمقراطي هو تشكيل جمعية وطنية تناط بها مهمة صياغة دستور البلاد. وفي حين يتوقع نشوء عراك إيديولوجي شرس حول الشروط التي تجرى على أساسها العملية الانتخابية, إلا أنه سيتعين على الماويين في نهاية المطاف, الوفاء بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم بالمشاركة فيها. \r\n وعلى أية حال, فسوف يتحدد مسار ومصير العملية السياسية في البلاد, بمدى استجابة التحالف الحزبي لمطالب \"براشاندرا\", الداعية إلى حل البرلمان والحكومة الحالية, والسماح بتشكيل حكومة مؤقتة يحق لها تقرير إجراءات العملية الانتخابية. ومن جانبه يحرص التحالف الحزبي على التعامل مع برلمان يؤتمن على حماية القيم الديمقراطية, في وجه الأجندة الراديكالية المتطرفة التي يتبناها المتمردون الماويون. \r\n \r\n بيكاش سانجورولا \r\n \r\n مراسل صحيفة \"كريستيان ساينس مونيتور\" من كاتمندو \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n