كشفت نتائج الانتخابات العامة التايلاندية والتي جرت يوم الاحد الماضي وفاز حزب بويا تاي ب265 معقدا بينما فاز الحزب الديمقراطي الحاكم ب159 مقعدا ان الصراع السياسي بين الحزبين الكبيرين سوف يحتدم بصورة كبيرة. خاصة بعد ان تحول الحزب الحاكم بقيادة رئيس الوزراء ابهيست فيجا جيفا الي مقاعد المعارضة. وتشير الدلائل السياسية الي ان بينجلوك شيناوترا الشقيقة الصغري لرئيس الوزراء الأسبق المطاح به تاكسين شيناوترا هي مرشحة حزب بوياتاي لتولي منصب رئيس الوزراء بتأييد قراية300 من اعضاء البرلمان البالغ عددهم500 عضو وذلك عن طريق تشكيل ائتلاف يتكون من خمسة احزاب لتصبح بذلك اول سيدة تتقلد منصب رئيس الوزراء في تايلاند.وفي الوقت الذي تأتي فيه النزاعات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا بسبب المعبد الحدودي الذي يطالب به الطرفان والاشتباكات التي وقعت بين الجانبين علي الحدود في صدارة السياسة الخارجية لتايلاند الا ان المشهد السياسي الداخلي يلقي بظلاله ايضا علي المرحلة المقبلة سواء مايتردد من ضرورة تحسين الاجور او زيادة التمويل في المناطق الريفية وتخفيض الضرائب وبناء المزيد من المساكن الرخيصة وهو ما يسعي حزب بوياتاي لتحقيقه طبقا لبرنامجه الذي اعلنه. وخلال زيارتي مؤخرا لتايلاند ولقائي مع العديد من المسئولين التايلانديين سواء وزير الخارجية كاسيت بيروميا أوممثل شيخ الاسلام او عدد من رجال المال والاقتصاد لمست ان هناك اصرارا علي مواصلة النجاح الاقتصادي الذي حققته تايلاند علي مدار سنوات طويلة بحيث وصل معدل النمو العام الماضي الي7.8% ووصل اجمالي الناتج القومي317.7 مليار دولار وبلغ حجم الصادرات التايلاندية للعالم21.3 مليار دولار بنسبة ارتفاع30.9% بينما بلغ الواردات19.5 مليار دولار بنسبة ارتفاع بلغت28.4% ووصل الاحتياطي من النقد الاجنبي الي188.7 مليار دولار وانخفضت نسبة البطالة الي7.% ووصل عدد السانحين الي16 مليون سائح. وعلي الرغم من التجانس الذي يعيشه المجتمع التايلاندي والذي يضم اطيافا متعددة في مقدمتها اليوذيون الذين يشكلون اغلبية السكان ثم المسلمون والذين يصل عددهم الي عشرة ملايين تقريبا ويتركزون في أقاليم الجنوب بالاضافة الي المسيحيين والهندوس وغيرهم الا ان الصراع السياسي المستمر منذ عام2006 عندما اطاح الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش انذاك الجنرال سونتي واتجكلين برئيس الوزراء تاكسين شيناوترا وحكم عليه بالسجن يلقي بظلاله القاتمة علي المشهد السياسي في البلاد. ففي الوقت الذي اعلنت فيه يينجلوك شيناوترا ان حزبها سوف يعلن العفو العام والذي سيشمل جميع الالوان السياسية ويتجاهل كل شيء منذ انقلاب عام2006 وجه الحزب الديمقراطي الخصم الرئيسي لحزب شيناوترا كما قالت وكالة ابناء شينخوا انتقادات حادة لهذا الاقتراح وقال انه يهدف بالدرجة الاولي الي تبرئة ساحة تاكسين من اي خطأ والغاء حكم السجن بحقه وتمهيد الطرق لاعادته.. حيث قال رئيس الوزراء ابهيت فيجا جيفا اكثر من مرة ان المصالحة ليس لتبرئه شخص. ولاشك ان الريف التايلاندي والأقاليم الجنوبية سوف تكون في مقدمة اهتمامات الاحزاب السياسية خلال المرحلة المقبلة خاصة وان الجنوب حظي باهتمام واضح من الحكومات علي مدار السنوات الماضية وتم انشاء مركز اداري له وكذلك اقامة جامعات اسلامية به في ولايات جالا ونارايتوات وسوفكلا والتوسع في المدارس الحديثة واقامة مناطق صناعية به لتحسين مستوي الدخل به خاصة وان اكثر من80% من سكان تلك الاقاليم من المسلمين وشهدت اشتباكات وحوادث خلال السنوات الماضية راح ضحيتها العديد من التايلانديين سواء مسلمين او بوذيين او مسيحيين. والمؤكد المجتمع الاسلامي في تايلاند والذي يقوده شيخ الاسلام في بانكوك له تأثير كبير علي الحياة السياسية والاقتصادية فهناك تكامل وتجانس شديد بين ابناء المجتمع التايلاندي وعلي الرغم من ان البوذية هي الديانة الرئيسية الا ان هناك3500 سجدا منها180 في بانكوك وحدها ويتم تطبيق الشريعة الاسلامية واحكامها في اقاليم الجنوب فطاني وسقول و وناراتيوات وجالا منذ عام1946 ولذا فان القضاة المسلمين هم الذين يحلون الخلافات بين المسلمين. ولذلك فان المشهد السياسي في تايلاند والتي حققت قفزات اقتصادية هائلة وحققت شهرة واسعة سياحيا وثقافيا بل انها تحولت الي مقصد دولي للعلاج خاصة من الدول العربية سوف يشهد عمليات شد وجذب بين الحزبين الكبيرين وكذلك الاحزاب الصغيرة الاخري التي تحالفت مع الحزب الفائز حزب شيناوترا في ظل الجهود التي يبذلها لاعادة رئيس الوزراء المخلوع تاكسين شينا وترا مرة اخري الي البلاد وسط معارضة قوية من الحزب الديمقراطي.. فهل يمكن ان يتحول هذا المشهد الي صدام بين انصار الجانبين كما حدث خلال مظاهرات اصحاب القمصان الحمراء الموالين لتاكسين ام انه يمكن ان يكون هناك توافق سياسي بين الجانبين؟ أعتقد ان حلم تحقيق المصالحة الوطنية بين الاحزاب السياسية خلال المرحلة المقبلة والذي يطمح التايلانديون لتحقيقه اصبح بعيد المنال في ظل السعي لعودة تاكسين شيناوترا للبلاد والمعارضة الشديدة لذلك من قبل الحزب الديمقراطي.