لم يختلف موقفها كثيرا عن العديد من القائدات السياسيات في آسيا اللاتي دخلن الحياة السياسية من خلال قريب لهن قد قتل أو نفي ليعطيهم ذلك شهرة واسعة دون أن يسعين لها, مثلما حدث مع اندريا غاندي وبنظير بوتو. فقد دخلت ينجلوك أيضا من باب شقيقها تاكسين شيناوترا الذي كان رئيسا للوزراء في تايلاند, والذي اتهم بالفساد بعد ذلك. و بالرغم من عدم تجاوز عمرها السياسي الشهرين وعدم امتلاكها الخبرة والحنكة السياسية الكافية فإنها استطاعت أن تقود الحزب الذي تتزعمه للفوز بأول انتخابات تشريعية في تايلاند منذ عام2007, إنها ينجلوك شيناواترا أول إمرآة تشغل منصب رئيس الوزراء في تايلاند. وقد قام البرلمان التايلاندي مؤخرا بتنصيب ينجلوك شيناوترا ذ44- ا ب وزراء تايلاند وذلك بعد فوزها الساحق علي نظيرها أبهيسيت فيجاجيفا زعيم الحزب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية التي أجريت الشهر الماضي, حيث حصلت ينجلوك علي265 مقعدا كما شكل الحزب الذي تتزعمه بويا تاي ائتلافا مع خمسة أحزاب أخري ليزيد حصته إلي300 مقعد في حين حصل الحزب الديمقراطي علي150 مقعد فقط ممنيا بهزيمة ساحقة. وقد شارك في الانتخابات أربعون حزبا ولكن انحصرت المنافسة بين الحزب الديمقراطي أقدم الأحزاب في تايلاند وحزب بويا تاي من أجل التايلانديين- الذي قام أنصارتاكسين المعروفون باسم القمصان الحمر- نسبة إلي لونالقمصان التي يلبسونها في المظاهرات- والريفيين والفقراء بتأسيسه ودعمه بكونه الحزب المتحدث عن فقراء الشعب. ويعتقد الكثير أن ينجلوك تحذو حذو شقيقها الذي كان رئيس وزراء تايلاند في الفترة من2001 وحتي2006 ثم قام الجيش بعمل انقلاب عليه وأطاحوا به وأضطر بعدها للفرار إلي دبي, وذلك هربا من الملاحقات القانونية بسبب تورطه في العديد من قضايا الفساد والتزوير في الانتخابات, وبعد الإطاحة بتاكسين وهروبه قام أنصاره بإنشاء حزب بويا تاي في سبتمبر2008, وبالطبع كانت شقيقة تاكسين من أكثر الأسماء المطروحة لزعامة الحزب, لكن ينجلوك اعتذرت عن تولي ذلك المنصب حيث ذكرت أنها لا تفضل الدخول في السياسة بل تفضل الاهتمام أكثر بعملها كسيدة أعمال, لكن مع إصرار أعضاء الحزب علي تولي ينجلوك رئاسة الحزب فقد قاموا بعمل اتصالات مع تاكسين الذي إستطاع إقناع شقيقته برئاسة الحزب. ومع نجاحها في الإنتخابات التشريعية فقد تجاوزت ينجلوك كل التوقعات والتكهنات, وذلك بأستطاعتها إدارة واحدة من أقوي الحملات الإنتخابية والتي ركزت خلالها علي عدد من الأهداف المهمة التي يأمل التايلانديون في تحقيقها مثل تعهدها بإعادة إنعاش الاقتصاد التايلاندي الذي تأثر بشكل كبير منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بشقيقها والذي تسبب في فوضي داخل البلد وتراجع اقتصادها, كما تعهدت ينجلوك بتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء, بالإضافة لتقديم المساعدات المادية للفقراء وتوزيع الحواسب اللوحية علي أطفال المدارس ورفع الحد الأدني للأجور, كذلك إحياء السياسات الشعبية التي تبناها شقيقها سابقا, وهي سياسيات حذر منها منتقدوها بحجة أنها تضر بالاقتصاد والتي كانت أحدي الأسباب التي جعلت الجيش يطيح به. وبالرغم من أن ينجلوك حاولت أن تظهر شخصيتها المستقلة بعيدا عن أخيها فإن العديد من الاتهامات تلاحقها بأنها متخفية في الزي السياسي بالنيابة عن شقيقها الذي يعيش في المنفي, كما أنه يمكنها بعد أن وصلت إلي المنصب أن تعفو عن شقيقها حتي يعود للبلاد مرة أخري, ولكن علق تاكسينعلي تلك الشائعات بأنه لا يستعجل العودة, وسينتظر اللحظة المناسبة لفعل ذلك فإذا كانت عودتي ستسبب المشاكل لشقيقتي, فلن أعود الآن, فيجب أن أكون جزءا من الحل لا المشكلة. ولدت ينجلوك شيناواتر في إقليم شيانج ماي بتايلاند, من عائلة غنية لها العديد من الأصول والممتلكات, وكانت أصغر فتاة في العائلة حيث لها تسعة إخوة وأخوات أكبرهم تاكسين الذي يكبر ينجلوك ب19 عاما. تخرجت ينجلوك من جامعة شيانج ماي, حيث كانت تدرس العلوم السياسية ثم حصلت علي شهادة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة كنتاكي بالولايات المتحدة, كما حصلت علي تدريبات في العديد من المؤسسات التي تملكها عائلتها حتي أصبحت رئيسة شركة عقارية. وها هي الآن تدخل عالم السياسة من أوسع أبوابه وعلي عاتقها مهام ليست بالبسيطة, حيث أنها الآن مسئوله عن قيادة دولة كادت الفوضي والنزاعات أن تطيح بها وباقتصادها في الخمس سنوات الأخيرة خاصة في العام الماضي حيث أدي التوتر بين الحزب الوطني وحزب بويا تاي إلي حدوث حالة من الانقسام بين التايلانديين, وتسبب ذلك في أعمال عنف أدت لسقوط ما يقرب من90 قتيلا, بالإضافة لإصابة المئات. ويعد الجيش هو السبب الرئيسي في إنتشار الفوضي في البلاد وذلك لتدخله الدائم في الحكم حيث قام الجيش ب18 حركة انقلابية منذ عام1932 وقد كان من المتوقع أن يكرر ذلك مع شقيقة تاكسين بالتشكيك في النتائج, ولكن العديد من المحللين السياسيين يرون أن فرصة ينجلوك أفضل كثيرا من فرصة شقيقها وذلك لأن التايلانديين قد إشتاقوا للأستقرار والأمان. ويتضح هذا جليا بعد إعلان الجيش قبوله بفوز المعارضة في الانتخابات البرلمانية, وأنه لن يتدخل لمنعها من الحكم خاصة بعد أن أعلن وزير الدفاع براويت ونجسوان( قائد أركان المؤسسة العسكرية الأسبق) احترام النتائج قائلا أطمئنكم بأن الجيش لا يرغب في الخروج عن دورهالمحدد له. كما أن ينجلوك كانت أذكي من شقيقها أو يمكننا القول إنها اتعظت مما حدث له, فقد اتهم شقيقها بالديكتاتورية ولكن بعد الائتلاف الذي قامت به ينجلوك فقد نأيت بنفسها عن الاتهامات بالديكتاتورية, لذا فإن الطريق أمامها مفتوح علي مصراعيه والمطلوب منها الوفاء بعهودها الإنتخابية. فهل تنجح ينجلوك بالقيام بما لم يستطع الرجال فعله في تايلاند؟