ويوم أول من أمس قال \"تاكسين\" في حوار له مع التلفزيون التايلندي استمر عشر دقائق: \"بلدنا في حاجة إلى التقدم إلى الأمام، وينبغي أن نصنع لأطفالنا مستقبلاً أفضل بكثير. وبالتالي، فلا طائل من استمرار الكبار في محاولة ضرب بعضهم بعضاً، لأن ذلك سيدمر البلاد\". \r\n وإلى ذلك، أعلن \"تاكسين\" اعتزامه الاستمرار في مزاولة مهامه كرئيس للوزراء إلى حين اختيار زعيم جديد، وهو ما ينص القانون التايلندي على حدوثه في غضون ثلاثين يوماً بعد الانتخابات. وقد سارعت وسائل الإعلام التايلندية إلى التكهن بشأن الشخصيات التي قد تخلفه، ومنها أقرب حلفاء \"تاكسين\"، وزير التجارة \"سومكيد جاتوسريبيتاك\". \r\n ويأتي إعلان \"تاكسين\" عن نيته التنحي بعد أن وصف معارضوه انتخابات الأحد بأنها غير شرعية، متعهدين بمواصلة مظاهراتهم إلى أن يرحل عن السلطة. وفي هذا الإطار، قال \"كاسيت بيروميا\"، السفير التايلندي السابق إلى واشنطن والذي انضم إلى الأصوات المطالبة باستقالة \"تاكسين\": \"كلما ظل في منصبه، كلما زادت المظاهرات. كيف يُعقل أن تكون ثمة انتخابات بدون معارضة؟ إنها لا تعني شيئا\". \r\n وكان \"تاكسين\" وعد قبل الاقتراع بالتنحي عن السلطة في حال حصل حزبه على أقل من نصف الأصوات، إلا أنه أعلن يوم الأحد أنه تجاوز سقف النصف رغم أن النتائج الرسمية لم يكن قد أُعلن عنها بعد. هذا وأدت مقاطعة الانتخابات التي دعت إليها المعارضة إلى أن الحزب الحاكم لم يواجه منافسة على ثلثي المقاعد، ما حدا بعدة ناخبين إلى الإدلاء بأصوات لاغية\". \r\n ولعل التحدي الأكبر الذي كان مطروحاً على \"تاكسين\" هو ذاك المتعلق بالدوائر الانتخابية الثماني والثلاثين التي تعذر فيها انتخاب نواب برلمانيين لأن أحداً من المتنافسين لم يستوفِ النصاب القانوني، أي أكثر من عشرين في المئة من الأصوات المدلى بها. وهو أمر يقيد يدي \"تاكسين\"، على اعتبار أن البرلمان التايلندي لا يمكنه الانعقاد في حال عدم اكتمال نصاب 500 نائب برلماني. \r\n ويفترض برأي عدد من المراقبين أن أجواء انعدام الاستقرار السياسي قد ولت إلى غير رجعة في تايلاند، وذلك في ظل الإصلاحات التي شهدتها البلاد في التسعينيات. وهي الفترة نفسها التي شهدت تأسيس حزب \"تاكسين\" الذي يجسد طموحات المزارعين الذين سعوا إلى إقامة نظام الحزبين أو الثلاثة أحزاب بدلا من التحالفات السياسية المبعثرة. \r\n وقد أسس \"تاكسين\"، ضابط الشرطة السابق الذي تحول إلى شخصية بارزة، حزبه سنة 1998، مستعملا مكاتب شركته \"شين كورب\" مقرا للحزب، وقاد الحزب من نجاح إلى آخر، وعقب فوزه في 2001 في ظل دستور جديد، قاد \"تاكسين\" ائتلافاً حكومياً اعتُبر الأول من نوعه الذي يتمكن من إكمال ولاية برلمانية. وقد جاء الفوز الساحق في فبراير 2005 ليؤكد الشعبية الكبيرة التي يحظى بها \"تاكسين\"، ويمنح تايلاند سابقة أخرى تمثلت في تشكيل حكومة منتخبة تتألف من حزب واحد. \r\n إلا أن الجمع بين الإنجازات الانتخابية والثروة الشخصية أسهم في نفس الوقت في إضعاف النخبة السياسية القديمة في تايلاند، وأدى إلى ارتفاع الأصوات المنددة باستغلال السلطة التنفيذية. ومما ينبغي ذكره في هذا السياق أن صفقة بيع شركة \"شين كورب\"، المقدرة ب1.9 مليار دولار، لمستثمرين أجانب، في يناير كانت بمثابة الشرارة التي فجّرت الخلاف السياسي الحالي. \r\n وقد تعالت الدعوات المطالبة بالإصلاح السياسي أكثر خلال الأزمة السياسية حول زعامة \"تاكسين\"، حيث أشارت أحزاب المعارضة إلى أن تدخله المزعوم في عدد من التعيينات على رأس مؤسسات منظمة في الدولة كان السبب الرئيسي وراء مقاطعتها للانتخابات. إلا أن \"تاكسين\" نفى التدخل في العملية، علما بأنها صلاحية تعود إلى مجلس الشيوخ، الذي يعتبر هيئة خالية من الانتماءات الحزبية. \r\n هذا ويقول المحللون إنه سيكون من الصعب حل المعركة حول الدستور لأن مكامن الخلل والقصور التي حددها المنتقدون لا تتوقف على القواعد والقوانين، وإنما على النزاهة الشخصية للمسؤولين ومدى التزامهم الحياد. وعلاوة على ذلك، يتفق العديد من المراقبين على أن فصل السلطات ومراقبتها بعضها لبعض، كما ينص على ذلك الدستور، لم تعمل بفعالية ونجاح تحت حكم \"تاكسين\" السلطوي. وفي هذا الإطار، يقول \"مايكل مونتيسانو\"، أستاذ الدراسات الجنوب شرق آسيوية بالجامعة الوطنية بسنغافورة: \"كما هو الحال مع أي دستور، ينبغي أن تكون جميع الأجزاء قابلة للعمل. فأن تتوفر على أحزاب كبيرة ليس أمراً جيداً ما لم تكن لديك مؤسسات مستقلة تكون مهمتها مراقبة استعمال السلطة\". \r\n هذا وقد اجتمع \"تاكسين\" يوم الاثنين مع مساعديه السياسيين في وقت بدأت تظهر فيه تفاصيل فوزه في الانتخابات. وعمد \"تاكسين\" إلى نفي الأخبار التي تحدثت عن اعتزامه الاستقالة كزعيم للحزب. وبدلاً من ذلك، أعلن يوم الاثنين الماضي عن نيته إنشاء لجنة تكون مهمتها البحث عن مخرج للطريق المسدود الذي توجد فيه البلاد حالياً، متعهدا بالاستقالة في حال أوصت اللجنة بذلك. وقال في برنامج تلفزيوني \"سأخبر ال16 مليون ناخب الذين صوتوا لحزبي بأن اللجنة تريدني أن أستقيل، وسأستقيل\". ومما يجدر ذكره أن \"تاكسين\" عرض في ما مضى تشكيل لجنة مستقلة يعهد إليها بتعديل دستور 1997، الذي اتهم بإضعافه. \r\n وتصر أحزاب المعارضة على أنه ينبغي على \"تاكسين\" القيام بالخطوة الأولى لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة التي تتخبط فيها البلاد. وفي هذا السياق، يقول \"سورين بيتسوان\"، وزير الخارجية السابق وهو نائب برلماني سابق: \"لقد دفعت الحكومة نفسها والبلاد إلى زاوية. وقد حاولنا إقناعهم بالتحلي بالمرونة. ولكنني لا أعتقد أن حزب تاكسين يرغب في التخلي عن السلطة\". \r\n وإلى ذلك، يرى عدد من المحللين أن احتقان الأجواء يبعث على القلق خشية اندلاع أعمال عنف في مظاهرات الشارع كما في أوضاع أخرى حيث الأجواء مشحونة. فإذا كانت جميع المظاهرات الشعبية التي شهدتها بانكوك سلمية حتى الآن، فقد دعا المسؤولون الأمنيون إلى العودة إلى \"القانون والنظام\" بعد انتهاء الانتخابات، وهو تصريح رأى فيه البعض تلميحاً إلى إمكانية اللجوء إلى القوة لمنع المظاهرات. \r\n \r\n سيمون مونتليك وتوماس فولر \r\n \r\n - مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في بانكوك \r\n \r\n - مراسل \"نيويورك تايمز\" في بانكوك \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمتي \"كريستيان ساينس مونيتور\" و\"نيويورك تايمز\"