وقال زعيم الانقلاب الجنرال سونثي إنه تحرك من أجل «إعادة الحياة العادية والانسجام للمجتمع التايلاندي والعمل على تسليم السلطة للشعب في أسرع وقت ممكن». \r\n \r\n هذه الكلمات القليلة تعبر عن آمال النخبة التايلاندية التي اتهمت تاكسين بالفساد وبتدمير المؤسسات الديمقراطية وان كان هذا الشخص قد تمتع بتأييد شعبي واسع خاصة من قبل الناخبين في المناطق الريفية. \r\n \r\n وبغض النظر عن الآمال والنوايا فإن تايلاند قد تواجه سكونا لا تحمد عقباه في الوقت الذي يعمل فيه الجنرالات على السيطرة على الحياة السياسية المصابة بالتشرذم الذي تسبب فيه تاكسين الذي يوجد الآن في لندن مع أسرته ويدرس الخطوات التي يتوجب عليه القيام بها للتعامل مع الوضع الجديد. \r\n \r\n مرة أخرى تلجأ دول جنوب شرق آسيا لتفسير الديمقراطية بوسائل غير ديمقراطية من خلال التلاعب بالألفاظ وتعطيل المؤسسات الديمقراطية من أجل تحقيق مصالح سياسية خاصة وذكر أحد الأكاديميين العاملين في احدى الجامعات التايلاندية ويدعى ثيثنان «لقد تم حل الأزمة على المدى الفوري، فتاكسين أصبح خارج الصورة وبامكاننا التحرك إلى الأمام لتنفيذ الاصلاحات السياسية، ولكن على المدى المتوسط والبعيد فإن تاكسين موجود حولنا هو وأنصاره، ببساطة نحن عدنا مرة أخرى للمربع رقم (1)، علينا ان نتخلص من هذه الحلقة الجهنمية المتمثلة بالدستور والانتخابات والفساد والانقلاب العسكري». \r\n \r\n بدا للبعض ان تايلاند قد تركت خلفها الانقلابات العسكرية بعد ان تمكنت من تقوية الحكم الدستوري بصورة تدريجية على مدار الخمسة عشر عاما الماضية وذكر سونثي قائد الانقلاب نفسه في مارس «ان الانقلابات أصبحت شيئا من الماضي». \r\n \r\n الآن تحركت تايلاند والفلبين باعتبارهما مثالا يحتذى للديمقراطية للاطاحة عبر انقلابات عسكرية بقادة منتخبين ديمقراطيا بعد تفجر انتفاضات شعبية ضد قادة اتهموا بالفساد. \r\n \r\n هناك شعوب أخرى في جنوب شرق آسيا تحكم بدرجات متفاوتة من الحكم الشمولي والاستبدادي في الوقت الذي بقيت فيه قريبة من اللعبة الديمقراطية إلى حد ما. \r\n \r\n هناك تغير واضح حصل في أندونيسيا التي أصبحت تمتلك الآن نظاما ديمقراطيا هشا بعد 32 عاما من ديكتاتورية سوهارتو الذي تمت الاطاحة به في 1998. \r\n \r\n كل شعب من شعوب جنوب آسيا يجادل بشأن تبنيه نوعا من الديمقراطية التي تناسب ظروفه المحلية. \r\n \r\n فسنغافورة على سبيل المثال تشير إلى ضرورة الأخذ بنوع قاس من الحكم كونها بلدا صغيرا من أصول صينية يجد نفسه بين جارين كبيرين من الملاوي. \r\n \r\n أما ميانمار «بورما سابقا» فتقول إنه يتوجب عليها الإبقاء على الحكم العسكري فيها من أجل منع تحول التوترات العرقية إلى حرب أهلية، ويخطط هذا البلد للسير على النهج الديمقراطي من خلال إقرار الميثاق الدستوري في الشهر القادم. \r\n \r\n فيتنام ولاوس هما بلدان شيوعيان وهما يعملان حاليا على بناء «هيكلية ديمقراطية» من خلال إجراء انتخابات برلمانية. \r\n \r\n الفلبين شأنها شأن تايلاند تقول ان العملية الديمقراطية قد انحرفت عندما انغمس الرئيس جوزيف استرادا بالفساد مما دفع الجيش لتنظيم انقلاب عسكري من أجل اعادة ترتيب البيت الفلبيني وإعادة البلاد مرة أخرى على الطريق الديمقراطي. \r\n \r\n وذكر أحد كبار المحللين السياسيين في بانكوك في تحليل له نشرته صحيفة «ذا نيشن» ان ذلك الانقلاب شر لابد منه حيث لم تتوافر للبلاد أي خيارات أخرى من أجل الخروج من عنق الزجاجة. \r\n \r\n وأضاف أنه من الغريب ان يحدث انقلاب عسكري يدعو للاصلاح السياسي إنها معضلة حقيقية. \r\n \r\n وقد أثار المركز الآسيوي لحقوق الانسان وهي جماعة مستقلة لحقوق الانسان الكثير من الاعتراضات على الانقلاب العسكري الذي حصل في تايلاند قائلا «إذا ما تم تبرير الانقلاب العسكري في تايلاند فإن بالإمكان بعدها تبرير أي انقلابات تحدث في دول أخرى، ان الانقلاب في تايلاند يشكل تهديدا للديمقراطية في جميع أنحاء العالم». \r\n \r\n في اليوم التالي للانقلاب تحدث سونثي عما أسماه بالأخبار السارة والأخبار السيئة لأولئك الساعين لعودة الحكم الديمقراطي للبلاد. \r\n \r\n وقال إنه سيسعى لاختيار رئيس وزراء مدني مؤقت خلال أسبوعين وبعدها ستنطلق العملية الديمقراطية من جديد، وقال ان الحكومة المؤقتة ستعمل على اعداد دستور جدي وعرضه على الشعب في استفتاء ينظم لهذا الشأن واجراء انتخابات برلمانية بعدها وهي عملية ستستغرق بالتأكيد أكثر من عام. \r\n \r\n وقال سورين بتسوان وهو وزير خارجية سابق في تايلاند «ان أسس الدولة قد اهتزت بعنف خلال الخمس سنوات الماضية وعليه فإنه بحدوث انقلاب عسكري من عدمه فإن اصلاح الأوضاع في البلاد سيستغرق الكثير من الوقت». \r\n \r\n وأضاف «ان ما حصل هو شيء يؤسف له ولكننا سنحاول ان نستفيد من الظروف الجديدة وهذا يعني وضع دستور جديد مع اختصار عمر الحكومة المؤقتة إلى أقصر وقت ممكن». \r\n \r\n كانت الأوضاع في تايلاند تتطور بصورة لا يمكن التنبؤ بها ولكن بعد الذي حدث فمن المشكوك فيه ان يعود تاكسين إلى بلاده في المستقبل القريب حيث يمكن ان يواجه الكثير من القضايا القانونية التي سترفع ضده ومعنى ذلك انه سيواجه المحاكمة وربما السجن بسبب كثرة الاتهامات الموجهة له بالفساد. \r\n \r\n أحد تأثيرات وجود تاكسين في الحكم نفسه لخمس سنوات كانت عدم وجود بديل آخر للحكم فحزب المعارضة الرئيسي المسمى بالحزب الديمقراطي لم يستطع في يوم من الأيام استغلال المصاعب الكثيرة التي كان يواجهها تاكسين لصالحه، احدى المهام الرئيسية للحكومة المؤقتة ستكون العمل على معالجة الجراح التي تسبب بها تاكسين مع تجنب عمليات الانتقام التي لو حصلت لدفعت البلاد نحو دائرة جهنمية لا تنتهي من ردود الأفعال الدموية. \r\n \r\n كذلك يوجد هناك حاجة ماسة للتعامل مع التمرد القائم في الجنوب وذات الغالبية المسلمة حيث قتل هناك أكثر من 1500 شخص منذ يناير 2004. \r\n \r\n ويعزو الخبراء نمو العنف هناك إلى سياسات تاكسين المتشددة التي لا تعرف الحلول الوسط واللجوء للسياسات العسكرية التي تتسم بالبطش. \r\n \r\n سونثي نفسه هو مسلم سبق له ان اصطدم أكثر من مرة مع تاكسين حول الطريقة الواجب الأخذ بها للتعامل مع التمرد وقد اقترح مؤخرا اجراء مفاوضات مع المتمردين واجراء تغيير في الحكومة يمكن ان يؤدي إلى تراجع التمرد. \r\n \r\n في نفس الوقت يتوجب على أي حكومة جديدة تشكل التركيز على احتياجات الفقراء والأخذ ببرامج لتنمية الريف وإعفاء الفلاحين من الديون التي عجزوا عن تسديدها وتوفير رعاية صحية رفيعة وهي أشياء أكسبت تاكسين الكثير من الشعبية. \r\n \r\n ويقول أحد المحللين «من الخطأ ان نرفض كل شيء فعله تاكسين». \r\n \r\n