ضربة قاصمة تلقاها تنظيم الإخوان الإرهابى بعد توقيع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا تاريخيًا يصنف جماعة الإخوان ك«منظمة إرهابية أجنبية»، وإمكانية تصنيف فروع الجماعة فى دول مثل مصر ولبنان والأردن، ليكون بمثابة إعلان من البيت الأبيض بنهاية الإخوان إلى غير رجعة، فى أكبر ضربة قوية قلبت موازين الجماعة وهزت أركان التنظيم الإخوانى منذ تأسيسها عام 1928، ووضع حدًا لمحاولاتها المستمرة لاستغلال الدول الغربية كملاذ لتحقيق أهدافها الخبيثة. خطوة أمريكية غير مسبوقة وفى تصريحات خاصة ل «جريدة روز اليوسف»، يؤكد خبراء فى الشئون السياسية والجماعات المتطرفة أن هذه الخطوة الأمريكية غير المسبوقة تفتح فصلًا جديدًا من الضغط الدولى على الإخوان، وتؤكد أن الأيام التى اعتادت فيها الجماعة على التملص من المساءلة قد ولت إلى غير رجعة، حيث يعكس القرار تقديرًا عالميًا للمخاطر التى تمثلها الجماعة على الأمن والاستقرار الإقليمى، ويضع تحذيرًا واضحًا لكل من يفكر فى دعم فروعها أو الانخراط فى أنشطتها حول العالم. كما أنه سيؤثر على تمويلها وحركتها الدولية، ويقوض قدراتها على النفوذ السياسى والاجتماعى فى الشرق الأوسط وأوروبا، مؤكدين أن الجماعة دخلت مرحلة الانحسار النهائى على الساحة الدولية. طارق أبوالسعد، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية والمتطرفة، يؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تمر بمرحلة دقيقة جدًا، وخطوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تمثل انعطافًا حاسمًا فى المسار الدولى تجاه الجماعة، وربما تكون الأخطر على بنيتها التنظيمية منذ تأسيسها عام 1928. ويتوقع أن تتبعها المزيد من الإجراءات فى دول أخرى، مما سيزيد من عزلة الجماعة وحصارها الدولى، ويدفعها إلى مرحلة أقول نهائية. أبوالسعد، يشير إلى أن الجرائم التى ارتكبها التنظيم، وعلاقته بالمنظمات الإرهابية، وعمليات غسيل الأموال والتمويل المشبوهة، وسرقة التبرعات، والتخفى وراء ميزانيات المدارس فى أوروبا، كلها عوامل أسهمت فى انكشاف الوجه الحقيقى للجماعة. كما أن الفشل الذريع فى تحقيق المطلوب منهم جعل كثيرًا من الجهات التى كانت تستخدمهم تجد نفسها مضطرة للتبرؤ منهم حتى لا تلوث سمعتها. ويضيف الباحث: «أن أمريكا التى وظفت الإخوان لصالحها، والاتحاد الأوروبى الذى دعم صعود الجماعة إلى الحكم فى أكثر من بلد، وجدوا أنفسهم متورطين مع جماعة ملوثة بالكامل، فكان التبرؤ منها حماية لمصالح الدول الكبرى وليس إيمانًا منها بشرعية الجماعة. ويعلم الجميع أن الإخوان جماعة إرهابية، لكن تم توظيفها لصالح مشروعات استراتيجية فى المنطقة».
كما يرى أن هذا التصنيف، بغض النظر عن أغراضه السياسية، سيسهم بشكل كبير فى تساقط فروع الجماعة ومؤسساتها، لأنه يرفع الغطاء عنهم، ويكشف المستور، ويجعل الجميع يحاول التبرؤ من الجماعة، ما سيؤدى إلى تقليص نفوذها الدولى وفقدان قدرتها على الحركة والعمل السياسى. ضربة قاسية أحمد سلطان، الباحث فى الأمن الإقليمى والإرهاب، يرى أن توقيع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بتصنيف جماعة الإخوان ك«منظمة إرهابية أجنبية» ضربة معنوية ورمزية قاسية للتنظيم، حتى وإن كان تأثيره الفعلى على الأرض محدودًا. إلا أن هذا الملف كان مطروحًا داخل الولاياتالمتحدة منذ فترة، والإدارة الأمريكية- وعلى لسان وزير خارجيتها- أشارت بالفعل إلى أنها تدرس المسألة، وقد تلعب الدوافع السياسية والضغوط العربية- خصوصًا من دول الخليج- دورًا حاسمًا فى اتخاذ القرار. وفيما يتعلق بحصار التنظيم فى أوروبا والدول الداعمة، يشير سلطان إلى أنه لا توجد دولة تعلن رسميًا دعمها للجماعة، لكنها موجودة فعليًا عبر كيانات متعددة تتوزع فى دول أوروبية مختلفة. ويلفت إلى أنه منذ عام 2015، ومع إطلاق لجنة السير «جون جينكين» حملة التدقيق فى أنشطة الإخوان، اتجه التنظيم إلى إخفاء شبكات داخل كيانات جديدة تبدو فى ظاهرها غير مرتبطة به، لكنها فى الواقع جزء من منظومته التى تعمل وفق مبدأ الإخوان الأزلى: «علانية الدعوة وسرية التنظيم»، وهو ما يمنحهم قدرة دائمة على المناورة، فضلًا عن لجوئهم الدائم للقضاء عند صدور أى قرار ضدهم، مما يطيل أمد المواجهة. وهذا الأسلوب- وفق سلطان- يعقّد كثيرًا من جهود الملاحقة، لأن الكشف عن الروابط التنظيمية يتطلب معارك قضائية طويلة أمام المحاكم الأوروبية.
نقطة تحول فيما يرى منير أديب، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن الخطوة التاريخية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب هى نقطة تحول حادة فى التعامل الدولى مع الجماعة، وربما تكون الأخطر على هيكلها التنظيمى ونفوذها العالمى منذ تأسيسها. مشيرًا إلى أن القرار يركز على فروع الجماعة فى مصر والأردن ولبنان، ويحمل بعدًا سياسيًا وأمنيًا يتجاوز مجرد التصنيف القانونى، إذ يضع الإخوان أمام أوسع حملة دولية لتجفيف منابع تمويلهم وتقليص نفوذهم. ويمكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها ضربة استراتيجية دقيقة تهدف إلى إضعاف التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية، وتقويض قدرته على التحرك والعمل خارج الحدود. ويؤكد الباحث أن الحصار لن يقتصر على الخارج، بل سيمتد إلى مصر بلد النشأة، والأردن التى أتاحت مساحة من العمل السياسى للتنظيم عبر حزب جبهة العمل الإسلامى، إلا أن الجماعة اختارت استخدام العنف، ما قوبل بمواجهة مباشرة من السلطات الأردنية. ويشير إلى أن واشنطن ترى ضرورة مواجهة أى تنظيمات إسلامية راديكالية، سواء كانت شيعية مثل حزب الله اللبنانى أو سنية مثل الإخوان المسلمين، طالما شكلت تهديدًا لأمن الولاياتالمتحدة وحلفائها. ويؤكد أن حصار الجماعة وفرض طوق أمنى حولها يجب أن يتبعه تفكيك البنية الفكرية التى تقوم عليها لضمان القضاء على وجودها التنظيمى والفكرى. ويحذر أديب من أن الإخوان قد يحاولون الاختباء والعمل تحت مسميات أخرى خارج قانون التصنيف، ما قد يجعل القرار رمزيًا إذا لم يتم التعامل مع الشبكات البديلة بشكل صارم. لكنه يؤكد فى الوقت نفسه أن الخطوة الأمريكية ستؤدى إلى موجة أقول واضحة للجماعة على المستوى التنظيمى وحضورها الدولى، وأن القرار يضع الجماعة أمام مرحلة جديدة من العزلة والحصار الدولى، ويحد من قدرتها على التمويل والتحرك والتجنيد. وينوّه إلى أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة فى مواجهة الإخوان، وأنه من المتوقع أن تتبعها إجراءات مماثلة فى دول أخرى، لتزيد من عزلتهم الدولية وتضعهم على طريق الانكماش التدريجى وانتهاء نفوذهم العالمى. آليات تشريعية وتأثيرات جديدة الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، قال: إن قرار الرئيس الأمريكى ترامب فى هذا التوقيت يحمل أهمية خاصة، حيث قامت بعض الولاياتالأمريكية بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من أن هذا الحظر ليس على المستوى الفيدرالى، إلا أن قرار ترامب يشير إلى اتخاذ خطوات لحظر نشاط الجماعة ووجودها فى المشهد السياسى. «فهمى»، يوضح أن هناك فرصة جيدة للبناء على هذا الأمر، لكن مجلس الشيوخ يحتاج إلى آليات وأدوات تأثير، ويجب أن يتحرك الموضوع وأن تثبت أدلة جديدة على ما يهدد المصالح الأمريكية الفيدرالية العليا أو الأوضاع الاقتصادية أو الأنشطة الإجرامية وغيرها، ويمكن فتح الملف من سنة 1900، وهو ملف تم تجاهله، مما يتيح المجال لجماعات الإسلام السياسى، التى تعتبر لوبى قويًا للأمان فى الولاياتالمتحدة. أستاذ العلوم السياسية، يشير إلى أن الإخوان يتحركون فى دوائر معينة ويتبعون استراتيجيات لمحاولة الحصول على الدعم، لكن هذه المحاولات غالبًا ما تفشل، ولكن هذه الخطوة تتطلب تحويل الأقوال إلى أفعال، يتعين تقديم مشروع قرار يتعلق بقانون فيدرالى وإجراءات محددة، وتظل مجرد أقوال فى سياقات لا يمكن الاعتماد عليها، إذ تحتاج إلى آليات وقواعد تؤثر بشكل مباشر، مواصلًا أن الكونجرس ومجلس الشيوخ يعتبران ساحة للعديد من القضايا التى شهدتها الولاياتالمتحدة على مر السنوات. تصدى دولى الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام، أكد أن هذا القرار يأتى فى سياق دولى متصاعد ضد الجماعة، مما يعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على حقيقة هذا التنظيم الخطير، وأهمية القرار الأمريكى تفوق بكثير التصنيفات الأخرى، مؤكدًا أن الولاياتالمتحدة تمتلك النفوذ الأكبر عالميًا فى النظام المالى والمصرفى الدولى، وأن تصنيفها للإخوان كمنظمة إرهابية سيكون له تداعيات قانونية ومالية وسياسية هائلة على التنظيم فى كل مكان. وحول الانعكاسات على التنظيم الدولى، يؤكد مهران أن القرار يعزل الإخوان دوليًا بشكل غير مسبوق. موضحًا أن الدول الحليفة للولايات المتحدة ستضطر لمراجعة موقفها من الجماعة، وأن التنظيم سيفقد الغطاء السياسى والقانونى الذى كان يتمتع به فى العواصمالغربية. ويتابع: كما سيفتح الباب أمام دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، مؤكدًا أن دولًا أوروبية كانت مترددة فى تصنيف الإخوان قد تجد الآن الغطاء السياسى للقيام بذلك، خاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا التى تستضيف أعدادًا كبيرة من عناصر التنظيم. وفيما يتعلق بالآثار العملية على حصار التنظيم فى الغرب، يؤكد الخبير الدولى أن القرار سيؤدى لتجميد فورى لجميع أصول الجماعة فى الولاياتالمتحدة، موضحًا أن القانون الأمريكى يلزم بتجميد أصول أى منظمة إرهابية مصنفة، وهذا يشمل الحسابات المصرفية والعقارات والاستثمارات وجميع الممتلكات المرتبطة بالجماعة أو بأعضائها. منوهًا إلى أن القرار سيجرم أى تعامل مالى مع الجماعة، وأن من يخالف ذلك سيواجه عقوبات جنائية صارمة تصل للسجن والغرامات الضخمة. نظرة جدية لحجم الخطر اللواء د. رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، يوضح أن التحرك الأمريكى يعد مؤشرًا على أن واشنطن بدأت تنظر بجدية إلى حجم الخطر الذى تمثله الجماعة على الأمنين الإقليمى والدولى، مشددًا على أن العالم لم يعد قادرًا على تجاهل الأدلة المتراكمة حول تورط الإخوان فى التحريض، وتمويل شبكات عنف، ودعم جماعات متطرفة فى الشرق الأوسط وخارجه. ويصنف القرار بأنه خطوة أمريكية تشكل ضربة قوية للتنظيم، لأنها ستقطع خطوط الدعم اللوجستى والإعلامى التى طالما استخدمها للإفلات من المساءلة، كما ستسهم فى تجفيف منابع تمويله وتعريته أمام الرأى العام العالمى، بعد سنوات من محاولات التغلغل داخل مؤسسات سياسية ومراكز بحثية غربية. الرؤية المصرية بشأن خطورة جماعة الإخوان كانت واضحة وثابتة منذ اللحظة الأولى وفق تعبيره، مؤكدًا أن القاهرة قدمت مرارًا ملفات موثقة حول علاقات التنظيم بالتنظيمات المتطرفة ودوره فى إشعال الصراعات وإسقاط الدول من الداخل. لافتًا إلى أن تطابق الموقف الدولى مع ما كانت تحذر منه مصر يعد انتصارًا للدولة المصرية ودبلوماسيتها، مشددًا أن تصاعد الوعى الدولى بطبيعة الإخوان يثبت أن تزييف الوعى لن يدوم، وأن التنظيم الذى اعتمد على خطاب مزدوج لسنوات يفقد اليوم قدرته على خداع المؤسسات الغربية.