أصبح الفنان الكبير عمر خيرت أحد أهم الظواهر الموسيقية فى عالمنا الفنى خلال العقدين الأخيرين من الزمان. وكنتُ دائمًا أقف متأملة حفلات عمر خيرت بدهشة كبيرة وتساؤلات عدّة؛ فالاندهاش يأتى من الإقبال الهائل على كل حفلاته، والرغبة الدائمة فى تكرار حضورها مرات عديدة حتى وإن كان الريبرتوار (برنامج الحفل) مكررًا غير مرة. بيد أن هذه الدهشة تتبدد فور التأمل العميق فى موسيقى عمر خيرت وما تحتويه من تركيبة خاصة به، ومخزون موسيقى ضخم عاشه منذ الصغر. فنعلم جميعًا أن عمر خيرت يأتى من بيئة موسيقية خالصة؛ سواء من خلال الأسرة العاشقة للموسيقى، أو من خلال تواجده منذ طفولته فى رحاب أحد أهم المؤلفين الموسيقيين فى النصف الثانى من القرن العشرين، وهو أبو بكر خيرت. هذا الموسيقار العظيم الذى قدم الموسيقى المصرية الخالصة ببراعة تضاهى مثيلاتها من الأعمال العالمية، بطابع مصرى أصيل أبرز جمال وعظمة موسيقانا الشرقية، ليُصنّف كأحد أهم المؤلفين الموسيقيين القوميين فى جيله. قدّم عمر خيرت كل أشكال الموسيقى؛ من موسيقات تصويرية لأفلام سينمائية وتترات لمسلسلات أصبحت علامات فى الدراما، إلى جانب ألحانه الغنائية التى قدمها لمطربين كبار مثل أعماله البديعة لعلى الحجار. وإذا تأملنا موسيقى عمر خيرت في الأفلام، نستطيع القول إنه أحد المؤلفين الموسيقيين الذين يجيدون قراءة السيناريو ويدركون تمامًا ما يريده المخرج.