بعد 18 انقلابا للجيش التايلاندى على مدى الأربعة عقود الماضية و25 تجربة انتخابات تشريعية فشلت فى إخراج البلاد من الأزمات السياسية الطاحنة التى عصفت بها، هل يمكن أن تسفر الانتخابات التى جرت مؤخرا فى إنهاء هذا الوضع المتوتر بالبلاد منذ ست سنوات؟ فبين مخاوف كثيرين أن تؤدى نتائج الانتخابات فى تايلاند إلى مزيد من الفوضى وأمل آخرين فى أن تسهم فى إنهاء الأزمة حققت مرشحة حزب «بوياتاى» ينجلوك شيناوترا شقيقة رئيس الوزراء المخلوع «تاكسين شينا وترا» فوزا ساحقا على حزب الديمقراطيين الحاكم لتصبح بذلك أول سيدة تقود الحكومة فى البلاد، حيث حصلت على 264 مقعدا فى البرلمان المؤلف من 500 عضو مقابل 160 مقعداً فقط حصل عليها حزب الديمقراطيين الحاكم بقيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته «ابيهيست فيجاجيفا» وتأتى هذه الانتخابات بعد خمس سنوات من انقلاب عسكرى دخلت تايلاند بعده فى أزمة سياسية، لذا يأمل الناخبون أن تسفر النتائج عن إنهاء الاضطرابات التى تشهدها البلاد منذ الانقلاب وتركزت المخاوف حول ردود الأفعال سواء من ذوى القمصان الحمر المؤيدين ل «شيناوترا» والذين ينتمى معظمهم للمناطق الريفية والحضرية الفقيرة، حيث نظموا احتجاجات العام الماضى انتهت بحملة قمع دامية، أو من موقف الجيش صاحب التاريخ الطويل من إقحام نفسه فى الحياة السياسية، حيث يتدخل لنسف أى انتخابات لا يوافق على نتائجها، فقد فاز «تاكسين» وحلفاؤه فى كل الانتخابات منذ 2001 لكن العسكريين أطاحوا به من الحكم عام 2006 مما سمح بتسلم رئيس الوزراء المنتهية ولايته «ابيهيست فيجاجيفا» السلطة، بالإضافة إلى المخاوف من رفض الحكومة الحالية لنتائج الانتخابات مما يوقع البلاد فى أزمات جديدة، إلا أن هذه المخاوف تبددت بفوز حزب «بوياتاى» المؤيد له ذوى القمصان الحمر، كما أعلن وزير الدفاع التايلاندى أن الجيش قبل فوز المعارضة فى الانتخابات التشريعية ولن يتدخل لمنع «ينجلوك» من حكم البلاد مما أشاع شعورا بالاستقرار فى البلاد، كما أقر رئيس الوزراء فيجاجيفا بهزيمته فى الانتخابات مؤكدا أنه يريد الوحدة والمصالحة بعد أعمال العنف التى شهدتها البلاد فى الأعوام الأخيرة، وقد أعلنت ينجلوك الفائزة فى الانتخابات العامة تشكيل ائتلاف من خمسة أحزاب بقيادة حزب بوياتاى الذى تتزعمه ووعدت بإحياء السياسات الشعبوية التى كان يطبقها «تاكسين» والتى رفعت من مستوى المعيشة وتعهدت باستمرار المصالحة لإنهاء الأزمة السياسية الدموية التى تعيشها البلاد منذ ست سنوات، وتتمتع ينجلوك سيدة الأعمال البالغة من العمر 44 عاما بشهرة بين الملايين من الطبقة العاملة من التايلانديين الموالين لشقيقها الذى ظل محافظا على علاقته بمناصريه داخل تايلاند بالرغم من وجوده فى المنفى مما أكسبها سلاحا قويا فى يد الحزب المعارض لتصبح أول رئيسة وزراء للبلاد، حيث يسيطر شقيقها - رغم غيابه - على الساحة السياسية ويحظى بشعبية كبيرة خاصة فى المناطق الريفية التى يكن سكانها الامتنان لسياساته خلال فترة حكمه فى الوقت الذى تعتبره النخبة الحاكمة سياسيا فاسدا ونازعا إلى الاستبداد ويشكل تهديدا للملكية التى يجل التايلانديون رموزها.